الخميس, ديسمبر 12, 2024
الخميس, ديسمبر 12, 2024
Home » استعادة لوصية أمين الريحاني الفكرية والسياسية للعرب

استعادة لوصية أمين الريحاني الفكرية والسياسية للعرب

by admin

 

خليط من مبادئ الثورة الفرنسية وشرائع حقوق الإنسان ومدونات الرئيس الأميركي ويلسون

اندبندنت عربية / إبراهيم العريس باحث وكاتب

كانت حياة ونضالات المفكر اللبناني العروبي أمين الريحاني أكثر تعقيداً وامتلاءً وتنوعاً من أن تختصر في تلك الأسئلة التبسيطية والاتهامات المتسارعة الساذجة التي كانت تطلق في وجهه كلما زار مدينة عربية وحاضر فيها أو قدم النصح لأهلها وحكامها ونخبتها المثقفة، راجياً إياهم أن يتحركوا باسم المستقبل.

والحقيقة أنه من الصعوبة بمكان اليوم فهم الدوافع، أو حتى القوى التي كانت تحرك هذا المؤلف النبيه ولا حتى تفهم الكيفية التي كان ينطلق بها في حراكه. ومن هنا يبقى الريحاني في مطلق الأحوال واحداً من الألغاز الأكثر غموضاً في تاريخ الفكر العربي.

والحال أنه في وقت نشر فيه ذلك الجزء الـ17 من الأعمال الكاملة لأمين الريحاني، جاء بصورة أساسية ليضم الجزأين اللذين يحملان عنوان “الريحانيات”، ولقد استوقف القراء فيهما أمر أساس بدا لافتاً للنظر. فلئن كان معروفاً أن وصية الريحاني كانت في الأساس تشكل جزءاً من النصوص المعروفة منذ زمن بعيد بالريحانيات، بدا غريباً وذا دلالة أن يصدر هذا القسم بالذات منفرداً في “كتيب مستقل” وعن نفس الدار التي كانت تصدر الأعمال الكاملة، مما يعني أن الدار أرادت أوسع قدر من الانتشار لهذا النص ليس فقط باعتباره خير ما يلخص أفكار الكاتب بصورة له دلالته بحيث يبدو كنوع من بيان يحث على بناء مستقبل عربي جامع جديد بصرف النظر عن التراث الفكري لصاحبه، لكن في الوقت نفسه يأتي صدور هذه الوصية بعنوان “وصيتي” ليكشف مزيداً عن الريحاني، ولا سيما عن الريحاني المكتمل انطلاقاً من أنه قد كتب وصيته قبل سنوات قليلة من موته.

مقتطفات من وصايا شاملة

ولما كانت الوصية المذكورة تقول ذاتها دون أن تكون بأيما حاجة إلى تأويل وتفسير غير الذي يقدمه أمين ألبرت الريحاني (الكاتب المعروف وابن شقيق أمين الريحاني المشرف حينها على إصدار الأعمال الكاملة لهذا المفكر الفذ)، فإننا نكتفي هنا بنقل شذرات من الوصية التي “تتوزع” كما يقول أمين ألبرت الريحاني “إلى مقدمة و20 بنداً”، وهي تتميز من الناحية اللغوية “بإيجاز بليغ، إن في المقدمة أم في معظم البنود لأن الموضوع يفترض مثل هذا الإيجاز وإطار الوصية يفترضه أيضاً”.

يقول أمين الريحاني في أجزاء تبدو لنا ذات أهمية قصوى في وصيته كما ذات راهنية حتى لزماننا هذا “جئت في هذه الوصية أوصي بها لأهلي وأصحابي وإخواني في الإنسانية، البيض والصفر والسود على السواء، شرقاً وغرباً. لا تتنازعوها، رحمكم الله. إنها لتكفي الجميع”.

1 ـ إن حق الشعوب في تقرير مصيرها لحق مقدس، فأوصيكم بالجهاد في سبيله أينما كان.

2 ـ إن الأمة الصغيرة، وهي على حق، لأعظم من الأمة الكبيرة وهي على باطل (…).

3 ـ الأمة القوية الحرة لا تستحق قوتها وحريتها ما زال في العالم أمم مستضعفة مقيدة.

4 ـ لا تبلغ الإنسانية أعلى درجات الرقي والعطف ما زال نصفها حراً ونصفها مستعبداً. واعلموا أن الاستعباد الاقتصادي في البلدان المستقلة الغنية هو شر من الاستعبادين السياسي والاقتصادي في البلدان التي لا تزال تحت سيطرة الأجانب. أوصيكم بمحاربة الاستعباد أينما كان وكيفما كان.

5 ـ إن الانتداب كما حدده ودرو ويلسون (…) هو معقول مقبول، لكنه عملياً مكروه مرذول. إنه أخبث من الاستعمار فأوصيكم بجهاده حتى ينتهي.

6 ـ إن الجهاد الروحي لأشرف وأنفع من الجهاد المادي. إن المقاومة السلبية السلمية، خصوصاً عند الشعوب المستضعفة الفقيرة، هي خير من غيرها وأولى. أوصيكم بأن تجاهدوا الحكومات المنتدبة والحكومات الظالمة جمعاء، جهاداً روحياً سلمياً. شقوا عصا الطاعة، اعلنوا المقاطعة والإضراب، لا تدفعوا الضرائب والرسومات، رحبوا بالسجون وبالقصاص في سبيل الحق والحرية.

7 ـ إن خير حب الوطن الحب الذي يشمل الأوطان الأخرى (…).

8 ـ إن الوحدة العربية المؤسسة على القومية لا على الدين هي وحدة مقدسة، فأوصيكم بها. واعلموا أنه لا خلاص للأقليات من ربقة الأجانب، أو في الأقل من التدخل الأجنبي إلا باتحادهم والعرب، بل بامتزاجهم والأكثريات امتزاجاً عقلياً أدبياً روحياً، فتصبح البلاد لا أكثريات فيها ولا أقليات. واعلموا كذلك أنه لا مستقبل مجيداً للعرب، ولا وحدة عزيزة شاملة، بغير الحكم المدني الديمقراطي القائم على العدل والمساواة بالحقوق والواجبات (…).

9 ـ أوصيكم وأسألكم أن توصوا غيركم بمقاومة الحروب، وبشجب أباطيل الشجاعة والتضحية من أجل الوطن. واعلموا أن البطل الحقيقي، بطل اليوم والمستقبل هو من يجرؤ أن يقول: لا أحارب ولا أحمل السلاح للحرب (…).

برنامج لعالم جديد

10 ـ أوصيكم بأن توصوا شقيقاتكم ونساءكم وأمهاتكم بالبطولة الجديدة، بطولة العقل والروح، البطولة الأدبية المفعمة حباً للإنسانية. فينشأ إخوانهن وأولادهن على مبدأ الإخاء البشري فيحترمون حرية الفكر والوجدان، ويأبون أن يطيعوا أعداءها، أو يرضخوا لأحكامهم (…).

11 ـ أوصيكم بفك القيود وبإطلاق النفس والعقل من الأقفاص الخشبية والنحاسية والذهبية (…) فإن لسلم الوجود درجات ثلاثاً، هي الطبيعة والإنسانية والإله الأعظم (…).

12 ـ إنني مؤمن بالله، وبالعلم الكشاف لأسرار الوجود (…).

13 ـ أوصيكم بتعهد كل نور جديد (…).

غلاف كتاب “وصيتي” للريحاني (المؤسسة العربية للدراسات والنشر)​​​​​​​

 

14 ـ إن أنوار العالم القديمة على وشك الانطفاء كلها، فتيقظوا وراقبوا المصابيح الجديدة وسيروا في مقدمة المستنيرين بأنوارها.

15 ـ إنني من الموحدين، وإن في مرآة توحيدي لتنعكس وجوه الأنبياء والرسل أجمعين (…).

16 ـ أوصيكم إذا بالتوحيد. فالدين نظرياً هو الصلة الحية النيرة بين الإنسان وربه الأوحد. والدين روحياً هو الاستمتاع بما يكشف عنه الاجتهاد دون وساطة البتة ((… والدين عملياً هو أولاً إدراك الحقيقة الإلهية في كل من علم الناس صفحة، بل حرفاً في كتاب الحب والبر والتقوى (…).

هل تراه استراح أخيراً؟

تلكم شذرات اخترناها من وصية الريحاني المنشورة بعد زمن طويل من موته، ولا ريب أنها قد تكون الأكثر إفصاحاً من بين كل ما كتب طوال حياته، هو الذي كتب الكثير والكثير في شتى أنواع الآداب والمعارف من الشعر الحر الذي كان أول مبتكريه في اللغة العربية، إلى التاريخ والتأملات الفكرية والأخلاقية، مروراً بالسياسة وبأدب الرحلات الأكثر إفصاحاً عن مكنونات شخصيته، وقد تكون مؤشراً عملياً لا يمكن مناقشته حول خطل عديد من الأباطيل التي روجت من قبل أوساط “تضررت” من الريحاني، ومفادها أن الرجل ملحد وكافر ويستحق الحرمان. فما يقوله الريحاني هنا (ونسمح لأنفسنا باعتباره كلاماً منه نهائياً)، يقدمه لنا مؤمناً بالله وبوحدة الوجود، ووحدة الشرائع السماوية، محباً في الوقت نفسه للإنسان، للشعب العامل الذي من أجله “كنت – كما يقول في الفقرة 17 من الوصية – حرباً على الرؤساء الدينيين والمدنيين الذين يأكلون خبزهم بعرق غيرهم (…) ولا أزال في ما تركت من آثار أدبية وإصلاحية حرباً على هؤلاء، وخصوصاً في لبنان وسائر الأقطار العربية، حرباً إلى أن تستقيم وتعزز مصالح الشعب التي يعبثون بها ويسخرونها دوماً لمصالحهم”.

وسؤالنا: هل يا ترى ترتاح الآن روح الريحاني لأوضاعنا السائدة؟

المزيد عن: أمين الريحانيلبنانالإنسانيةحق تقرير المصيرالانتدابالفكر العربيمقاومة الحروب

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00