"حتى لو وقع حدث على الإنترنت فهذه المشاعر ليست افتراضية، بل حقيقية وبالتالي يمكن أن يكون شعور المرء بالصدمة حقيقياً أيضاً"، كما تقول المعالجة النفسية الدكتورة داريا كوس (غيتي) تكنولوجيا و علوم هل ترتكب الجرائم في عوالم الواقع الافتراضي؟ by admin 15 مارس، 2024 written by admin 15 مارس، 2024 153 اتخذ عالم “ميتافيرس” المرح والمبهج منعطفاً مظلماً وتسبب بأضرار ملموسة وكبيرة، وفي الآتي نرصد ثقافة الاغتصاب وكراهية النساء المستشرية في العوالم الافتراضية، ونسأل كيف يمكننا جعل هذه التجارب آمنة؟ اندبندنت عربية / إيلي ميور أتذكرون عندما أطلقت شركة “ميتا” تلك الحملة المستقبلية في أكتوبر (تشرين الأول) 2021، حين استعرض مارك زوكربيرغ بشخصيته الافتراضية (أفاتار) قصره الافتراضي البراق والفخم؟ كانت الشركة حينها قد غيرت لتوها اسمها من فيسبوك [إلى ميتا]، وأدلى رئيس منصة التواصل الاجتماعي بخطاب استمر ساعة من الوقت شرح لنا فيه لما يعد الـ “ميتافيرس” بمستقبل مشرق ومثير. زوكربيرغ قال حينها وبينما كان يمر بجانب خزانة علقت فيها أزياء مختلفة لشخصيته الافتراضية، “سنتمكن من التعبير عن أنفسنا بطرق فرحة وبانغماس تام”. ثم ظهر نائب رئيس الشؤون الدولية نيك كليغ والتواصل على الشاشة على نحو مثير للغرابة بعض الشيء، ليناقش إعدادات الخصوصية. وأضاف زوكربيرغ بعدها أنه “يمكن للنسخة المقبلة من الإنترنت أن تحقق ذلك الشعور بالتواصل والحضور العميق، وهذا هو جوهر الـ ’ميتافيرس‘”. ومهما كانت توقعات زوكربيرغ في عام 2021 بالنسبة إلى مستقبل الـ “ميتافيرس” إلا أنها بدت بعيدة جداً من الحياة اليومية للأشخاص العاديين، أو هكذا اعتقدنا. لكن اعتباراً من نهاية عام 2023 تظهر الأبحاث أن “ميتافيرس” شهد نمواً كبيراً واجتذب إليه عدداً كبيراً من المستخدمين. وكشفت إحدى الدراسات بأن 66 في المئة من الأطفال في المملكة المتحدة جربوا الواقع المعزز أو الافتراضي، فيما يستخدم 25 في المئة منهم الواقع الافتراضي كل أسبوع، ففي يونيو (حزيران) وسعت “ميتا” دائرة مستهلكي منتجاتها عندما خفضت الحد الأدنى لسن المستخدمين المؤهلين دخول الـ “ميتافيرس” من 13 سنة إلى 10 سنوات، وفي هذه الأثناء أعلنت بعض شركات تطوير الواقع الافتراضي بالفعل زيادة مبيعاتها ست أضعاف منذ يوم عيد الميلاد عام 2023، ومع ارتفاع أعداد مستخدمي الـ “ميتافيرس” فإن الخطاب المتفائل الذي تستخدمه شركات التكنولوجيا يتناقض بشكل حاد مع الواقع الأكثر كآبة. وفي الثاني من يناير (كانون الثاني) أفادت التقارير أن الشرطة البريطانية تحقق في اعتداء جنسي افتراضي تعرضت له الشخصية الافتراضية لإحدى الفتيات، وهي المرة الأولى التي تنظر فيها السلطات البريطانية في قضية من هذا النوع، ولا نملك كل تفاصيل الواقعة لكننا نعرف وحسب بأن عمر الفتاة كان أقل من 16 عاماً عند وقوع الحدث، وأنها كانت تلعب لعبة تنغمس من خلالها في العالم الافتراضي باستخدام نظارة وسماعة الواقع الافتراضي حين تعرضت شخصيتها الافتراضية للاغتصاب من عدة شخصيات أخرى، ومع أن النساء يحاولن دق ناقوس الخطر في شأن ثقافة الاغتصاب في الـ “ميتافيرس” وكراهية النساء التي غالباً ما يظهرها اللاعبون المجهولون الموجودون في هذا الفضاء، تعتبر هذه القضية سابقة من ناحية حصول تدخل قانوني بعد وقوع اعتداء جنسي في عالم مجسمات ثلاثية الأبعاد. ويطلق مصطلح الـ “ميتافيرس” على كل تلك البيئات الافتراضية حيث تتفاعل الشخصيات الافتراضية للمستخدمين، ويمكن دخول هذا العالم عبر وضع جهاز فيه تقنية الواقع الافتراضي يثبت بالرأس ويسمح للإنسان من خلال شخصيته الافتراضية أن يتحرك ويتواصل ويتفاعل مع غيره من البشر بشكل افتراضي، ويمكن للمرء داخل الـ “ميتافيرس” أن يتبضع ويصيد السمك ويشارك في اجتماعات أو يشرب كأس جعة افتراضي أثناء حضور حفل موسيقي في ملعب، في حين أن هذه الحدود الجديدة توفر كثيراً من الاحتمالات المثيرة، إلا أن الخبراء يثيرون مخاوف في شأن الافتقار إلى التنظيم داخل عوالم الواقع الافتراضي هذه. وحالياً هناك مساءلة محدودة للأفراد الذين ينتهكون سياسات مكافحة إساءة الاستخدام التي تحددها المنصات والتي غالباً ما تطبق بشكل فضفاض. المعالجة النفسية والباحثة في شؤون الـ “ميتافيرس” نينا جاين باتيل التي تتخذ من لندن مقراً لها، كانت من أوائل الأشخاص البالغين الذين شاركوا علناً تجربة تعرض شخصياتهم الافتراضية لاعتداء جنسي، فقد دخلت السيدة إلى منصة “ميتا” الاجتماعية في الواقع الافتراضي “هورايزون وورلد” باستخدام جهاز “ميتا أوكولوس-2” من منزلها حين تعرضت شخصيتها الافتراضية “لاغتصاب جماعي” بحسب قولها، بعد مرور دقيقة على وجودها في الغرفة، وكما تخبرني باتيل “فلا أعتقد حتى أن دقيقة واحدة كانت قد مرت على وجودي فيها، وأخذت أربع شخصيات افتراضية لذكور تضايقني بالكلام، ثم تابعت بالاعتداء على شخصيتي الافتراضية”، وقد صرخ بها أحد الرجال وقال “لا تتظاهري بأن ذلك لم يرق لك”، فيما تابع آخر “اذهبي لتمارسي العادة السرية” مع أن باتيل طلبت منهم التوقف مرات عدة، وأضافت “انتقلت إلى مكان آخر في الغرفة لكن ذلك لم يثنهم عن مواصلة اعتدائهم، فقد قللوا من احترامي واعتدوا عليّ ولم يتوقفوا، بل استمروا وازدادوا عدائية”. فيما لا يحدث إيلاج في الاغتصاب الافتراضي لأن الشخصيات الافتراضية لا تملك أي أعضاء تناسلية، ويمكن للمستخدمين أن يقوموا بمحاكاة لممارسة الجنس والجنس الفموي من خلال الوضعيات المثيرة التي تتخذها شخصياتهم الافتراضية، وإن أضفنا إلى ذلك استخدامهم لأصواتهم من أجل القيام بإيحاءات جنسية مزعجة فذلك يعني بأن الشخصيات الافتراضية قادرة على إقحام نفسها في مساحة الآخرين الشخصية من دون موافقتهم. وفي ظل التقدم التكنولوجي في صناعة أجهزة سماعات ونظارات الواقع الافتراضي، إضافة إلى دمج أصوات اللمس وتعزيز الحواس فيها، قالت النساء اللواتي أبلغن عن التعرض لاعتداء جنسي في الـ “ميتافيرس” إن التجربة بدت حقيقية حتى من دون اللمس الجسدي المباشر. “حتى لو وقع حدث على الإنترنت فهذه المشاعر ليست افتراضية، بل حقيقية وبالتالي يمكن أن يكون شعور المرء بالصدمة حقيقياً أيضاً”، كما تقول المعالجة النفسية الدكتورة داريا كوس (غيتي) وأفادت عشرات النساء عن قصص مشابهة، وقالت باحثة من منظمة نشطاء تدعى SumOfUs إن شخصيتها الافتراضية تعرضت للاعتداء داخل منصة “هورايزون وورلدز”. وجاء في التقرير الذي وضعته المنظمة عن الحادثة أنه “بعد مرور ساعة تقريباً على استخدامها المنصة، اقتيدت الباحثة إلى غرفة خاصة في حفلة، إذ اغتصبها مستخدم ظل يطلب منها أن تدير ظهرها كي يجامعها من الخلف ويتسنى للمستخدمين الموجودين خلف النافذة أن يشاهدوا ما يحدث، وفي هذه الأثناء أخذ مستخدم آخر موجود في الغرفة بالمشاهدة وتمرير زجاجة فودكا على الآخرين”. وتفيد دراسات عدة أن فضاءات الـ “ميتافيرس” تفتقد إلى التنظيم والضبط من ناحية مراقبة الاعتداءات الجنسية وحماية الأطفال. ووجد تقرير حديث وضعته الجمعية الوطنية لمنع القسوة ضد الأطفال (NSPCC) أن شركات التكنولوجيا “لا تعطي الأولوية لسلامة الأطفال على المنصات” التي تسجل اعتداءات جنسية ضدهم، وقال مساعد رئيس قسم سياسة سلامة الأطفال على الإنترنت في الجمعية ريتشارد كولارد لـ “اندبندنت” إن الاعتداءات الجنسية في العالم الافتراضي “تخلف آثاراً مدمرة على الأطفال”، وإنه في العالم الذي يتيح تجربة الانغماس ويعزز التجارب الحسية “يمكن الشعور بالأذى بشكل مماثل جداً لعالم الواقع”. وعلى رغم ورود كثير من التقارير التي تثبت بأن بيئات عدة في الواقع الافتراضي تدعم إجمالاً ثقافة الاغتصاب، يشكك بعضهم في شرعية ما يمكن تصنيفه على أنه اغتصاب أو اعتداء في الـ “ميتافيرس”، ويبدو أن السؤال المطروح في هذه النقطة واضح، إن شعرت هؤلاء اللاعبات بضيق في مساحات الواقع الافتراضي، فلماذا لم ينزعن الجهاز عن رؤوسهن ويطفئن اللعبة تماماً؟ “في هذه الفضاءات اختلاط كبير بين البالغين والأطفال من دون أي إنفاذ حقيقي للقوانين” كما يقول كالوم هود، رئيس الأبحاث في مركز مكافحة الكراهية في الفضاء الافتراضي (غيتي) حسناً، جوابي على ذلك هو أن لم تتمكن المرأة أو الفتاة من الجلوس في أكثر مكان آمن متاح لها، أي منزلها، كي تلعب لعبة تستمتع بها، فما الذي يخبرنا به هذا الأمر عن وجود كراهية النساء والاعتداء على هذه المنصات؟ الدكتورة فريتي ماكنتوش، باحثة ومن كبار المحاضرين في الواقع الافتراضي والواقع الممتد، (مصطلح يشمل الواقع الافتراضي والمعزز والمختلط) في جامعة غرب إنجلترا، وقد شاركت في إعداد تقارير مهمة عن الموضوع، ووضعت أحدها لمصلحة الجمعية الوطنية لمنع القسوة ضد الأطفال بعنوان “حماية الأطفال وتقنيات الانغماس”، إلى جانب تقرير لمصلحة هيئة الهندسة والتكنولوجيا بعنوان “الحماية في الـ ’ميتافيرس‘”. وتخبرني ماكنتوش أنه يجب التعامل بجدية مع الأثر النفسي للاعتداء الحاصل في الواقع الافتراضي، لأن هذه التجربة قد تثير مشاعر مماثلة لحادثة تحصل في العالم الحقيقي وغير الافتراضي، وهي تشرح هذه النقطة من خلال “عملية الاندماج” حين ترتبط الشخصية الافتراضية التي تمثلنا بشخصيتنا الحقيقية، وهو ما قد يعززه إما وجود شخصية افتراضية مشابهة للشخص شكلاً، أو استخدام هذا الشخص صوته الحقيقي لمخاطبة الآخرين في تلك العوالم الافتراضية. ومع تقدم التكنولوجيا تتلاشى الخطوط الفاصلة بين الواقع والواقع الافتراضي، وتشرح ماكنتوش بأنه ” تفاعل حي ويشعرك بالشخصية، فأنت تتحدث بصوتك الطبيعي فيما تحاكي حركاتك الافتراضية تحركات جسمك في الواقع، ولذلك فمن خلال هذه الإشارات النفسية تعتقد أن هذا الشخص حقيقي، فتتبنى بسرعة سلوكاً مماثلاً لسلوكك في الوضع الاجتماعي الطبيعي، وكما يحدث في الوضع الاجتماعي الحسي الملموس بكل أشكاله حين ينتهك أحدهم قواعد المساحات الشخصية، ومع أن التجربة مختلفة في الـ ’ميتافيرس‘ إلا أنها قوية جداً ويمكن أن يتأثر بها المرء نفسياً بطرق لم نعتدها في ثقافتنا”. من جهتها تقول لي الأستاذة المساعدة في مادة علم النفس في جامعة “نوتنغهام ترينت” الدكتورة داريا كاس، إن أي شخص تعرض للتحرش الجنسي على أرض الواقع سيعيد الاعتداء الافتراضي تذكيره بذلك الاعتداء الجنسي الجسدي، ويمكن أن “يعيد إحياء الصدمة” التي عاشها قبلاً. وفيما تقول كاس إنه لا يوجد دليل يشير إلى أنه يمكن المساواة بين الاعتداء الافتراضي وتجربة التعرض للاعتداء الجنسي على أرض الواقع، فإن الحالتين قد تثيران مشاعر مشابهة، ويجب تقدير مشاعر الشخص بعد تعرضه للاعتداء في الفضاء الافتراضي، وتتابع “حتى لو وقعت الحادثة في الفضاء الافتراضي فإن المشاعر ليست افتراضية، بل حقيقية وبالتالي يمكن أيضاً أن يعيش الانسان الصدمة على أنها حقيقية”. وتضيف ماكنتوش أن الاعتراض الذي يأتي على شكل سؤال “لماذا لم تطفئ جهازك ببساطة؟” غالباً ما ينزع اللوم عن المعتدي ويحمّله للضحية، وتقول “هناك الفكرة التي تقول لو لم يرق لك هذا فلا تلعب مع الصبية الكبار، لكن مجرد الميل في تقارير الإعلام ومنتديات منصات التواصل الاجتماعي إلى توجيه اللوم نحو الضحايا لأنهم لم يشغلوا إعدادات الخصوصية، أو لم يستبقوا بشكل ما هذه الحادثة الصادمة عبر نزع السماعات في الوقت المناسب، يبعد الضوء عن اللاعب المعتدي ويحول الضحية إلى شخص ساذج أو شخص جلب هذا الفعل ‘لنفسه'”. ميتا – فيزيقي أشاهد تسجيلاً تظهر فيه شخصية افتراضية لرجل يصدر أصواتاً فيها إيحاءات جنسية أثناء ملاحقته شخصية افتراضية لامرأة في أرجاء الغرفة في تطبيق “تشات في آر” الافتراضي Chat VR (وهو أكثر التطبيقات الاجتماعية الافتراضية تقييماً على ’ميتا‘)، وهو يستمر بالتحرش بها مع أنها طلبت منه الكف عما يفعله، وهذه المرة لا يحصل ذلك لباتيل بل لشخصية أنثى افتراضية في فيديو يعرضه أمامي رئيس قسم الأبحاث في مركز مكافحة الكراهية في الفضاء الافتراضي (CCDH) كالوم هود. وفي عام 2021 راقب هود من مكتبه اللندني تطبيق “في آر تشات” لمدة 11 ساعة ونصف، وسجل أكثر من 100 انتهاك لقوانين “ميتا”، إذ صادف مثالاً على وقوع اعتداء كل سبع دقائق. قال لي وهو على وشك أن يبدأ عرض التسجيل، “أريد أن أحذرك بأنه غريب جداً”، قبل أن أشاهد في الفيديو أحد مستخدمي التطبيق وهو يعرض رسوم هنتاي الإباحية (وهي شخصيات مصورة يابانية تمارس الجنس) على مرأى جميع من في الغرفة ومن دون موافقتهم. “كنت أدخل بين الفينة والأخرى إلى مساحة معينة وأرى فيها سيدة، ثم يتحلق المستخدمون الذكور حولها ويضايقونها”، كما يقول هود الذي يضيف بأن المضايقة والتحرش القائم على النوع الاجتماعي حدث متكرر في تطبيق “في آر تشات”. أبلغ هود شركة “ميتا” عن كل هذه التجاوزات بلا فائدة، فلم يلق أي رد، ويقول “أتيحت لشركة ’ميتا‘ الفرصة للتصرف حيال هذه الحسابات التي حددنا هويتها لكنها لم تفعل، بحسب علمنا، كما تعاني إجراءات الإبلاغ التي وضعتها ’ميتا‘ من مواضع خلل عدة تزيد تعقيد عملية الشكاوى الشاقة أساساً، واكتشف مركز مكافحة الكراهية في الفضاء الافتراضي أن ’ميتا‘ لا تقبل أي تقرير لا يمكنها التعرف إلى أسماء المستخدمين المذكورين فيه، ولذلك فإن غيّر أحد المعتدين اسمه في اللعبة فسيفلت من العقاب، ويمكنه بالتالي أن يواصل استخدام منصات ’ميتا‘ بكل حرية”. ويؤكد هود أنه “من المهم أن يتمكن المستخدمون من الإبلاغ بسهولة عن الحوادث في هذه البيئات الفوضوية، بخاصة وهم في خضم الحدث”. وقد نشر مركز مكافحة الكراهية تقريراً آخر في مارس (آذار) 2023 ركز على عدم حماية القصر في “هورايزون وورلدز” التابعة لـ “ميتا، فقد دخل الباحثون إلى منصة “هورايزون وورلدز” 100 مرة فوجدوا قُصّراً في 66 زيارة، وسجلوا 19 حادثة اعتداء من البالغين على قصّر ومن بينها إهانات جنسية واضحة ومضايقات عرقية وفيها كراهية للنساء وللمثليين. ” في هذه الفضاءات اختلاط كبير بين البالغين والأطفال من دون أي إنفاذ حقيقي للقوانين”، كما يقول هود عبر مدونة السلوك التي وضعتها لتنظيم التجارب الافتراضية، تخاطب “ميتا” المستخدمين فتقول لهم “لا تروجوا لأي شيء غير قانوني أو فيه إساءة أو قد يؤدي إلى ضرر جسدي، مثل إضفاء طابع جنسي على القاصرين واستغلالهم والاعتداء عليهم”. لكن هود يشرح بأن “ميتا” لو أرادت أن تشدد قوانينها وتحظر كل مستخدم ينتهك سياسات السلوك التي وضعتها، فقد يشكل ذلك تضارب مصالح بالنسبة إليها، لأن “ميتا” تجني الأرباح من مبيعات التطبيقات والميزات داخل التطبيقات وليس من مبيعات أجهزة الواقع الافتراضي، ويضيف “لو حذفت ’ميتا‘ مستخدماً من منصتها فهي تخسر شخصاً لا يعود بإمكانها بيعه أية منتجات بعد ذلك”. تشكل النساء 34 في المئة فقط من نسبة اليد العاملة في شركات التكنولوجيا الأميركية مثل “أمازون” و”أبل” و”فيسبوك” و”غوغل” و”مايكروسوفت”، وفقاً لإحصاءات شركة “زيبيا” للتوظيف (غيتي) تواصلت “اندبندنت” مع أحد المتحدثين باسم “ميتا” فعرض لي مجموعة من “ميزات حماية المراهقين” المتوافرة على المنصة، وقال إن “وضع الخصوصية يُطبق تلقائياً على صفحات المراهقين كي يتسنى لهم أن يوافقوا أو يرفضوا دعوة أي شخص يطلب أن يتابعهم”، وتتوافر ميزة أخرى هي “وضع الصوت” التي تغير أصوات الأشخاص الذين لا يعرفهم المراهق كي تمنحهم “مزيداً من السيطرة على هوية الأشخاص الذين يمكنهم التواصل معهم”، كما عدّد سلسلة من النصائح تسمح للوالدين بحماية صغارهم، مضيفاً أن “ميتا” تعمل مع “أكثر من 500 منظمة نسائية غير حكومية معنية بالسلامة حول العالم من خلال طاولات مستديرة إقليمية ولجنة الأمم المتحدة المعنية بوضع المرأة، لكي تتلقى تعقيباً مستمراً حول أدوات الحماية التي وضعناها” بهدف أن تصبح كل فضاءاتهم “مُرحبة وأمنة للجميع”. حلول حقيقية لمشكلة افتراضية وفي قضية الاعتداء على الشخصية الافتراضية للفتاة القاصر لا تزال القوانين التي يستند إليها غير واضحة، ومن غير المعلوم إن كانت ستتضمن مشروع قانون السلامة على الإنترنت، وهو عبارة عن مجموعة قوانين عمرها عام واحد سُنت لحماية الأطفال والبالغين على الإنترنت. لكن الخبراء يشككون بالفعل في الحيز الذي خصصه مشروع القانون للمشكلة التي سُميت على نطاق واسع “مشكلة التلمس” في “ميتافيرس” عند حصول مشروع قانون الحماية على الإنترنت على الموافقة الملكية التي يتحول بموجبها إلى قانون في أكتوبر (تشرين الأول) 2023، فقد وجهت ماكنتوش وعدداً من زملائها من هيئة الهندسة والتكنولوجيا رسالة مفتوحة إلى “أوفكوم” Ofcom [هيئة تنظيم الاتصالات والبث في المملكة المتحدة]، طالبوا فيها بمراجعة ملحة لطريقة تنظيم فضاءات الواقع الافتراضي “نظراً لخطورة الانتهاكات التي تُرتكب فيها”. ومع ذلك فليست الملاحقة القضائية بتهمة الاغتصاب سهلة، ومن غير المؤكد كيف ستُترجم في العوالم الافتراضية، فمن المعروف على نطاق واسع أن النساء غالباً ما يواجهن عراقيل ضخمة عندما يحاولن الإبلاغ عن قضية اغتصاب، فأكثر من 99 في المئة من قضايا الاغتصاب التي تُبلغ الشرطة عنها في المملكة المتحدة وويلز لا تفضي إلى إدانة، وتخيلوا هذه الصعوبة عند محاولة إثارة قضية اعتداء وقع في العالم الافتراضي. وتقول ماكنتوش، “ليس في تلك المهنة مفهوم مشترك للموضوع فيما يغيب التوجيه فعلياً حول طريقة ملاحقة ومقاضاة شخص يثبت ذنبه في ارتكاب جريمة في هذا الإطار، كما أن هناك قضايا غير محلولة يمكن للحكومة أن تتخذ موقفاً في شأنها، ولذلك نحن مضطرون إلى اكتشاف الأمور أثناء سعينا في هذا الطريق”. هل يمكن أبداً حل مشكلة تلمس الآخرين في “ميتافيرس”؟ تقول لي مارتينا ويلكوف، وهي إحدى مؤسسي صندوق “دبليو إكس آر” WXR ومن الشركاء في هذه المؤسسة التي تتخذ من سياتل مقراً لها وتستثمر في الشركات الناشئة التي تقودها نساء في مجالات الواقع الافتراضي والواقع المعزز، إن “النسبة الضئيلة للنساء العاملات في برمجة التطبيقات التي تتيح تجربة الانغماس ربما تفسر سبب شعور النساء بأنهن مقصيات من هذه البيئة”، إذ تشكل النساء 34 في المئة فقط من نسبة اليد العاملة في شركات التكنولوجيا الأميركية مثل “أمازون” و”أبل” و”فيسبوك” و”غوغل” و”مايكروسوفت“، وفقاً لإحصاءات شركة “زيبيا” للتوظيف. وتقول ويلكوف، “عندما لا يتسنى للأشخاص الموجودين في الغرفة أن يفهموا نقاط الضعف والهشاشة هذه وأن تجربة المستخدمات قد تختلف كثيراً عن تجربة المستخدمين، فذلك يتسبب بضرر أو بخطر محتمل، ولا سيما في الإطار الاجتماعي”، وهي تدرك جيداً فوائد وجود عدد أكبر من النساء الرائدات في صناعة تطبيقات الواقع الافتراضي، لأن وظيفتها تقتضي أن تستثمر بهذه التطبيقات”، وتضيف، “لاحظنا أنه عند تأسيس الشركة على يد مجموعة متنوعة من الأشخاص، سواء نساء ورجال معاً أو أشخاص من أصحاب البشرة الملونة والأصوات غير الممثلة بشكل عام، فعادة ما تشكل فرق عمل أكثر تنوعاً وتتفوق بأدائها على منافسيها، وأعتقد أن عدم الحرص على مشاركة المرأة بشكل كبير في هذه الفرق المعنية بالمراحل الأولى للعمل خطأ إستراتيجي هائل”. وبحسب التقديرات فسيقضي الجيل المقبل من الأطفال 10 أعوام تقريباً في الواقع الافتراضي خلال حياتهم، أي ما يقارب ثلاث ساعات يومياً، وفقاً لهيئة الهندسة والتكنولوجيا، وطبعاً ستنكشف قريباً طريقة تكيف المشرعين مع شكل التفاعل المتغير هذا، إنما في هذه الأثناء ليس معروفاً بعد إن كان المطورون قادرين على جعل منصاتهم تضاهي تسويقهم المبهج. © The Independent المزيد عن: عالم ميتافيرسشركة ميتاالواقع المعززالواقع الافتراضيالاعتداءات الجنسيةمارك زوكربيرغأفاتارالتحرشالشرطة البريطانية 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post جولة محادثات سرية بين أميركا وإيران في مسقط next post صورة كايت “المعدلة” تفجر سؤال ما يخفيه القصر You may also like علماء الفلك يكشفون عن أهم اكتشافات 2024 27 ديسمبر، 2024 شاطئ يتنفس وأمواج عالية.. ظواهر تثير رعب الجزائريين 26 ديسمبر، 2024 غزو الفضاء: نظريات العلم تقارع مشاريع الأحلام 23 ديسمبر، 2024 نهاية الإنترنت… كما نعرفها 23 ديسمبر، 2024 مجرة “أضواء عيد الميلاد” تكشف عن كيفية تشكّل... 22 ديسمبر، 2024 درة التاج في “إمبراطورية غوغل” أمام مصير مجهول 21 ديسمبر، 2024 شواطئ مريخية تُعيد كتابة تاريخ الكوكب الأحمر 20 ديسمبر، 2024 قد تعرضك ساعتك الذكية لمواد كيميائية ضارة 19 ديسمبر، 2024 الغموض يكتنف ظروف “وفاة” روبوت في مكان عمله 11 ديسمبر، 2024 «غوغل» تطور شريحة للحوسبة الكمومية بسرعة فائقة «لا... 11 ديسمبر، 2024