ثقافة و فنونعربي سيمون فتال تدخل كنيسة سان لورنزو في فينسيا بمنحوتات بديعة by admin 7 مايو، 2023 written by admin 7 مايو، 2023 25 “النهار العربي” تعود الفنانة اللبنانية سيمون فتال المقيمة بين فرنسا والولايات المتحدة ولبنان، الى فينسيا أو البندقية، مجدداً، ولكن في معرض فريد ومختلف تماماً عن معارضها السابقة التي أقامتها في مدن عالمية. معرضها الجديد يحمل عنواناً مأخوذاً من قصيدة للشاعرة والرسامة ايتيل عدنان هو: “هكذا تأتي الأمواج أزواجاً”. في معرضها الجديد تخوض سيمون تجربة جديدة تختلف عن تجاربها السابقة، لكنها تكملها لكونها تنبع من رؤيتها الشاملة الى الفن والحياة والوجود. فبعد خوضها غمار الحضارات القديمة كالفرعونية والإغريقية والرومانية وحضارة بلاد ما بين النهرين، وبعد تناولها أسطورة مدينة بومبيي في إيطاليا، وجولاتها في الثقافات والفنون العالمية القديمة والحديثة، ها هي الفنانة تتناول في معرضها الجديد في فينيسيا، موضوعاً طريفاً جداً، يتوزع بين الحضارة العربية والخيال المتوسطي وخليج العرب. وقد عمدت الى دمج هذه الأبعاد في قالب فني إبداعي يتعلق بمدينة فينيسيا وأبعادها الجمالية والرمزية. وقد كان اختيارها هذه المرة موفقاً جداً، خصوصاً من الناحية الهندسية والجمالية. فالمعرض يقام في كنيسة سان لورنزو San Lorenzo في المدينة الرائعة المحاطة بالماء، وهي من أجمل الكنائس القديمة، وقد تحولت الى مقر لمؤسسة تيسي Thysse، وتسمى “أوسيان سبايس” Ocean Space. كانت الكنيسة تابعة لدير الراهبات البنديكتيات، ما جعل المذبح مقاماً في وسط الكنيسة بحسب النظام الهندسي والليتورجي، وهذا يعني أن نصف الكنيسة هو للمؤمنين الذين يصلون ويشاركون في القداس، والنصف الثاني للراهبات اللواتي كن يتبعن للدير. أما في شأن المعرض هذا، فكانت المديرة الفنية بارباره كازيفتشيا اتصلت بالفنانة سيمون، وهي تعرفها منذ العام 2018. وكانت الاثنتان قد شاركتا معاً خلال شهري شباط (فبراير)/ كانون الثاني (يناير) 2020 في لقاء حواري في النرويج، في متحف بيرغين Musee de Bergen الذي كانت سيمون تقيم معرضاً فيه. قدمت بارباره لها مشروع إقامة معرض في كنيسة سان لورنزو خلال العام 2023. وتحقق المشروع وأقامت سيمون هذا المعرض الذي يستمر أشهراً. شاءت سيمون أن تعرض أعمالها في القسم الثاني من الكنيسة المخصص للراهبات، وكأنها أرادت أن تعيش منحوتاتها السيراميك حالاً من الصلاة. وكان في قرارة هذا المشروع أن يدور المعرض والأعمال الفنية، حول المتوسط والحضارة المتوسطية، ولذلك حمل عنواناً شعرياً، مأخوذاً من شعر ايتيل عدنان المتوسطي وهو: “هكذا تأتي الأمواج أزواجاً”. عمدت الفنانة سيمون الى بناء مساحة المعرض أو فضائه، انطلاقاً من جانبي المذبح، فوضعت الى اليمين منحوتة سيراميك تمثل فتى شاباً والى اليسار وضعت المقولة الاغريقية الشهيرة التي تعبّرعن الفلسفة السقراطية والتي تقول “إعرف نفسك بنفسك”. اما في قلب بهو الكنيسة الرحب والجميل، فأرادت أن تجمع بين المتوسط والخليج الفارسي أو خليج العرب كما يسمى أيضاً، والعالم العربي القديم عموماً، مركزة بشكل خاص على تجارة اللؤلؤ التي كانت مهمة جداً في تلك العصور. هكذا اختارت شخصيتين معروفتين في التاريخ العربي الثقافي والأدبي هما مية أو مي وغيلان، كعاشقين ومحبين. كان غيلان شاعراً ذائع الصيت في العصر الأموي، وكتب قصائد حب بديعة الى حبيبته مية أو مي. لكنّ مخيلة الفنانة سيمون الباهرة، جعلت غيلان ومي العاشقين صاحبي مشروع تجاري بحري، فهما يملكان مركبين في البحر، ويتجاران باللؤلؤ، هذه التجارة التي شغلت العالم القديم والعالم الجديد. ولكن أرادت أن يكون مركب مي أسرع من مركب غيلان، ما جعل الشاعر غيلان يقرر اختراع عنصر يجعل مركبه قادراً على مسابقة مركب مية. تخيل غيلان اليعسوب الطائر، وتذكر أن له أجنحة تخوله الطيران بسرعة، فقلّد الأجنحة، واخترع الأشرعة وبناها على مركبه، فأصبح مركبه أسرع من مركب حبيبته مية. لكن سيمون الفنانة القديرة والماهرة والواسعة الخيال، استخدمت في أعمالها السيراميك لؤلؤاً من زجاج، واعتمدت أيضاً الواحاً ذهبية من زجاج تبدو كأنها تعكس البحر عند لحظة الغروب الذهبية. ثم اخترعت “البريكولا” الخاص بتاريخ مدينة البندقية وحاضرها، وصنعت عمودين من السيراميك، وظيفتهما أن تربط بهما المراكب الراسية على الشاطئ. زوار معرض سيمون فتال يدهشهم الجو العام للمعرض المقام داخل كنيسة سان لورنز. منحوتات سيراميك بديعة تملأ قاعة الكنيسة بأبعاد جميلة وحملية، متوسطية وعربية، تنطلق من الماضي لتخاطب الحاضر، وتجعل الإنسان يطرح على نفسه أسئلة الإبداع والوجود. لا تتوقف التجربة الإبداعية للفنانة سيمون فتال عند هذا الحد، إذ ترتبط تجربتها ارتباطاً وثيقاً بالأدب أيضاً، فهي دأبت على استلهام عناصرها من الملاحم والأساطير وكتب التاريخ والفلسفة التي شغلتها طويلاً. ظلت سيمون فتال لسنوات طويلة تمارس الفن بدأب إلى جوار عملها الثقافي، كانت ترسم وتصنع منحوتاتها وكل ما كان يهمها هو أن تشبع ذلك الشغف بالرسم والتشكيل بالخامات المختلفة، هذا الشغف الذي لازمها منذ شبابها البكر حين كانت تدرس الفلسفة في بيروت. بعد سنوات طويلة من ممارسة سيمون فتال للفن التفتت إلى تجربتها مؤسسات فنية عالمية، فخلال العقد الأخير عرضت أعمالها في أبرز دور العرض الباريسية، ودعاها متحف الفن الحديث في نيويورك (موما) عام 2016 لتنظيم معرض شامل لأعمالها، وقد كان لهذا المعرض دور في تسليط الضوء على منجزات سيمون فتال الفنية خلال خمسة عقود. وكانت أقامت معرضاً في بينال فينيسيا، منفردة في جناح خاص بها، احتضنته حديقة كارلو سكاربا البديعة التي تتوسط المعرض الكبير (البافيون سنترال) الذي يضم أعمالاً متنوعة لفنانين وفنانات من العالم أجمع. هذه الحديقة التي عرضت فيها سيمون أعمالها منفردة، كان قد هندسها وصممها المهندس الإيطالي الكبير ابن مدينة فينيسيا كارلو سكاربا عام 1963، لتكون من أبرز المعالم الفنية والطبيعية في فينيسيا. وتعتمدها إدارة البينال كمساحة فريدة وهادئة في قلب الأجنحة الكثيرة التي تعرض فيها الأعمال المشاركة. والأن تحضّر سيمون فتال معارض جديدة بين ألمانيا وفرنسا وإيطاليا. 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post زيت من القدس لإتمام مراسم تتويج الملك تشارلز الثالث.. ما قصته؟ next post عباس البغدادي.. مهندس الحروف العراقي وآخر سلاطين الخط العربي You may also like استعادة كتاب “أطياف ماركس” بعد 20 عاما على... 28 نوفمبر، 2024 تحديات المخرج فرنسوا تروفو بعد 40 عاما على... 28 نوفمبر، 2024 21 قصيدة تعمد نيرودا نسيانها فشغلت الناس بعد... 28 نوفمبر، 2024 الرواية التاريخية النسوية كما تمثلت لدى ثلاث كاتبات... 28 نوفمبر، 2024 بودلير وهيغو… لماذا لا يطيق الشعراء الكبار بعضهم... 27 نوفمبر، 2024 شوقي بزيع يكتب عن: شعراء «الخيام» يقاتلون بالقصائد... 27 نوفمبر، 2024 محمود الزيباوي يكتب عن: ماجان القديمة …أسرارٌ ورجلٌ... 27 نوفمبر، 2024 «سأقتل كل عصافير الدوري» للكاتبة العُمانيّة هدى حمد 27 نوفمبر، 2024 محمد خيي ممثل مغربي يواصل تألقه عربيا 27 نوفمبر، 2024 3 جرائم سياسية حملت اسم “إعدامات” في التاريخ... 27 نوفمبر، 2024