الأحد, نوفمبر 24, 2024
الأحد, نوفمبر 24, 2024
Home » سعيد بوعمامة : تشريح للهشاشة المُنَظَّمة للعولمة الرأسمالية.. فيروس كورونا كآلية للتحليل

سعيد بوعمامة : تشريح للهشاشة المُنَظَّمة للعولمة الرأسمالية.. فيروس كورونا كآلية للتحليل

by admin

موقع كوة / ترجمة: خالد جبور.

تدقيق مفاهيمي:

تمكِّن المقارنة بين نتائج إعصار ’’ إيفان’’ الذي ضرب كوبا فـي شتنبر 2004، وإعصار ’’ كاترينا’’، ’’ لويزان’’ و ’’ ميسيسبـــي’’ سنة بعد ذلك، من تدقيق بعض المفاهيم المتعلِّقة بالخطر، بالكارثة، و بالهشاشة. كلتا هاتين الكارثتين من الفئة 5، أي من تلك التــي تتميز بسرعة للرياح تتجاوز 240 كيلومتر فـي الساعة، لكن رغم ذلك، كانت الخسائر البشرية الناتجة عنهما متفاوتة: ولا حالة وفاة فــي كوبا، في مقابل 1836 قتيل و 135 مفقود في الولايات المتحدة. مخاطر متطابقة تؤدي، إذن، إلى نتائج مختلفة بشكل ملفت للانتباه. إن المعجم المستعمل لتفسير هذه الظواهر الطبيعية الفريدة وجرد نتائجها المختلفة يمكِّن من تيسير فهم الوضعية الحالية في ظل جائحة كورونا.

أول هذه المفاهيم – المفتاح- هو الخطر الطبيعـي، والذي يحيل إلى الأحداث المناخية التـي لا دخل للإنسان –بطريقة مباشرة- في اندلاعها: الفيضانات، الأعاصير، ثوران البراكين… ورغم اختلاف ظهور فيروس قاتل عن هذه الكوارث، إلا أنه يمكن تعريفه وِفق نفس المنظور. إن الأخطار تحمل تهديدات للإنسان، أي نتائج مُحتمَلَة لهذه الأخطار. والهشاشة تعـــنـــي بدورها النتائج المتوقَّعة لخطر ما على الإنسان، والتـي ترتبط، بشكل مباشر، مع العديد من العناصر: الكثافة السكانية، القدرات الوقائية – الدفاعية، وضعية البنية التحتية التي تمَكِّن من مواجهة المخاطر بطريقة فعالة… وأخيرا الكارثة: وتعنـي تهديدا كان مُحتّمّلا، ليصُبح واقعا يفرض نفسه، ويؤدي إلى نتائج ذات ارتباط وطيد بوضعية الهشاشة.

إن الحديث عن كارثة ما دون الإجابة عن سؤال الهشاشة لَهُوَ حيلة إيديولوجية تُمَكِّن من إعفاء الطبقات المسيطرة من المسؤولية، عبر إبعاد الأسباب الاقتصادية، السياسية والاجتماعية حيث تظهر حدة النتائج وهولها. تكمن هذه العملية في التنصُّلِ من المسؤولية، وربطها بالطبيعة، والمجتمع… مع العلم أن معظمها ذو علاقة وطيدة مع الخيارات الاقتصادية والسياسية. إنَّ حدة النتائج تحددها وضعية المجتمع من جهة فـي وقت الكارثة، والقرارات المتَّخَذَة لمواجهتها من جهة أخرى.
على المدى البعيد، يمكن أن ننتظر من تطور العلوم معرفة أفضل بالمخاطر، وقدرة أكثر على التحكم فيها، لكن، على المدى القريب، يُعتَبَرُ خَفضُ الهشاشة هو السبيل الأوحد للحد من نتائج هذه المخاطر، الأمر الذي يعنـي الحيلولة دون تحوُّلِها إلى كارثة.

يمكن اعتبار الوباء الحالي كفاضح للهشاشة: وهذا ما أوضحته العديد من التقارير السوسيو- إقتصاية ومختلف الأبحاث التي علمتنا كيف أن الكوارث، فـي السنوات الأخيرة، تكشف الهشاشة على المستوى البشري والمجالي في المجتمعات التـي تشهد هذه الكوارث. وظيفة الكشف هذه تتم على مستويــيــن: درجة التعرض للمخاطر التي تفرض بالضرورة، فـي حالة الأمراض والأوبئة، مساءلة للسياسات الوقائية و للتفاوتات الطبقية، ومدى القدرة على مواجهة الكارثة التي تكشف عن وضعية المنظومة الصحية، من حيث بنياتها التحتية وأطرها… ومن جهة أخرى، السياسات المتبعة في ميادين أخرى: سياسة الإسكان، سياسة الهجرة…
لهذا يمكن اعتبار هذه الجائحة في فرنسا كما على المستوى الدولي مناسبة لتحليل العولمة الرأسمالية.

هشاشة جماعية وليدة العولمة الرأسمالية

تنبنــي الأيديولوجيات المرافقة للعولمة الرأسمالية على افتراضين اثنين، تَمَّ تَبَنِّيــهما في الخطابات السياسية والإعلامية المُهيمنة طيلة عقود. الافتراض الأول ، هو طابع الأولوية الذي يكتسيه الفرد على البنيات في شرح وتفسير المشاكل المجتمعية على مستوى كل مجتمع. هذا الافتراض يمكِّن من إبعاد مفهوم الطبقة الاجتماعية، ومفهوم التفاوت المجتمعي، ليترك المجال للمسؤولية الفردية الوهمية والـتــي عادة ما تظهر في خطابات تحميل الأفراد مسؤولية المخاطر ، وبالتالي، حسب وجهة النظر هذه، فإن الهشاشة المتفاوتة الدَّرجات أمام الأمراض، ومشاكل الصحة، لا تُعتَبَرُ نتيجة للتفاوتات الطبقية، و إنما للخاصيات والسلوكيات الفردية .

وفي هذه الحالة، يمكِّن خطاب المسؤولية الفردية من حجب مسؤولية النظام الاجتماعي، أي مسؤولية الطبقات المهيمنة، التي تُحدِّدُ قواعد هذا النظام. ’’ لازالت الهشاشة الاجتماعية للسكان تقدَّم انطلاقا مِن زاوية الفرد، ومكانته في المجتمع. وإن كان الأفراد هم الذين يخوضون تجربة الهشاشة، فعلى مستوى البُنــــى تتمظهر الشروط الكفيلة بجعل هذه التجربة محتمَلة أو قاسية. بتعبير آخر، بين الفرد والمخاطر، هناك أيضا بُنــى اجتماعية، لا يجب غضُّ الطرف عنها’’ كما يلخص الجغرافيان: ماريون بوردرون و ساباستيان أوليفو. من المؤكد أن الجائحة الحالية، وبسبب شدِّتِها، ستضرب كل الطبقات المجتمعية، لكن، من الواضح أيضا، أن أثارها ستكون أكثر حدة على الطبقات الشعبية، وفي مقدمتها الفئات المعدومة.

والافتراض الثاني هو مدى إسهام كل دولة على حدة، في تأسيس وتقوية الآليات التي بـها يتِمُّ ضبط العلاقات الدولية. يمكِّن هذا الافتراض من إخفاء علاقات الهيمنة بين دول المركز المُهيمنَة، والدول التي ترزح تحت وطأة هذه الهيمنة، وبالتالي، في هذه الحالة، فإن الهشاشة الوطنية، في حالة اجتياح الأوبئة أو أي كارثة أخرى، لا تحيل إلــى التفاوتات الاجتماعية الدولية، وإنما إلى خصوصيات كل دولة على حدة: الطقس، الثقافة، الكثافة السكانية… هنا يظهر خطاب آخر، هو خطاب المسؤولية الوطنية الذي يحجُب وجود الاستعمار الجديد (Néocolonialisme)، والامبريالية بشكل عام. ويكفـي مشاهدة خريطة التفاوت على المستوى العالمي في مجال الصحة، لملاحظة أنها تعيد التقسيم الثنائـي: مركز- هامش، مع بعض الاستثناءات التــي تحمل دلالات مهمة ك ’’كوبا ’’ على سبيل المثال.

تقول إحصائيات المنظمة العالمية للصحة ،OMS بخصوص عدد الأطباء في كل بلد في سنة 2015: 52 طبيب ل 10000 نسمة في النمسا؛ 39 في إيطاليا و إسبانيا؛ 32 في فرنسا… وفي الجانب الآخر: 1 لكل 10000 في رواندا وأوغاندا؛ 9 في السريلانكا؛ و 10 في باكستان… وجدير بالذكر أن المؤشرات الأخرى (عدد الممرضين، نصيب قطاع الصحة من الميزانية العامة، توفير الأدوية…) كلها تقدم معطيات مماثلة.

لابد من الإشارة إلى أن هذه النظرة الخاطفة لا تمكِّن من الإحاطة بنتائج العولمة الرأسمالية في شموليتها، وخصوصا تلك المتعلقة بصحة الإنسان، وبالتالي يجب تدعيمها بمراعاة تدهور فرص الاستفادة من الخدمات الصحية في المركز كما في الهامش.

إن العولمة الرأسمالية لا تعنــي فقط الرأسمالية؛ إنها رأسمالية مرحلة تاريخية محددة، تتميز بالهيمنة النيولبرالية على مستوى السياسات الاقتصادية: تخلي الدولة عن القطاعات العمومية، تضعيف/خوصصة هذه القطاعات، تبنِّــي سياسات التقشف… كلها عوامل دفعت العالم كله نحو تطوُّر مهول في نسب الهشاشة. وهذا ما أصبح جليَّا بعدما أصبحت جائحة كورونا واقعا يفرض نفسه على العالم أجمع.

في بلد كفرنسا، عمَّقت الرأسمالية وسياساتها النيولبرالية، وزادت من حدة الهشاشة. في المنظور اللبرالي، يُسَمى هذا الأمر ب ’’ عقلنة عروض الخدمات’’، أما على أرض الواقع، فهذا لا يعنــي سوى التخلُّص من %13 من الأسرَّة المخصصة للاستشفاء (69000 سرير في الفترة الممتدة من سنة 2003 إلى 2006 حسب الأرقام المقدمة من طرف وزارة الصحة).

لو أخذنا مثلا، كمؤشرات: ميزانيات المستشفيات، عدد العاملين بقطاع الصحة، أو عدد المؤسسات العمومية في نفس القطاع، سنصل إلى النتيجة ذاتها. إن هذه الهشاشة المُتنامية تتجلى اليوم بوضوح مع الاختبار الذي فرضته الجائحة العالمية، وخصوصا فـي نقص أسرَّة الإنعاش، وعدد التحاليل المُنجزة للكشف عن الوباء، و فـي ندرة الكمامات، وباقي المعدات اللازمة للتصدي للوباء. وتجدر الإشارة إلى أن هذا النقص ليس وليد خطأ، وإنما هو بداهة من بديهيات المنطق النيولبرالي، والمتمثل فـي التحكّم في الإنتاج، الذي يهدف إلـى تقليص المُنتجات المُخزّنة، من أجل خفض التكاليف، ورفع هامش الربح.

إن ما تمّ تنزيله، في الأربعة عقود الماضية، ليس سوى ” خوصصة ماكرة” للمستشفى، كما تُصرِّحُ نقابة الصحة CGT : ” تمت خوصصة المستشفيات عبر أجزاء، وشيئا فشيئا، مع الإصلاحات المتتالية. هناك مرحلتين محوريتين لفهم التحوُّل الذي عرفه المستشفى العمومي؛ تعديل طرق التنظيم لتصبح شبيهة بالطرق المُعتَمَدة فـي القطاع الخاص، ثم التبضيع، أي إدخال منطق الربح إلى قطاع الرعاية الصحية. تشكِّل هاتين النقطتين المعالم الأساسية لما سميناه ب ” الخوصصة الماكرة”. فحتـى وإن لم تصبح المستشفيات مخوصصة من الناحية القانونية، فإنها كذلك فعليّــــا، بحيث تتبنـى نفس الأساليب والنماذج، وتسعى إلى نفس الأهداف المُطابقة لأهداف القطاع الخاص.”

تطوّر نفس المنطق في الدول التابعة، لكن بطريقة أكثر عنفا وتدميرا. فلقد أدّت مُخطّطات التقويم الهيكلـي، المفروضة من قِبل صندوق النقد الدولي والبنك العالمـي، أي من طرف القوى الامبريالية، إلى تفكيك منظومات الصحة الوطنية. إذ للحصول على الدُّيون، فَرَضَت هذه المخطَّطات، كشرط من شروطها، تقليص الميزانيات العمومية، وخوصصة القطاعات العامة. وهكذا فإن الصحة والتعليم، هما القطاعان الأكثر تضررا من هذه الإجراءات المفروضة.

إحدى آثار هذه السياسات: هجرة الأدمغة، وخصوصا الأطباء و أطر أخرى في قطاع الصحة، والذين كانوا يعملون، سابقا، في القطاع العام الذي تمَّت التضحية به. الأرقام مفزعة، كما تشهد بذلك دراسة أُجرِيَت سنة 2013، والتـي اهتمَّت بمسألة هجرة الأطباء الأفارقة نحو الولايات المتحدة: ” بدأ فِرار الأطباء من دول إفريقيا جنوب الصحراء نحو الولايات المتحدة حوالي سنة 1980، لتتزايد وثيرته مع حلول التسعينيات، وما عرفته هذه السنوات من تنزيل لسياسات التقويم الهيكـلـي، المفروض من طرف البنك العالمي وصندوق النقد الدوليين.” ويُبَيِّن عدد الأطباء القادمين من شمال إفريقيا، ومن الشرق الأوسط، أن أوربا اتخذت نفس المنحى. إن الخسائر التـي ستشهدها الدول الإفريقية، بسبب هذه الجائحة، إذا لم يتم التصدي لها، ستكون مهولة، بالمقارنة مع ما نشاهده في أوربا، والحال أن الهيمنة الأوربية على وسائل الإعلام تحجب هذه المجزرة البشرية المُحتملة.

ورطة العولمة الرأسمالية المكشوفة من طرف الجائحة

بعد خوصصة كل شيء، سنصبح مخصوصين من كل شيء ( Quand tout sera privé, nous serons privé de tout ).

هذا الشعار الذي لطالما رُفِع ولطالما ظهر على اللافتات، خلال التظاهرات، يُلخصّ بشكل فريد “عقلية” الطبقات المُهيمِنة، في هذه الفترة التاريخية المتميّزة بالتشدد في تنزيل التدابير النيولبرالية المتوحشة. وعكس النقد السريع والمتسِّم بالنزعة التبسيطية، يمكن القول أن هذه الطبقات، ليست بالبث المطلق ساذجة أو غبية.كلُّ ما في الأمر أن لها (الطبقات المُسَيطِرَة) عقليتها (وعقلانيتها) الملائمة لمصالحها. وبطبيعة الحال، هذه العقلية المُهيمِنة مُناقِضة لعقلية أخرى؛ تلك التي لا ترتكز على الدفع بالربح إلى أعلى مستوياته، مهما كانت النتائج. إن الصراع الطبقـي هو أيضا صراع للعقليات. وهذا ما تَبَيّنَ من خلال العديد من الورطات التي أظهرتها الاستراتيجيات المتَّبعة لمواجهة جائحة كورونا في فرنسا. إنها ورطة بكل ما تحمله الكلمة من معنى؛ إنه تناقض مستعصي على الحل.

لنُعطي مثالان تمَّ الكشف عنهما بواسطة الاختبار الذي فرضته الجائحة العالمية.

المثال الأول: يحمل الكثير من الدلالات، وهو السياسة المتَّبَعَة في المؤسسات السِجنِيَة طيلة عقود طويلة. يُعتَبر الانفجار الديمغرافي الذي شهدته هذه المؤسسhت (السجون) واقعا موثَّقا إلى حد كبير؛ إذ بلغ معدل السجناء %116، يعني 70651 سجين، مع فقط 61080 سرير (1 يناير 2020). يتركزّ هذا الارتفاع الكبير في عدد السجناء، في مراكز الاحتجاز التي تستقبل الأشخاص الذين ينتظرون أحكامهم، والذين سيقضون في السجن مددا قصيرة. في هذه المؤسسات التي تأوي ثلثـي السجناء، نجد أن معدل ارتيادها %138، مجبرة بذلك شخصين أو ثلاثة أشخاص (في بعض الأحيان أكثر) على مشاركة نفس الزنزانة، بالإضافة إلى أن 1600 شخص يُجبَرون على النوم على أغطية موضوعة مباشرة على الأرض، كما يؤكد المرصد الوطني للسجون. وممّا لا شك فيه، تُعتَبر هذه الوضعية تناقضا صارخا مع أية مجهودات للتّصدي للجائحة، ومن جهة أخرى، يمكن اعتبارها استهدافا وتضحية بشريحة واسعة من المجتمع.

ونجد أيضا وضعيات مُشابهة في السياسات المتَّبعة في مجال الهجرة؛ مع ما تشهده الملاجئ من تكديس للمهاجرين، دون أن ننسى وضعية الأشخاص المشردين، بالإضافة إلى وضعية السكن غير اللائق، وخصوصا في صفوف الطبقات الشعبية الفقيرة. إن الثمن ” البشري” الذي ندفعه إباَّن هذه الجائحة، لهو راجع إلى توزيع الخسائر حسب الانتماء الطبقي، و حسب أصول الضحايا، وكل هذه المعايير ترتبط ارتباطا وثيقا بالاختلالات السالفة الذكر.وبالتالي، فإن البعد الطبقي سيطبع آثار هذه الجائحة.

يحيل المثال الثاني إلى العديد من الدلالات. يتعلق الأمر بوضعية اللاجئين الذين يتكدُّسون في الملاجئ الإيطالية واليونانية، كنتيجة مباشرة لسياسة الصرامة التي تتَّبعها أوربا في مجال الهجرة. وقد زاد فتح الحدود التركية، وقمع السلطات اليونانية من تأزُّم الوضعية الكارثية لأعداد كبيرة من اللاجئين، في حين نلاحظ أن وسائل الإعلام المُهيمنة تلزم الصمت، وتَحُوُل دون تعرُّف الرأي العام الدولي على هذه الوضعية.

وجدير بالذكر، في هذا الصدد، أن الحقوقية كلير رودييه، قدّمت تقييما لوضعية الملاجئ اليونانية، تقِرُّ فيه بالوضعية الكارثية التي ترزح تحتها هذه الملاجئ: مشكل الاكتظاظ، اختلاط البالغين مع القاصرين، نقص التغذية، انعدام وسائل النظافة بسبب استنزاف المعدات المخصصة لذلك… ففي سنة 2017، أقرّت أمنيستي الدولية أن معدل اللاجئين في ملاجئ مدينة ليسبو وصل 148 %، و 215 % في مدينة ساموس، و 163 % في كوس، حيث أُجبِرَ العديد من اللاجئين على النوم في الهواء الطلق، مستعملين فقط أغطية بسيطة، تتراكم عليها الثلوج خلال الليل.

و “وضعية الملاجئ الايطالية لم تسلم بدورها من هذه الوضعية” تُضيف كلير رودييه، باعتمادها على تقارير بعثات أمنيستي. والخطير في الأمر أن المنظمة الغير حكومية “أطباء بلا حدود”، استعملت عبارة ” قنبلة صحية” للتعبير عن هذه الوضعية: ” في العديد من مناطق مخيم موريا، تقول المنظمة، هناك فقط مصدر وحيد للماء لكل 1300 شخص، وزِد على ذلك عدم وجود الصابون. في هذا المخيم، عائلات مكونة من خمسة إلى ستة أشخاص، تكون مُجبرة على النوم في فضاءات لا تتجاوز مساحاتها ثلاثة أمتار مربعة؛ وهذا يعني أنَّ التدابير التي يجب أن تُتَّخذ، كغسل اليدين باستمرار، و الابتعاد عن مُخالطة الآخرين، للحيلولة دون انتشار العدوى، يمكن القول ببساطة أنها تدابر مستحيلة.”ما يعني، من جهة، ضعف القدرة على المواجهة الفعالة أمام الجائحة العالمية، والتضحية باللاجئين، من جهة أخرى.

اليوم المُوالي.

هناك إذن اختلالات كبيرة تُضعِف بشكل واضح فعالية الأيديولوجية المُهَيمِنَة، والتي خرجت للتو من مأزق خانق، ألا وهو حِراك “السترات الصفراء”، والحركة المُناهضة لإصلاح منظومة التقاعد. وهكذا، ففي الفترة الراهنة، لم يَعُد ممكنا ترديد الخطابات الليبرالية حول الصحة، واحتقار الخدمات العمومية، أو شيطنة تدخل الدولة في هذه القطاعات. ولكن، رغم ذلك فإن سيناريو ما بعد الجائحة قد تمَّ حَبكُهُ مُسبقا في قصر الإليزيه.

بعيدا عن لغة التعميم، يمكن رصد العديد من مظاهر هذه الاستعدادات. مثلا، عندما يتمُّ الحديث عن ” لا مسؤولية” شريحة من المواطنين تجاه التدابير الوقائية من الجائحة: الصور التي يتم نشرها للأشخاص الذين لم يلتزموا بالحجر الصحي، ومكانة هذه “اللامسؤولية” في الخطابات الحكومية، والتذكير اليومي بعدد المخالفات التي تم تسجيلها… كلها عوامل تُشير إلى إستراتيجية تهدف إلى تقديم الآثار المُهولة المرتقَبة للجائحة على أنها نتيجة لِعَدَمِ الانضباط وتحمّل المسؤولية، أي توجيه الأنظار و إبعاد الاهتمام عن الأسباب السياسية والاقتصادية. الهدف أيضا، هو توظيف الخوف الذي خلَّفته الجائحة لتسويق صورة حكومة مسؤولة، تواجه هذه الفترة الحرجة بشجاعة، “رغم عدم التزام المواطنين”، كما صرَّح إمانويل ماكرون.

المظهر الثاني، من مظاهر الاستعداد لما بعد كورنا، يتركز في الجانب الاقتصادي؛ يتعلق الأمر بتهيئ الرأي العام مسبقا لجولة جديدة من السياسات التقشفية، والتي سيتم تبنِّيها حتما بعد الجائحة. ففي الوقت الذي ندفع فيه الثمن غاليا، والمتمثل في الخسائر البشرية المُّهولة، نتيجة لسياسات تقليص ميزانيات القطاعات العمومية، نجد أن الهدف هنا هو توظيف الجائحة لإعادة شَرعَنة سياسات التقشُّف والتي برَّرتها ” خسائر الحرب” ضد كورونا، وواجب إعادة البناء بعد نهايتها.
وتتَّخِذ مفردات ” الحرب” و ” الوحدة الوطنية ” نفس المنحى. هنا، نحن بصدد عيش ما سمِّته الصحفية نايمي كلين، ب ” إستراتيجية الصدمة .” ففي كتابها الصادر سنة 2007، توضح هذه الصحفية، كيف يتِمُّ استثمار الصدمات النفسية التي تُخلِّفها الكوارث، وتوظيفها لِفَرض الإجراءات النيولبرالية الأكثر إجحافا. لقد أطلقت كلين على هذه الأوالية (processus) تسمية: “رأسمالية الكوارث”، حيث يتم

استغلال الأزمات والكوارث لإقامة وترسيخ قوانين السوق وهمجية المُضاربة، عِوَض القيم الديمقراطية التي تتطلع إليها المجتمعات.

ويتجلَّى ثالث مظهر من مظاهر هذه الاستعدادات في الجانب التشريعي، إذ يتَّخِذ شكل قانون “طوارئ لمواجهة جائحة كوفيد 19 “، تَتِمُّ فيه إعادة النظر في العديد من حقوق الطبقة العاملة. بواسطة هذه القوانين، ستتمَكَّنُ الحكومات من اتخاذ إجراءات “مؤقَّتة” تشمل الحق في الشُغل، بالسماح للمُشَّغِلين، في القطاعات الضرورية لضمان أمن الوطن، و الحفاظ على الحياة الاقتصادية والاجتماعية، بإمكانية عدم الالتزام بالاتفاقات التعاقدية التي تُحدِّدُ شروط العمل، كمُدَدِ العقود، والعطل الأسبوعية وغيرها (المادة 17). فلقد تمَّ تقليص مدة العطل المؤدى عنها، من أربعة أسابيع، لستة أيام. كما تسمح للحكومة بتعديل طُرُقِ الاستشارة والتمثيل من طرف هيئات المستخدَمين التمثيلية، وخصوصا اللجان الاجتماعية الاقتصادية، في حين أن الحكومة لا تنبس ببينة شفة، بخصوص التدابير الوقائية في صفوف الشّغيلة، إذ لا يظهر لها مدى ضرورة توفير الكمامات لشريحة واسعة من العاملين الذين تجعلهم ظروف عملهم عرضة للوباء، وكأن مهمة الحكومة تقتصر فقط على إعادة النظر في حقوق الطبقة العاملة ولا شيء غير ذلك.

إذا كانت الجائحة فرصة مكّنتنا من اكتشاف العديد من الآليات التي تُسهل عملية تحليل العولمة الرأسمالية، فإنَّها بيَّنت أيضا (الرأسمالية) أنها بعيدة كل البعد عن هزيمتها؛ إذ سيكون اليوم المُوالي (ما بعد الجائحة) يوم أداء الفواتير، وقبل ذلك سيتِمُّ تحديد من سيدفع هذه الأخيرة. ورغم حالة الشتات المفروضة علينا في ظل الحجر الصحي، يجب أن نستعدَّ، كما تستعِدُّ الطبقات المسيطِرة. يجب أيضا أن نطالب بمساعدات كبيرة وبدون شروط للدول الإفريقية، لكي لا تكون أكثر الدول تضررا من الجائحة، علما أن هذه الدول، وبسبب تدخل الحكومات الغربية، أصبحت تعيش حالة من الهشاشة المفزعة في قطاع الصحة.

إن المُسَيطرين على العالم، يركزون اهتمامهم، أكثر من أي وقت آخر، فقط على أسباب هذه الوضعية ويغضُّون الطرف عن نتائجها ، وفيروس كورونا بيَّن بالملموس أن الأسباب الحقيقية تكمن في العولمة الرأسمالية. هي من يجب أن نلقي بِلَومِنا عليها، وإليها يجب أن نوجِّه الانتقادات والاتهامات.
إذا كان تحقيق عالم آخر ممكنا، فإنه أصبح اليوم أكثر ضرورة واستعجالا.

المصدر: مدونة سعيد بوعمامة

المزيد عن / العولمة الراسمالية /الهشاشة/ خالد بولعلام/ سعيد بوعمامة /كورونا

 

You may also like

163 comments

RalphdEree 4 يونيو، 2022 - 11:20 ص

cialis without persriction tadalafil

Reply
IverSar 5 يونيو، 2022 - 10:15 م

stromectol tablet 3 mg stromectol for sale

Reply
StromMek 7 يونيو، 2022 - 7:17 م

generic ivermectin stromectol usa

Reply
Cameroncip 11 يونيو، 2022 - 5:15 ص

discount prescription drugs prescription drugs

Reply
RalphdEree 11 يونيو، 2022 - 6:03 ص Reply
Cameroncip 11 يونيو، 2022 - 10:34 م Reply
ThomasRaw 12 يونيو، 2022 - 6:18 ص

prescription drugs online without doctor pet meds without vet prescription

Reply
Michaelrox 16 يونيو، 2022 - 10:22 م

https://sildenafilmg.com/ price of viagra

Reply
Michaeljeria 17 يونيو، 2022 - 8:58 ص

viagra amazon buy viagra online canada

Reply
Michaelrox 17 يونيو، 2022 - 9:44 م Reply
BrandonFlini 18 يونيو، 2022 - 3:04 ص

viagra cost cost of viagra

Reply
Michaelrox 18 يونيو، 2022 - 8:30 م

https://sildenafilmg.shop/# where can i buy viagra over the counter

Reply
BrandonFlini 19 يونيو، 2022 - 1:38 ص

viagra amazon viagra shop

Reply
BrandonFlini 20 يونيو، 2022 - 12:52 ص

when will viagra be generic best place to buy generic viagra online

Reply
Michaelrox 20 يونيو، 2022 - 6:51 ص

https://sildenafilmg.com/ viagra online usa

Reply
BrandonFlini 21 يونيو، 2022 - 12:07 ص

viagra cost viagra from canada

Reply
GeorgeSmori 21 يونيو، 2022 - 4:20 م Reply
GeorgeSmori 23 يونيو، 2022 - 6:29 ص

prednisone tablets india prednisone 10mg online

Reply
Jefferyutera 28 يونيو، 2022 - 8:01 ص

prescription meds without the prescriptions buy canadian drugs

Reply
RobertShiet 30 يونيو، 2022 - 10:24 ص

https://erectionpills.best/# cheap erectile dysfunction

Reply
Jefferyutera 1 يوليو، 2022 - 2:14 م

neurontin capsule 600mg neurontin prescription coupon

Reply
Jefferyutera 2 يوليو، 2022 - 9:54 م

buy diflucan without a prescription diflucan 150 mg tablet price in india

Reply
Michealmic 3 يوليو، 2022 - 9:14 ص

diflucan 150 capsule diflucan 150 mg price uk

Reply
Jefferyutera 4 يوليو، 2022 - 6:21 ص

how can i order prescription drugs without a doctor prescription drugs online without

Reply
IsiahMolla 4 يوليو، 2022 - 7:37 م

buy neurontin buy generic neurontin

Reply
Jefferyutera 5 يوليو، 2022 - 2:11 م

buy prescription drugs without doctor ed meds online without doctor prescription

Reply
Georgejed 6 يوليو، 2022 - 12:33 ص

https://diflucan.icu/# purchase diflucan online

Reply
IsiahMolla 6 يوليو، 2022 - 8:45 ص

neurontin 400 mg cost of neurontin 600mg

Reply
Michealmic 6 يوليو، 2022 - 10:58 ص

purchase cipro where can i buy cipro online

Reply
Jefferyutera 6 يوليو، 2022 - 9:41 م

neurontin 1800 mg neurontin 50 mg

Reply
Davidbutle 8 يوليو، 2022 - 4:40 ص

https://doxycyclineonline.store/# doxycycline for sale

Reply
DanielHak 9 يوليو، 2022 - 12:33 ص

erectile dysfunction medications buying ed pills online

Reply
Frankhyday 9 يوليو، 2022 - 12:46 ص

best ed treatment medication for ed

Reply
Michaelwhich 9 يوليو، 2022 - 10:47 ص

cheap clomid cheap clomid

Reply
StevenKem 9 يوليو، 2022 - 11:29 ص

https://edpills.best/# mens ed pills

Reply
Frankhyday 10 يوليو، 2022 - 10:34 ص

stromectol 3mg tablets stromectol

Reply
Michaelwhich 11 يوليو، 2022 - 7:28 ص

hims ed pills generic ed pills

Reply
DanielRurse 11 يوليو، 2022 - 7:26 م

cheap clomid generic clomid for sale

Reply
Darrellwoops 11 يوليو، 2022 - 7:38 م

cheap doxycycline 20 doxycycline

Reply
Frankhyday 11 يوليو، 2022 - 8:17 م

order stromectol over the counter stromectol

Reply
Davidbutle 11 يوليو، 2022 - 9:19 م

https://doxycyclineonline.store/# doxycycline 1000mg best buy

Reply
StevenKem 12 يوليو، 2022 - 4:48 ص

https://clomidonline.icu/# buying clomid 25 mg

Reply
Frankhyday 13 يوليو، 2022 - 5:52 ص

ed dysfunction treatment pet meds without vet prescription

Reply
AllanPiz 14 يوليو، 2022 - 9:11 ص

https://stromectoltrust.com/# stromectol 3 mg tablets price

Reply
BrandonBiock 14 يوليو، 2022 - 2:27 م

stromectol 12 mg tablets stromectol

Reply
Robinsnumb 14 يوليو، 2022 - 8:54 م

stromectol 12 mg tablets stromectol for humans for sale

Reply
RobertElani 15 يوليو، 2022 - 10:08 ص Reply
PhillipSnose 15 يوليو، 2022 - 9:29 م

stromectol 12 mg tablets stromectol 12 mg tablets

Reply
Jefferylap 16 يوليو، 2022 - 1:28 ص

https://pharmacyizi.com/# cheap pills online

Reply
LarryEnata 17 يوليو، 2022 - 2:55 ص Reply
Kevinelada 17 يوليو، 2022 - 5:01 ص

https://pharmacyizi.com/# over the counter ed remedies

Reply
Jefferylap 17 يوليو، 2022 - 6:32 ص Reply
Douglasfadly 18 يوليو، 2022 - 1:08 ص

https://pharmacyizi.com/# viagra without a doctor prescription

Reply
Jefferylap 18 يوليو، 2022 - 11:35 ص

https://pharmacyizi.com/# over the counter erectile dysfunction pills

Reply
LarryEnata 18 يوليو، 2022 - 12:18 م Reply
SteveBus 18 يوليو، 2022 - 2:57 م

mens erections buy prescription drugs from india

Reply
Arthurreack 19 يوليو، 2022 - 3:22 ص

https://pharmacyizi.com/# psychological ed treatment

Reply
Jefferylap 19 يوليو، 2022 - 4:26 م

https://pharmacyizi.com/# buy anti biotics without prescription

Reply
LarryEnata 19 يوليو، 2022 - 9:26 م

https://pharmacyizi.com/# ed drugs over the counter

Reply
Jefferylap 20 يوليو، 2022 - 12:31 ص

https://pharmacyizi.com/# legal to buy prescription drugs without prescription

Reply
SteveBus 20 يوليو، 2022 - 2:40 ص

best ed pills non prescription prescription without a doctor’s prescription

Reply
Arthurreack 20 يوليو، 2022 - 4:32 م

https://pharmacyizi.com/# canadian online drugs

Reply
RichardRoads 20 يوليو، 2022 - 7:12 م

best natural ed treatment online canadian drugstore

Reply
Kevinelada 21 يوليو، 2022 - 3:35 ص

https://pharmacyizi.com/# natural ed treatments

Reply
SteveBus 21 يوليو، 2022 - 6:44 ص

buy ed pills online prescription drugs

Reply
Geralddidly 22 يوليو، 2022 - 2:44 ص

pharmacies online cialis online pharmacy

Reply
Pillenash 22 يوليو، 2022 - 10:59 ص

ed treatment review gnc ed pills

Reply
RichardMyday 22 يوليو، 2022 - 12:52 م Reply
Geralddidly 23 يوليو، 2022 - 11:34 ص

Erythromycin Penegra

Reply
Pillenash 23 يوليو، 2022 - 3:33 م

online pharmacy canada pharmacy discount coupons

Reply
Pillenash 24 يوليو، 2022 - 8:19 م Reply
Geralddidly 24 يوليو، 2022 - 8:35 م

canadian pharmacy checker canadian discount pharmacy

Reply
Matthewchusa 25 يوليو، 2022 - 3:04 م Reply
Pillenash 26 يوليو، 2022 - 1:07 ص

pills erectile dysfunction best drug for ed

Reply
RichardMyday 26 يوليو، 2022 - 3:08 ص Reply
Geralddidly 26 يوليو، 2022 - 5:39 ص

ed meds online without doctor prescription best online canadian pharmacy

Reply
Pillenash 27 يوليو، 2022 - 5:35 ص Reply
Geralddidly 27 يوليو، 2022 - 2:50 م

walgreens pharmacy online pharmacy online cheap

Reply
Pillenash 28 يوليو، 2022 - 5:09 ص

Gyne-Lotrimin canadian pharmacy meds

Reply
GeorgeMof 28 يوليو، 2022 - 6:31 ص

https://canadiandrugs.best/# pet antibiotics without vet prescription

Reply
ThomasMup 28 يوليو، 2022 - 6:44 م

https://canadiandrugs.best/# canadian drugs online

Reply
KeithEnume 28 يوليو، 2022 - 11:53 م

prescription drugs canada buy online legal to buy prescription drugs without prescription

Reply
Geralddidly 28 يوليو، 2022 - 11:56 م

top erection pills medicine for erectile

Reply
JeffreyjEx 29 يوليو، 2022 - 7:57 م Reply
Robertquini 30 يوليو، 2022 - 4:16 ص

stromectol 6 mg dosage mectizan stromectol

Reply
JeffreyjEx 31 يوليو، 2022 - 5:21 ص

http://stromectolbestprice.com/# ivermectin cream cost

Reply
Jamesmoups 1 أغسطس، 2022 - 2:14 م

best ed drug viagra without doctor prescription

Reply
GerardDibra 1 أغسطس، 2022 - 3:03 م

https://drugsbestprice.com/# vacuum pump for ed

Reply
Jamesnag 3 أغسطس، 2022 - 5:14 ص

male erectile dysfunction injections for ed

Reply
DustinVak 4 أغسطس، 2022 - 12:09 ص

https://medrxfast.com/# canadian drugs online

Reply
DarnellBek 4 أغسطس، 2022 - 8:35 ص

prescription drugs without doctor approval canadian online drugs

Reply
DavidRoano 4 أغسطس، 2022 - 7:15 م Reply
DustinVak 5 أغسطس، 2022 - 8:59 ص

https://medrxfast.com/# comfortis for dogs without vet prescription

Reply
DarnellBek 5 أغسطس، 2022 - 1:24 م Reply
DustinVak 6 أغسطس، 2022 - 5:45 م

https://medrxfast.com/# cheap pet meds without vet prescription

Reply
DarnellBek 6 أغسطس، 2022 - 6:12 م

prescription drugs online without doctor cat antibiotics without pet prescription

Reply
Thomastix 7 أغسطس، 2022 - 2:13 ص

https://medrxfast.com/# prescription drugs without prior prescription

Reply
DustinVak 7 أغسطس، 2022 - 11:30 م

https://medrxfast.com/# how to get prescription drugs without doctor

Reply
DarnellBek 7 أغسطس، 2022 - 11:42 م

prescription drugs canada buy online legal to buy prescription drugs from canada

Reply
DustinVak 9 أغسطس، 2022 - 2:45 ص

https://medrxfast.com/# buy prescription drugs from india

Reply
DarnellBek 9 أغسطس، 2022 - 4:22 ص

ed prescription drugs prescription drugs online

Reply
DustinVak 10 أغسطس، 2022 - 6:05 ص

https://medrxfast.com/# canadian pharmacy online

Reply
Thomastix 10 أغسطس، 2022 - 9:10 ص

https://medrxfast.com/# prescription drugs

Reply
DarnellBek 10 أغسطس، 2022 - 9:12 ص

pain meds without written prescription comfortis without vet prescription

Reply
DavidRoano 11 أغسطس، 2022 - 4:27 ص

cvs prescription prices without insurance buy prescription drugs from canada cheap

Reply
DustinVak 11 أغسطس، 2022 - 8:56 ص

https://medrxfast.com/# ed prescription drugs

Reply
DarnellBek 11 أغسطس، 2022 - 1:43 م Reply
DustinVak 12 أغسطس، 2022 - 11:41 ص

https://medrxfast.com/# prescription drugs online without

Reply
DarnellBek 12 أغسطس، 2022 - 6:10 م Reply
Thomastix 13 أغسطس، 2022 - 8:40 ص

https://medrxfast.com/# canadian drugs

Reply
DustinVak 13 أغسطس، 2022 - 2:27 م

https://medrxfast.com/# best canadian pharmacy online

Reply
DarnellBek 13 أغسطس، 2022 - 10:46 م

prescription drugs canada buy online comfortis for dogs without vet prescription

Reply
DavidRoano 15 أغسطس، 2022 - 8:54 م

canadian online drugstore tadalafil without a doctor’s prescription

Reply
Ralphacaft 17 أغسطس، 2022 - 3:39 م

https://wellbutrin.best/# cost of wellbutrin generic 75mg

Reply
Williamawani 18 أغسطس، 2022 - 9:43 م

ventolin over the counter nz how much is ventolin in canada

Reply
Ralphacaft 19 أغسطس، 2022 - 12:50 ص

https://wellbutrin.best/# wellbutrin xl 300mg

Reply
JordanReita 19 أغسطس، 2022 - 2:55 م

https://ventolin.tech/# buy ventolin australia

Reply
Ralphacaft 20 أغسطس، 2022 - 9:53 ص

https://gabapentin.top/# neurontin 200 mg capsules

Reply
JordanReita 20 أغسطس، 2022 - 11:23 م

https://gabapentin.top/# neurontin cap 300mg

Reply
Thomaskib 21 أغسطس، 2022 - 11:04 ص

zithromax 600 mg tablets zithromax capsules

Reply
TommyMot 21 أغسطس، 2022 - 4:13 م

https://deltasone.icu/# 60 mg prednisone daily

Reply
TommyMot 23 أغسطس، 2022 - 1:29 ص

https://paxil.tech/# paxil online

Reply
ThomasDon 23 أغسطس، 2022 - 1:19 م

https://finasteride.top/# buy finasteride

Reply
TommyMot 24 أغسطس، 2022 - 10:36 ص

https://glucophage.top/# metformin pill

Reply
ThomasDon 24 أغسطس، 2022 - 10:04 م Reply
Thomaskib 25 أغسطس، 2022 - 1:32 م

prednisone 7.5 mg cheap generic prednisone

Reply
TommyMot 25 أغسطس، 2022 - 7:27 م Reply
DavidDully 26 أغسطس، 2022 - 1:09 ص

https://glucophage.top/# canadian metformin price

Reply
Adrianglync 26 أغسطس، 2022 - 1:14 ص

metformin 300 mg daily metformin online no prescription

Reply
ThomasDon 26 أغسطس، 2022 - 6:43 ص

https://deltasone.icu/# prednisone 20mg cheap

Reply
PerryBaino 26 أغسطس، 2022 - 4:36 م

canadian pharmacy generic sildenafil canada rx sildenafil

Reply
ThomasBup 26 أغسطس، 2022 - 9:31 م

https://amoxicillin.pro/# amoxicillin 500mg capsules uk

Reply
Peterporse 27 أغسطس، 2022 - 2:13 م

https://sildenafil.pro/# sildenafil citrate australia

Reply
ThomasBup 28 أغسطس، 2022 - 5:39 ص

https://sildenafil.pro/# sildenafil generic cheap

Reply
Peterporse 28 أغسطس، 2022 - 11:15 م Reply
зарубежные сериалы в хорошем HD качестве 24 مارس، 2024 - 6:03 ص

Heya! I’m at work browsing your blog from my new iphone 4! Just wanted to say I love reading your blog and look forward to all your posts! Keep up the great work!

Reply
глаз бога телеграмм 10 أبريل، 2024 - 10:29 م

This design is wicked! You most certainly know how to keep a reader entertained. Between your wit and your videos, I was almost moved to start my own blog (well, almost…HaHa!) Wonderful job. I really enjoyed what you had to say, and more than that, how you presented it. Too cool!

Reply
cs2 skin gambling websites 2024 8 مايو، 2024 - 1:17 ص

Wow that was odd. I just wrote an really long comment but after I clicked submit my comment didn’t show up. Grrrr… well I’m not writing all that over again. Anyways, just wanted to say great blog!

Reply
университет 16 مايو، 2024 - 2:10 ص



Reply
гостиничные чеки Санкт Петербург 25 مايو، 2024 - 10:25 ص

Do you have a spam issue on this website; I also am a blogger, and I was wanting to know your situation; many of us have created some nice methods and we are looking to swap methods with other folks, why not shoot me an e-mail if interested.

Reply
купить удостоверение тракториста машиниста 30 مايو، 2024 - 8:27 م

Thank you for any other fantastic article. Where else may just anyone get that kind of information in such a perfect approach of writing? I have a presentation next week, and I am at the look for such information.

Reply
国产线播放免费人成视频播放 3 يونيو، 2024 - 7:05 م

Why users still use to read news papers when in this technological world everything is accessible on net?

Reply
russa24-diploms-srednee.com 11 يونيو، 2024 - 12:00 ص

Hi, I think your blog might be having browser compatibility issues. When I look at your blog site in Ie, it looks fine but when opening in Internet Explorer, it has some overlapping. I just wanted to give you a quick heads up! Other then that, great blog!

Reply
хот фиеста game 13 يونيو، 2024 - 6:33 م

Hi, its nice post concerning media print, we all know media is a great source of information.

Reply
Теннис онлайн 28 يونيو، 2024 - 2:03 ص

Hi there! I could have sworn I’ve been to this web site before but after browsing through some of the posts I realized it’s new to me. Anyhow, I’m definitely happy I discovered it and I’ll be bookmarking it and checking back frequently!

Reply
Теннис онлайн 28 يونيو، 2024 - 7:38 م

Hello there! This article couldn’t be written any better! Looking at this post reminds me of my previous roommate! He always kept talking about this. I will forward this information to him. Pretty sure he’ll have a very good read. Thanks for sharing!

Reply
Теннис онлайн 29 يونيو، 2024 - 10:25 م

Very nice post. I certainly love this website. Keep it up!

Reply
Теннис онлайн 1 يوليو، 2024 - 12:06 ص

Someone necessarily lend a hand to make seriously articles I might state. This is the first time I frequented your web page and so far? I amazed with the research you made to create this actual submit incredible. Great activity!

Reply
Прогнозы на футбол 1 يوليو، 2024 - 10:54 م

Simply want to say your article is as surprising. The clearness in your post is simply cool and i can assume you are an expert on this subject. Well with your permission allow me to grab your RSS feed to keep up to date with forthcoming post. Thanks a million and please continue the rewarding work.

Reply
Прогнозы на футбол 3 يوليو، 2024 - 6:16 ص

I’d like to find out more? I’d love to find out more details.

Reply
строительство автомойки 6 يوليو، 2024 - 1:17 ص

Строительство автомойки – это ответственный процесс, требующий знаний и опыта. Наша команда гарантирует качество и соблюдение всех норм.

Reply
строительство автомоек под ключ 7 يوليو، 2024 - 9:12 ص

“Автомойка под ключ” – это не просто прибыльный бизнес. это возможность предложить клиентам исключительные услуги и построить связь с сообществом.

Reply
строительство автомойки 9 يوليو، 2024 - 8:30 ص

“Автомойка самообслуживания под ключ” открывает новые возможности для предпринимателей. Входите в перспективный бизнес с надежной поддержкой!

Reply
Прогнозы на футбол 9 يوليو، 2024 - 7:42 م

Hi! I could have sworn I’ve been to this website before but after browsing through a few of the posts I realized it’s new to me. Anyhow, I’m definitely pleased I discovered it and I’ll be bookmarking it and checking back frequently!

Reply
Прогнозы на футбол 10 يوليو، 2024 - 12:57 م

Thank you for sharing your info. I truly appreciate your efforts and I am waiting for your next post thank you once again.

Reply
Прогнозы на футбол 11 يوليو، 2024 - 3:43 م

With havin so much content and articles do you ever run into any problems of plagorism or copyright violation? My website has a lot of exclusive content I’ve either authored myself or outsourced but it looks like a lot of it is popping it up all over the web without my authorization. Do you know any techniques to help stop content from being ripped off? I’d truly appreciate it.

Reply
строительство автомойки 15 يوليو، 2024 - 11:44 ص

Строительство автомойки под ключ – это удобный способ получить готовый бизнес без хлопот. Мы предоставляем полный пакет услуг, от проектирования до запуска.

Reply
Джак 19 أغسطس، 2024 - 6:09 ص

Hey I know this is off topic but I was wondering if you knew of any widgets I could add to my blog that automatically tweet my newest twitter updates. I’ve been looking for a plug-in like this for quite some time and was hoping maybe you would have some experience with something like this. Please let me know if you run into anything. I truly enjoy reading your blog and I look forward to your new updates.

Reply
theguardian 23 أغسطس، 2024 - 10:04 م

Howdy! I know this is kinda off topic but I was wondering if you knew where I could get a captcha plugin for my comment form? I’m using the same blog platform as yours and I’m having trouble finding one? Thanks a lot!

Reply
theguardian 25 أغسطس، 2024 - 9:44 م

Great post.

Reply
theguardian.com 26 أغسطس، 2024 - 12:43 م

Excellent post. I was checking continuously this blog and I am impressed! Very useful information particularly the last part 🙂 I care for such info a lot. I was seeking this particular info for a long time. Thank you and good luck.

Reply
theguardian 27 أغسطس، 2024 - 8:57 م

Thank you a bunch for sharing this with all folks you really recognise what you are talking approximately! Bookmarked. Please also visit my site =). We may have a link change agreement among us

Reply
theguardian 29 أغسطس، 2024 - 1:16 م

Hi there it’s me, I am also visiting this website daily, this website is actually nice and the people are really sharing good thoughts.

Reply

Leave a Comment

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00