الأحد, مايو 4, 2025
الأحد, مايو 4, 2025
Home » هل نحن على أعتاب ثورة في فحوص سرطانات الرجال؟

هل نحن على أعتاب ثورة في فحوص سرطانات الرجال؟

by admin

 

اللعاب والذكاء الاصطناعي قد يفتحان الطريق أمام فحص منزلي للبروستاتا

اندبندنت عربية / ليا هاردي

خلال عام 2024، فوجئ العالم بإعلان كريس هوي البطل البريطاني الأولمبي في ركوب الدراجة إصابته بسرطان البروستاتا في مرحلته الرابعة. في سن الـ48 فحسب، وعلى رغم كونه أحد أكثر الرجال لياقة في العالم، أخبره الأطباء أنه لم يتبق له سوى بضعة أعوام من الحياة بعدما تبين أن الداء الخبيث تطور وانتشر في مختلف أنحاء جسده. واليوم، يعد سرطان البروستاتا، للأسف، أكثر أنواع السرطانات شيوعاً داخل المملكة المتحدة، ويودي بحياة 12 ألف رجل كل عام، أي ما يعادل 33 وفاة يومياً.

معلوم أن الاكتشاف المبكر لسرطان البروستاتا يسمح بالعلاج الفاعل ويعزز فرص النجاة منه. ولكن لماذا ما انفك هذا الداء يحصد عدداً كبيراً من الوفيات؟ تتمثل العقبة الأولى في الرصد المبكر، قبل أن يتلقى هوي نبأ إصابته بالمرحلة الرابعة والأخيرة من هذا السرطان، لم تظهر لديه أعراض واضحة. جل ما شعر به كان ألماً في الكتف والأضلاع، فظنه مجرد إجهاد ناتج من ممارسته التمارين الرياضية. ولكن فحصاً طبياً كشف النقاب عن وجود ورم لديه، وسرعان ما أظهرت المراجعات الطبية والفحوص اللاحقة في المستشفى أنه انتشر إلى عظامه. وفي مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، قال الرياضي “لم أواجه أية أعراض، ولم ألحظ أي خطب يشي بأني أكابد مشكلة صحية ما، ثم قيل لنا إن مرضي غير قابل للشفاء”.

حالياً، ليس في المتناول فحص طبي دقيق وموثوق للكشف عن سرطان البروستاتا. مثلاً، تحليل الدم التقليدي المعروف بالاختصار “بي أس أي”، والذي يرصد ارتفاع مستويات مستضدات البروستاتا النوعية [مستضد البروستاتا النوعي بروتين تنتجه الأنسجة الموجودة في غدة صغيرة موجودة أسفل المثانة لدى الذكور تسمى البروستاتا، ويشير ارتفاع نسبته إلى الإصابة بسرطان ولكن أيضاً يكون أحياناً نتيجة التهابات أو تضخم حميد]، وكثيراً ما يكشف عن عدد كبير من السرطانات البطيئة النمو التي لا تشكل تهديداً أو خطراً على الحياة، بينما يخفق في رصد بعض الأنواع الأشد عدوانية.

والمعلوم أيضاً أن سرطان البروستاتا شائع جداً، ولكن تأثيره أيضاً يختلف بدرجة كبيرة بين مصاب وآخر. نصف الرجال الذين بلغوا الـ80 من العمر مصابون به. ومع ذلك، يشير الباحث الرائد في مجال سرطان البروستاتا أليستير لامب إلى أن غالبية هذه الحالات تبقى معدومة الأعراض ولا تشكل أي خطر على الصحة. ويضيف “ربما يموت ثلاثة في المئة فقط من الرجال بسبب سرطان البروستاتا. صحيح أنها نسبة مقلقة، وتمثل عدداً كبيراً من الرجال، بيد أنها لا تصل إلى النصف” [كما يظن بعض]. ويضيف أن المشكلة تكمن في “تشخيصنا حالات كثيرة جداً من سرطان البروستاتا”، فيما نخفق في تحديد الثلاثة في المئة من السرطانات العدوانية التي ستنتشر أكثر في الجسم وتصبح مميتة، كما في حالة هوي.

ولكن ما المشكلة في أن نعكف مثلاً على فحص كل رجل تجاوز الـ40 من العمر، ونقدم له العلاج المناسب إذا اكتشفنا وجود سرطان في البروستاتا، تحسباً لأي تطور سلبي محتمل؟ تكمن المشكلة في أن العلاجات المعمول بها حالياً، أي الجراحة والعلاجين الهرموني والإشعاعي، تنطوي جميعها على مخاطر. الجراحة وحدها قد تسبب آثاراً جانبية عدة، من بينها سلس البول مدى الحياة والضعف الجنسي. ربما يكون هذا ثمناً مقبولاً إذا كان العلاج سينقذ حياة المريض، ولكن ليس إذا كان السرطان من النوع الذي لن ينتشر أساساً.

كثيراً ما يخضع الرجال الذين تسجل نتائجهم مستويات مرتفعة في تحليل الـ”بي أس أي” لسلسلة من الفحوص المقلقة والمكلفة، التي تتطلب غالباً إجراءات طبية مؤلمة داخل الجسم [مثل أخذ خزعة، أو استخدام منظار أو جراحة بسيطة أو حتى فحص المستقيم بالإصبع]. ومع ذلك، يتبين أن 80 في المئة منهم لا يعانون السرطان أصلاً. يقول لامب، وهو أيضاً باحث وطبيب ممارس في “معهد بارتس للسرطان” في بريطانيا “يتصور الناس أن الحل يكمن ببساطة في ابتكار فحص طبي، واكتشاف كل حالة من المرض، ثم معالجتها. ولكن هذا النهج لا يجدي نفعاً بالتأكيد في حال سرطان البروستاتا”.

ولهذا السبب، يبذل الباحثون جهوداً حثيثة من أجل إيجاد فحص طبي أكثر فاعلية وكفاءة مقارنة مع الفحوص المتوافرة حالياً، وقد حمل هذا الشهر أخباراً عن احتمال إطلاق اختبار طبي جديد، يتمثل بفحص منزلي بسيط للعاب يحدد الرجال الذين يحملون خطراً وراثياً مرتفعاً للإصابة بسرطان البروستاتا.

وتشير دراسات أولية إلى إمكانية اكتشاف أكثر من 12 ألف ورم في مرحلة مبكرة من الإصابة. تولت تطوير الفحص مجموعة من العلماء الدوليين في “معهد بحوث السرطان” داخل لندن. ومن طريق تحليل عينة صغيرة من اللعاب، يرصد الفحص أكثر من 160 متحوراً وراثياً مرتبطاً بسرطان البروستاتا، ثم باستخدام الذكاء الاصطناعي يقوم بتحديد مستوى الخطر الذي ربما يتهدد الفرد.

وفي التجارب، اكتشف اختبار اللعاب عدداً أكبر من سرطانات البروستاتا مقارنة مع فحص الـ”بي أس أي” المعتمد حالياً، وحدد أنواعاً أكثر عدوانية، إضافة إلى أن النتائج الموجبة [تأكيد الإصابة] الخاطئة التي قدمها كانت أقل. ومن بين الرجال الذين اكتشف الفحص الجديد أنهم عرضة لخطر محتمل، ثم خضعوا بناءً على ذلك لتصوير بالرنين المغناطيسي (MRI) وخزعة، شخصت هذه الفحوص 40 في المئة منهم بسرطان البروستاتا، مقارنة مع 25 في المئة فقط ممن سجلوا مستويات مرتفعة من الـ”بي أس أي” [الفحص التقليدي]. والمثير للاهتمام أنه [الفحص الجديد] كشف حتى عن سرطانات لم ترصدها فحوص الرنين المغناطيسي.

الرجال يستهترون بأعراض مثل الانتفاخ أو وجود دم في البول أو البراز أو خسارة الوزن غير المبررة معتقدين أنها تدل على تقصير في الاهتمام بصحتهم         السيد كريس إيفانز

البروفيسورة روز إليس من “معهد بحوث السرطان” تصف الفحص الجديد بأنه “بسيط نسبياً” و”غير مكلف”، قائلة إنه ربما يساعد في “قلب موازين سرطان البروستاتا” [تحسين الكشف المبكر عنه، بالتالي زيادة فرص النجاة وتقليص التأثيرات السلبية]. وتقول إنه من طريق الكشف المبكر عن السرطان وخفض عدد الرجال الذين يحالون لإجراء اختبارات تكون نتائجها سالبة [عدم الإصابة] في النهاية [ويكونون بذلك خضعوا لفحوص غير ضرورية]، يمكن لهذا الفحص أيضاً “أن يوفر نفقات كبيرة على “هيئة الخدمات الصحية الوطنية” في بريطانيا. أما حجم التوفير المتوقع فهو 500 مليون جنيه استرليني كل عام.

ليس فحص اللعاب جاهزاً بعد لطرحه لدى “هيئة الخدمات الصحية الوطنية”. وشملت التجارب الأولية رجالاً أوروبيين فحسب، على رغم أن الرجال من أصل أفريقي أكثر عرضة للإصابة بسرطان البروستاتا بمرتين وأكثر عرضة للوفاة بسببه بمرتين. مرد ذلك، على الأرجح، إلى عومل وراثية جينية مختلفة تؤثر في تطوره وتجعلهم أكثر عرضة له. ولكن منذ ذلك الحين، أدخل العلماء تحديثات على الفحص ليشمل السمات الجينية المغايرة الموجودة لدى الرجال المتحدرين من أصول أفريقية وآسيوية، وما زالت التجارب مستمرة. والآن، يخضع الرجال الذين كشفت نتائج الفحص عن مستويات عالية من الأخطار الجينية لديهم للمراقبة الطبية، لمعرفة ما إذا كانوا سيصابون بالمرض في المستقبل على غرار النساء اللاتي يحملن الجين الوراثية “بي آر سي أي” BRCA (التي سلطت الضوء عليها النجمة أنجلينا جولي)، واللاتي يستوفين شروط الخضوع لفحوص الثدي بصورة متكررة.

وفي هذه الأثناء، تعكف المؤسسة الخيرية “سرطان البروستاتا في المملكة المتحدة” Prostate Cancer UK على إطلاق برنامج بحثي بقيمة 42 مليون جنيه استرليني، يشارك فيه مئات الآلاف من الرجال. تجربة “ترانسفورم” (التحول) TRANSFORM، كما تسمى، ستعقد مقارنات بين فحوص مختلفة، من بينها الفحوص الجينية الوراثية، بهدف تحديد الطريقة الأنجع التي ينبغي اعتمادها عند فحص الرجال للكشف عن سرطان البروستاتا. ولكن ستستغرق الدراسة ثلاثة أعوام في أقل تقدير قبل التوصل إلى البيانات الأولية.

البحث الذي يتولاه الباحث لامب وتموله مؤسسة “بحوث السرطان في المملكة المتحدة”، لا يركز على الحمض النووي البشري الـ”دي أن أي” DNA، بل على التركيب الجيني الوراثي الذي تتسم به أورام سرطان البروستاتا نفسها، في محاولة للتمييز بين أنواع السرطان المميتة من جهة، والأورام غير المؤذية من جهة أخرى. ويحدوه أمل في أن يقود هذا الجهد في نهاية المطاف إلى فحوص قادرة على رصد هذه الخلايا السرطانية العدوانية عبر التصوير بالرنين المغناطيسي، أو باستخدام فحص دم بسيط، لا سيما أن خلايا الورم تتسرب إلى مجرى الدم.

كريس هوي يحتفل بفوزه بالميدالية الذهبية خلال أولمبياد 2012 (غيتي)

 

وفي غضون ذلك، أعلن رائد الأعمال في مجال التكنولوجيا الحيوية والبروفيسور السير كريس إيفانز عن تطوير فحصين طبيين آخرين، أحدهما لسرطان البروستاتا والآخر لسرطان الخصية. وبصفته المؤسس والرئيس العلمي لـ”إي دي أكس ميديكال” EDX Medical، الشركة المتخصصة في تشخيص السرطان والوقاية منه، ابتكر إيفانز “اختباراً فائق الدقة”، كما يسميه، لسرطان البروستاتا. ويزعم أنه بمساعدة خوارزميات الذكاء الاصطناعي المتطورة، يستطيع فحص الدم الذي ابتكره الكشف عن وجود خلايا سرطانية، وتحديد مراحل السرطان المبكرة والمتأخرة، ومعرفة ما إذا كان الورم بطيء النمو أو عدوانياً، إضافة إلى تقييم الأخطار الجينية والوراثية، من ثم المساهمة في تحديد أفضل الخيارات العلاجية بناءً على النتائج.

ومن المتوقع، وفق البروفيسور إيفانز، أن يقلص [التحليل] الذي يتسم بدقة أكبر مقارنة بتحليل الدم “مستضد البروستاتا النوعي” (PSA)، من الحاجة إلى فحوص التصوير بالرنين المغناطيسي غير الضرورية. كذلك سيقلل الحاجة إلى فحوص المستقيم بالإصبع” [للتأكد من حجم البروستاتا والتحقق من وجود أي ورم].

حصل الاختبار على براءة اختراع، ولكنه ما زال يخضع لتجارب إضافية، فيما ينوي العلماء إطلاقه خلال وقت لاحق من العام الحالي أو أوائل عام 2026. صحيح أن الفحص جاء بعد فترة طويلة من تشخيص إصابة [البطل الأولمبي كريس] هوي بسرطان البروستاتا، ولكنه يقول متحدثاً عن فحص البروستاتا الذي طورته شركة “إي دي أكس”، “أدرك الآن الحاجة إلى إيجاد فحوص أفضل وأكثر دقة لسرطان البروستاتا، وأرحب بهذه المبادرة من كل قلبي”.

ولكن قبل ذلك، يعتزم إيفانز إطلاق فحص دم لسرطان الخصية، ويزعم أن دقته تصل حتى 99 في المئة. صحيح أن هذا النوع من السرطان يعد نادراً نسبياً، بيد أنه يصيب نحو ألفين و400 رجل في المملكة المتحدة كل عام. ولكن يتميز بأنه أحد أكثر أنواع السرطانات القابلة للشفاء، إذ يبلغ معدل النجاة منه 95 في المئة. ومع ذلك، يكون تأثيره مدمراً أحياناً، لا سيما بالنسبة إلى الشباب، إذ يبدو أنه أكثر شيوعاً بين أوساط الرجال الذين تراوح أعمارهم ما بين 15 و45 سنة، من بينهم الممثل جاك جيمس راين الذي يشارك في المسلسل البريطاني “شارع كورونيشن” Coronation Street، إذ شخصت الفحوص إصابته في سن 19 سنة، وفي بعض الحالات يؤثر سلباً في الخصوبة لدى هؤلاء.

يقول راين “حتى الآن، يرتبط سرطان الخصية بوصمة عار كبيرة خصوصاً في ما يتعلق بعملية الفحص الجسدي. فحص دم بسيط كفيل بالتخلص من الإحراج والشعور بالإزعاج”.

وفق إيفانز، تصل دقة الفحص إلى 99 في المئة، مضيفاً أن “الدقة تشكل العامل الأهم. وهكذا، يمكن للناس متابعة العلاج أو ببساطة التوقف عن القلق بعد التأكد من سلامتهم”. ويتابع أن رجالاً كثراً يؤجلون زيارات الطبيب الخاصة بسرطانات الذكور [البروستاتا والخصية] بسبب الشعور بالخجل، حتى عندما تظهر لديهم أعراض سرطان البروستاتا أو الخصية.

وأكمل قائلاً “لا يرغب الرجال في فحص أجسامهم بأنفسهم (الفحص الذاتي)، وحتى إذا لاحظوا وجود كتلة، فإنهم يتجاهلونها ظناً منهم أنها ناتجة من ممارسة التمارين الرياضية. كذلك يستهينون بأعراض مثل الانتفاخ، أو وجود دم في البول أو البراز، أو حتى فقدان الوزن من دون سبب واضح، معتقدين أنها دليل على ضعف لديهم أو عدم الاهتمام بصحتهم. ويشعرون بحرج من التحدث عنها، خصوصاً إلى متخصصة بالطب العام. أضف إلى ذلك الخوف الذي يعتريهم من فحص “الإصبع في الشرج”.

سيكون الفحص الجديد “إي دي أكس” لسرطان الخصية متاحاً للاستخدام خلال أسابيع. ولكن الجانب السلبي أنه سيتوافر في العيادات الخاصة فحسب. وعلى رغم أن الأسعار لم تحدد بعد، يقول إيفانز إنه سيكلف نحو “مئات الجنيهات”.

ويضيف “أعتقد أن العلاج الفاعل للسرطان سيتحقق من طريق إجراء فحوص الكشف المبكر عن المرض، إضافة إلى العلاج بالأدوية الدقيقة، المصممة لمهاجمة المرض بأقل آثار جانبية. وفي المستقبل، أرى أن الناس سيعودون إلى العمل بعد أسبوعين من العلاج، من دون الحاجة إلى علاج كيماوي، أو تساقط الشعر، أو مكابدة تأثيرات سامة، أو الحروق الناتجة من الأشعة، أو أي ندوب. ولكن بلوغ تلك المرحلة يتطلب اكتشاف أنواع السرطانات التي تحتاج فعلاً إلى تدخل علاجي في مرحلة مبكرة جداً. أعتقد أن الفحوص الجديدة ستساعد في ذلك”.

© The Independent

المزيد عن: سرطان البروستاتاسرطان الخصيةأبحاث طبيةالاختراقات العلميةالفحوص الطبية

 

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili