ثقافة و فنونعربي السيدة التي لفّت المشرق والمغرب بملابس الرجال by admin 2 أكتوبر، 2020 written by admin 2 أكتوبر، 2020 31 جين ديولوفوا أمازونية في شرق كانت تفضله تحت الحجاب اندبندنت عربية / إبراهيم العريس باحث وكاتب هما كتابان يشكلان في الحقيقة كتاباً واحداً بالنظر إلى أنهما يرويان حكاية رحلة متواصلة انطلقت من يريفان عاصمة أرمينيا ومن منطقة بحر قزوين لتصل في نهاية الأمر إلى البصرة والمحمّرة على شواطئ الخليج العربي. رحلة دامت أربعة عشر شهراً ربما يكون أغرب ما فيها الرحالة نفسها، فهي امرأة ترتدي ثياب الرجال، تمويهاً واحترازاً لكنها لا تتردد في خوض العراك كالرجال. هذه الرحلة وصفتها تلك المرأة في جزءي كتابها المعنونين تباعاً “أمازونية في الشرق” و”الشرق تحت الحجاب” وكانا قد صدرا على حلقات عند نهايات القرن الفائت في مطبوعة كانت تلقى نجاحاً كبيراً بنشرها أبرز نصوص أدب الرحلات واسمها “حول العالم”. ولقد نُشر الكتابان من جديد في بدايات تسعينيات القرن العشرين موقظين كاتبتهما من وهدة النسيان، غير أنهما لم يثيرا اهتماماً حقيقياً بالنظر إلى أن العالم كان قد تبدّل وتبدّل مفهوم الرحلة وصورها. وهكذا غابت السيدة من جديد، وإن حضر الكتابان أنيقين غريبين مكتوبين كقطع أدبية بديعة في مكتبات هواة النوع النخبويين على الأقل. إذاً، في الكتابين تروي جين ديولوفوا، وهو اسم السيدة، ما عاشته والأخطار والمغامرات التي تعايشت معها على طول نحو ستة آلاف كيلومتر قطعتها بشكل متشعّب باتجاه الجنوب وأحياناً في مناطق لم تكن وطئتها قدم غربية فكيف بقدم امرأة غربية. وكان في صحبتها في ترحالها بندقية جاهزة في كل لحظة للتصويب، وكاميرا جاهزة كل لحظة لالتقاط أجمل الصور وأغربها. ولعل علينا أن نذكر هنا كيف أن كشف ديولوفوا عن حقيقة أنوثتها حيث كانت تدعو الحاجة، مكنها من أن تدخل إلى حريم العائلات الكبرى في المناطق التي تمر بها لتلتقط صوراً حميمة عاد رسامو المطبوعة وحولوها إلى لوحات تمكنت أحياناً من نسف الفكرة الاستشراقية القديمة عن المرأة المسلمة. غريبة الأطوار ولئن كان في إمكاننا أن نصف جين ديولوفوا بكلمات قليلة، سنقول إنها كانت غريبة الأطوار حقاً تلك السيدة الفرنسية التي اشتهر صالونها الأدبي الباريسي عند نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، بقدر شهرة الثياب الرجالية التي كانت ترتديها قبل ارتداء مارلين ديتريش لها وإعادة اختراعها في تصميمات كوكو شانيل، وبقدر شهرة انخراطها حتى في العمل العسكري ومطالبتها بأن يكون للنساء مكان في القوات المسلحة. كانت غريبة الأطوار حقاً السيدة جين ديولوفوا التي عشقت الشرق وحياة المسلمين لكن ذلك العشق لم يمنعها من أن تساهم مساهمة أساسية في الاستيلاء على الكثير من الآثار العراقية والإيرانية لا سيما تلك التي ساهمت في اكتشافها في سوسة قرب دزفول في المناطق الواقعة بين العراق وإيران الحاليين، وتمكنت من أن تنقلها إلى فرنسا لتوضع في صالتين في متحف اللوفر حملتا اسمها ذات يوم. غلاف مخصص لجين من سلسلة كتب فرنسية عن أشهر المستكشفين (موقع dieulefoy) امرأة بثياب رجل وسماته لو لمحتها تسير في الشارع أيامها لخلت نفسك في حضرة رجل: ثيابها، قصة شعرها، نظرتها القاسية الصارمة وحتى مشيتها العسكرية، كل هذا كان ذكورياً إلى حد كبير. مهما يكن من الأمر، كان من الواضح أنها من دون تلك السمات ما كان من شأنها أبداً أن تتمكن من العيش على سجيتها كل تلك السنوات في مشرق عالمنا ومغربه في تلك الأزمنة حين لم يكن ممكناً لامرأة أن تتجول في الشوارع والأرياف والمدن على هواها، تدرس حياة الناس وتسجل الانطباعات عنهم وتنقّب عن الآثار وتخطط لكتابة رواية لا تتوقف عن الحديث عنها واصفة إياها بالتاريخية على غرار “سالامبو” غوستاف فلوبير حيناً، أو بالعاطفية حيناً آخر على شاكلة روايات هنري بورجيه الذي كان على الموضة حينها. نعرف أنها لم تكتب لا هذه ولا تلك، لكنها وضعت مؤلفات عدة من نوع آخر، نوع كان رائجاً حينها لا سيما من إبداع سيدات إنجليزيات: أدب الرحلات الغرائبي، وكان في مقدمة أعمالها في هذا المجال، بالطبع، “أمازونية في الشرق” و”الشرق تحت الحجاب”. ولدت جين عام 1851 لتموت في ربيع عام 1916 وهي بعد في قمة عطائها وسنوات نشاطها. ويقال إن سبب موتها ميكروب قوي أصابها وهي في المغرب ولم يمهلها طويلاً كما سنرى. ولنذكر أن اللقب الذي ظلت جين تُعرف به حتى رحيلها كان “السيدة بثياب الرجال”. وراء الزوج الهائم بالشرق في الحقيقة إن نقطة الانعطاف في حياة تلك السيدة كانت حين تعرّفت إلى عالم الآثار المهندس أوغست ـ مارسيل ديولوفوا الذي منحها اسمه وشغفه بالشرق حيث أنها بدأت منذ ذلك الحين ترافقه في حله وترحاله ولا سيما في رحلاته الاستكشافية التي غالباً ما كان يقوم بها مرتدياً لباس ضابط في القوات الفرنسية. ولقد شاطرت جين بسرعة زوجها هيامه بالشرق المسلم وتوقه للعيش في بلاد المسلمين، وكانت ترتدي ثياب القناصة لا سيما حين شاركته في معارك أولى خاضها في منطقة اللوار الفرنسية متصدياً بقواته لجيوش البروسيين التي غزت فرنسا عام 1870. ثم بعد ذلك سوف نراها معه في فارس والعراق حيث نتج من تجوالها هناك كتاباها اللذان نشير إليهما هنا، واللذان نشرا في الأصل على شكل حلقات في صحف تلك الآونة وأثارا اهتماماً كبيراً. في فارس تحديداً وكما تروي لنا في “أمازونية في الشرق” تحولت جين من زوجة تتبع زوجها من مكان إلى آخر ولا تعيش وتتجول إلا من خلاله، إلى عالمة أعراق مستقلة ومحققة صحافية من طراز رفيع. وهذا يبرز بالتحديد من خلال الوصف الذي ترسمه لمسارها المشرقي في الرحلة التي قامت بها مرتدية كعادتها ملابس الرجال معتمرة قبعة كولونيالية ومتمنطقة بندقية أوتوماتيكية. ناهبة شاطرة لآثار البلاد المحتلة لاحقاً انتقلت جين وزوجها من مشرق العالم الإسلامي إلى غربه حيث غاصت في التنقيب عن الآثار فيما كان هو منهمكاً في تشييد المباني والمؤسسات بصفته مهندساً معمارياً يعمل لحساب السلطات الكولونيالية الفرنسية. ولقد مكنها موقعها وموقع زوجها من أن تستولي، في غفلة طبعاً عن سكان المنطقة، على العديد من القطع الأثرية التي كانت ترسلها على الفور إلى فرنسا ناهيك بقطع كانت تحتفظ بها لنفسها. في تلك الأثناء كانت الأوساط الأدبية والحلقات الاجتماعية والسياسية الباريسية تتعرف عليها عن كثب وترتاد صالونها في العاصمة الفرنسية التي كانت تتردد إليها بشكل متواصل. وكان من بين أخلص أصدقائها في ذلك الحين الكاتب بيار لوتي والسيدة جولييت آدم، المناضلة الاشتراكية التي كثيراً ما نجد الزعيم المصري مصطفى كامل يذكرها بالخير معتبراً إياها صديقة مصر الوطنية، مثنياً عليها في كتاباته. ومن المرجح أن تكون جولييت آدم هي التي جمعت مصطفى كامل بجين فأُعجب بشخصيتها ومغامراتها واهتمامها بعالم الإسلام. الموت بين المغرب ومصر هذا الاهتمام لم يفارق جين على أية حال، حتى آخر حياتها، وكان يتواكب لديها مع عملها الكتابي كما مع نضالها الاجتماعي الذي لا بد من القول أنه كثيراً ما اتسم بأحدّ آيات التناقض، إذ نجدها مرة مع تحرير المرأة لنجدها فور ذلك ضد مطالبة النساء بحقهنّ في الطلاق، تلك المطالبة التي كانت تشكل الجزء الأساس من نضال النساء اليومي. ولقد قادها ذلك الاهتمام عام 1914 إلى المغرب حيث أقامت وزوجها أول الأمر في الرباط قبل أن ينتقلا إلى فاس إذ كان زوجها يشرف على بناء مستشفى ومؤسسات رسميّة أخرى للمدينة، فيما راحت هي تنقب عن الآثار في جوار مسجد سيدي حسن وتدير مستوصفاً في الوقت نفسه. ولقد التقطت هناك تلك الميكروبة الأميبية التي أصابتها بإسهال قاسٍ لازمها طوال الشهور التالية ليقضي عليها في نهاية الأمر بعد انتقالها إلى القاهرة طلباً للراحة والنقاهة!. المزيد عن: جين ديولوفوا/أدب الرحلات/كتاب أمازونية في الشرق/كتاب الشرق تحت الحجاب 4 comments 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post عزة حسين تتأمل ماضيها في صورة سندريللا حزينة next post ممثلو خامنئي في الأقاليم الأذرية يدعمون باكو في الصراع على قره باغ You may also like المدن الجديدة في مصر… “دنيا بلا ناس” 21 نوفمبر، 2024 البعد العربي بين الأرجنتيني بورخيس والأميركي لوفكرافت 21 نوفمبر، 2024 في يومها العالمي… الفلسفة حائرة متشككة بلا هوية 21 نوفمبر، 2024 الوثائق كنز يزخر بتاريخ الحضارات القديمة 21 نوفمبر، 2024 أنعام كجه جي تواصل رتق جراح العراق في... 21 نوفمبر، 2024 عبده وازن يكتب عن: فيروز تطفئ شمعة التسعين... 21 نوفمبر، 2024 “موجز تاريخ الحرب” كما يسطره المؤرخ العسكري غوين... 21 نوفمبر، 2024 فيلم “مدنية” يوثق دور الفن السوداني في استعادة... 21 نوفمبر، 2024 البلغة الغدامسية حرفة مهددة بالاندثار في ليبيا 21 نوفمبر، 2024 من هي إيزابيلا بيتون أشهر مؤثرات العصر الفيكتوري؟ 21 نوفمبر، 2024 4 comments tinder site 24 يناير، 2021 - 7:01 م tinder website , tinder online https://tinderdatingsiteus.com/ Reply dating sites free 31 يناير، 2021 - 11:34 م dating site https://freedatingsiteall.com Reply seit wann gibt es lovoo 18 مايو، 2021 - 2:37 ص lovoo polizei lovoo status sprüche männer http://lovooeinloggen.com/ Reply top 10 free adult dating sites 20 مايو، 2021 - 4:03 م review adult dating sites dating site for young adult http://freeadultdatingusus.com/ Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.