ثقافة و فنونعربي العرب الدروز والحركة الوطنيّة الفلسطينيّة حتّى عام 1948 by admin 11 مارس، 2020 written by admin 11 مارس، 2020 200 عرب 48 /فسحة / سعيد نفّاع “العرب الدروز والحركة الوطنيّة الفلسطينيّة حتّى عام 1948″، كتاب لسعيد نفّاع، يتحدّث عن تاريخ العرب الدروز وإسهاماتهم في الحركة الوطنيّة الفلسطينيّة قبل النكبة عام 1948. يقع الكتاب، الصادر عن “دار الجليل”، في 225 صفحة من القطع المتوسّط، ضمن 23 فصلًا تفصّل المراحل التاريخيّة المختلفة، منذ بداية القرن العشرين وهجرة اليهود المستعمرين إلى البلاد حتّى النكبة، مرورًا بالكفاح المسلّح وجيش الإنقاذ، والتواطؤ وخطّة الترحيل – الترانسفير، والمعارك المتعدّدة الّتي خاضها أو أسهم فيها الدروز. تنشر فُسْحَة – ثقافيّة فلسطينيّة فاتحة الكتابة وفصله الأوّل بإذن من مؤلّفه. ***** فاتحة الأقلّيّة العربيّة الفلسطينيّة في الـ 48 “إسرائيل”، والّتي يصحّ فيها الاسم “فلسطينيّو البقاء”، رغم ظروف بقائهم وأسبابه، هؤلاء كانوا – وما زالوا – حالة خاصّة في المشهد السياسيّ الفلسطينيّ والشرق أوسطيّ، قيل عنهم الكثير، وكُتب عنهم الكثير، ولا أحسب مهتمًّا لا يحفظ لهم زاوية في ذهنه أو في مكتبته، في كلّ صغيرة وكبيرة من ملحمتهم الطويلة الدامية. يعيش أهل البقاء هؤلاء – ويقارعون – حالة فريدة مستحيلة؛ فهم جزء من شعب مشرّد، ما زالت أواصر القربى بين أفراده من الدرجة الأولى، تريده “دولته” أن يرى في أهله أعداء له مثلما هم أعداؤها، ورغم أنّها المعتدية، وكهؤلاء مطلوب منهم – وبقوّة القانون – أن يفرحوا لحزن أهلهم ويحزنوا لفرح أهلهم! ظلّت في بيت البقاء عند عرب البقاء هؤلاء أركان مخفيّة، قلّما ولجتها الأقلام العربيّة، وإن ولجتها محاولة سبرها لم تكن بغالبيّتها موضوعيّة، أمّا تلك الّتي ولجتها الأقلام، وهي غالبًا صهيونيّة أو متصهينة، فقد دأبت على ألّا تضيء من تلك الأركان إلّا الزوايا الموحشة، مثل تلك الزوايا الموحشة كثير في كلّ أركان بيتنا الباقي، لكن الزوايا المليئة بالنور أكثر، وما علينا إلّا أن ننفض عنها الغبار لتشعشع؛ فنحن بأمسّ الحاجة إلى النور في زمن الظلمات هذا. أتوخّى في هذه الدراسة، أن أستطيع نفض الغبار عن زاوية مهمّة من أركان بيتنا، دأب المتربّصون شرًّا بكلّ البيت، وإن كانوا من أهله أحيانًا، أن يبقوها مظلمة أو في أحسن الأحوال أن يضيئوا جنباتها الموحشة، مثلما يفعلون ببقيّة زوايا أركان بيتنا الباقي، هذه الزاوية عنوان هذه الدراسة: “العرب الدروز والحركة الوطنيّة الفلسطينيّة حتّى عام 1948”. أتوخّى أن أضع أمام القارئ العربيّ الفلسطينيّ، والعربيّ بعامّة، معلومات، ولا أريد أن أقول حقائق؛ لأنّ الحقيقة يعرفها فقط مَنْ صنعها وليس الكاتب عنها، وصُنّاع تلك الحقائق في الغالب غُيّبوا عنّا، أستهدف أن أضع أمام القارئ الجانب المنير الطاغي وطنيًّا، لدى شريحة من أبناء شعبنا وأمّتنا، العرب الدروز، في المسيرة الوطنيّة الفلسطينيّة حتّى النكبة 1948. لعلّ في ذلك – عدا التزويد بالمعلومة التاريخيّة المنقوصة عند السواد الأعظم من قرّائنا – تعديل ميزانٍ مال على ضوء المؤامرة الّتي تعرّض، وما زال يتعرّض إليها العرب الدروز الفلسطينيّون بعد النكبة؛ نتيجة للسياسة الصهيونيّة، مدعومة بالرجعيّة بينهم، والرجعيّة العربيّة المحلّيّة بعامّة، وتخلّي ذوي قرباهم عنهم. مؤامرة اجتثاث جذورهم العربيّة الفلسطينيّة عبر فرض التجنيد الإجباريّ عليهم لجعلهم – تمامًا كما جاء في الوثائق الصهيونيّة المتكشّفة مؤخّرًا – سكّينًا في ظهر أمّتهم، وقطع طرق العودة إلى أحضان هذه الأمّة. في الفصل الأخير من هذه الدراسة، تناولت هذه المؤامرة بتفصيل أكبر، واضعًا النقاط على الظروف الّتي تمّت بها هذه المؤامرة. المسيرة الوطنيّة لأيّ شعب هي لمجموع أبناء الشعب، مهما اختلفت انتماءاتهم الثانويّة: عقائديًّا واجتماعيًّا وطائفيًّا ومذهبيًّا، اللهمّ أولئك الّذين ينتقلون إلى متراس الأعداء. وقلّما يشار في الأدبيّات إلى دور شريحة من الشرائح، إلّا إذا حتّمت ذلك دواعٍ موضوعيّة أراها في سياقنا كذلك أتوخّى من دراستي هذه إعادة تاريخ يشرّف، إلى نصابه عند العرب الدروز الفلسطينيّين أنفسهم، وخاصّة النشء الصاعد. تاريخ لم يُمحَ فقط بمؤامرة أخطر من الأولى، إنّما كان محوه في بعض الأحيان من بين ظهرانيهم، من المتعاونين المدعومين، دافعين تاريخ أهلهم ثمنًا لوظيفة أو مركز. ولم يقتصر الدور على المحو، بل “بندقة” تاريخ، القصد فيه محاولة لمحو الذاكرة القوميّة الحقيقيّة وخلق قوميّة هجينة، أسموها “القوميّة الدرزيّة”. استطاع الوطنيّون العرب الدروز أن يدفنوا هذه المؤامرة، ولكن ليس قبل أن تأخذ في طريقها العديد، وما زالت آخذة الكثيرين، ومحاولات إحياء ما يدفن منها دؤوبة، لا تكلّ ولا تملّ. ولأنّ الصراع ما زال مستمرًّا، وبحاجة إلى بوصلة ودعم وعون لمصارعي الكمّ الهائل من “الكتب” المدعومة من مؤسّسات الدولة المختلفة، أتوخّى من هذه الدراسة أن تكون عونًا لهم، إضافة إلى ما أتوخّاه تجاه النشء العربيّ الدرزيّ؛ ليعرف تاريخه الفلسطينيّ. كلّ هذا وتداعب عقلي وذهني القناعة بأنّ أقصر الطرق لاستعباد أيّ شعب أو أيّ مجموعة بشريّة، هو بقطع جذورها الحضاريّة، وتشويه أصولها التاريخيّة، وجعل لقمة عيشها رهنًا في يد المستعبد. وأقصر الطرق للحرّيّة الفكريّة والحياتيّة هو ترسيخ الجذور، وتثبيت الانتماء إلى الأصول التاريخيّة؛ وعندئذٍ ستنبت حتمًا الحرّيّة الفكريّة والعزّة الحياتيّة. لست مؤرّخًا، لكنّي حاولت جهدي أن أتّبع قواعد كتابة التاريخ، معتمدًا على مصادر تاريخيّة، ومن طرفيّ المتراس، مشيرًا إلى أصحابها، مقتبسًا في الكثير من الحالات، مؤيّدًا أو نافيًا حسب اجتهادي ومنطقي، معتقدًا جازمًا أنّ الحقيقة التاريخيّة في النهاية موجودة هناك، في نقطة ما بين المتراسين. لا أنكر أنّي في بعض المحطّات اعتمرت قبّعة السياسيّ غير الحياديّ، ولكنّي حتّى عند ذاك، حاولت أن أبقى متجرّدًا من ميولي وعواطفي، ولا أظنّني نجحت كلّ النجاح، ولكنّي لم أفشل. شيخ عقل درزيّ من بلاد الشام، 1926 | Library of Congress تردّدت كثيرًا في الفصل الّذي نشرت فيه كذلك “غسيلنا الفلسطينيّ الوسخ”، علّلت ذلك في الفصل نفسه، ومع هذا أرجو ألّا أكون أخطأت في حقّ أحد ممّن ذكرت، فبعض هؤلاء ما زال يدور نقاش حول دورهم، ولمّا ترسُ بعد سفينة براءتهم أو إدانتهم على برّ أمان؛ ولأنّ لهم أبناء وأحفادًا من أبناء شعبنا؛ لا يؤخذون بجريرة مَنْ سبقهم أوّلًا، وثانيًا لا أجد تعبيرًا أبلغ من مثلنا الشعبيّ في مثل هذه الحالات: “كلّ عنزة معلّقة بعرقوبها”. لا بداية لمسيرات الشعوب الوطنيّة، ولا نهاية لها، ومساراتها غير مقتصرة فقط على مواجهة الأعداء الخارجيّين، إنّما كذلك على مواجهة التحدّيات الداخليّة الّتي تواجه كلّ شعب؛ فالنضال ضدّ الجهل بكلّ أوجهه؛ الثقافيّ منه والاجتماعيّ الطائفيّ، والعشائريّ والحمائليّ، وضدّ الفقر، ومن أجل الرفعة والرقيّ، كذلك نضال وطنيّ. المسيرة الوطنيّة لأيّ شعب هي لمجموع أبناء الشعب، مهما اختلفت انتماءاتهم الثانويّة: عقائديًّا واجتماعيًّا وطائفيًّا ومذهبيًّا، اللهمّ أولئك الّذين ينتقلون إلى متراس الأعداء. وقلّما يشار في الأدبيّات إلى دور شريحة من الشرائح، إلّا إذا حتّمت ذلك دواعٍ موضوعيّة أراها في سياقنا كذلك؛ فسقت دور هذه الشريحة، “العرب الدروز”، من أبناء شعبنا بحلوه ومرّه؛ من خلال تسلسل محطّات المسيرة الوطنيّة الفلسطينيّة عامّة، بحلوها ومرّها، حتّى تكون الصورة موضوعة في السياق والزمن التاريخيّين للمسيرة بمجملها؛ آملًا أنّي بهذا أكون، قد أضأت زاوية أخرى من زوايا بيتنا الفلسطينيّ الباقي. سعيد نفّاع الفصل الأوّل الدروز، لمحة تاريخيّة ما من شكّ في أنّ الاجتهادات الفقهيّة، في المذهب الإسلاميّ التوحيديّ “الدرزيّ”، راديكاليّة في بعض جوانبها، والتخوّف من إظهارها إلّا على المعتنقين القادرين من أتباع المذهب، كان وراء الحفاظ عليها سرّيّة، الخوف من الملاحقة، هذه السرّيّة كانت – وما زالت – سببًا وراء كثرة الاجتهادات حول هذه الجماعة، وقد أسهمت كثيرًا في خلق البلبلة حولهم وحول معتقداتهم، وبالذات حول انتمائهم دينيًّا وحتّى عرقيًّا، وقد أسهم الكثيرون منهم، ممّن كتبوا عن أحوالهم في زيادة هذه البلبلة، باتّباعهم “التقيّة” طريقًا في أحسن الأحوال. التقيّة: من اتّقاء، وهو مبدأ شيعيّ يعني: “الاستتار بالمألوف عند أهله اتّقاء للأذيّة”. في سنة 765م، الموافقة لسنة 148ه، توفّي سادس الأئمّة، الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمّد الباقر بن الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين أخي الإمام الحسن، أبناء الإمام عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه. بعد وفاة الإمام جعفر الصادق، انقسم أنصار آل البيت، وهم الشيعة العلويّة، إلى قسمين: القسم الأوّل قال بإمامة إسماعيل الابن الأكبر، بينما نادى القسم الثاني بإمامة ابنه موسى؛ فأُطلق على شيعة إسماعيل الإسماعيليّين. من سلالة إسماعيل، القائم بأمر الله الفاطميّ، أوّل الخلفاء الفاطميّين بالمغرب. وقد انشقّ الدروز عن الإسماعيليّين في مصر، في أيّام الخليفة الفاطميّ الحاكم بأمر الله، حفيد الخليفة القائم حفيد الإمام إسماعيل بن الإمام جعفر الصادق(1). هنا ظهر مذهب التوحيد سنة 1012م، الموافقة 403ه، وانتشر في المناطق السوريّة بين الإسماعيليّين المعتقدين بإمامة الفاطميّين، ولكنّ الاختلاف في نواحٍ مهمّة جزّأهم؛ فاعتنقت هذا المذهب قبائل تغلب وربيعة وعليّ وشمّر وغيرها من القبائل، الّتي كانت معوانًا لأمير حلب سيف الدولة الحمدانيّ في حربه على الروم، واعتنقه كذلك كثير من قبائل تميم وأسد وعقيل و”معروف” ودارم وطيّئ، وفي الكوفة اعتنقته قبيلة المنتفك، الّتي يرجع أصلها إلى قيس عيلان، ومن أسماء بعض هذه القبائل أُطلق عليهم لقب “بنو معروف” و”بنو قيس”، واعتنقته كذلك قبيلة كتامة، الّتي كوّنت النواة الصلبة لجيش الدولة الفاطميّة، حين قدمت إلى مصر بقيادة جوهر الصقلّيّ باني القاهرة. في سنة 420ه، الموافقة 1029م، تولّى الأمير رافع بن أبي الليل وعشيرته طيّئ، المعتنقون مذهب الدولة الفاطميّة، إمارة عرب الشام؛ إثر انتصاره في معركة “الأقحوانة” القريبة من طبريّة في فلسطين، إلى أن انقلبت الآية فهُزم؛ ما اضطرّ أتباعه من قبيلته والقبائل أعلاه، إلى العودة عن المذهب إلى مذهب السنّة، ومنهم مَنْ حافظ على مذهبه بالكتمان، ومنهم مَنْ لجأ إلى الجبال الخالية في لبنان ووادي التيم والجليل، فأُطلق على دروز جبل لبنان “آل عبد الله”، وعلى دروز وادي التيم “آل سليمان”، وعلى دروز صفد “آل تراب”(2). ظهر مذهب التوحيد سنة 1012م، الموافقة 403ه، وانتشر في المناطق السوريّة بين الإسماعيليّين المعتقدين بإمامة الفاطميّين، ولكنّ الاختلاف في نواحٍ مهمّة جزّأهم غنيّ عن القول إنّ الاسم الحقيقيّ للدروز هو “الموحّدون”، وأمّا الاسم الشائع “الدروز”، فجاء من اسم “نشتكين الدرزيّ”، أحد دعاة المذهب الّذي ارتدّ لاحقًا عن المذهب، وقُتل على أيدي الموحّدين أنفسهم. ظلّ سبر حقيقة المذهب التوحيديّ عصيًّا على المؤرّخين، فاجتهد شيوخهم في الكثير من المناسبات؛ لتبيان أسس المذهب ردًّا وتوضيحًا، فيقتبس الدكتور نبيه القاسم في كتابه “واقع الدروز في إسرائيل”، مقابلة صحافيّة مع الشيخ محمّد أبو شقرا، شيخ عقل الموحّدين الدروز، في لبنان حينذاك، وممّا جاء في أقواله: “نورد هنا نصّ فقرة من تصريح فضيلة شيخ الإسلام الأكبر، شيخ الجامع الأزهر، المغفور له الشيخ محمود شلتوت، الّذي نُشر على لسانه في 1 أغسطس/ آب 1959: لقد أرسلنا من الأزهر بعض العلماء؛ كي يتعرّفوا أكثر على المذهب الدرزيّ، وجاءت التقارير الأولى تبشّر بالخير؛ فالدروز موحّدون مسلمون مؤمنون”. ويضيف أبو شقرا: “الموحّدون الدروز مذهب خاصّ من المذاهب الإسلاميّة المتعدّدة، وهو كجميع المذاهب الأخرى وليد اجتهادات فقهيّة وفلسفيّة في أصول الإسلام، والمتتبّع لتاريخ مذهب الموحّدين يرى أنّه يمثّل مدرسة فكريّة خاصّة من مدارس الفكر الإسلاميّ”(3). وتقول الدكتورة نجلاء أبو عزّ الدين: “إنّ الدروز جروا على كتمان مذهبهم عمّن سواهم، وللتقيّة دور في هذا التستّر؛ فالتقيّة هي ستر المذهب إذا تعرّض الفرد أو الجماعة إلى الخطر بسبب المعتقد. وقد أذن القرآن بالتقيّة في ظروف خاصّة، فجاء في القرآن الكريم: {من كفر بالله من بعد إيمانه إلّا من أُكره وقلبه مطمئنّ بالإيمان} (سورة النحل: 106)، وفي الحديث: “الأعمال بالنيّات”. أمّا الشيعة فقد جعلوا التقيّة واجبًا في سبيل مصلحة الجماعة، وإلى جانب التقيّة ثمّة سبب للكتمان أكثر أهمّيّة، وهو الحفاظ على العقيدة؛ كي لا تصل إلى الّذين لم يتهيّؤوا لقبولها؛ فيسيئون تفسيرها ويشوّهون حقيقتها، ويختلط عليهم ما يعتقدونه”(4). الإمام محمّد شلتوت المثبت تاريخيًّا، بالقدر الّذي يؤخذ التاريخ له إثباتًا، والمُجمع عليه، إلّا من قلّة لا تكتب تاريخًا؛ إنّما مراضاة لحكّام أو مراضاة لأمراض التبعيّة الّتي تعانيها، المثبت والمُجمع عليه أنّ الدروز عرب عرقًا، شيعة إسماعيليّون إسلاميّون أصلًا ومذهبًا، أمّا حاضرًا فهم أقرب إلى السنّة؛ فقد انقسموا عن الإسماعيليّين، كما قيل سابقًا، ومالوا إلى السنّة؛ فهم اليوم بين السنّة والشيعة متأثّرون في اجتهاداتهم – أيضًا – بالفلسفة الإغريقيّة، والشرق آسيويّة، والمصريّة، والديانات السماويّة الأخرى، لكنّ الأساس هو القرآن الكريم، بتفسير باطنيّ للكثير من آياته. في الأدبيّات التوحيديّة، نجد على سبيل المثال ما يأتي: “فاعملوا بالظاهر ما دام نفعه مستمرًّا وحكمه مستقرًّا، واطلبوا الباطن ما دام مُشارًا إلى مستوره الخفيّ، والعمل بها مقبول، والثواب مأمول”. وفي أدبيّة تخاطب المناهضين للدعوة التوحيديّة، نجد: “أفتناسيتم، أيّها الغفَلة، من فصول دعائم الإسلام، ما أُمرتم بحفظه والحضّ عليه؛ أنّ القرآن مثل لخاتم الأئمّة …”. كذلك نجد في أخرى، في توبيخ لداعية مرتدّ: “وأمّا ما طعنت به سيّد الرسل والأمّة، في ذكر أبي لهب عمّه، فما بخس الله، جلّت آلاؤه، بالأنبياء الظاهرين للبشر، بمن ارتدّ عن طاعتهم من أهلهم وكفر… وإنّما حداك على ما أجريت إليه، يا قليل العلم، شيئان: أحدهما أن تجعل مدخلًا للطعن على دين الإسلام، وسببًا لنقض الأنبياء الكرام، والآخر ركاكة عقلك وغلظ فهمك عمّا يتعقّب عليك من المعائب، في هذا المقال، وفي إحدى هذه الجرائم ما يوجب قطع بنانك، وجدّ لسانك، وهدم أركانك …”. “إنّ العقيدة الفاطميّة – الإسماعيليّة مفعمة بالفلسفة الأفلاطونيّة الحديثة؛ فالنظريّات الفلسفيّة اليونانيّة، وغيرها من الأفكار المقتبسة من مصادر خارجيّة، أُدمجت بفضل التفسير الفاطميّ للقرآن في العقائد الإسلاميّة، كما طوّرها الإسماعيليّون، الّذين قالوا إنّ للقرآن معنًى ظاهرًا ومعنًى باطنًا وفي أخرى، نجد توجيهًا لأحد دعاتهم: “واجمع شمل الموحّدين، وكن لهم في نفاسهم وأعراسهم وجنائزهم على السنّة”(5). تقول الدكتورة نجلاء أبو عزّ الدين: “إنّ العقيدة الفاطميّة – الإسماعيليّة مفعمة بالفلسفة الأفلاطونيّة الحديثة؛ فالنظريّات الفلسفيّة اليونانيّة، وغيرها من الأفكار المقتبسة من مصادر خارجيّة، أُدمجت بفضل التفسير الفاطميّ للقرآن في العقائد الإسلاميّة، كما طوّرها الإسماعيليّون، الّذين قالوا إنّ للقرآن معنًى ظاهرًا ومعنًى باطنًا، وإنّ التأويل يوصل إلى المعنى الحقيقيّ للنصّ، وتفسير المعنى الحقيقيّ الكامن وراء الظاهر، أمانة أُوكلت إلى الإمام والراسخين في العلم”(6). ويقول كمال جنبلاط: “إنّ أساس عقيدتهم قائم على طلب الحكمة؛ فليس سوى الطالبين بمستطيعين قراءة الكتب المقدّسة، الّتي تسمّى ’الحكمة‘، إنّها امتداد للمدارس ’الهرمسيّة‘ اليونانيّة أو المصريّة – مدارس السنّة الباطنيّة – الّتي انتقلت إلى التصوّف الإسلاميّ… يبقى بعد ذلك أنّ الدرزيّة الحقيقيّة هي الحكمة العرفانيّة في اليونان، ومصر، وفارس، والإسلام، في آن معًا”(7). يرى المتتبّع للمذهب التوحيديّ “الدرزيّ”، أنّ الأدبيّات الفقهيّة الدرزيّة، المجموعة في ستّة كتب لديهم، أسموها “الحكمة”، تحتوي اجتهادات فقهيّة متميّزة في سيرة الخلق ومراحله، ومتميّزة في معتقدات أخرى، وفي لبّها عقيدة تقمّص الأرواح؛ من هنا، من الاختلاف الراديكاليّ عن بقيّة المذاهب في قضايا كالمذكورة، حافظوا على سرّيّة اجتهاداتهم؛ خوفًا من الملاحقة الّتي ميّزت، وما زالت تميّز المجتمعات الّتي لا تتحمّل حرّيّة المعتقد، وخاصّة إذا كان في المعتقد ما يناقض، يخالف أو يجتهد في المعتقد السائد. مصادر الفصل الأوّل: (1) أمين طليع، أصل الموحّدين الدروز وأصولهم (بيروت: دار الأندلس)، ص 23. (2) سعيد الصغيّر، بنو معروف في التاريخ (سورية: القرية)، ص 178. (3) نبيه القاسم، واقع الدروز في إسرائيل (القدس: دار الأيتام الإسلاميّة، 1976)، ص 222. (4) نجلاء أبو عزّ الدين، الدروز في التاريخ (بيروت: دار العلم للملايين، 1985)، ص17. (5) يوسف الدبيسي، أهل التوحيد الدروز، ج3 (بيروت: المركز الثقافيّ اللبنانيّ ، 2006)، ص 100 – 101 + 253. (6) أبو عزّ الدين، أهل التوحيد، ص17. (7) كمال جنبلاط، هذه وصيّتي (لبنان، المختارة: الدار التقدّميّة، 1987)، ص 58 + 66. سعيد نفّاع محامٍ وسياسيّ فلسطينيّ، كان نائبًا في الكنيست الإسرائيليّ بين عامَي 2007 و2013، عن “حزب التجمّع الديمقراطيّ الفلسطينيّ”، وُلد في قرية بيت جنّ عام 1953، ودرس الحقوق في “جامعة تل أبيب”. أطلق سعيد نفّاع عام 2001 “عهد الدروز الأحرار”، الّذي يقضي بعدم الخدمة في جيش الاحتلال الإسرائيليّ، ويروّج لإعادة إدماج الدروز في المجتمع الفلسطينيّ، جزءًا أصيلًا منه. سعيد نفّاع محامٍ وسياسيّ وأسير محرّر فلسطينيّ، كان نائبًا في الكنيست الإسرائيليّ بين عامَي 2007 و2013، عن “حزب التجمّع الديمقراطيّ”، وُلد في قرية بيت جنّ عام 1953، ودرس الحقوق في “جامعة تل أبيب”. أطلق عام 2001 “عهد الدروز الأحرار”، الّذي يقضي بعدم الخدمة في جيش الاحتلال الإسرائيليّ، ويروّج لإعادة إدماج الدروز في المجتمع الفلسطينيّ، جزءًا أصيلًا منه. المزيد عن : الدروز /المعروفيون /بنو معروف /فلسطين /إسرائيل /الصهيونية /الحركة الوطنية /الفاطمية /الإسماعيلية /سعيد نفاع 56 comments 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post “خالتي هولندا”.. تحوّلات الماضي والحاضر تنصهر بين ضفّتين next post “أن تدفئ قلبًا واحدًا”: بذرة صغيرة في مواجهة مأساة السوريين الكبيرة You may also like “الذراري الحمر” يحصد جائزة “أيام قرطاج” وضجة حول... 23 ديسمبر، 2024 أوديب: الأسطورة المتجددة عبر العصور 23 ديسمبر، 2024 عبده وازن يكتب عن: مشير عون يكشف ركائزه... 23 ديسمبر، 2024 سينما “متروبوليس”… صرح ثقافي يعيد الحياة لبيروت 23 ديسمبر، 2024 محمد علي اليوسفي: كل ثورة تأتي بوعود وخيبات 22 ديسمبر، 2024 سوريا والمثقفون الانتهازيون: المسامحة ولكن ليس النسيان 22 ديسمبر، 2024 حين انطلق “القانون في الطب” غازيا مستشفيات العالم... 22 ديسمبر، 2024 “انقلاب موسيقي” من إيغور سترافنسكي في أواخر حياته 21 ديسمبر، 2024 الإرهابيون أرسلوا رأس الصبي إلى أهله في “الذراري... 21 ديسمبر، 2024 “هند أو أجمل امرأة في العالم” لهدى بركات:... 21 ديسمبر، 2024 56 comments зарубежные сериалы смотреть онлайн 23 مارس، 2024 - 5:57 م No matter if some one searches for his required thing, so he/she wants to be available that in detail, so that thing is maintained over here. Reply глаз бога телеграмм бесплатно 10 أبريل، 2024 - 4:35 ص I’ve read several good stuff here. Definitely value bookmarking for revisiting. I wonder how much attempt you set to create any such great informative site. Reply глаз бога бот 11 أبريل، 2024 - 12:33 م Hi there! Do you know if they make any plugins to help with SEO? I’m trying to get my blog to rank for some targeted keywords but I’m not seeing very good results. If you know of any please share. Thank you! Reply глаз бога 12 أبريل، 2024 - 12:55 ص What’s up to every one, as I am actually keen of reading this blog’s post to be updated regularly. It consists of nice data. Reply глаз бога тг 12 أبريل، 2024 - 8:49 م I’m not sure where you are getting your info, however good topic. I needs to spend a while studying more or working out more. Thank you for great information I used to be on the lookout for this information for my mission. Reply глаз бога бот 13 أبريل، 2024 - 6:43 ص Greetings! Very helpful advice within this article! It is the little changes which will make the most important changes. Thanks a lot for sharing! Reply глаз бога 13 أبريل، 2024 - 5:17 م Hey! Quick question that’s entirely off topic. Do you know how to make your site mobile friendly? My website looks weird when viewing from my iphone 4. I’m trying to find a theme or plugin that might be able to fix this problem. If you have any suggestions, please share. With thanks! Reply глаз бога телеграмм 14 أبريل، 2024 - 3:33 ص A person necessarily lend a hand to make significantly articles I would state. This is the first time I frequented your web page and so far? I amazed with the research you made to create this actual publish incredible. Wonderful process! Reply глаз бога телеграмм бесплатно 14 أبريل، 2024 - 1:41 م We stumbled over here coming from a different website and thought I might check things out. I like what I see so now i’m following you. Look forward to going over your web page yet again. Reply глаз бога бот 14 أبريل، 2024 - 11:13 م Thanks designed for sharing such a good opinion, post is good, thats why i have read it completely Reply глаз бога 15 أبريل، 2024 - 8:54 ص Good info. Lucky me I discovered your website by accident (stumbleupon). I have book marked it for later! Reply глаз бога тг 15 أبريل، 2024 - 7:15 م I am regular reader, how are you everybody? This piece of writing posted at this web site is truly pleasant. Reply глаз бога телеграмм бесплатно 16 أبريل، 2024 - 5:28 ص Hello, just wanted to mention, I liked this post. It was practical. Keep on posting! Reply new cs:go casino site 7 مايو، 2024 - 8:52 م I simply could not leave your web site prior to suggesting that I really enjoyed the standard information a person supply in your visitors? Is going to be back regularly in order to check up on new posts Reply Гомельский государственный университет имени Франциска Скорины 15 مايو، 2024 - 9:47 م Reply Гостиничные Чеки СПБ 25 مايو، 2024 - 7:44 ص It is perfect time to make a few plans for the longer term and it is time to be happy. I have read this post and if I may I wish to recommend you few fascinating things or suggestions. Perhaps you could write next articles relating to this article. I wish to read more things approximately it! Reply купить удостоверение тракториста машиниста 31 مايو، 2024 - 10:56 ص I do consider all the concepts you have introduced for your post. They are very convincing and will definitely work. Still, the posts are too brief for novices. May you please extend them a bit from next time? Thank you for the post. Reply купить удостоверение тракториста машиниста 31 مايو، 2024 - 11:51 م It’s very easy to find out any topic on net as compared to books, as I found this post at this website. Reply купить удостоверение тракториста машиниста 1 يونيو، 2024 - 11:42 ص This is very fascinating, You are an excessively professional blogger. I have joined your feed and look forward to looking for more of your fantastic post. Also, I have shared your site in my social networks Reply купить удостоверение тракториста машиниста 1 يونيو، 2024 - 11:32 م you are in reality a just right webmaster. The site loading velocity is incredible. It kind of feels that you are doing any unique trick. Also, The contents are masterpiece. you have performed a fantastic task in this topic! Reply удостоверение тракториста машиниста купить в москве 2 يونيو، 2024 - 11:10 ص Hi there would you mind letting me know which webhost you’re working with? I’ve loaded your blog in 3 completely different web browsers and I must say this blog loads a lot quicker then most. Can you suggest a good internet hosting provider at a honest price? Thanks a lot, I appreciate it! Reply купить удостоверение тракториста машиниста 2 يونيو، 2024 - 11:00 م Hi! I realize this is kind of off-topic but I had to ask. Does operating a well-established blog like yours take a lot of work? I’m completely new to blogging but I do write in my diary daily. I’d like to start a blog so I can share my own experience and views online. Please let me know if you have any suggestions or tips for new aspiring bloggers. Appreciate it! Reply 乱伦色情 4 يونيو، 2024 - 9:30 ص Hello there! I could have sworn I’ve been to this site before but after going through a few of the posts I realized it’s new to me. Nonetheless, I’m definitely happy I came across it and I’ll be bookmarking it and checking back frequently! Reply www.russa24-diploms-srednee.com 11 يونيو، 2024 - 2:39 م I am curious to find out what blog system you happen to be utilizing? I’m experiencing some minor security problems with my latest website and I would like to find something more safe. Do you have any suggestions? Reply хот фиеста слот 12 يونيو، 2024 - 8:56 م Quality articles or reviews is the secret to attract the users to visit the website, that’s what this web site is providing. Reply hot fiesta game 13 يونيو، 2024 - 3:36 م I know this if off topic but I’m looking into starting my own blog and was wondering what all is required to get set up? I’m assuming having a blog like yours would cost a pretty penny? I’m not very internet savvy so I’m not 100% positive. Any tips or advice would be greatly appreciated. Appreciate it Reply hot fiesta casino 14 يونيو، 2024 - 2:40 ص Terrific post but I was wondering if you could write a litte more on this topic? I’d be very grateful if you could elaborate a little bit more. Thanks! Reply хот фиеста casino 14 يونيو، 2024 - 2:23 م With havin so much written content do you ever run into any problems of plagorism or copyright violation? My site has a lot of exclusive content I’ve either authored myself or outsourced but it appears a lot of it is popping it up all over the web without my authorization. Do you know any methods to help protect against content from being ripped off? I’d definitely appreciate it. Reply хот фиеста 15 يونيو، 2024 - 1:42 ص We are a group of volunteers and starting a new scheme in our community. Your web site provided us with valuable information to work on. You have done an impressive job and our whole community will be grateful to you. Reply Теннис онлайн 27 يونيو، 2024 - 9:34 م It’s difficult to find well-informed people for this topic, but you sound like you know what you’re talking about! Thanks Reply Теннис онлайн 29 يونيو، 2024 - 7:40 م My brother suggested I might like this blog. He was totally right. This post actually made my day. You cann’t imagine just how much time I had spent for this information! Thanks! Reply Прогнозы на футбол 1 يوليو، 2024 - 6:16 م Hello very nice website!! Guy .. Beautiful .. Amazing .. I will bookmark your web site and take the feeds also? I am glad to seek out numerous useful information here in the submit, we’d like develop more strategies in this regard, thank you for sharing. . . . . . Reply Прогнозы на футбол 2 يوليو، 2024 - 1:14 م What’s up to every one, it’s really a pleasant for me to go to see this site, it consists of priceless Information. Reply Прогнозы на футбол 4 يوليو، 2024 - 5:57 ص Thank you for some other informative web site. Where else may I am getting that kind of info written in such a perfect means? I have a undertaking that I am simply now operating on, and I have been at the glance out for such information. Reply Прогнозы на футбол 4 يوليو، 2024 - 6:47 م My brother suggested I might like this website. He was totally right. This post actually made my day. You cann’t imagine just how much time I had spent for this information! Thanks! Reply строительство автомойки 5 يوليو، 2024 - 8:14 م Мойка самообслуживания под ключ — это удобно и выгодно. Оборудование европейского качества обеспечит стабильную прибыль. Reply строительство автомойки 6 يوليو، 2024 - 4:16 م Автомойка под ключ – это ваш легкий старт в автосервисном бизнесе. Не требуется прежний опыт – мы сопровождаем вас на каждом шагу. Reply мойка самообслуживания под ключ 7 يوليو، 2024 - 6:31 ص 1Строительство автомойки – это инвестиция в стабильный бизнес. Мы сотрудничаем только с проверенными поставщиками и используем самые современные технологии. Reply строительство автомойки под ключ 8 يوليو، 2024 - 6:48 ص Автомойка самообслуживания под ключ — современный и прибыльный проект. Мы предложим лучшее оборудование и технологии. Reply строительство автомоек под ключ 8 يوليو، 2024 - 6:24 م Строительство автомоек под ключ – это возможность получить готовое к эксплуатации и прибыльное предприятие без лишних хлопот. Reply Прогнозы на футбол 9 يوليو، 2024 - 3:14 م After looking at a number of the blog articles on your site, I really like your way of blogging. I added it to my bookmark site list and will be checking back soon. Take a look at my web site as well and let me know what you think. Reply Прогнозы на футбол 11 يوليو، 2024 - 12:02 ص Hello there, You have performed a great job. I will definitely digg it and in my opinion recommend to my friends. I am sure they will be benefited from this site. Reply мойка самообслуживания под ключ 15 يوليو، 2024 - 9:57 ص Автомойка под ключ – это ваш легкий старт в автосервисном бизнесе. Не требуется прежний опыт – мы сопровождаем вас на каждом шагу. Reply строительство автомойки под ключ 15 يوليو، 2024 - 6:31 م Строительство автомойки под ключ – неутомимая забота и полный контроль на каждом этапе, от проекта до открытия. Ваш бизнес в надежных руках! Reply мойка самообслуживания под ключ 16 يوليو، 2024 - 3:04 ص “Автомойка под ключ” – это не просто прибыльный бизнес. это возможность предложить клиентам исключительные услуги и построить связь с сообществом. Reply автомойка под ключ 16 يوليو، 2024 - 11:32 ص Мойка самообслуживания под ключ — это удобно и выгодно. Оборудование европейского качества обеспечит стабильную прибыль. Reply автомойка самообслуживания под ключ 16 يوليو، 2024 - 8:25 م Автомойка самообслуживания под ключ предоставляет клиентам возможность мыть свой транспорт самостоятельно, используя профессиональное оборудование. Это экономит время и деньги. Reply строительство автомоек под ключ 17 يوليو، 2024 - 5:27 ص Франшиза автомойки – это возможность стать частью успешной сети с готовым бизнес-планом и маркетинговой поддержкой на всех этапах работы. Reply Jac Амур 19 أغسطس، 2024 - 2:52 ص Every weekend i used to go to see this web site, as i want enjoyment, as this this site conations in fact nice funny stuff too. Reply theguardian 22 أغسطس، 2024 - 11:02 م Everything is very open with a precise description of the issues. It was truly informative. Your website is very useful. Thank you for sharing! Reply theguardian.com 24 أغسطس، 2024 - 11:31 ص This is my first time go to see at here and i am really happy to read all at alone place. Reply theguardian.com 25 أغسطس، 2024 - 3:38 ص You’re so awesome! I don’t suppose I have read something like this before. So good to find somebody with some unique thoughts on this topic. Really.. thank you for starting this up. This site is something that is needed on the web, someone with a little originality! Reply theguardian 25 أغسطس، 2024 - 6:46 م I’m not sure where you are getting your info, but good topic. I needs to spend some time learning more or understanding more. Thanks for wonderful information I was looking for this information for my mission. Reply theguardian.com 27 أغسطس، 2024 - 12:14 ص My brother suggested I might like this blog. He was totally right. This post actually made my day. You cann’t imagine just how much time I had spent for this information! Thanks! Reply theguardian.com 28 أغسطس، 2024 - 7:42 ص Aw, this was an extremely nice post. Finding the time and actual effort to produce a top notch article but what can I say I procrastinate a lot and never seem to get anything done. Reply theguardian.com 29 أغسطس، 2024 - 10:34 ص Every weekend i used to pay a visit this website, as i want enjoyment, since this this website conations truly nice funny information too. Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.