الإثنين, نوفمبر 25, 2024
الإثنين, نوفمبر 25, 2024
Home » هل تحقق “المدن الذكية” حلم السعادة في المستقبل؟

هل تحقق “المدن الذكية” حلم السعادة في المستقبل؟

by admin

تستخدم الأساليب الإلكترونية وأجهزة الاستشعار لجمع البيانات وتوظفها لإدارة الموارد وهندستها أقرب للخيال العلمي

اندبندنت عربية / فيديل سبيتي 

لم يبقَ فيلسوف وعالم اجتماع في التاريخين القديم والحديث لم يتناول المدينة على أوجهها المختلفة، لكن أشهر هؤلاء أصحاب المدينة الفاضلة كأفلاطون، في كتابه “الجمهورية”، والفارابي الذي رأى أن على المدينة أن توفر السعادة لسكانها عبر اجتماعهم، لأن الإنسان لا يمكن تحقيق معاشه بمفرده، ورأى أن الخير والكمال الأقصيين إنما ينالان أولاً بالمدينة، كعمران لا بالاجتماع البشري نفسه، فهو يأتي ثانياً بعد العمران.

وقد كانت المدينة القديمة امتداداً للريف الزراعي، واعتمدت على المحاصيل الزراعية التي ينتجها الريف المحيط بها. بينما بنى المدينة الحديثة الحرفيون والتجار والإداريون، وبإرادة محددة من مهندسين، وكثير منهم اكتسبوا شهرة كبيرة تاريخياً وحديثا، وهؤلاء المهندسون أو البناءون طوروا المدينة عبر القرون بسبب ازدياد عدد سكانها وحاجاتهم والخدمات التي يتطلبها اجتماعهم في مكان واحد، لتصبح على ما عليه اليوم.

حين تمتلئ المدن

غالباً ما كان الانتقال للعيش في المدينة حلماً لأصحاب الطموح من أهل الريف. فهي مصدر الرزق ومكان الزحام والتقاء أنواع مختلفة من الثقافات والأعمال، عكس حياة الزراعة والرعي في الريف ولا تحمل طموحاً مستقبلياً يذكر لسكانها، لذا لم يتوقف النزوح إلى المدن منذ الثورة الصناعية قبل قرنين. وعلى سبيل المثال، راقبت وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) توسع المدن لدراسة آثاره البيئية، وكانت النتيجة أن عدداً كبيراً من مدن العالم زادت مساحتها بنسبة 25 في المئة ما بين عامي 1990 و2000، الأمر الذي يكشف عن حجم التحدي الذي تواجهه المدينة المعاصرة. أما توقعات البنك الدولي فإن المدن ستضم 80 في المئة من سكان العالم خلال العقدين المقبلين. وبحسب إحصاءات حديثة صادرة عنه، يعيش في المدن حالياً نحو 55 في المئة من سكان العالم، أي 4.2 مليار نسمة. وبحلول عام 2050، سيزداد سكانها بأكثر من ضعف العدد الحالي، بحيث سيعيش 7 من بين كل 10 مواطنين في العالم بالمدن.

وفي ظل مساهمة المدن بأكثر من 80 في المئة من إجمالي الناتج المحلي العالمي، يمكن للتوسع الحضري أن يسهم في تحقيق النمو المستدام إذا ما تمت إدارته بحكمة. وبحسب الدراسات الحضرية فإن سرعة توسع المدن ونطاقها يحملان معهما تحديات، بينها تلبية الطلب المتسارع على الإسكان ميسور التكلفة، وتوفير أنظمة نقل ومواصلات مترابطة والكثير من مرافق البنى التحتية والخدمات الأساسية، فضلاً عن تأمين العمل للوافدين الجدد، ومنهم 60 في المئة من النازحين قسراً بسبب الحروب والصراعات نحو المدن وعلى رأسها العواصم. ودائماً بحسب نصائح وتوجهات البنك الدولي.

أما مارتينا أوتو، رئيسة وحدة المدن في الأمم المتحدة للبيئة فتقول “نحن نمر بنقطة تحول، ومن المسلم به على نحو متزايد أن التخطيط الحضري أمر بالغ الأهمية، إلا أننا نفتقر إلى القدرة على التخطيط له في العديد من الأماكن”، وبرأيها، فإن ما نحتاج إليه هو “ثورة تخطيط” تنتج مدناً ذات هيكل استراتيجي. وبحسب فريق المتخصصين، الذي أنشأته الأمم المتحدة للبيئة، فإن الطلب الحضري على الموارد يمكن أن يرتفع بنسبة 125 في المئة بحلول عام 2050، ومن المتوقع بناء ما لا يقل عن 200 مدينة جديدة في آسيا خلال السنوات الثلاثين المقبلة.

المدن الذكية

لكننا لا نريد أن نجعل أمر المدن قاتماً، فهناك أفكار للمستقبل أيضاً في جميع أنحاء العالم حول بناء مدن ذكية صديقة للبيئة وتتمتع بهندسة وعمران أقرب إلى الخيال العلمي، والهدف منها هو تأمين الرفاه والسعادة لسكانها، لكن ما المدن الذكية المستقبلية؟ وما طبيعتها؟

بحسب الموسوعة البريطانية، فإن المدينة الذكية هي منطقة حضرية تستخدم أنواعاً مختلفة من الأساليب الإلكترونية وأجهزة الاستشعار لجمع البيانات، وتستخدم النتائج المكتسبة من تلك البيانات لإدارة الأصول والموارد والخدمات بكفاءة. ويتضمن ذلك البيانات التي تم جمعها من المواطنين والأجهزة والمباني والأصول، لتتم معالجتها وتحليلها بعد ذلك لمراقبة وإدارة أنظمة المرور والنقل ومحطات الطاقة والمرافق وشبكات إمدادات المياه والنفايات وكشف الجرائم وأنظمة المعلومات والمدارس والمكتبات والمستشفيات والخدمات المجتمعية الأخرى. ويدمج مفهوم المدينة الذكية بالضرورة بتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والعديد من الأجهزة المادية المتصلة بشبكة إنترنت الأشياء لتحسين كفاءة عمليات وخدمات المدينة والاتصال بالمواطنين.

أما على الصعيد البشري المباشر، فإن المدن الذكية تمتلك مؤشرات ذات آثار إيجابية قابلة للقياس على نوعية حياة مواطنيها وزوارها. ويعد الإطار البشري للمدينة الذكية ورضا مواطنيها عن مستوى معيشتهم والخدمات المؤمنة لهم من قبل السلطات، مؤشراً مهماً على نجاحها.

ولا تعد المدينة ذكية من دون دعم المبادرات الفنية والثقافية، بل يدخل هذا الأمر في صلب تخطيطها. ومن ضمنها دعم المبتكرين والمثقفين على اختلاف أنواعها وإنشاء المراكز التي تؤويهم وتعرض أعمالهم. وعلى المدينة الذكية أن تدعم التعليم فيها بشكل أساسي لإنشاء يد عاملة متعلمة قادرة على إدارة النظم التي تقوم عليها.

والإنسانية بمعناها الشمولي أحد أسس التفكير في المدن الذكية الحديثة، أي منع أي وجه من أوجه العنصرية على أي مرتكز قامت، سواء العرق أو الدين أو اللون، أو غير ذلك. وتعمل المدن الذكية على دمج مواطنيها دمجاً فعلياً، لا مواربة فيه، ولا تترك مجالاً لأي نوع من التمييز بينهم.

وأخيراً، على المستوى البشري في المدن الذكية هناك دعم المعرفة وتطوير اقتصادها، فالمدن الذكية تسعى إلى أن تكون مراكز للنشاط الاقتصادي في قطاعات التكنولوجيا والخدمات الناشئة على قيمة الابتكار في تنمية المدينة.

هل هناك مدن ذكية في وقتنا الحاضر؟

بدأت بعض المدن بالظهور منذ أوائل القرن الحالي، وهي أقرب ما تكون من حيث الشكل والمضمون إلى الخيال، ففي ولاية جوهر الماليزية، هناك مشروع ضخم يمتد على أربع جزر من صنع الإنسان، ويتمحور على تخطيط مدني متعدد الطبقات وثلاثي الأبعاد. وفي السعودية تسعى مدينة نيوم التي تبنى على شاطئ البحر الأحمر كي تكون مدينة مستقبلية من كل الوجهات. وسيكون في هذه المدينة الكثير مما رأيناه في أفلام الخيال العلمي، مثل سيارات الأجرة الطائرة، والروبوتات المنزلية، وجزيرة الديناصورات الآلية على طراز الحديقة الجوراسية، والشواطئ الرملية المضيئة، والسحب الاصطناعية التي تتحدى الطبيعة الصحراوية.
أما في السنغال يتم إنشاء مدينة تحمل اسم “ديامنيادو ليك” بتكلفة ملياري دولار. وهي تشبه إلى حد بعيد مدينة “واكانا” في فيلم “الفهد الأسود”، مع الهندسة المعمارية المميزة والمباني الفولاذية المتلألئة.

وهناك أيضاً مدينة “كونزا تكنو سيتي” في كينيا، ويراد لها أن تكون وادي سيليكون أفريقياً، ومن المفترض أن تمثل مركزاً للصناعات التكنولوجية في شرق القارة السمراء، بحيث تضم حديقة للعلوم ومراكز تسوق ومقار لشركات التعهد الخارجي وفنادق ومدارس دولية.

ثم لن ننسى مدينة دبي التي بنيت أساساً لكونها مدينة ذكية، ويتم تطويرها بشكل دائم ومتواتر كي توائم صورة المدينة المستقبلية، سواء هندسياً وعمرانياً أو من حيث الخدمات والبنى التحتية والحفاظ على البيئة.

وفي اليابان، تقام تجربة مصغرة لمدينة ذكية مستقبلية، تدعى مدينة فوجيساوا، بنيت على أنقاض مصنع “باناسونيك” قديم، ويعيش فيها نحو 2000 شخص.

أما ما يجعلها ذكية فهي أسباب كثيرة، أولها أن كل منزل في هذه المدينة الصغيرة مجهز بألواح شمسية وأنظمة مراقبة ذكية لاستهلاك الطاقة، ما يتيح للمقيمين تتبع استهلاكهم للطاقة، ويمكن للسكان الفوز بمكافآت وجوائز مع تكريم خاص لكل من يسهم في تقليل انبعاث ثاني أكسيد الكربون. كما يتم تشجيعهم على ركوب الدراجات ومشاركة المركبات الكهربائية. والسكان؛ أي الناس، هم أصحاب الاهتمام الأول والمباشر لدى أصحاب المشروع، لا المشروع نفسه، فالهدف هو تحقيق سعادتهم في هذه التجربة، التي ستصبح مثالاً عن المدينة المستقبلية المقبلة.

المزيد عن: المدن الذكية/الخيال العلمي/الإدارة الإلكترونية/وادي السيليكون/أفريقيا/آسيا

 

 

You may also like

18 comments

zortilonrel 22 مارس، 2021 - 12:52 ص

This blog is definitely rather handy since I’m at the moment creating an internet floral website – although I am only starting out therefore it’s really fairly small, nothing like this site. Can link to a few of the posts here as they are quite. Thanks much. Zoey Olsen

http://www.zortilonrel.com/

Reply
how to make a blog 2021 7 أبريل، 2021 - 5:30 م

This really answered my problem, thank you!

https://www.youtube.com/watch?v=W9ED11cU594

Reply
storno brzinol 14 مايو، 2021 - 6:16 م

Very good blog! Do you have any hints for aspiring writers? I’m hoping to start my own site soon but I’m a little lost on everything. Would you suggest starting with a free platform like Wordpress or go for a paid option? There are so many choices out there that I’m totally overwhelmed .. Any recommendations? Cheers!

http://www.stornobrzinol.com/

Reply
free domain and hosting 15 يونيو، 2021 - 7:13 م

I really enjoy studying on this website , it contains great articles.

https://youtu.be/_bPSWABggX8

Reply
see 16 يونيو، 2021 - 12:04 م

Howdy would you mind stating which blog platform you’re working with? I’m looking to start my own blog soon but I’m having a difficult time deciding between BlogEngine/Wordpress/B2evolution and Drupal. The reason I ask is because your design and style seems different then most blogs and I’m looking for something unique. P.S Apologies for being off-topic but I had to ask!

https://jupitertv.com

Reply
great site 16 يوليو، 2021 - 3:17 م

Good day! Do you use Twitter? I’d like to follow you if that would be okay. I’m definitely enjoying your blog and look forward to new posts.

https://emergency-plumbing-gresham.site

Reply
black friday web hosting 8 أغسطس، 2021 - 6:04 ص

I have been exploring for a little for any high-quality articles or blog posts on this sort of area . Exploring in Yahoo I at last stumbled upon this site. Reading this info So i am happy to convey that I have a very good uncanny feeling I discovered just what I needed. I most certainly will make certain to do not forget this web site and give it a look regularly.

https://youtu.be/pWwPxHlnbU8

Reply
england school term dates 12 أغسطس، 2021 - 9:07 ص

Those are yours alright! . We at least need to get these people stealing images to start blogging! They probably just did a image search and grabbed them. They look good though!

https://ismyschool.net/school-term-dates-england/

Reply
find this 24 أغسطس، 2021 - 10:58 ص

As soon as I found this web site I went on reddit to share some of the love with them.

https://www.mrconveyancer.com.au

Reply
intelligent design 22 أكتوبر، 2021 - 7:27 ص

I regard something truly interesting about your web site so I saved to fav.

https://thearchitect.global

Reply
Europa-Road Kft 11 نوفمبر، 2021 - 9:06 ص

I have recently started a site, the information you offer on this website has helped me greatly. Thank you for all of your time & work.

https://europa-road.eu/hu/temperalt-szallitas.php

Reply
vpd chart 25 نوفمبر، 2021 - 6:25 م

I’ve been browsing online more than three hours lately, but I never found any interesting article like yours. It is beautiful price enough for me. Personally, if all site owners and bloggers made just right content as you did, the net will be a lot more helpful than ever before. “Nothing will come of nothing.” by William Shakespeare.

http://altaqua.com

Reply
coin yorum 5 يناير، 2022 - 10:43 ص

I¦ve learn some just right stuff here. Certainly worth bookmarking for revisiting. I surprise how so much effort you place to make this kind of fantastic informative website.

https://f-ekonomi.com

Reply
purium cleanse 5 يناير، 2022 - 7:02 م

But wanna tell that this is handy, Thanks for taking your time to write this.

https://healthsurgeon.com

Reply
nondual teachers 14 فبراير، 2022 - 5:57 م

I have been exploring for a little bit for any high-quality articles or blog posts on this sort of house . Exploring in Yahoo I eventually stumbled upon this website. Reading this information So i’m happy to exhibit that I have an incredibly excellent uncanny feeling I found out exactly what I needed. I most certainly will make certain to do not disregard this web site and give it a look regularly.

https://www.facebook.com/NonDualTeachers

Reply
qr code generator 24 فبراير، 2022 - 9:09 م

I was reading through some of your posts on this internet site and I believe this web site is rattling informative ! Continue posting.

http://qr.net/

Reply
hire a hacker 22 يونيو، 2022 - 5:35 ص

Can I just say what a relief to find someone who actually knows what theyre talking about on the internet. You definitely know how to bring an issue to light and make it important. More people need to read this and understand this side of the story. I cant believe youre not more popular because you definitely have the gift.

https://www.keystroke.group/

Reply
hire a hacker cheap 22 يونيو، 2022 - 3:19 م

WONDERFUL Post.thanks for share..extra wait .. …

https://www.keystroke.group/

Reply

Leave a Comment

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00