مشهد من فيلم "لولو" من إخراج البريختي جورج فلهلم بابست (موقع الفيلم) ثقافة و فنون لويز بروكس تختتم السينما الصامتة بتحفتها “لولو” by admin 6 فبراير، 2025 written by admin 6 فبراير، 2025 20 مسرحيتان للتعبيري ويدكند وانتقال من فيينا إلى لندن وجاك باقر البطون لإرضاء نجمة النجوم اندبندنت عربية / إبراهيم العريس باحث وكاتب في ذلك الزمن كانت لويز بروكس، الأميركية التي عملت طويلاً في أوروبا، نجمة النجوم على الشاشة الفضية في العالمين القديم والجديد، وكان من الصعب على الاستديوهات أن تستنكف عن الاستجابة لأي من مطالبها. ومع ذلك حين أبدت لويز رغبتها في القيام بدور البطولة في مشروع فيلم جديد عنوانه “لولو” مقتبس عن عملين مسرحيين متكاملين للكاتب التعبيري النمسوي فرانتز ويدكند، بدت الاستجابة صعبة، وذلك لسببين رئيسين أولهما أن ذلك النص كان سبق أن اقتبس من المسرح للشاشة الكبيرة مرات عدة، وثانيهما أن أستا نيلسن النجمة السكندنافية الكبيرة التي كانت تعتبر ملكة الشاشات الأوروبية، كانت قامت بالدور نفسه في عام 1922. والحقيقة أن ما لم يخمنه أصحاب الشأن المعترضون على المشروع هو أن ذلك السبب الأخير هو حقاً ما يمنعهم من خوض التجربة على رغم نجاح الفيلم السابق، وربما بسبب نجاحه. فما إصرار لويز على المشروع إلا لأن أستا التي كانت منافستها الرئيسة في عالم السينما سبقتها للعب الدور، وهي الآن تريد أن ترد الصاع صاعين، فتقوم بالدور نفسه وتثبت أن ما من أحد يمكنه أن يكون أعلى كعباً من لويز بروكس. والواقع أن الأمر انتهى بأن تحصل على ما تريد، بل حتى تحت إدارة المخرج الألماني بابست الذي كان من كبار سادة السينما الأوروبية في ذلك الحين. وكانت النتيجة نجاحاً ساحقاً للفيلم الجديد ولبطلته لويز بروكس، أنسى الناس تماماً فيلم أستا نيلسن، الذي لم يعد يذكر في تاريخ السينما إلا بمناسبة الحديث المطول عن “لولو” بابست / بروكس. لويز بروكس: العناد المنطقي لمبدعة أميركية في أوروبا (ويكيميديا) من حظ السينما والحقيقة أن علينا أن نشاهد الفيلمين معاً للمقارنة وإدراك كم كانت لويز بروكس محقة في إصرارها على خوض المغامرة، فحتى اليوم وبعد ما يقرب من قرن على ظهوره، لا يزال “لولو” الذي قامت ببطوله يعتبر واحداً من بين أعظم الأفلام في تاريخ السينما هو الذي احتل قبل سنوات قليلة المرتبة الـ27 في قائمة أعظم 100 فيلم في ذلك التاريخ على اعتبارها أروع ما أنتجه القرن الـ20 من تحف سينمائية اختارها رهط من كبار النقاد العالمين وأشرفت عليها مجلة “كراسات السينما” الفرنسية المعروفة بكونها أكثر المراجع جدية في هذا المجال. والحقيقة أن الموضوع في حد ذاته والمشروع الذي دار من حوله وعناد لويز بروكس وبريختية المخرج، كلها عناصر أهلت الفيلم للنجاح، حتى وإن أخذ بعضهم عليه احتفاظه في النهاية بالفكرة “الحمقاء” التي أضفاها الكاتب على مسرحيتيه جاعلاً من السفاح اللندني جاك باقر البطون شخصية في الفيلم دوره أن ينهي حياة لولو التي كانت تستحق أفضل من ذلك بكثير. ولكن هل ثمة من يعبأ بهذا بعد أن تبين أن “حشر” جاك في المشروع فاقم من النجاح التجاري للفيلم مضفياً على قتله لولو بوصفها فتاة هوى في الليل اللندني الكئيب، قيمة الشهادة في سبيل إنسانية أسبغت عليها؟ ومهما يكن من أمر هنا، لا بد من القول إن النهاية التي جعلها ويدكند أصلاً نهاية للولو متسمة بقدر كبير من الالتباس الأخلاقي، مجازفة بأن تغضب الرقابة، عرفت كيف تضحي عنصراً أساسياً من عناصر تعبيريته، مرتبطة بكونه عملاً يسير عكس التيارات الأخلاقية السائدة، وهو أمر لم يكن بعيداً من أفكار ويدكند المتماشية مع ولادة التحليل النفسي متضافراً مع ولادة الحداثة برمتها في فيينا فرويد عند بدايات القرن الـ20. بوستر غيلم “لولو” (موقع الفيلم) مسرحية ذات أهواء والحال أن لويز بروكس كانت يوم دخلت على هذا المشروع، تعرف أنها تخوض في أكوام من رمال متحركة، بل إنها تنخرط في واحد من أصعب المشاريع، فإذا كان ويدكند احتاج إلى أن يكتب مسرحيتين لا واحدة عن الشخصية نفسها ووزعهما على تسعة فصول ووجد نفسه في نهاية الأمر ينتقل بشخصياته الأساسية إلى لندن، فما ذلك إلا لأنه من الأساس وجد نفسه أمام تلك الشخصية التي لم يدر كيف جعلها تنهي الفصول الخمسة الأولى من القسم الأول “روح الأرض”، بقتيل تتسبب هي بهلاكه من دون أن تدرك ما تفعل. إنها الشر المستطير الذي لا يمكن كبحه، على رغم كل تلك البراءة التي طبعتها منذ بداياتها البائسة جاعلة منها كائناً لا يتوقف عن الكفاح في سبيل العيش، ولا تتوقف الحياة عن إرغامه على التكشير عن أنيابه كي يرتقي ولو درجات قليلة في سلم مجتمع لا يرحم. فمن بداية ذلك القسم الأول من النص، “روح الأرض” وحتى نهاية القسم الثاني والأخير، “علبة باندورا” ليس في مواجهتنا سوى لولو التي تبدأ حياتها راقصة من الحثالة، وتعاكسها الأقدار كما أشرنا في كل ما تفعل، ولا سيما حين تتوق إلى استقرار ما، ولكن من أين سيأتي الاستقرار لامرأة تتوق إلى الحرية والعيش الكريم وليس لديها ولو نزر من مقوماتهما؟ بل كل ما لديها تسديد ديون تتراكم وليست ديوناً مادية وحسب. موت ورغبات في الحقيقة إن لولو كما كتبها ويدكند واقتبس بابست حكايتها وجسدتها لويز بروكس تحديداً في تحد سافر، تبدو في ذلك الزمن الانعطافي أختاً للولو الأخرى كما جسدتها مارلين ديتريش في “الملاك الأزرق”، ونانا أميل زولا في روايته الشهيرة، لكنها كانت أقل جشعاً من الأولى وأقل لؤماً من الثانية، كانت امرأة حقيقية طالعة من صفوف الناس الحقيقيين. ومن هنا سيتكشف الفيلم عن كونه فيلماً عن الموت ولكن عن الرغبات أيضاً. ومع ذلك يخبرنا مؤرخو السينما بأنه كان ثمة نوع من سوء الفهم في تلقي المتفرجين للفيلم أول الأمر وفي ألمانيا خصوصاً، وكان ثمة مأخذ على أداء لويز نفسها، إذ اعتبر أداء “طبيعياً” ينهل من المعايير الإنسانية التي وضعها زولا بالتحديد، لا من المعايير التعبيرية التي أرادت للمرأة أن تبدو فتاة تستحق اللعنة في كل مكان وزمان. غير أن الزمن كان كفيلاً بإعادة النظرة العامة المتعاملة مع الفيلم إلى جادة الصواب، فتفهم كثر لعبة لويز الأدائية التي بدا وكأنها تقوم على رغبة ما في في إعادة الاعتبار للشخصية لربطها بالممثلة، وهو ما حدث إلى أبد الآبدين على أية حال. ومن هنا على رغم الأوبرا التي لحنها البن برغ لنص ويدكند. وعلى رغم تكرار أفلمة النص، تبقى نسخة بروكس / بابست المفضلة لدى الجمهور سواء كان نخبوياً أم عريضاً. المزيد عن: لويز بروكسالسينما الأميركيةالكاتب النمساوي فرانتز ويدكندالمخرج الألماني بابستالسينما الأوروبية 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post زيادة خطرة للجسيمات البلاستيكية الدقيقة في الدماغ next post هوليوود بعد وادي السيليكون تخنع أيضا لـترمب You may also like الجسد الأمومي مرجع وجودي يحتفي به الشعر 6 فبراير، 2025 هوليوود بعد وادي السيليكون تخنع أيضا لـترمب 6 فبراير، 2025 “فرصة العيش” كما ناقشها الفلاسفة وقالوا بها 6 فبراير، 2025 “خطيبة للبيع” أوبرا هزلية تشيكية تحولت إلى رمز... 5 فبراير، 2025 شوقي بزيع يكتب عن: =هل الشعر والفن قابلان... 5 فبراير، 2025 محمود الزيباوي يكتب عن: قطع فخارية من موقع... 5 فبراير، 2025 مرصد الأفلام… جولة على أحدث عروض السينما العربية... 5 فبراير، 2025 تشيخوف يرسم روائيا دروب انعتاق المجتمع الروسي 5 فبراير، 2025 “نتفليكس” تصدم مشاهديها بقصة مجزرة في الغرب الأميركي 5 فبراير، 2025 عندما اصطاد الإيطالي غولدوني سلفه الفرنسي موليير في... 3 فبراير، 2025