ثقافة و فنونعربي اهتمام هوليوود بأفلام الأمومة يصل حد الهوس المفرط by admin 2 أبريل، 2023 written by admin 2 أبريل، 2023 20 تم سبر أغوار الأمومة بأسلوب صريح ودقيق في أفلام رائعة. على كل حال، هذه ليست أعمالاً يود أي شخص مشاهدتها في عيد الأم اندبندنت عربية \ جيفري ماكناب ها هي فاي داناواي تجسد دور النجمة السينمائية، جون كروفرد، تستشيط غضباً وهي تشد شعر ابنتها الصغيرة كريستينا. لقد عثرت على الفتاة الصغيرة جالسة إلى طاولة الزينة الخاصة بها، تقلدها وتلقي خطاباً أمام “معجبي الرائعين الذين جعلوني نجمة”. تبدأ بضربها بفرشاة شعر ثم تقص شعرها الأشقر الطويل بالمقص. إنه أحد المشاهد الأكثر انفعالاً في فيلم “أعز أم” Mommie Dearest الصادر عام 1981، الذي يصنف من بين أكثر الأفلام اللاذعة في هوليوود حول الأمومة. يبدو التناقض صارخاً عند مقارنته مع أحد المواقف في نهاية فيلم “ستيلا دالاس” Stella Dallas (1937) الذي نرى فيه أماً ضحت بنفسها من الطبقة العاملة، لعبت دورها باربرا ستانويك وهي واقفة تحت المطر من دون أن يلاحظها أحد وهي تشاهد ابنتها تتزوج من رجل ينتمي إلى المجتمع الراقي ثم يطالبها شرطي بالمغادرة. أو عندما نقارنه بالمشهد المؤلم في نسختي فيلم “ميلدريد بيرس” Mildred Pierce، حيث تدرك الأم المتفانية، التي لعبت دورها جون كروفورد في نسخة عام 1945 وكيت وينسلت في إصدار عام 2011، أن ابنتها على علاقة بزوجها، أي زوج أم الفتاة. هذه ليست سوى بعض اللحظات المشحونة في الأعمال الميلودرامية الكلاسيكية التي أفرزتها هوليوود عن الأمومة. صنع المخرجون أفلاماً رائعة على مر السنين حيث اكتشفوا الرابطة الأمومية بطريقة صريحة وحساسة بشكل لا يقبل الشك. على كل حال، هذه ليست أفلاماً يود أي شخص مشاهدتها في عيد الأم. كتب نجم موسيقى الروك نيك كيف بعد مشاهدة فيلم “أم وابن” Mother And Son للمخرج الروسي ألكسندر سوكوروف (1997): “لقد بكيت وبكيت، من البداية إلى النهاية”. يمكنكم بسهولة فهم لماذا تأثر بشدة بهذا الفيلم الذي يدور حول ابن متفان يقضي آخر يوم له مع والدته التي كانت على أعتاب الموت. تخيلوا أنكم تشاهدون لحظة الموت المؤلمة لوالدة الغزال بامبي في فيلم ديزني الشهير Bambi الصادر عام 1942، لكن المشهد يتكرر من دون توقف ويعرض بحركة بطيئة للغاية، ستدركون حينها خلاصة ذلك الشعور. إنه فيلم شاعري بطريقة واعية بالذات ويشعر المشاهد وكأنه في حلم. حب الابن لأمه المحتضرة ساحق، ونحن نراه يحمل جسدها الضعيف ويسير بها عبر الحقول بينما تهب الرياح في الخلفية منذرة بالسوء. لا يمكن لجمال فيلم “أم وابن” الكئيب أن يخفي اضطرابه الشديد، ومع ذلك، فهو يعد أحد أفلام الأمومة التي تحظى بأشد التقدير في تاريخ السينما العالمية بأكمله. لن تجد أي شخص آخر يحب والدته تماماً بقدر حب الابن المخلص (جسده أليكسي أنانيشنوف) في تحفة سوكوروف الرائعة. استكشف عديد من المخرجين السينمائيين الأوروبيين المشهورين الرابط بين الأم والأبناء بطريقة مؤلمة بنفس الدرجة. يشير المخرج الإسباني بيدرو ألمودوفار باستمرار إلى والدته في أعماله. في بعض الأحيان، كما هي الحال في شبه السيرة الذاتية الدرامية “ألم ومجد” Pain and Glory (2019)، فإن شخصية الأم المرسومة بنظرة رومانسية – التي لعبت دورها بينيلوبي كروز في شبابها وجولييتا سيرانو في شيخوختها – مستوحاة بشكل مباشر من ذكرياته عنها. في أفلام أخرى، نشعر بأنه يقدم تأثيرها عليه بتصرف. عندما كان طفلاً، كان يستمتع بالاستماع إليها وإلى الجارات وهن يخبرن بعضهن “قصص الانتحار أو سفاح القربى أو يغنين معاً”. تحولت القصص التي سمعها إلى مادة في أعماله لاحقاً. فيلمه الدرامي الكوميدي “كل شيء عن أمي” All About my Mother الصادر عام 1999 هو أحد أفلامه المشحونة بأسلوبه المعتاد حيث تكون البطلة الرئيسة أماً عزباء. تفقد الممرضة مانويلا (أدتها سيسيليا روث) ابنها المراهق المحبوب بعدما صدمته سيارة. تتم زراعة قلبه في جسد رجل آخر، ما أدى إلى تعقيدات عاطفية من كل صنف ونوع. قال ألمودوفار لصحيفة “ذي آيرش تايمز”، “الأمومة محظوظة في أفلامي. هناك نماذج مختلفة عديدة من الأمومة. بالنسبة لي، الأمر أشبه بالحديث عن الحب أو الشغف أو الجمال. يمكنك صناعة ألف فيلم مختلف عنها” وذلك في مقابلة لترويج فيلمه الميلودرامي “أمهات متوازيات” Parallel Mothers الصادر عام 2021 الذي يدور حول والدتين تم التبديل بين طفليهما عن طريق الخطأ وقت الولادة. لنتأمل المؤلف السويدي إنغمار بيرغمان الذي أحب والدته بنفس الطريقة. ربما يكون لديه شعور بالاستياء من والده، الذي كان قساً نرجسياً متنمراً عديم الجدوى، لكن مشاعره تجاه والدته كانت مختلفة تماماً. قال عنها بنشوة: “الأم جميلة، هي الأجمل على الإطلاق حقاً، أجمل من مريم العذراء وليليان غيش”. مثله مثل ألمودوفار، نسب إليها الفضل في رعاية مواهبه الفنية. أحد أكثر أفلامه المؤثرة والمهملة، الفيلم الوثائقي القصير “وجه كارين” Karin’s Face (1986) الذي يروي قصة حياة والدته باستخدام مجموعة مختارة من الصور المأخوذة من ألبومات صور العائلة. نراها على مر السنين وهي تتحول من طفلة إلى شابة جميلة ثم إلى سيدة متقدمة في السن. المخرجة البلجيكية شانتال إكرمان – التي تصدر فيلمها الدرامي “جين ديلمان” Jeanne Dielman الصادر عام 1976 أخيراً استطلاعاً أجرته مجلة “سايت أند ساوند” السينمائية عن أعظم الأفلام على الإطلاق – كانت أيضاً مهووسة بوالدتها وأشارت إليها كثيراً في عملها. في فيلمها الوثائقي “أخبار من الوطن” News From Home الصادر عام 1977 تبحث إكرمان التي عاشت في نيويورك التي ذهبت إليها لتعمل في الإخراج السينمائي، عن العزاء في المنفى في رسائل والدتها الحبيبة التي تعيش بعيداً في وطنها في أوروبا. من دون والدتها، فإن جودة كلماتها على الصفحات وخط يدها يأتيان في المرتبة الثانية. كان فيلم إكرمان الأخير “فيلم بلا وطن” No Home Movie الصادر عام 2015 وثائقياً آخر عن والدتها. كانت ناتاليا إكرمان من الناجين من الهولوكوست، يظهرها الفيلم كامرأة مسنة تقضي حياتها اليومية في شقتها في بروكسل، وتجري محادثات مع ابنتها إما شخصياً أو عبر سكايب. توفيت ناتاليا في عام 2014 قبل إصدار الفيلم الوثائقي. قالت إكرمان لصحيفة “ذا نيويورك تايمز”: “على رغم أنني أعتبر باريس موطناً لي، وأحياناً نيويورك، فكلما قلت إنني بحاجة إلى الذهاب إلى الوطن، كنت أقصد والدتي … لم يعد هناك وطن الآن لأنها لم تعد موجودة”، وذلك عند اقتراب موعد العرض الأول لفيلمها في مهرجان لوكارنو السينمائي في عام 2015. تبدو هذه الكلمات في محلها أكثر نظراً لانتحار إكرمان بعد أسابيع قليلة. تقليد عبادة الأم في السينما الأوروبية موجود منذ زمن طويل، حيث يتم تصوير الأمهات بطريقة مثالية للغاية، من أفلام الحقبة السوفياتية مثل “الأم” Mother للمخرج فسيفولود بودوفكين الصادر عام 1926، حيث أصبحت الأم رمزاً للتغيير الثوري، إلى الأفلام الإيطالية مثل “ماما روما” Mamma Roma للمخرج بيير باولو بازوليني (1962)، الذي تقوم فيه عاهرة متقدمة في السن (آنا مانياني) بكل ما في وسعها لمنح ابنها حياة أفضل. على النقيض من ذلك، من الشائع رؤية الأمهات في أعمال هوليوود الميلودرامية يتعرضن للخيانة من قبل أطفالهن أو التخلي عنهن، بدلاً من أن تتم عبادتهن. سواء كانت كروفورد أو وينسلت وهي تتعذب على يد ابنتها المدللة والفاسدة في “ميلدريد بيرس”، أو الشخصية التي تؤديها لانا تيرنر في “تقليد الحياة” Imitation of Life (1959) وهي تدرك أن ابنتها تصبح معجبة بحبيبها، فإن الأمهات هن اللواتي يعانين دائماً. إنهن شخصيات مازوخية لا يستطعن إلا التضحية بأنفسهن من أجل الأبناء الذين لا يبدو أنهم يهتمون بهن كثيراً. غالباً ما يتم تصوير الأمهات أيضاً بشكل كاريكاتوري غريب في السينما الأميركية. كثيراً ما يتم تصويرهن على أنهن متنمرات متسلطات بينما يريد أطفالهن التخلص منهن بأي ثمن. يُعد “إرمِ ماما من القطار” Throw Momma from the Train (1987)، أول عمل يتولى داني دي فيتو مهمة إخراجه، مثالاً رائعاً على هذا الاتجاه. يلعب دي فيتو نفسه دور الابن الخنوع والمرهق، وهو كاتب طموح يتخيل طعن رأس والدته بمقص ضخم. تدفعه الحبكة المصاغة على غرار حبكة فيلم “غرباء في القطار” Strangers on the Train إلى محاولة استغلال مدرّس الإنشاء الخاص به (يؤديه بيلي كريستال) للتخلص منها. كما هو متوقع، فإن الأم التي جسدتها آن رامزي وكأنها غول، عصية على القتل. بسبب أنفها المشعر وصوتها الأجش والمحشرج، قد تكون رامزي مرعبة لكنها تبدو جبانة بالمقارنة مع كروفورد التي تؤديها داناواي في “أعز أم”. ولدينا مفارقة معينة هنا، إذ تصور دوناواي النجمة الذي قدمت أداء مؤثراً جداً في دور الأم التي طالت معاناتها في “ميلدريد بيرس”. في الحياة الواقعية، على رغم ذلك، يبدو أن كروفورد كانت تعامل أطفالها بالتبني إلى حد كبير بنفس الطريقة التي كانت كرويلا دي فيل تعامل بها جراءها الصغيرة في فيلم “101 دالميشنز” 101 Dalmatians. كانت تضربهم وتصرخ عليهم، وتطلق العنان لغضبها بسبب أصغر التصرفات التي تراها هفوات في نظرها. كروفورد التي تؤديها دونواي تثير التعاطف بشكل متناقض. إنها وحش لكن يمكننا أن نفهم سبب ذلك. بصفتها أكبر اسم في شركة “أم جي أم” الفنية، كانت كروفورد مهووسة تماماً بنفسها. إنها مدركة لحقيقة أنها تتقدم في السن وتخشى أن تُجرّد من كل شيء. “سوف أنجو، سوف أنجو” تمتمت لنفسها بينما كانت تمارس رياضة الركض. إنها منافسة شرسة، لدرجة أنها لن تدع حتى ابنتها المتبناة الصغيرة تهزمها في سباق للسباحة. هوسها بالترتيب هو امتداد لقلقها حيال مظهرها. يجب أن تبدو مثالية أمام رئيس شركة الإنتاج وأمام معجبيها. إنها شخصية تثير الشفقة لكن هذا لا يخفي حقيقة أنها أيضاً أم مسيئة. من صدمات ميا فارو في “طفل روزماري” Rosemary’s Baby (1968) إلى المخاض المرعب الذي تمر به جينيفر لورانس في فيلم “أم” Mother! للمخرج دارين أرونوفسكي الصادر عام 2017، يتم تصوير الحمل والأمومة على أنهما تجربتان شيطانيتان في عديد من أفلام الرعب والإثارة النفسية الأميركية. كما لو أنه محاولة للتكفير عن كآبة مثل هذه الأفلام، توجد سلسلة أخرى من أفلام الأمومة الأميركية السمجة والمبالغ في عاطفيتها. إنها تلك الأفلام التي يعاد إصدارها في الغالب بالتزامن مع اقتراب عيد الأم. “إعصار من القمامة” كان رد فعل أحد النقاد على فيلم “عيد الأم” Mother’s Day الذي أصدره المخرج غاري مارشال عام 2016 من بطولة جينيفر أنيستون وكيت هدسون وجوليا روبرتس. كان هذا أحد الردود الأكثر لطفاً على تلك الدراما المبالغ في عاطفيتها حيث كانت الشخصيات إما تعاني من عقد الأمومة – إذ إنها متبناة أو مبعدة عن والديها – أو أمهات عازبات عالقات. مع اقتراب الفيلم من نهايته، تحل كل النزاعات… ويصبح جميع الأمهات وجميع الأطفال سعداء. كانت التقييمات متوحشة، لكن الفيلم “البغيض” و “الكريه” و “المستهجن حقاً” تمكن مع ذلك من تحقيق أرباح جيدة. في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، عندما فازت ميشيل يوه بجائزة أوسكار أفضل ممثلة عن “كل شيء، في كل مكان، دفعة واحدة” Everything Everywhere All at Once أهدت جائزتها إلى “أمي، وكل الأمهات في العالم لأنهن حقاً البطلات الخارقات، ومن دونهن لما كان أي أحد منا موجوداً هنا الليلة”. في الفيلم، تلعب هي نفسها دور أم طالت معاناتها يثقل العمل في إدارة مغسلة آلية كاهلها، وقد أتيحت لها فجأة فرصة لتجربة الحياة في أبعاد مختلفة. إنها تتمكن من رؤية نفسها في أشكال عديدة مختلفة، كنجمة في فنون الدفاع عن النفس على سبيل المثال، وطاهية ومغنية أوبرا. هذه ليست فرصة تمنح للشخصيات في معظم أفلام الأمومة. الطريقة التي تسبر بها أفضل الأفلام الحب والحزن والحياة المقيدة والصعبة التي تعيشها بطلاتها دائماً تثير شعوراً غير مريح. ثم يحل عيد الأم، ومن المفهوم إذاً أن المشاهدين لا يريدون أن يظلوا عالقين في عوالمهم، أو أن يبكوا ويبكوا بينما يواجهون الحقيقة التي لا مفر منها وهي أن كل طفل سيخسر والدته في النهاية. لا يمكنكم لومهم إذا اختاروا مشاهدة أحد أفلام جوليا روبرتس الرومانسية الكوميدية في عيد الأم بدلاً من ذلك. © The Independent المزيد عن: أوسكار\كايت وينسلت\الأمومة\بيدرو ألمودوفار\جون كروفورد 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post شاردان يجمع تيارات الفن في لوحة واحدة next post هل تستعيد تونس نساءها السجينات في “غوانتانامو ليبيا”؟ You may also like مصائد إبراهيم نصرالله تحول الرياح اللاهبة إلى نسائم 23 نوفمبر، 2024 يوري بويدا يوظف البيت الروسي بطلا روائيا لتاريخ... 23 نوفمبر، 2024 اليابانية مييكو كاواكامي تروي أزمة غياب الحب 22 نوفمبر، 2024 المدن الجديدة في مصر… “دنيا بلا ناس” 21 نوفمبر، 2024 البعد العربي بين الأرجنتيني بورخيس والأميركي لوفكرافت 21 نوفمبر، 2024 في يومها العالمي… الفلسفة حائرة متشككة بلا هوية 21 نوفمبر، 2024 الوثائق كنز يزخر بتاريخ الحضارات القديمة 21 نوفمبر، 2024 أنعام كجه جي تواصل رتق جراح العراق في... 21 نوفمبر، 2024 عبده وازن يكتب عن: فيروز تطفئ شمعة التسعين... 21 نوفمبر، 2024 “موجز تاريخ الحرب” كما يسطره المؤرخ العسكري غوين... 21 نوفمبر، 2024