الثلاثاء, نوفمبر 26, 2024
الثلاثاء, نوفمبر 26, 2024
Home » دوستويفسكي الشاعر… صفحات مجهولة من تجربة رائدة

دوستويفسكي الشاعر… صفحات مجهولة من تجربة رائدة

by admin

قصائد كتبها خلال سجنه في سيبيريا وأخرى نسبها إلى أبطال رواياته

اندبندنت عربية / سامي عمارة كاتب وصحافي

فيدور دوستويفسكي يظل أحد أهم كبار الرواية العالمية، أُدرجت أربع من روائعه ضمن قائمة أهم الروايات الـ 100 في تاريخ الأدب العالمي. وعلى الرغم من أن الأوساط الأدبية المحلية والعالمية تعرفه واحداً من أساطين الرواية الطويلة، فان لدوستويفسكي أيضاً باعاً، ليس في القصة القصيرة وحسب، بل وأيضاً في مجال الشعر الذي تشهد به أولى سنوات نشاطه الأدبي. وفي تاريخه الإنساني والأدبي ما يجعل المرء يقف مدهوشاً تجاه هذه الموسوعة البشرية التي تضم بين ثناياها الأديب والشاعر والمفكر والفيلسوف والمصلح الاجتماعي والمقامر العربيد وكل أطياف وتنوعات البشرية، وذلك ما يمكن ان نجده في كثير مما ترك من حكم وأقوال تظل بليغة المعاني، بما تتسم به من أبعاد فلسفية وأعماق فكرية. هذا إلى جانب ما ترك من قصائد طويلة وقصيرة ورباعيات، وما جادت به قريحته من مبتكرات طالما أثارت الجدل في حينه، ولم تحظ بالتقدير المناسب إلا بعد وفاته، شأن ما ترك من روائع عميقة الدلالات الفلسفية والفكرية.

واللافت أن فيدور دوستويفسكي، وعلى الرغم من قلة ما ترك من قصائد وأشعار، طاف بكل تنويعاتها التي تراوحت بين القصيدة الطويلة والمتوسطة والنثرية والشعر الحر، بل والرباعيات التي طالما أثارت في حينه كثيراً من الجدل والانتقادات. ومما ترك من “تراث شعري محدود”، كانت تلك القصائد الثلاث التي نظمها دوستويفسكي خلال فترة المعتقل، حيث كان يقضي في مجاهل سيبيريا عقوبة النفي والأشغال الشاقة التي صدرت تخفيفاً لحكم الإعدام رمياً بالرصاص، قبل تنفيذه بدقائق معدودات، جزاء ترويجه الأفكار الهدامة، والانتماء إلى حلقات سرية ثورية في العام 1849. ومن هذه القصائد الثلاث التي انتقدها شقيقه الأكبر ميخائيل بقوله، “القصائد ليست من اختصاصك”، نختار واحدة كتبها على ما يبدو، ونترجمها ببعض التصرف حول تجربته التي أودت به إلى غياهب السجون، بعنوان:

شخصية مشرقة

كان من سلالة العامة

نشأ وترعرع بين الشعب 

أضحى طريد القيصر وانتقامه

حكم على نفسه بالمعاناة

بالإعدام والتعذيب والشقاء

انطلق لينشر في الشعب

أفكار الإخاء والحرية والمساواة

انطلق إلى مجاهل الغربة

بعيداً من بلاد القيصر

بعيداً من السوط والملقط والقات

والشعب للتمرد على استعداد

للنهوض من مصيره الأليم

من سمولينسك وحتى طشقند

ينتظر بفارغ الصبر الطالب

ينتظرونه جموعاً جمعاء

ليتبعوه دون قيد أو إبداء الأسباب

ليصدروا حكمهم على النبلاء

ليقطعوا بنهاية المملكة، وثرواتها

ينقلوها من الخاصة إلى العامة

ولينكصوا عن القيود

قيود الكنيسة والزواج والعائلات

وليذهب إلى الأبد

عالم الحقارة والأنذال.

وثمة من القصائد من يشكك في نسبتها إلى دوستويفسكي، على ضوء ما احتدم ويحتدم من جدل في الساحة الأدبية الروسية. وحار كثيرون أمام حقيقة نسب قصيدة “هبة الله”، وصحيح اعتبارها من إبداع الأديب الكبير، على الرغم من وجودها ضمن تراثه، فيما يرددها كثير من محبيه وعشاقه في المنتديات الأدبية والتجمعات الكنسية، بل وفي الحفلات المدرسية.

إحدى مخطوطات دوستويفسكي (غيتي)

كان سيرجي روبليوف الذي يقدم نفسه على صفحات الإنترنت بوصفه ناقداً أدبياً، عزا إنكاره نسب هذه القصيدة إلى دوستويفسكي لعدم وجودها ضمن الأعمال الكاملة الصادرة عن المؤسسات الثقافية الرسمية في روسيا، على الرغم من تضمن كثير من الكتب والمؤلفات الصادرة حول تراث عبقري الرواية الروسية والعالمية لهذه القصيدة التي نقدمها ضمن ما نعتبره من الصفحات المجهولة في تراث فيدور دوستويفسكي.

هبة الله

الملاك الصغير عشية عيد الميلاد

أرسله الإله إلى البشر

ستمر صغيري عبر أشجار التنوب

مبتهجاً وبابتسامة تزين الشفاه قال،

سوف تقطع شجرة عيد الميلاد،

وابتهج الطفل ومال

ليكون أكثر خلق الله

حناناً مفعماً برقيق الإحساس

هبة الله في ذكره

أصاب الحرج ملاكنا الصغير

تساءل: لمن أعطيها؟

كيف لي معرفة أيهم أهديها

من يكون نعمة الله؟

وأجاب الإله:

“بنفسك سوف ترى “

وانصرف ضيف السماء

وارتفع الهلال وفي الأفق استوى

وغدا الطريق أكثر ضياءً

دليلاً إلى المدينة منيراً

وانسابت الكلمات احتفالاً

وانتشرت السعادة وصارت كالظلال

وأطلت شجرة عيد الميلاد بهجة على الأكتاف،

وتقافز الملاك فرحاً، هنا وهناك

وتعلقت الأنظار بالنوافذ هناك

وسادت الاحتفالات الأجواء

وازدانت الأشجار بالأنوار

نذيراً وبشرى لاحتفالات عيد الميلاد.

وعلى الرغم من كل تلك الانتقادات التي طاولت ما كتب دوستويفسكي من قصائد وأبياتاً شعرية خلال فترة السجن والاعتقال والأشغال الشاقة، فإننا لم نجد ما يؤكد تنكره لأي منها. ولسنا هنا في معرض التحقيق الأكاديمي حول مثل هذه القضية الجدلية التي نتركها للمتخصصين والنقاد، مكتفين بالإشارة إلى ما ثبت قطعاً ويقيناً نسبه إلى الأديب الكبير، وهو ما عاد ووضع كثيراً منه، وما طاف بخاطره من نفحات شعرية، وما هو أقرب إلى الرباعيات، على ألسنة أبطال رواياته، فضلاً عما كان يصدر عنه على سبيل التندر والفكاهة.

ومن ذلك نشير إلى ما صاغه على نحو عميق الدلالة والمغزى، واختار له عنوان “الأطفال الغلاة الثمن”، والمؤرخ في العام 1876. وكان صدر عن دوستويفسكي في معرض سمره مع زوجته آنا غريغوريفنا دوستويفسكايا التي عكفت بعد وفاته على جمع تراثه، استناداً إلى ما تراكم لديها من ذكريات ويوميات نشرتها لاحقاً في مذكراتها التي صدرت بعد وفاتها في عام 1925. “يا لهم غلاة الثمن أطفالنا… / آنا غريغوريفنا/ نعم … / ليليا… طبعاً / وكلا الصبيين!/ وتلك هي المشكلة”.

وللقارئ أن يفتش عن المغزى الفلسفي لما يمكن إدراجه أيضاً تحت اسم “الشعر المنثور”، والذي حرصت قرينته آنا دوستويفسكايا أن تودعه يومياتها ومذكراتها عن حياتها إلى جانب زوجها عبقري الرواية الروسية والعالمية.

المزيد عن: دوستويفسكيش/قصائد/رباعيات/السجن/مذكرات/سيبيريا

 

 

You may also like

Leave a Comment

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00