الإثنين, مارس 10, 2025
الإثنين, مارس 10, 2025
Home » مسلسل “معاوية”… هل يحرمه الجدل من المشاهدة المنصفة؟

مسلسل “معاوية”… هل يحرمه الجدل من المشاهدة المنصفة؟

by admin

 

صناع العمل يفندون الانتقادات ويكشفون كواليس المشروع وسط مطالبات بالمنع والتحريم واتهامات تعمد تشويه التاريخ

اندبندنت عربية / حميدة أبو هميلة كاتبة

يبدو اللغط المحيط بمسلسل “معاوية” وكأنه استمرار لتريند طويل الأمد، عمره يقترب من الثلاث سنوات، اقترن بالعمل منذ إعلان بدء التحضيرات، فحساسية الفترة التاريخية المفصلية في التاريخ الإسلامي التي تتناولها الحلقات، وكذلك الجدل الذي يحيط بالشخصية الرئيسة معاوية بن أبي سفيان ووالدته هند بنت عتبة، وفكرة ظهور الخلفاء الراشدين، ضمنت الجدل الاستباقي بلا شك.

غير أنه مع عرض المسلسل فعلياً تزامناً مع شهر رمضان الجاري، كانت هناك مستويات أخرى من النقاشات، بعضها متعلق بفنيات التنفيذ، لكن غالبيتها تنحّي هذه الجوانب بعيداً وركز على العنصر التاريخي فقط، معتبرين أن العمل الفني يجب أن يكون توثيقياً وتسجيلياً لما جاء في كتب التراث.

هذه النقطة قد تظلم المسلسل المهم من ناحية أنه مشروع درامي متكامل، فيما يفضل البعض التعامل معه على أنه كتاب تاريخ ناطق، إلا أن صُنَّاع العمل يعلمون منذ اللحظات الأولى مدى الاهتمام الذي ستحظى به القصة، ومدى التدقيق الذي سيصاحب كل لقطة.

هذا التدقيق قد يتحوّل إلى ما يشبه التربص، بخاصة مع تباين الآراء حول الشخصية الرئيسة، فهناك من يرى معاوية، الذي يؤدي دوره في المسلسل الممثل السوري لجين إسماعيل، رجل دولة وسياسياً بارزاً أسس دولة مترامية الأطراف، وهناك من لا يتفق مع هذا الطرح، حاصة أن سيرته، تتناول الفترة الأكثر صخباً أي ما بعد مقتل الخليفة عثمان بن عفان.

إجماع الآراء ليس هدفاً

الاتهامات التي تصاحب حلقات المسلسل تطاول جميع من شارك في المسلسل االرمضاني المكوّن من 20 حلقة يعرض في وقت الذروة على قناة كبيرة مثل “أم بي سي”، التي تقف وراء تنفيذ المشروع منذ البداية.

وبالطبع، أول من يُسأل هنا هو مؤلفه الكاتب خالد صلاح، الذي سارع بكتابة تدوينة طويلة فنّد فيها الهدف من وراء العمل، وجاء فيها، “حين بدأنا هذا المشروع لم تكن غايتنا أن نصوغ حكاية تُضاف إلى سجل الروايات المتضاربة، ولم يكن قصدنا أن ننتصر لرؤية على أخرى، أردنا أن نقترب من معاوية، لا كخليفة نقش اسمه على دواوين الحكم، بل كإنسان وجد نفسه في قلب زلزال لا يهدأ، وأجبرته الحياة على أن يكون لاعباً رئيساً في صراعات لم يخترها بنفسه، بل ألقتها الأقدار بين يديه”. فيما قال صلاح لـ”اندبندنت عربية” إن المسلسل “لا يستهدف أبداً إجماع الآراء على شخص، وإنما فتح الباب لنقاش أوسع”.

مسلسل “معاوية” دراما تاريخية تواجه اتهامات بتشويه التاريخ (الخدمة الإعلامية لـ إم بي سي)

 

لكن على ما يبدو أن هذا النقاش امتد ليتجاوز ذلك الذي فتحه مسلسل “عمر”، الذي قدمته “أم بي سي” أيضاً قبل نحو 13 عاماً، نظراً لأن الخلافات حول شخصية الخليفة عمر بن الخطاب لا تضاهي أبداً ما يصاحب شخصية معاوية.

أما في ما يتعلق بملف تحريم التجسيد، فقد ظل كما هو بين مؤيد ومعارض؛ ففي حين انطلقت فتاوى لبعض علماء الأزهر، وبينهم أعضاء في هيئة كبار العلماء، ترفض المبدأ تماماً بل وتجرم مشاهدة الأعمال التي تجسد شخصيات من الصحابة والخلفاء والمبشرين بالجنة، خرجت فتاوى مضادة أخرى تبيح التجسيد بشروط.

لكن حزب النور، المحسوب على التيار السلفي في مصر، أخذ جانب الفتاوى الرافضة تمثيل شخصيات كتاب الوحي درامياً، وبينهم معاوية، وتقدم نائبه أحمد حمدي خطاب، عضو الهيئة البرلمانية للحزب بمجلس النواب، بطلب إحاطة إلى المستشار الدكتور حنفي جبالي، رئيس مجلس النواب، يطالب فيه بوقف عرض العمل على قناة “أم بي سي مصر”، مخاطباً المجلس الأعلى للإعلام ورئاسة مجلس الوزراء لسرعة التنفيذ، فيما كانت قد أعلنت هيئة الإعلام والاتصالات في العراق منع بث المسلسل، خوفاً من أن يؤدي إلى “إثارة السجالات الطائفية، مما يهدد السلم المجتمعي ويؤثر في النسيج الاجتماعي”، وفق بيان رسمي.

فترة تاريخية حرجة وارتباك في الكواليس

على جانب آخر، كانت هناك أزمات على مستوى مختلف تتعلق بفريق العمل، إذ فوجئ المتابعون بإضافة أسماء أخرى إلى طاقم الكتابة لم يُعلن عنها من قبل، إلى جانب صاحب المشروع الأول خالد صلاح، وهم محمد يساري، وبشار عباس، وغمار محمود، وأحمد حسني.

لكن علامة الاستفهام الكبرى طاولت اسم المخرج طارق العريان، الذي جرى حذفه من التترات والبيانات الخاصة بالعمل، على رغم عدم الإعلان رسمياً عن انسحابه في أي وقت سابق. في حين تولى مهمة الرؤية الإخراجية المخرج أحمد مدحت، الذي قال لـ”اندبندنت عربية”، إنه لا يوجد أي خلاف بينه وبين العريان، بل إنه تواصل معه قبل البدء في التصوير كما تقتضي أعراف المهنة.

ويوضح مدحت أنه جرى التعاقد معه بعد أن توقف المشروع تماماً. مشيراً إلى أن فريق العمل كان قد يئس من استكماله، وأعاد هو إحياؤه وإنقاذه وفق شروط جديدة في تعاقده. حيث قام بعقد كثير من جلسات العمل لطرح وجهة نظره بناءً على قراءته العميقة لهذه الفترة التاريخية الحرجة. لافتاً إلى أنه صوّر على مدى أكثر من مئة يوم وانتهى من هذه المرحلة في نهاية عام 2023، وتفرغ في ما بعد للعمل مع الفريق على المونتاج.

لكن مع ذلك، حُذفت 12 دقيقة كاملة كانت تمثل مشهداً تمهيدياً لتقديم الشخصية قبل الحلقة الأولى، وكان يتمنّى المخرج لو أنها ظلت. وأكد أحمد مدحت صاحب “الصياد والثمانية وظرف أسود وبين عالمين” الذي يقدم عمله التاريخي الأول في “معاوية” أن المسلسل أيضاً جرت مراجعته قبل وأثناء وبعد التصوير، وفي مراحل عدة، من قبل هيئة العلماء بالسعودية. مشيراً إلى أن جميع القائمين على العمل يدركون تماماً مدى حساسية ما يتناولونه، مؤكداً أن معاوية شخصية درامية من الدرجة الأولى، وداعياً إلى الانتظار لمشاهدة ما سيحدث في الحلقات المقبلة وعدم التسرع في إطلاق الأحكام.

مطالبات المنع والتحريم لم تتوقف حتى قبل بدء عرض مسلسل “معاوية” (الخدمة الإعلامية لـ إم بي سي)​​​​​​​

 

اللافت أنه عبر مواقع التواصل الاجتماعي انتقل المسلسل لبعض الوقت من خانة التدقيق التاريخي إلى خانة الكوميكس والميمز الساخرة، لا سيما في بعض المشاهد التي وجد فيها المتابعون عدم دقة واضحة في ما يتعلق بالملابس والديكورات، مقارنين، على سبيل المثال، مظهر هند بنت عتبة حينما جسّدت دورها منى واصف في فيلم “الرسالة” عام 1976 من إخراج مصطفى العقاد، حيث بدت بملامح قاسية ووجه لوحته الشمس ومظهر يتلاءم مع البيئة المحيطة بها، في حين ظهرت الشخصية التي قدمتها سهير بن عمارة في “معاوية” بمظهر يبدو عصرياً أكثر من اللازم، إضافة إلى التساؤل حول الهدف من اعتماد رواية تاريخية يرى بعض المؤرخين أنها ضعيفة، متمثلة في تأكيد أن معاوية اعتنق الإسلام قبل فتح مكة، وغيره من النقاط التي التقطها المتابعون.

يدافع المخرج أحمد مدحت عن التفاصيل التاريخية. مشدداً على أنه جرت مراعاة أعلى معايير الدقة، لكن في ما يتعلق بمشهد هند بنت عتبة وهي تحمل وليدها مرتدية ملابس تبدو للبعض لا تعبر عن الفترة التاريخية، قال إنه “لم يكن هو من صوّره”.

كما رد مدحت على الاتهام بمحاولة إظهار شخصية هند بما يعارض بعض الحقائق التاريخية، مثل واقعة التمثيل بالجثث الشهيرة. موضحاً أنه جرى المرور على بعض الأحداث من دون الدخول في تفاصيلها لأسباب درامية، ليتم التركيز على شخصية معاوية، مع التشديد على أن الحلقة الأولى أظهرت الضغائن التي تحملها هند بشكل واضح.

الأمر هنا يحيل مباشرة إلى المراجع التي جرى الاستناد إليها في رسم الشخصيات وفي تأصيل الأحداث المهمة في كتابة العمل التاريخي الضخم، إذ رصد الكاتب الصحافي خالد صلاح في تصريحاته لـ”اندبندنت عربية” بعضاً منها، وبينها مراجع تركز على الأنساب والسيرة الشخصية، وكذلك التجليات السوسيولوجية للحقبة، إضافة إلى موسوعات تاريخية، وكلها لها موثوقيتها مثل “تاريخ الطبري” لمحمد بن جرير الطبري، و”البداية والنهاية” لابن كثير، و”مروج الذهب ومعادن الجوهر” للمسعودي.

كوميديا “الدولة الدموية”

الملاحظ أن الاهتمام بالمسلسل يأخذ منحى خاصاً لدى المصريين، لدرجة التفتيش في دفاتر الدراما القديمة، واستدعاء مشهد يحمل سيرة معاوية بن أبي سفيان من مسلسل كوميدي عرض عام 1995، من بطولة يونس شلبي وسعاد نصر بعنوان “الستات ما يعملوش كده” تأليف صلاح المعداوي وإخراج حمدي الإبراشي، وكان يناقش المشكلات الزوجية، إذ جرى الحديث عن معاوية بشكل ساخر بين البطلين بل وتمت تسميته “مؤسس الدولة الدموية”، وهو المشهد الذي كان منسياً تماماً، واستغرب المعلقون من سقف الحريات المرتفع في ذلك الوقت الذي سمح بعرض وجهة النظر هذه حتى لو بطريقة كوميدية.

كذلك، طالب أستاذ التاريخ بجامعة القاهرة، الدكتور محمد عفيفي، عبر حسابه الرسمي على “فيسبوك”، بأن يتم وصف نوعية الأعمال التاريخية مثل “معاوية” بأنها تناقش “تاريخ المسلمين” لا “تاريخ الدين”، نظراً إلى حالة الارتباك والتشتت والآراء المتضاربة. متابعاً “بمناسبة مسلسل معاوية. أفضّل مصطلح (تاريخ المسلمين)… لأنه تاريخ بشر، وليس التاريخ الإسلامي. الدين مطلق ومقدس، لكن التاريخ بشري ونسبي.”

المسلسل، الذي يتميز بحبكة درامية جاذبة، وبتنفيذ متقن وصورة عالية الجودة، وإيقاع سريع يليق بالحقبة الدسمة، يشارك فيه أبطال من سوريا ومصر وتونس والأردن، وغيرها من الدول العربية. وقالت عنه “أم بي سي” في بيانها الترويجي إنه “يستعرض هذه الملحمة التاريخية في سياقٍ درامي مشوق ومشهدية بصرية مبهرة مُجسَّدة بأحدث التقنيات الإخراجية والإنتاجية والغرافيكس، إلى جانب معارك عسكرية ضخمة، ومواقع تصوير متكاملة لقلاع ومدن ومبانٍ جرى بناؤها لتحاكي العصور الإسلامية المبكرة في تلك الحقبة التي شهدت احتدام الصراعات الجيوسياسية والعسكرية مُشكّلةً بمجملها تاريخ المنطقة.”

وعلى رغم تداول أرقام كثيرة تخص تكلفته الإنتاجية، التي هي كبيرة للغاية بلا شك، إلا أنه لم يتم تأكيد أي معلومة بهذا الصدد، حتى مخرج العمل نفسه، أحمد مدحت، لا يعلم على وجه التحديد حجم الإنفاق، مكتفياً بالتشديد على أنه “بالطبع شديد الضخامة”.

“معاوية” لا يزال في بدايته، وكما هو متوقع، فقد حصد اهتماماً كبيراً وحاداً بشكل شبه منفرد، نظراً إلى ندرة الدراما التاريخية في السنوات الأخيرة. والجدل الذي صاحبه يبدو مشابهاً إلى حد كبير لذلك الذي حظي به مسلسلا “رسالة الإمام” العام الماضي، حيث جسد فيه خالد النبي دور الإمام الشافعي، و”الحشاشين” الذي تناول سيرة زعيم طائفة الحشاشين حسن الصباح، حيث كان الترصد على أشده، فيما من المتوقع أيضاً أن تستمر عملية الشد والجذب بين المهتمين بمشاهدة مسلسل سيرة معاوية حتى نهاية حلقاته.

المزيد عن: مصرمسلسل معاويةجدل معاويةالتاريخ الإسلاميالخلفاء الراشدونتجسيد الصحابة

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili