بأقلامهم دلال البزري تكتب عن: خلاف ترامب ونتنياهو الذي نحتفل به by admin 30 مايو، 2025 written by admin 30 مايو، 2025 25 مطلوبٌ ممّن بقي على عداء (ولو لفظياً) مع إسرائيل، أن يلتحق بالركب المنطلق، ركب التطبيع، لإقامة هذا السلام العربي الجديد / دلال البزري – كاتبة وباحثة لبنانية عاد ترامب قبل أشهر إلى السلطة، فأعطى إسرائيل كلّ مستلزمات استمرارها في إبادة أهل غزّة؛ استأنف تسليم الأسلحة الثقيلة، ألغى عقوباتٍ كان سلفه جو بايدن قد فرضها على عدد من مستوطني الضفّة الغربية، وقف في وجه محكمة العدل الدولية التي أصدرت مذكّرةَ توقيف ضدّ نتنياهو، وطلع بمشروع ريفييرا غزّة. لكنّ بوادر خلاف بدأت تظهر؛ اتصالات ترامب العربية الخليجية، ومبعوثه للتفاوض مع “حماس”، وآخر إلى إسرائيل ليتباحث مع قادة إسرائيليين خارج حلقة نتنياهو الضيّقة، أي مع بني غانتس ونفتالي بينيت، وهما معارضان لنتنياهو، يسعى ترامب لترشيح أوفرهما حظّاً لخلافة نتنياهو. وكانت السُّبْحة تكرّ؛ وقف الحرب ضدّ الحوثيين، نجاح المفاوضات المباشرة مع “حماس” لإطلاق سراح رهينة أميركي إسرائيلي، دون غيره. والأهم من ذلك كلّه، استئناف ترامب المفاوضات مع إيران، بحثاً عن اتفاق نووي جديد معها، فكان لقاءان بين ترامب ونتنياهو، بفارق ثلاثة أشهر. في الأول، يُعلن ترامب مشروع ريفييرا لغزّة، إذ سيبني مجمّعاً سياحياً مذهّباً، ونتنياهو في أثناء الإعلان يبتسم، يتحمّس، يصف هذا المشروع بـ”الثوري واللامع”، وأنه “أوّل فكرة جديدة منذ سنوات”، و”ذو رؤية جريئة”. اللقاء الثاني (وكان مثل الأول استدعاءً)، يُعلن فيه ترامب أمام نتنياهو قرارَه استئناف المفاوضات مع إيران. كيف يكون نتنياهو؟ وجهه مغلق ومتوتّر، مشدود، ينظر إلى من حوله بقلق، يعقد ذراعيه، يداه متشابكتان، وطبعاً ليس متحمّساً كما في لقاء “ريفييرا غزّة”. الفرق واضح بين استراتيجية الرجلَين؛ الأميركي قليل الصبر، يبحث عن نتائج سريعة، عن انتصارات دبلوماسية، عن اتفاقات تدرّ عليه المليارات، وإنهاء الحرب في غزّة بشتّى الطرق، ومهما كانت الأثمان، هو هدفه. يريد سلاماً يسمّيه المعجبون بـ”البراغماتي” و”العملي” و”الواقعي”، ويأمل أن ينال به لقب “رجل السلام في الشرق الأوسط”، فيفوز هو وحده بجائزة نوبل للسلام. وهو، خلافاً لأسلافه من الرؤساء، أخرج الديمقراطية من قاموسه، وعلناً، وتوقّفت إسرائيل عن أن تكون “جوهرةً ديمقراطيةً” في بحر “الاستبداد العربي”، مع اعتزازه بتقلّباته الفوضوية على الأعداء والحلفاء والأصدقاء. أعطى وثبةً إجراميةً إضافيةً لإسرائيل ومستوطنيها، بعد أن أعلن مشروع ريفييرا، وانفلتت غرائز إضافية ضدّ أهالي غزّة، وفي الضفّة. ويلعب الآن دور الإطفائي لحريق أسهم بامتداده؛ هل هو بصدد تصحيح تخبّطاته وتقلّباته؟ أم أنه يستأنس بفوضاها؟ أمّا نتنياهو فمثله، عاشق لسلطته، متمسّك بها، ولكن شروط حفاظه عليها تستوجب استمراره في الحرب، التي يصفها بـ”الخالدة”، وبأنها صراع “وجودي”، وسيؤدّي إلى “انتصار شامل”. فيما ترامب يريد أن يحكم العالم وحده. رأسان يتناطحان على الشرق الأوسط، ولكن بحدود. ومبعوث ترامب، ستيف ويتكوف، يتولّى “مفاوضات” لا تضمن الحياة لأهل غزّة، تؤكّد الوجود العسكري الإسرائيلي في الممرّات الاستراتيجية (نتساريم وصلاح الدين)، وتُرحِّل “حماس” من غزّة، وتعمل بشبه سرّية على تهجير أهلها. لا يشترط ويتكوف على إسرائيل وقف الحرب، لا قسراً ولا طوعاً، ولا فكّاً للحصار فوراً. غرضه النهائي الحفاظ على أمن إسرائيل وتوريط الدول العربية في تحمّل تكاليف إعادة إعمار غزّة، من دون توضيح الأوجه القريبة من مستقبلها ومستقبل أهلها. أي إنه يعاملهم معاملةَ الإسرائيليين، مع قليلٍ من القفّازات المهترئة. وغريرة المقاول عند ويتكوف (كما رئيسه) تُبقي شعلة مشروع ريفييرا مشتعلةً، إذ يرى أن بلاده (أي هو) ستلعب دوراً “مركزياً” في إعادة بناء غزّة وإدارتها. الآن، هذه الحرب مختلفة عن السابقات، وكانت قاتلةً أصلاً. كلّ شيء مختلف الآن. نحن أمام نكبة ثانية، أمام حدث تاريخي مهول يتفوّق على الأول، أو النكبة الأولى، وقد بلغت ثلاثة أرباع القرن. هل نحتاج إلى وصف الهول، وصوره تلاحقنا يومياً؟ في هذه الأثناء، يُعلن العرب في قمّتهم الماضية (والضرب بالميت حرام)، أن قضية فلسطين مركزية… وإلى ما هنالك، ولا يتفوّهون بالسرّ العظيم، بالدولة الفلسطينية أو بـ”الدولتَين”، مع أن عتاة الجامعة هلّلوا للخلاف الأميركي الإسرائيلي. ولكنّ العرب ضعفاء، في قمّتهم وفي أسفلهم. تركوا هذه المكرمة لخِيرتهم، للأغنياء من بينهم، الذين “يستطيعون التأثير في ترامب”. والحال أن الدولتَين، أو إعلانهما، باتا من النوافل في القول، ومن المؤجَّل في الكيفية والتطبيق. والإلحاح، أو الأولوية، تبقى إنقاذ الحياة في غزّة؛ وقف نهائي وكامل لإطلاق النار، وفتح أبواب الإغاثة، وإعادة إعمار، وإلا فالسلام المنشود سيعود عابراً. مقابل هذه الأوهام، مطلوبٌ ممّن بقي على عداء (ولو لفظياً) مع إسرائيل، أن يلتحق بالركب المنطلق، ركب التطبيع، لإقامة هذا السلام. أي مطلوب أن نقتنص لحظة الخلاف الهامشي بين ترامب ونتنياهو، لكي نقيم علاقات طبيعية مع إسرائيل، بعدما ارتكبت النكبة الثانية واحتلّت مزيداً من الأراضي من حولها: سورية، لبنان، بعد غزّة والضفة. بدل أن نطالب إسرائيل بالانسحاب من هذه الأراضي، أن نحمّلها تكاليف إعادة إعمار غزّة، والتعويض عن القتلى، عن الأضرار، عن الخراب عن الأعمار والأوقات الضائعة، نذهب إلى التطبيع وكأنّه مكرمة ليتنا ننالها، نتذاكى بنيلها، وكأننا عرفنا جيّداً كيف “نستفيد” من الخلاف بين ترامب ونتنياهو. المزيد عن: ستيف ويتكوفالتطبيعمحكمة العدل الدوليةالديمقراطية 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post تعاون كندي سويدي لتطوير أحدث أجهزة التدريب والمحاكاة للبحرية الكندية next post لأول مرة… إسرائيل تكشف عن سلاح استخدمته لصد مسيرات «حزب الله» You may also like عبد الرحمن الراشد يكتب عن: التفاوض الإيراني بعزل... 30 مايو، 2025 رضوان السيد يكتب عن: القوة الناعمة أو الخشنة... 30 مايو، 2025 دونالد ماكنتاير يكتب عن: انتقاد نتنياهو ليس معاداة... 29 مايو، 2025 غسان شربل يكتب عن: العراق والأفخاخ والأدوار 27 مايو، 2025 منال نحاس تكتب عن: القوة السياسية الثالثة في... 25 مايو، 2025 حازم صاغية يكتب عن: قراءة أخرى لـ«عيد التحرير»... 25 مايو، 2025 رضوان السيد يكتب عن زيارة ترمب: متغيرات المواقف... 23 مايو، 2025 دلال البزري تكتب عن: ترامب كاره الحريات… كانت... 22 مايو، 2025 مصطفى كوتلاي يكتب عن: معضلة تركيا كقوة إقليمية... 21 مايو، 2025 دلال البزري تكتب عن: الغرام الروبوتي آخر صيحات... 20 مايو، 2025