ثقافة و فنونعربي كتابتها استغرقت 33 عاماً لتصبح أطول قصيدة في التاريخ.. لماذا تعتبر “الشاهنامة” الفارسية تحفةً أدبية؟ by admin 18 مارس، 2021 written by admin 18 مارس، 2021 39 عربي بوست / يُمن حلاق استغرق الفردوسي 33 عاماً من حياته في كتابة “الشاهنامة”، أطول قصيدة في التاريخ، التي تضم ما يزيد عن 50 ألف بيت، ما يجعل حجمها أكبر من ملحمة هوميروس بـ7 أضعاف. لم تكن الشاهنامة مجرد تحفة أدبية استثنائية، إذ يعزو الكثيرون الفضل إليها في الحفاظ على اللغة الفارسية من الضياع، كما أنها وثقت بأسلوب أدبي ممتع فترة طويلة من تاريخ بلاد فارس. الشاهنامة.. كتاب الملوك بدأ أبو القاسم الفردوسي بنظم أبيات “الشاهنامة” في عام 977، وبعدد أبياتها الهائل الذي يتجاوز 50 ألف بيت، تعتبر “الشاهنامة” أطول قصيدة كتبها مؤلف واحد على الإطلاق. وكلمة الشاهنامة تعني “كتاب الملوك”، أو “ملحمة الملوك”، وقد تناولت تلك القصيدة الشعرية أحداثاً ما بين الواقع والخيال، وجمعت ما بين الشعر والميثيولوجيا والتاريخ والفلسفة في آنٍ واحد. لم تكن مهمة كتابة الشاهنامة يسيرة على الفردوسي، فقد اجتهد لسنوات في قراءة كل سير الملوك، واطلع على جميع الشاهنامات النثرية، مثل شاهنامة أبي المؤيد البلخي وشاهنامة أبي منصوري. وبعد اطّلاعه على التاريخ المفصل للملوك الذين اعتلوا عرش فارس منذ القرن الثالث قبل الميلاد، وحتى تاريخ سقوط الدولة الساسانية على يد المسلمين، بدأ الفردوسي بنظم تلك القصص ببراعة على هيئة أبيات من الشعر تزخر بالحكمة. الشاهنامة صراع قوميات نتج عنه “الشاهنامة“ لفهم أهمية الشاهنامة التي يعتبرها الإيرانيون كتاباً قومياً أكثر منه قصيدة ملحمية، يجب فهم السياق الذي كُتبت تلك القصيدة خلاله. القصة باختصار تبدأ مع سقوط الإمبراطورية الساسانية في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، وبداية الفتح الإسلامي لبلاد فارس. منذ ذلك الوقت بدأت الثقافة واللغة العربية في الانتشار، إلى أن وصلت لحد كادت تطغى فيه على الثقافة واللغة الفارسية. كذلك حوربت الزرادشتية واعتبرت هرطقة مُعادية للإسلام. وبقيت الأمور على هذه الوتيرة، إلى أن اعتلى السامانيون عرش السلطة مع بداية القرن التاسع، حينها سعى أولئك لإعادة بعث الهوية الفارسية، فأعلنوا إعادة الاعتماد على الفارسية كلغة رسمية للدولة، وأحيوا العادات والتقاليد الفارسية القديمة. ومن هنا ظهرت فكرة الشاهنامة، كتاب يحتفي بملوك فارس ومؤسسيها، ويختصر تاريخ البلاد القديم، ويروي قصة 4 آلاف سنة عاشتها الأمة الفارسية منذ فجر التاريخ وحتى الفتح الإسلامي. في البداية تسلم تلك المهمة الشاعر الفارسي الشهير أبو منصور الدقيقي، لكنه نظم في الشاهنامة ألف بيت فقط، روت قصة صعود الحكيم زرادشت، ووافته المنية بعد ذلك. فأسند الملك الساماني آنذاك نوح بن منصور الأول إلى الشاعر الفردوسي مهمة إنجاز الشاهنامة. وافق الفردوسي على طلب الملك، مدفوعاً بحماسه الشديد لقوميته الفارسية، واستطاع إتمام المهمة التي ظهرت فيها عبقريته الشعرية بجلاء بعد 33 عاماً. وبالنسبة للكثيرين، لم تكن الشاهنامة عملاً أدبياً ضخماً وتأريخاً لمراحل مهمة من تاريخ بلاد فارس فحسب، بل تعتبر كذلك سبباً في إحياء اللغة الفارسية والحفاظ عليها من الضياع. ويقول الصحفي الإيراني جوبين بخراد لشبكة BBC، في هذا الصدد: “ربما ما كان ليتبقى من ثقافتنا ولغتنا الفارسية سوى القليل لو لم يكن الفردوسي موجوداً”. الشاهنامة الشاهنامة.. من الأساطير إلى الحقائق لا تتحدث الشاهنامة عن ملحمة تاريخية واحدة فحسب، ولا عن رحلة أو مغامرة خيالية فقط، ولا عن زوج من العشاق أو أبطال خارقين، ولا تكتفي برواية التاريخ مجرداً كما هو، إنما تحتوي على كل ما سبق ذكره، ولعل ذلك أبرز ما يميزها ويجعلها ملحمة فريدة من نوعها. ففي حين تروي ملاحم شعرية مثل الإلياذة أساطير عن أبطال خارقين، وتختص ملاحم أخرى بالأحداث الأكثر واقعية فتكون بمثابة تأريخ شعري لفترة زمنية معينة، جمعت الشاهنامة بين الخرافات والحقائق. تقسم الشاهنامة إلى ثلاثة “عصور”، الأول أسطوري بالكامل، يتناول قصة خلق العالم، ويروي كذلك قصة كيومارس، أول ملك إيراني وأول رجل على وجه الأرض، ويستطرد بقصص مشابهة مثل قصة جمشيد الأسطوري والشيطان زحاك، الذي دفنه الحداد كافيه حياً. أما العصر الثاني فيجمع ما بين الخيال والتاريخ، ويتناول إحدى أكثر قصص الشاهنامة شعبية، ألا وهي قصة رستم البطل الشجاع الذي يحارب الشياطين ويخرج الملوك من المواقف الصعبة، ويخضع مثل هرقل لسبع محاكمات. أما العصر الأخير من الكتاب فهو واقعي وبعيد عن الخرافات، ويبدأ بتأريخ لغزو الإسكندر لبلاد فارس عام 334 قبل الميلاد، وينتهي بالفتح الإسلامي في القرن السابع، ويتحدث بإسهاب عن الملوك الذين حكموا البلاد ما بين هاتين المرحلتين. السلطان الغزنوي يخلف وعده رغم تكريسه 33 عاماً من حياته لإتمام الشاهنامة، لم يحظ الفردوسي بالتقدير الكافي على عمله أثناء حياته. فقبل أن يتمكن من إتمام القصيدة، انهارت الدولة السامانية على يد الأتراك الغزنويين، وتسلم السلطان محمود بن سبكتكين الغزنوي مقاليد الأمور عام 998. وعندما عرض الفردوسي ما تم إنجازه من القصيدة على السلطان، حثه على المتابعة ووعده بمنحه ديناراً ذهبياً مقابل كل بيت يكتبه. لكن عندما انتهى الفردوسي من الشاهنامة عام 1010، اعترضت حاشية السلطان على المبلغ وأقنعوه بإعطائه 20 ألف درهم فضي فقط، وهذا ما كان. شعر الفردوسي بالإحباط وقيل إنه وزع المبلغ في حانة على الحضور. وفي وقت لاحق، شعر السلطان بالندم على سلوكه تجاه الشاعر، وأرسل إليه 60 ألف دينار ذهبي لكن بعد فوات الأوان، فعندما وصل وفد السلطان إلى مدينة الفردوسي كانت جثته تشيع بوقتها. الشاهنامة ترجمة الشاهنامة إلى العربية بحلول القرن 14 الميلادي، اعتاد كل ملك فارسي جديد أن يأمر بكتابة نسخة جديدة من الشاهنامة، تضاف فيها حكاياته وقصصه، وتُزوَّد برسوم يقوم بها أفضل خطاطي العصر، وهكذا زاد عدد أبيات القصيدة ليصل إلى 60 ألفاً تقريباً. وترجمت الشاهنامة إلى اللغة العربية للمرة الأولى في القرن الثالث عشر على يدي الفتح بن علي البنداري، وفي العام 1838م ظهرت ترجمتها الفرنسية، وهي الأولى بأي لغة غربية، ثم ترجمت كذلك إلى الإنجليزية والروسية. وانتشرت الشاهنامة في المتاحف والمكتبات في جميع أنحاء العالم، في روسيا، والقاهرة، وإسطنبول، وبرلين، وبومباي، وطهران، وطشقند. الفردوسي يتحول إلى أيقونة إيرانية بعد وفاته رغم حقيقة أن أبطال الشاهنامة هم من الآريين الزرادشتيين بشكل ساحق، وأن القصص التي تطرحها القصيدة قد حصلت في عصور بعيدة، فإن كتاب الفردوسي تمكن من تجاوز العرق والدين والجغرافيا والزمن. فقد تحوّل الفردوسي إلى أيقونة للأدب في إيران، وحظي بمكانة رفيعة منذ وفاته وحتى يومنا هذا، كما حظيت “الشاهنامة” بشعبية فائقة في كافة البلدان، فقد قدرها العثمانيون كما قدرها المغول في الهند، واستطاعت أن تنتشر من تركيا وجورجيا في الغرب، إلى طاجيكستان في الشرق. وفي العصر الحديث ظهرت الشاهنامة في العديد من الأعمال الفنية والأدبية، منها رواية “اسمي أحمر” لأورهان باموك، و”عداء الطائرة الورقية” لخالد حسيني، كما استلهمت منها الفنانة شيرين نشأت سلسلة من اللوحات. وبالرغم من أن القصيدة تعرّضت للانتقادات من قبل أتباع الثورة الإسلامية في إيران، فإنه لم يكن لدى منتقدي الفردوسي السلطة الكافية لمنع كتابه، لما يحظى به من تقدير لدى الإيرانيين. المزيد عن : تاريخ/إيران/أدب 2 comments 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post تركت الفصائل المسلحة في حيرة.. ميدل إيست آي: المخابرات الإيرانية تصنع الفوضى مجدداً في العراق next post ميادة بسيليس حملت أصالة الغناء الحلبي إلى مسارح العالم You may also like زنوبيا ملكة تدمر… هل يسقطها المنهج التربوي السوري... 11 يناير، 2025 (15 عرضا) في مهرجان المسرح العربي في مسقط 11 يناير، 2025 أبطال غراهام غرين يبحثون عن اليقين عند الديكتاتور 10 يناير، 2025 رحيل “صائدة المشاهير”…ليلى رستم إعلامية الجيل الذهبي 10 يناير، 2025 سامر أبوهواش يكتب عن: حسام أبو صفية… الرجل... 10 يناير، 2025 كتب يناير الإنجليزية: سيرة هوليوودي واعترافات 3 نساء 9 يناير، 2025 عبده وازن يكتب عن: بثينة العيسى تروي خراب... 9 يناير، 2025 أعظم 20 فيلما في تاريخ سينما الغرب الأميركي 9 يناير، 2025 وليام هوغارث يغزو بيوت لندن بلوحات شكسبيرية 9 يناير، 2025 استعادة الشاعر بول إلويار في الذكرى المئوية للبيان... 9 يناير، 2025 2 comments india halla bol 18 مارس، 2021 - 6:35 م I constantly spent my half an hour to read this blog’s posts every day along with a cup of coffee. Reply الاطفال 18 مارس، 2021 - 6:55 م Useful info. Lucky me I discovered your site by chance, and I’m shocked why this accident didn’t took place in advance! I bookmarked it. https://actionnetwork.org/users/eshraka-academy-2/profile Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.