أ.ف.ب / رجال الإطفاء يخمدون مركبة محترقة تابعة ل"اليونيفيل"، أشعلها متظاهرون من "حزب الله" على الطريق المؤدي إلى مطار بيروت الدولي في 14 فبراير عرب وعالم إيلي القصيفي يكتب عن: معاني اشتباك “حزب الله” مع الدولة على طريق المطار by admin 19 فبراير، 2025 written by admin 19 فبراير، 2025 34 ليس أكيدا أن إيران ستسلّم بخسائرها الإقليمية في لبنان وسوريا المجلة / إيلي القصيفي لم يدع “حزب الله” مناصريه إلى تظاهرة تنديدا بخطة دونالد ترمب لتهجير فلسطينيي غزة، بل دعاهم إلى التظاهر قرب مطار بيروت الدولي تنديدا بمنع السلطات اللبنانية هبوط طائرة إيرانية فيه قيل إنها كانت تنقل أموالا له. حصل ذلك بعد أن كادت ردود الفعل الأولية و”غير المنظمة” لأنصار “الحزب” تخرج عن سيطرته ولاسيما بعد أن اعتدى هؤلاء على سيارة لـ”اليونيفيل”، كما كان من الصعب عليه تبرير مشهد قطع طريق المطار والاعتداء على السيارات والمارة في تناقض صريح مع مشهد تلمس الدولة طريقها إلى لملمة ذيول الحرب على الداخل اللبناني، ولذلك حاول “الحزب” بداية التنصل من تصرفات هؤلاء المناصرين فوصفتهم قناة “المنار” بـ”العناصر غير المنضبطة”، قبل أن تسحب وصفها ذاك. أيا تكن أسباب إرباك “حزب الله” في التعامل مع هذه المسألة، فإن المشهدية التي قدمها على طريق المطار تؤكد الهزيمة التي تعرض لها، بحيث تحولت أولوياته من “إسناد غزة” و”نصرة فلسطين” إلى مهاجمة السلطة اللبنانية الجديدة على خلفية تشديد مراقبتها لمطار بيروت تجنبا لعدوان إسرائيلي عليه “تحت غطاء” اتفاق وقف إطلاق النار الذي وافق عليه “الحزب” ومن وقتها لم يغلق الجدل حول مضامينه “الخفية” والتي يتبين يوما بعد آخر أنها لصالح إسرائيل. والحال، فإذا كان ينبغي سياسيا تجاوز لحظة هزيمة “حزب الله” لمعالجة تداعيات هذه الهزيمة ولاسيما لناحية تأمين شروط معالجة تبعات الحرب ولاسيما إعادة الإعمار، فإن هذا التجاوز غير ممكن طالما لم يقر “الحزب” بهذه الهزيمة ولم يتلقفها ولم يُعِد التموضع سياسيا على أساسها. وهذه هي المعضلة اللبنانية الرئيسة الآن، بحيث إنه لا يمكن الدخول في مرحلة لبنانية جديدة بعد الحرب، في حال لم يتم لبنانيا تجاوز هزيمة “حزب الله”، في وقت أن هذا التجاوز مستحيل إذا بقي “الحزب” مصرا على التصرف كما لو أنه انتصر أو كما لو أنه لم يهزم، والأمران سيان في مفعولهما السياسي. والأدهى أن “حزب الله” يريد أن يحمل “انتصاره” للدولة اللبنانية من خلال دعوته لها لتحدي التهديدات الإسرائيلية فضلا عن معالجة تبعات الحرب ولاسيما إعادة الإعمار كما لو أنها منتصرة فعلا وكما لو أنها تمتلك أدوات ترجمة هذا الانتصار على أرض الواقع. إذا كانت الدولة قد بدأت تلتقط أنفاسها مع الدعم العربي والدولي الذي يتلقاه العهد الجديد والحكومة الجديدة، فإن “حزب الله” الذي بلغ ذروة قوته في لحظة انهيار الدولة، هو الآن في ذروة أزمته بالتالي فإذا كان “حزب الله” لا يستطيع تجاوز أزمته بمعزل عن الدولة، فهو يعمق مأزوميتها بعدم اعترافه بأنها هي الأخرى مأزومة وأنها لا تستطيع تجاوز أزمتها ما دام مصرا على عزل أزمته عن أزمتها وأزمة لبنان عموما. هذا المسار المعقد بين “حزب الله” والدولة ليس وليد اللحظة ولم تكشفه الحرب بل هو سابق عليها، ولعل آخر محطاته كانت لحظة وقوع الانهيار المالي والاقتصادي عام 2019. وقتذاك حاول “حزب الله” أن يعزل نفسه عن الانهيار، أي عن أزمة الدولة، وهو ما عمق أيضا أزمتها بحيث بدا “الحزب” معنيا بحماية مكتسباته السياسية في الدولة وليس بأي مسعى إصلاحي لإنقاذها، بل حاول أكثر من ذلك الاستفادة من انهيارها لتعزيز شبكاته الاقتصادية والاجتماعية، وإن حاولت مختلف الأحزاب القيام بالأمر ذاته، إلا أن “الحزب” كان أقدرها على إقامة نظامه الاجتماعي الاقتصادي في ظل انهيار الدولة وعلى حساب تعافيها بالحد الأدنى. رويترز / خلال احتجاج نظمه “حزب الله” بالقرب من مطار بيروت الدولي، لبنان في 15 فبراير الآن يحصل الأمر نفسه ولكن معكوسا إلى حد ما. فإذا كانت الدولة قد بدأت تلتقط أنفاسها مع الدعم العربي والدولي الذي يتلقاه العهد الجديد والحكومة الجديدة، أي إنها بدأت تتلمس إمكانية تجاوز أزمتها بعد أن بلغت ذروتها، فإن “حزب الله” الذي بلغ ذروة قوته في لحظة انهيار الدولة، هو الآن في ذروة أزمته في لحظة تحين الدولة فرصتها للتعافي من أزمتها. وهذه إشكالية حقيقية في الوضعية اللبنانية الإجمالية الآن إذ إن الضرورة القصوى لتعافي الدولة تصطدم برفض “حزب الله” القبول بالمعادلة السياسية الجديدة التي أفرزتها المتغيرات الإقليمية بما في ذلك هزيمته في الحرب، حتى لو كانت هذه المعادلة هي الوصفة الوحيدة لتعافي الدولة ما يمكنها من تولي إعادة الإعمار وبالتالي إسناد “الحزب” في أزمته. هذا لا يعني أنه لا يمكن لـ”حزب الله” أن يكون له موقف سياسي من المعادلة السياسية الجديدة، لكن السؤال هنا: على أي أساس يبني موقفه وبأي دوافع؟ فالإشكالية اللبنانية الرئيسة الآن تكمن في الموقف السياسي لـ”حزب الله” والذي يعبر عنه بالدرجة الأولى في الشارع وضد الحكم الجديد. إذ لا يستطيع “الحزب” بناء موقفه السياسي على إدانة “تقاعس” السلطة عن الوقوف بوجه تهديدات إسرائيل في حين أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي فرضه اختلال موازين القوى بينه وبين وإسرائيل جعل الدولة أيضا في موقع ضعف إزاء الأخيرة، وإزاء الولايات المتحدة المشرفة على تطبيق الاتفاق. إذا كان يحق لـ”الحزب” أن لا يقبل بأن يعامله الحكم الجديد كمهزوم فهو لا يحق له أن يتعامل معه كما لو أنه متواطئ في هزيمته بالتالي إذا كانت نتائج الحرب هي نتيجة فشل “حزب الله” في ردع إسرائيل، فهو لا يستطيع الطلب من الدولة اللبنانية- التي ظلت طيلة المرحلة الماضية رهينة معادلات الردع التي كان “الحزب” يضعها فوق الأولويات الداخلية وفي مقدمتها تمتع الدولة بأدنى شروطها- أن تردع إسرائيل الآن أو أن تتحدى مضامين اتفاق وقف إطلاق النار الذي أنيط الإشراف على تنفيذه بالولايات المتحدة المنحازة حكما لإسرائيل، وهو ما يوجب على الدولة أن تدير الأزمة بأقل الخسائر الممكنة، وأن توازن بين الأهداف والأكلاف، ولاسيما مع بدء تلقيها إشارات ضغط أميركية بخصوص تعاملها مع سلاح “الحزب”. وإن كان ذلك لا يعني أنها غير ملزمة باستخدام كل أدواتها لتحرير كامل الأراضي اللبنانية. فإذا كان “حزب الله” يلتزم بالقواعد الجديدة للصراع بينه وبين إسرائيل بعد الحرب، من خلال إحجامه عن الرد على خروقاتها لاتفاق وقف إطلاق النار وخصوصا لناحية عدم انسحابها الكامل من لبنان في المهلة الممتدة والتي تنتهي اليوم الثلاثاء، فهو لا يستطيع إلزام الدولة اللبنانية بالمكابرة على موازين القوى التي أفرزتها الحرب والتي يطبق اتفاق وقف إطلاق النار على أساسها، وبالتالي عوض أن تسعى إلى معالجة خسائر الحرب تعرض لبنان للمزيد منها. إذّاك فإن الموقف السياسي لـ”حزب الله” لن يكون مقبولا و”منطقيا” إن لم يعترف للدولة بحقها في ترتيب أولوياتها بمعزل عن استراتيجيته للتعامل مع نتائج الحرب وتعويض هزيمته، هذا في حال كانت لديه استراتيجية واضحة وهو ما لم يظهر حتى الآن. من جانب آخر إذا كان يحق لـ”الحزب” أن لا يقبل بأن يعامله الحكم الجديد كمهزوم فهو لا يحق له أن يتعامل معه كما لو أنه متواطئ في هزيمته. مع العلم أن السلطة الجديدة اتهمت من قبل أحزاب وقوى مناوئة لـ”الحزب” بأنها سايرته أكثر من اللازم عند تأليف الحكومة الجديدة. حتى إن رئيس الحكومة نواف سلام لم يبذل جهدا مع أحد مثلما بذلك مع “الثنائي الشيعي”، فظل بقاء “التيار الوطني الحر” خارج الحكومة بلا مبرر سياسي حتى الآن. لكن مع ذلك فإن “حزب الله” وما إن حاز على ما يمكنه حيازته ضمن التشكيلة الوزراية- وهو أقل بكثير مما كان يناله قبل الحرب- حتى بدأ بالهجوم على الحكومة إلى حد اتهام أمينه العام نعيم قاسم رئيسها نواف سلام بـ”تنفيذ قرار إسرائيلي”، على خلفية منع الطائرة الإيرانية من الهبوط في مطار بيروت. ليس أكيدا حتى الآن أن “حزب الله” ومن ورائه إيران قد سلما بخساراتهما الإقليمية، وبالتالي قد يكونا مستعدين للتصعيد ليس في لبنان وحسب بل وفي سوريا أيضا هذا يدفع إلى السؤال عن حقيقة موقف “حزب الله” من السلطة الجديدة، على اعتبار أن تظاهرات المطار لا تقرأ وحسب من ناحية اعتراض “الحزب” على منع هبوط الطائرة الإيرانية بل أيضا من ناحية استعداده للضغط على الرئيسين جوزيف عون ونواف سلام وهو ما عبرت عنه هتافات المتظاهرين. فهل قرر “الحزب” أن يدشن مرحلة جديدة من التصعيد الداخلي، لم تكن تظاهرات المطار إلا بدايتها؟ أم إنه مستعد للتأقلم مع قواعد اللعبة الجديدة والتي لم يعد الطرف الأقوى فيها، على اعتبار أن أثمان استخدامه قوته ستكون أعلى بكثير مما كانت عليه قبل الحرب، ولاسيما أنه لا يمكنه العبور إلى تعويض خسائر الحرب إلا من بوابة الدولة. أ.ف.ب / الجيش اللبناني يطلق النار أثناء محاولة تفريق تجمع نظمه “حزب الله” لإغلاق طريق مطار بيروت الدولي بسبب قرار منع طائرة إيرانية من الهبوط في المطار، بيروت في 15 فبراير لكن المشكلة أن “حزب الله” يتعامل مع السلطة الحالية كما لو أنها جزء من الانقسام الداخلي وكما لو أنها فرضت بإرادة خارجية ضده لمجرد تأييدها من قبل دول عربية وغربية. مع العلم أن تركيبة هذه السلطة تعبر عن معادلة مختلفة لا تشبه معادلة 8 و14 آذار وما بينهما، أي إنها فوق الانقسام السياسي بمعناه التقليدي، ولو كان “حزب الله” يحاول تأسيس انقسام جديد من حولها. فكلا الرئيسين عون وسلام هما من خارج النادي السياسي، كما أن تشكيلة الحكومة عكست قوانين جديدة للعبة لا قدرة للأحزاب أيا تكن توجهاتها على التحكم بها. وبهذا المعنى فإن الحكم الجديد يعد فرصة ثمينة وربما وحيدة أمام “الحزب” ليتراجع خطوة إلى الوراء ويعيد تقييم تجربته وعلاقته مع الدولة خصوصا أن الحكم الجديد لا يرى مصلحة في مخاصمته. وهنا لا يمكن البحث عن أسباب تخفيفية لـ”حزب الله” بدفع من “الصواب السياسي”، إذ إن تعامل “الحزب” مع الداخل اللبناني بعد الحرب دليل على أنه لم يتغير في نظرته إلى هذا الداخل بما في ذلك إلى الدولة نفسها، فهو إما يسيطر على الدولة وبالتالي تصبح دولة صديقة وإما ينقلب عليها في حال لم يتمكن من التحكم في مفاصلها، حتى لو كانت هذه الدولة بطاقمها الرئيس تحاول الأخذ بهواجس “الحزب”. لكنه بمكابرته على نتائج الحرب يتصرف كما لو أنه لا هواجس له بحكم أنه “غير مهزوم”- أقله داخليا- بل إن ما يعنيه هو قلب المعادلة الجديدة إلا إذا خضعت لشروطه. وهنا مكمن الخطر الحقيقي على الوضع اللبناني الحالي، إذ ليس أكيدا حتى الآن أن “حزب الله” ومن ورائه إيران قد سلما بخساراتهما الإقليمية، وبالتالي قد يكونا مستعدين للتصعيد ليس في لبنان وحسب بل وفي سوريا أيضا، وإن كان هذا التصعيد دونه تعقيدات كثيرة. من هذه الزاوية تحديدا يفترض قراءة اشتباك “الحزب” مع الدولة على طريق المطار، ومن هذه الزاوية أيضا يفترض قراءة موقف الحكم الجديد من محاولة “الحزب” الانقلاب عليه! المزيد عن: لبنان حزب الله اسرائيل إيران جوزيف عون 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post دمار شامل بجنوب لبنان وفرنسا تشدد على ضرورة الانسحاب الإسرائيلي الكامل next post منير الربيع يكتب عن: أميركا وإسرائيل.. تطويق حزب الله لكسر احتكار التمثيل الشيعي You may also like رياح القلق تتقاذف الأسد في صقيع منفاه بموسكو 20 فبراير، 2025 خطوط نتنياهو الحمر تصادر “اليوم التالي” مسبقا 20 فبراير، 2025 لماذا اعتذرت “بي بي سي” عن فيلم حول... 20 فبراير، 2025 حفتر وحكومة المركز… صراع السيطرة على النفط في... 20 فبراير، 2025 “توابيت سوداء”… “حماس” تثير غضب إسرائيل خلال تسليم... 20 فبراير، 2025 جونسون: “وعد بلفور كان دولتين”… علينا أن نفي... 20 فبراير، 2025 “ريفييرا” الشرق الأوسط… تدخل لبنان في الاختبار الصعب 20 فبراير، 2025 تهجير سكان غزة… إسرائيل جاهزة بخطة التنفيذ 20 فبراير، 2025 المغرب يحبط مخططا إرهابيا بتحريض من “داعش” 20 فبراير، 2025 تسليح الجيش المصري… التنويع للهرب من المأزق الأميركي 20 فبراير، 2025