تكنولوجيا و علومعربي هل يعيد الذكاء الاصطناعي تشكيل الجغرافيا السياسية للعالم؟ by admin 5 مارس، 2023 written by admin 5 مارس، 2023 814 سيحسم التقدم التكنولوجي في السنوات الـ10 المقبلة من له اليد العليا في الصراعات الدولية اندبندنت عربية \ طارق الشامي صحافي متخصص في الشؤون الأميركية والعربية @tarek21shamy في العصور السابقة شكل التطور التقني معالم الجغرافيا السياسية في عالمنا، وحدد قوة الدول عند الانتقال من عصر البرونز إلى الفولاذ، ومن الطاقة البخارية إلى الانشطار النووي، لكن عصر الذكاء الاصطناعي يختلف اختلافاً جوهرياً عن العصور السابقة، كونه يقدم منصة مستمرة للابتكار العلمي والتكنولوجي، وبعد أن كانت قوة الدولة تعتمد على ثروة الموارد الطبيعية أو إتقان تكنولوجيا معينة، أصبح مصدرها يتمثل في قدرتها على الابتكار المستمر، وبخاصة بعد ظهور ما يسمى “الذكاء الاصطناعي العام” الأكثر شمولية والذي سيكون قادراً خلال سنوات على أداء أي مهمة عقلية يمكن للإنسان أن يؤديها، مما سيغير الأساس الذي تقوم عليه القوة العسكرية والاقتصادية والثقافية الآن، ويحدد نتيجة المنافسة بين الولايات المتحدة والصين، فما ملامح هذا الصراع ومن الذي سيفوز بالسباق نحو القمة وما يتبعها من هيمنة؟ قوة الابتكار وعندما اقتربت القوات الروسية من العاصمة الأوكرانية كييف في فبراير (شباط) عام 2022، اعتقد القليلون أن أوكرانيا لا يمكنها البقاء على قيد الحياة وقدرت الاستخبارات الأميركية أن سقوط كييف سيحدث في غضون أسبوع إلى أسبوعين على الأكثر، إذ إن روسيا لديها أكثر من ضعف عدد جنود أوكرانيا وميزانيتها العسكرية أكبر من 10 أضعاف ميزانية جارتها الصغيرة، لكن أوكرانيا عوضت النقص في عدد أفراد جيشها وتسليحها بميزة التكنولوجيا، ونقلت الحكومة جميع بياناتها المهمة على السحابة الإلكترونية، حتى تتمكن من حماية المعلومات والاستمرار في العمل حتى لو حولت الصواريخ الروسية مكاتبها الوزارية إلى أنقاض. واستخدمت وزارة التحول الرقمي في البلاد تطبيق الحكومة الإلكترونية للجوال، في جمع معلومات استخباراتية مفتوحة المصدر، بحيث يمكن للمواطنين تحميل الصور ومقاطع الفيديو للوحدات العسكرية المعادية، ومع تعرض البنية التحتية للاتصالات للخطر، لجأ الأوكرانيون إلى أقمار “ستارلينك” الاصطناعية والمحطات الأرضية التي توفرها شركة “سبيس إكس” للبقاء على اتصال، وتعلم الجيش الأوكراني كيفية استخدام أسلحة جديدة قدمتها الولايات المتحدة والحلفاء الغربيون، ومن خلال جميع هذه الوسائل أثبتت أوكرانيا في لعبة القط والفأر المبتكرة أنها أكثر مهارة، ليتبين أن ما تخيلته روسيا غزواً سريعاً وسهلاً أصبح مهمة شاقة ومستعصية. وبمرور الوقت تيقن الجميع من أن القدرة على ابتكار التقنيات الجديدة واعتمادها وتكييفها لا يسهم فقط في زيادة القوة العسكرية من خلال أنظمة الأسلحة عالية التقنية، وإنما أيضاً في تعزيز القوة الصلبة والناعمة للدول، حيث توفر التكنولوجيات الجديدة والمعايير التي تحكمها نفوذاً اقتصادياً، وتعزز الأبحاث والتقنيات المتطورة عناصر الجاذبية العالمية. تغير يفرضه الذكاء الاصطناعي وعلى رغم التقليد الطويل الذي تتبعه الدول في تسخير الابتكار لإبراز قوتها في الخارج، فإن ما تغير خلال السنوات القليلة الماضية هو الطبيعة الدائمة للتقدم العلمي، وتفتح التطورات الأخيرة في مجال الذكاء الاصطناعي، ليس فقط مجالات جديدة للاكتشاف العلمي، بل تعمل على تسريع هذه العملية بالذات، إذ يشحن الذكاء الاصطناعي قدرة العلماء والمهندسين على اكتشاف تقنيات أكثر قوة من أي وقت مضى، وتعزيز التقدم في الذكاء الاصطناعي نفسه والمجالات الأخرى، ومن ثم إعادة تشكيل العالم عبر هذه العملية بحسب ما يقول إيريك شميدت رئيس مشروع الدراسات التنافسية الخاصة والرئيس التنفيذي السابق لشركة “غوغل” العملاقة. ويعود ذلك إلى أن القدرة على الابتكار بشكل أسرع وأفضل هي الأساس الذي تقوم عليه القوة العسكرية والاقتصادية والثقافية الآن، وهو ما سوف يحدد نتيجة المنافسة بين القوى العظمى وبشكل أكثر وضوحاً بين الولايات المتحدة والصين، فبينما لا تزال أميركا في الصدارة الآن إلا أن الصين تلحق بالركب في عديد من المجالات وقد تقدمت بالفعل على الولايات المتحدة في مجالات أخرى، ولكي يخرج أي منهما منتصراً من هذه المنافسة التي ستحدد ملامح القرن الـ21، فإن العمل بالطريقة التقليدية لن يفي بالغرض، وسيتعين على كل منهما التغلب على البيروقراطية، وخلق ظروف مواتية للابتكار، والاستثمار في الأدوات والمواهب اللازمة لبدء دورة أفضل للتقدم التكنولوجي. معرفة غير مسبوقة وتعود العلاقة بين الابتكار التكنولوجي والسيطرة على العالم إلى قرون بعيدة، من البنادق التي استخدمها فرانسيسكو بيزارو لهزيمة إمبراطورية “الإنكا”، إلى الزوارق البخارية التي استخدمها القائد الأميركي ماثيو بيري لفرض الانفتاح على اليابان في منتصف القرن التاسع عشر، لكن السرعة المطلقة التي يحدث بها الابتكار حالياً غير مسبوقة، إذ لا توجد تقنية يكون فيها هذا التغيير واضحاً وسريعاً مثل الذكاء الاصطناعي، إذ يمكن لأنظمة الذكاء الاصطناعي الحالية أن توفر مزايا رئيسة في المجال العسكري، وتكون قادرة على تحليل ملايين المدخلات، وتحديد الأنماط، وتنبيه القادة إلى نشاط العدو، مثلما استخدمه الجيش الأوكراني لفحص بيانات الاستخبارات والمراقبة والاستطلاع بكفاءة من مجموعة متنوعة من المصادر، ومع ذلك سوف تنتقل أنظمة الذكاء الاصطناعي بسرعة من مجرد المساعدة في صنع القرار البشري إلى البدء في اتخاذ القرارات بنفسها. وإذا كان الكولونيل في سلاح الجو الأميركي والخبير الاستراتيجي جون بويد قد صاغ مصطلحاً من أربعة أحرف ترمز إلى حلقة من الأفعال هي (مراقبة، توجيه، اتخاذ القرار، تنفيذ) لوصف عملية صنع القرار في ساحة القتال، فإن الذكاء الاصطناعي سيكون قادراً على تنفيذ كل جزء من هذه الحلقة بشكل أسرع، ويمكن أن يحدث الصراع بسرعة أجهزة الكمبيوتر، وليس سرعة البشر، ونتيجة لذلك فإن أنظمة القيادة والتحكم التي تعتمد على صانعي القرار البشريين، وكذلك التسلسلات الهرمية العسكرية المعقدة سوف تخسر أمام الأنظمة الأسرع والأكثر كفاءة التي تجمع بين الآلات والبشر. وفي حين أن التقنيات في العصور السابقة شكلت الجغرافيا السياسية للعالم وكانت فريدة لدرجة أن الإتقان التكنولوجي إلى جانب عوامل أخرى، كان يمنح البلد الذي يصل إليه القدرة على فرض نفوذه، فإن الذكاء الاصطناعي يبدو على النقيض من ذلك، كونه يولد التطور بطبيعته من خلال تقديم منصة للابتكار العلمي والتكنولوجي المستمر والتي تؤدي إلى مزيد من الابتكار، مما يجعل عصر الذكاء الاصطناعي يختلف اختلافاً جوهرياً عن العصر البرونزي أو العصر الفولاذي، وبدلاً من الاعتماد على ثروة الموارد الطبيعية أو إتقان تقنية معينة يكمن مصدر قوة الدولة الآن في قدرتها على الابتكار المستمر. تغيير طبيعة البحث العلمي ووفقاً لمقال نشره شميدت في فصلية “فورين بوليسي” فإن هذه الدورة المتميزة من تطوير الذكاء الاصطناعي ستصبح أسرع وأسرع، وبمجرد أن تصبح الحوسبة الكمومية ناضجة ستسمح أجهزة الكمبيوتر الفائقة السرعة بمعالجة كميات أكبر من البيانات، مما ينتج أنظمة ذكاء اصطناعي أكثر ذكاء، وستكون قادرة بدورها على إنتاج ابتكارات خارقة في مجالات ناشئة أخرى من البيولوجيا التركيبية إلى تصنيع أشباه الموصلات. وبالتالي سيغير الذكاء الاصطناعي طبيعة البحث العلمي، وبدلاً من إحراز تقدم في دراسة واحدة في كل مرة سيكتشف العلماء إجابات لأسئلتهم من خلال تحليل مجموعات ضخمة من البيانات الضخمة، وسيكون الذكاء الاصطناعي عاملاً حاسماً في السباق نحو قوة الابتكار، حيث سيكون وراء تطورات مستقبلية لا حصر لها في اكتشاف الأدوية، والعلاج الجيني، وعلوم المواد، والطاقة النظيفة وفي الذكاء الاصطناعي نفسه عبر بناء أجهزة كمبيوتر أسرع. الذكاء الاصطناعي العام غير أن هناك ما هو أكثر قوة من الذكاء الاصطناعي اليوم، وهي تقنية أكثر شمولاً تسمى “الذكاء العام الاصطناعي” لكنها لا تزال افتراضية في الوقت الحالي، بالنظر إلى قوة الحوسبة الحالية، ففي حين تم تصميم الذكاء الاصطناعي التقليدي لحل مشكلة منفصلة سيكون الذكاء الاصطناعي العام قادراً على أداء أي مهمة عقلية يمكن للإنسان القيام بها، بل وأكثر من ذلك، إذ يمكن تخيل نظام للذكاء الاصطناعي يمكنه الإجابة عن أسئلة تبدو مستعصية على الحل. وعلى رغم أن بدء عمل الذكاء الاصطناعي العام قد يستغرق سنوات وربما عقوداً، فإن البلد الذي سيتمكن من تطور هذه التكنولوجيا أولاً سوف يستحوذ على ميزة هائلة، إذ يمكنه بعد ذلك استخدام الذكاء الاصطناعي العام لتطوير إصدارات أكثر تقدماً من الذكاء الاصطناعي العام نفسه، واكتساب ميزة حاسمة في جميع مجالات العلوم الأخرى والتكنولوجيا، بل يمكن أن يؤدي اختراق في هذا المجال إلى عصر من الهيمنة لا يختلف عن الفترة القصيرة من التفوق النووي الذي تمتعت به الولايات المتحدة في أواخر الأربعينيات. وفي حين أن عديداً من التأثيرات التي يتوقع أن يحدثها الذكاء الاصطناعي لا تزال بعيدة، فإن الابتكار في الطائرات من دون طيار “درون” يقلب بالفعل ساحة المعركة مثلما شاهد العالم كيف استخدمت أذربيجان طائرات “درون” تركية وإسرائيلية الصنع عام 2020 لاكتساب ميزة حاسمة في حربها ضد أرمينيا في منطقة ناغورنو قره باغ المتنازع عليها، وهو ما تكرر من الجيش الأوكراني ضد روسيا بخاصة في الأشهر الأولى من الحرب إذ لعبت دوراً حاسماً في نجاحاته. من القوة العسكرية إلى الاقتصادية وبينما تقدم طائرات “درون” مزايا واضحة على الأسلحة التقليدية كونها أصغر وأرخص، وتوفر قدرات مراقبة لا مثيل لها، وتقلل من تعرض الجنود للأخطار، إلا أنه في نهاية المطاف ستحل الأسلحة المستقلة ذاتية التشغيل، ليس فقط محل طائرات “درون” ولكن أيضاً محل الجنود والمدفعية والشاحنات والغواصات، ومثلما تمكنت القوة الابتكارية من تغيير القوة العسكرية، وحسنت من قدرة الدولة على شن الحرب بالتالي تقوي قدراتها الرادعة، فإن الابتكار يشكل أيضاً القوة الاقتصادية من خلال منح الدول نفوذاً على سلاسل التوريد والقدرة على وضع القواعد للآخرين. وعلى سبيل المثال يمكن النظر إلى القوة التي يمكن أن تمارسها الصين على البلدان التي تزودها بأجهزة الاتصالات مثل كثير من البلدان في أفريقيا، حيث تشكل المكونات التي تنتجها شركة “هواوي” الصينية نحو 70 في المئة من شبكات “جي-4″، ولهذا كانت هذه الدول مترددة في توجيه أية انتقادات ضد الحكومة الصينية، كما أن تفوق تايوان في تصنيع أشباه الموصلات يوفر رادعاً قوياً ضد غزوها من بكين حيث تخشى الصين تدمير أكبر مصدر للرقائق الدقيقة في تايوان. التكنولوجيا والقوة الناعمة وإضافة إلى ذلك يدعم الابتكار التكنولوجي القوة الناعمة لأي بلد، إذ تمكنت شركات “هوليوود” وشركات التكنولوجيا مثل “نتفليكس” و”يوتيوب” من بناء محتوى جذاب لقاعدة من المستهلكين حول العالم طوال الوقت مما يساعد على نشر القيم الأميركية. كما أن المكانة المرموقة المرتبطة بالجامعات الأميركية وفرص تكوين الثروات التي أوجدتها الشركات الأميركية تجتذب النشطاء من جميع أنحاء العالم، ولهذا فإن قدرة الدولة على إبراز قوتها في المجال الدولي عسكرياً واقتصادياً وثقافياً تعتمد على قدرتها على الابتكار بشكل أسرع وأفضل من منافسيها. السباق نحو القمة والسبب الرئيس الذي يجعل للابتكار قيمة مضافة وميزة هائلة هو أنه يولد مزيداً من الابتكار، ويعود ذلك إلى الجامعات البحثية وشركات التكنولوجيا الكبيرة التي تتبنى حلقة “الاختراع والتبني والتكيف”، وعلى سبيل المثال قادت الولايات المتحدة العالم إلى عصر الاتصالات السلكية واللاسلكية “جي-4” وسهل انتشار هذه الشبكات في جميع أنحاء البلاد، والتطوير المبكر لتطبيقات الهاتف المحمول مثل “أوبر” التي تطلبت اتصالات بيانات خلوية أسرع، وبهذا تمكنت “أوبر” من تحسين منتجها في الولايات المتحدة حتى تتمكن من طرحه في البلدان النامية، وأدى ذلك إلى زيادة عدد العملاء وتكييف منتجاتها للأسواق الجديدة والإصدارات الأحدث. لكن ظهور البرامج المفتوحة المصدر أدى إلى انتشار التقنيات بسرعة أكبر في جميع أنحاء العالم، وساعد توفر التطورات الجديدة المنافسين على اللحاق بالركب، كما فعلت الصين في النهاية في الجيل الرابع، وعلى رغم أن بعض النجاح التكنولوجي الذي حققته الصين أخيراً ينبع من التجسس الاقتصادي وتجاهل براءات الاختراع، فإن كثيراً منها يعود إلى الجهود المبتكرة، إذ تمتعت الشركات الصينية بنجاح باهر في تبني وتسويق الاختراقات التكنولوجية الأجنبية، بعد أن وضع الحزب الشيوعي الصيني عام 2015 استراتيجية “صنع في الصين 2025” لتحقيق الاكتفاء الذاتي في صناعات التكنولوجيا الفائقة مثل الاتصالات السلكية واللاسلكية والذكاء الاصطناعي، كما ضخت بكين مليارات الدولارات لضمان تقدمها في السباق على التفوق التكنولوجي، ولذلك نرى الصين تتقدم على الولايات المتحدة في بعض التقنيات، لكنها متخلفة في تقنيات أخرى. من سيفوز؟ ومن الصعب القول ما إذا كانت الصين ستمسك بزمام المبادرة في مجال الذكاء الاصطناعي لكن كبار المسؤولين في بكين يعتقدون بالتأكيد أنها ستنجح في ذلك، ففي عام 2017 أعلنت بكين عن خطط لتصبح الرائدة عالمياً في مجال الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2030، وقد تحقق هذا الهدف حتى في وقت أبكر مما كان متوقعاً، وحققت الصين بالفعل هدفها المتمثل في أن تصبح رائدة العالم في تكنولوجيا المراقبة القائمة على الذكاء الاصطناعي، والتي تصدرها للحكومات الحليفة لها في الخارج. ومع ذلك لا تزال الصين تحتل مرتبة خلف الولايات المتحدة في جذب أفضل العقول في مجال الذكاء الاصطناعي، إذ يعمل ما يقرب من 60 في المئة من كبار الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي في الجامعات الأميركية، لكن هناك عوامل أخرى تمنح الصين ميزة رئيسة مثل قوانين الخصوصية الفضفاضة والجمع الإلزامي للبيانات والتمويل الحكومي، وهو ما أسهم في تقود الصين بالفعل في إنتاج المركبات ذاتية القيادة. في المقابل لا تزال الولايات المتحدة تحتفظ بميزة في الحوسبة الكمومية على رغم أن الصين استثمرت ما لا يقل عن 10 مليارات دولار في تكنولوجيا الكم، أي ما يقرب من 10 أضعاف ما استثمرته الحكومة الأميركية، وتعمل الصين على بناء أجهزة كمبيوتر كمومية قوية جداً بحيث يمكنها كسر أي تشفير اليوم بسهولة، وعلاوة على ذلك تخزن الحكومة الصينية الاتصالات المسروقة والمعترضة بهدف فك تشفيرها بمجرد أن تمتلك القدرة الحاسوبية للقيام بذلك، وهي استراتيجية تعرف باسم “التخزين الآن، فك التشفير لاحقاً”، وعندما تصبح أجهزة الكمبيوتر الكمومية سريعة بما فيه الكفاية ستكون جميع الاتصالات المشفرة من خلال طرق غير كمومية معرضة لخطر الاعتراض. صراع مستمر وتحاول الصين بنشاط اللحاق بالولايات المتحدة في مجال البيولوجيا التركيبية، إذ يعمل العلماء في هذا المجال على مجموعة من التطورات البيولوجية الجديدة، بما في ذلك الأسمنت الميكروبي الذي يمتص ثاني أكسيد الكربون، والمحاصيل ذات القدرة المتزايدة على عزل الكربون، وبدائل اللحوم النباتية، وهي تكنولوجيا واعدة لمكافحة تغير المناخ وخلق فرص العمل، ولكن منذ عام 2019 تجاوز الاستثمار الخاص الصيني في البيولوجيا التركيبية الاستثمار الأميركي. وعندما يتعلق الأمر بأشباه الموصلات فإن الصين لديها خطط طموحة، إذ تمول الحكومة الصينية جهوداً غير مسبوقة لتصبح رائدة في تصنيع أشباه الموصلات بحلول عام 2030، وتنشئ الشركات الصينية حالياً ما يعرف في الصناعة باسم رقائق “سبعة نانومتر”، لكن بكين وضعت نصب عينيها خططاً لإنتاج محلي جديد من رقائق “خمسة نانومتر”. في الوقت الحالي تواصل الولايات المتحدة التفوق على الصين في تصميم أشباه الموصلات، كما تسبق الصين أيضاً كلاً من تايوان وكوريا الجنوبية المتحالفة مع الولايات المتحدة، واتخذت إدارة الرئيس جو بايدن في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي خطوة مهمة لمنع الشركات الأميركية الرائدة التي تنتج رقائق الكمبيوتر بالذكاء الاصطناعي من بيع منتجاتها إلى الصين كجزء من حزمة القيود التي أصدرتها وزارة التجارة، ومع ذلك تتحكم الشركات الصينية في 85 في المئة من معالجة معادن الأرض النادرة التي تدخل في هذه الرقائق وغيرها من الإلكترونيات المهمة، مما يوفر نقطة مهمة للضغط على منافسيها. الاستثمار في المستقبل وكجزء من جهودها لضمان أن تظل الولايات المتحدة قوة ابتكارية عظمى ستحتاج الولايات المتحدة إلى استثمار مليارات الدولارات في المجالات الرئيسة للمنافسة التكنولوجية، وبخاصة في مجال أشباه الموصلات، التي ربما تكون أكثر التقنيات حيوية اليوم، وكذلك في مجال الطاقة المتجددة، إذ يجب أن تمول البحث والتطوير للإلكترونيات الدقيقة، وتخزين المعادن الأرضية النادرة مثل الليثيوم والكوبالت اللازمة للبطاريات والمركبات الكهربائية، والاستثمار في التقنيات الجديدة التي يمكن أن تحل محل بطاريات الليثيوم، والاستثمار في المواهب واجتذاب الأفضل والألمع من جميع أنحاء العالم. وعلى رغم أن أكثر من نصف الباحثين في مجال الذكاء الاصطناعي العاملين في الولايات المتحدة جاؤوا من الخارج، فإن الطلب على مواهب الذكاء الاصطناعي يتجاوز العرض بكثير بسبب إغلاق الولايات المتحدة أبوابها أمام المهاجرين الموهوبين، والأخطار بفقدان ميزتها الإبداعية. الابتكار أو الموت وفي صراع القرن الحالي سيكون العامل الحاسم في التنافس بين الولايات المتحدة والصين هو قوة الابتكار، إذ سيحدد التقدم التكنولوجي في السنوات الخمس إلى العشر المقبلة الدولة التي لها اليد العليا في هذه المنافسة التي تشكل العالم. وإذا كانت المبادئ التي حددت الحياة في الولايات المتحدة وهي الحرية والرأسمالية والجهود الفردية هي المبادئ الصحيحة للماضي، وتظل كذلك للمستقبل، فإن شعار وادي السيليكون القديم أصبح لا ينطبق على الصناعة فحسب، بل أيضاً على الجغرافيا السياسية، وهو الابتكار أو الموت. المزيد عن: الذكاء الاصطناعي\الجغرافيا السياسية\القوات الروسية\العاصمة الأوكرانية\أقمار ستارلينك\شركة سبيس إكس\الجيش الأوكراني\إمبراطورية الإنك\اطائرات درون 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post نافذون في “حزب الله” وقعوا في مصيدة الأميركيين next post أيام عصيبة على إسرائيل وحكومة اليمين وسط دائرة مشتعلة You may also like الحكومة الأميركية تطلب من القضاء إجبار “غوغل” على... 21 نوفمبر، 2024 تعرف على مزايا «بلايستيشن 5 برو»: جهاز الألعاب... 19 نوفمبر، 2024 “استنسخ سراً”.. خروف عملاق يضع أميركا في حالة... 17 نوفمبر، 2024 اكتشاف كائن بحري عملاق يمكن رؤيته من الفضاء 15 نوفمبر، 2024 كيف يجعل الذكاء الاصطناعي الطابعات أكثر ذكاءً؟ 15 نوفمبر، 2024 صمم موقعك ثلاثي الأبعاد بخطوات بسيطة ودون «كود» 15 نوفمبر، 2024 «غوغل» تكشف عن خدمة جديدة لإنتاج الفيديوهات للمؤسسات 13 نوفمبر، 2024 دول تسخر مواردها لتطوير الجيل السادس من الطائرات... 8 نوفمبر، 2024 التلسكوبات… عين الإنسان العلنية على أسرار الكون 6 نوفمبر، 2024 تعرَّف على مزايا كومبيوتر «أونر ماجيك بوك آرت... 5 نوفمبر، 2024