'أودعوا كلماتِهم صرخاتِ أرواحهم الأخيرة، وأنات قلوبهم اليائسة' ثقافة و فنون شعراء كتبوا موتهم في ‘الملاذ الأخير’ by admin 11 يوليو، 2024 written by admin 11 يوليو، 2024 47 كتاب المترجم والكاتب الحسين خضيري بتناول سيرة عشرين شاعرا وأعمالهم آثروا الذهاب إلى الموت على أن يظلوا في انتظاره! The Middle East Online/ محمد الحمامصي لجأ كثير من الشعراء إلى الانتحار، ويحفل كتاب انتحارهم بالعديد من الأسماء على إختلاف ألوانهم وجنسياتِهم ومشارِبِهم، لقد زينوا لأنفسهِم دروب الموتِ طلبا للسكينة التي لم تدرِكهم في الحياة التي لم تحفَل بآلامهم. تعددت واختلفت دواعي انتحارِ الشعراء أيضا، فقد تدفقت تيارات الأمراضِ العقلية والنفسية والجِراحِ العاطفيةِ والعائليةِ، وربما الوحدة وازدياد الشعورِ بالعزلة لتصب كلها معا في قلوبِ هؤلاءِ الذين لم تعد قلوبهم تتسع لمزيدٍ من المَسيرِ في دروبِ الحياة. وهذا الكتاب “الملاذ الأخير.. شعراء كتبوا موتهم” الصادر عن الهيئة العامة لقصور الثقافة واتت فكرته للمترجم والكاتب الحسين خضيري فكرته منذ سنوات، وشرع في العمل عليها، في البداية بدأ بثلاثة عشر شاعرًا تناول سيرتهم وأعمالهم التي تجلت فيها رؤاهم الضبابية عن حيواتهم، فآثروا الرحيل. ثم أتبعتهم بشعراء آخرين حيث تناول سبعة شعراء آخرين آثروا الذهاب إلى الموت، على أن يظلوا في انتظاره!. يقول خضيري “هناك عشرون شاعرًا وشاعرةً أودعوا كلماتِهم صرخاتِ أرواحهم الأخيرة، وأنات قلوبهم اليائسة، القائمة تضم الكثيرين ممن طرقوا أبوابَ الملاذ الأخير، وعنوة فتحوه ليلجوا إلى عالمٍ أكثر عدلًا وسماحةً ورحابة، لكنني اخترت في هذا الكتاب بعضا مِن هؤلاءِ الشعراءِ الذين ماتوا منتحرين وتنبأت كتاباتهم بهذا المصير، وحاولت قَدر الممكنِ أن أجدَ القصائد التي تشي بمكنونِ نفوسِهم اليائسة وإقبالهم على المَوتِ ورفضِهم للحياة. ومن هؤلاء الشعراء: الأميركية سيلفيا بلاث، والشاعر الإسكتلندي جون ديفيدسون، والشاعر الأسترالي آدم ليندسي جوردون، والشاعر الإنكليزي توماس لوفيل بيدوز، والشاعر الأمريكي جون جولد فليتشر، والشاعرة الأمريكية سارة تيسديل، والشاعرة الروسية مارينا سفاتيفا، والشاعرة الأمريكية آن سكستون، والشاعرة السويدية كارين بويه، والشاعر الأميركي جو بولتون، والشاعر الأميركي جون بيريمان، والشاعر الهولندي هيرمان برود، والشاعر البولندي تادوز بوروفيسكي، والبلغارية بيتيا ديوباروفا، والكولومبية ماريّا ميرسيديس كارانزا، والأمريكية وديبورا ديجيس، وغيرهم. ويضيف “البداية كانت مع الشاعرة سيلفيا بلاث، فقد كانت سيلفيا بلاث وآن سكستون وديبورا ديجيس وبيتيا ديوباروفا من الشخصيات التي أوعزت إلي سِيرهم الذاتية ووصراعاتهم النفسية والعاطفية، إلى تقديم هذه المادة للقاريء العربي، ومعالجة مسألة عزوفهم عن الحياة وانصرافهم عنها وانتحارهم، بل ودراسة ما راء هذا وانعكاساته على المجتمع وعلى الشعر والأدب في عالمنا الإنساني الوسيع والضيق في آن. وسيلفيا هي من هي في عالم الأدب والشعر الأميركي، بل والعالمي، والتي في ريعان شبابها رحلت. تزوجَتْ سيلفيا من الشاعر الإنكليزي تيد هيوز في 1956 وعاشا في الولايات المتحدة قبل أن ينتقلا إلى بريطانيا، ورُزقا بطفلين: فريدا ونيكولاس، وقد انتحرَتْ سيلفيا عام 1963 بعد صراعٍ طويلٍ مع الاكتئابِ والانفصالِ الزوجي. ويلفت إلى أنه ما يزالُ الجدالُ حول أحداثِ حياتِها ووفاتِها وعن كتاباتِها وتراثِها، من أعمالِها ديوانُها المشهور “العملاق” و”قصائدُ أخرى” و “أرييل” وكتبَتْ أيضًا “جرَّة بيل” وهي رواية شبه سيرة ذاتية ونشرت قبل من وفاتِها بوقتٍ قصير. ومن قصائدها التي أوردتُها في الكتاب قصيدة “قطيع في ضباب” ومنها: تَنسَحِبُ التِلالُ في شحوبِ حزانى يَظُنُّني الناسُ والنجومُ خذلتُهم يُخلِّفُ القِطارُ خَطًا مِنْ دُخان كمْ بَطئٌ جوادٌ لونُه لونُ الصدأ حوافرُ وأجراسُ أسىً طوال الصَّباح تلطَّخ الصباح غادرتْ وردةٌ. ويتابع خضيري “من الشاعرات التي تناولتهن، الشاعرة التي تعد ظاهرة فريدة في حد ذاتها، ففي عمرٍقصير للغاية أظهرت موهبةً أصيلةً وإتقانًا للغة واستخدام الاستعارات والصور الخيالية. لم تكتب بيتيا ديوباروفا الكثير في عمرها القصير، لكنها أثرت أشعارها ومقطوعاتها النثرية فلسفةً وأظهرت نُضجًا فنيًا ورغبةً مُلحةً في عالمٍ أكثر أمانةً ورُقيًا، وسعادة لبني الإنسان. وتركت بيتيا ديوانًا شعريًا بعنوان “أنا والبحر” ” نُشِرَ بعدَ وفاتِها، في عام1985، وتمَّ طَبْعُ كتابٍ يَحوي إبداعاتِها وخطاباتِها الشخصية ويومياتِها بعنوان “السِّحر الأزرق” والعديدَ من قصائدِها تحوَّلتْ إلى أُغنيات. قيل بأن سبب انتحارها يرجع إلى الأعمال التخريبية التي حدثت في بلغاريا. ودعت بيتيا عالمنا في الخامس والعشرين من أبريل عام 1962م، وغَادَرَتْ الحياةَ في الرابع من ديسمبر عام 1979، فقد لاذت بمثواها الأخير وهي بعد ابنة الساعة عشرة. ومن قصيدة “أيام السبت” نقتطف هذا المقطع: أيَّامُ السَّبت مُهمَلَةٌ أنا همجيةٌ، طيعةٌ، ورشيقةٌ كـ وَشَق مُضجَرَةٌ، مِزاجية تُستنزفني كجرح- شُفيَ وذبُل في رأسي تتداعى المدرسةُ وأنا أبعدُ من أن أكتبَ فوقَ السَّبورات. آلافُ الأنهارِ نحوي تندفع، ألوانٌ وظلالها وقوسُ قزحٍ تَملأُ عينيّ، أستلهمُ إيقاعات من هذي النسوةِ الغجريات قويةٌ للغاية، قويةٌ أنا- كرمٌ في الربيع، ودفعتُ قيثارتي للبكاء، أنا لا أسأل أبدًا، ولستُ أُصغي. أيَّامُ السَّبت أيَّامُ السَّبتِ مهملة أنا همجيةٌ، طيعةٌ، ورشيقةٌ كـ وَشَق مضجرةٌ، مزاجية تُستَنزِفُني كَجُرحٍ- شُفيَ وذبُل ولستُ أعرفُ حتى من أكون. لكنني حين أرتدي زيَّ يومِ الاثنين هذا الزيُّ المدرسي ثانيةً، أصيرُ مثلما كنتُ.. فتاةً طيبةً. ومن الشاعرات أيضا اللاتي يردن بالكتاب “الشاعرة التي أثار رحيلها جدلًا بين قرائها، وترك علامات استفهام كثيرة لدى قرائها ومريدي شعرها، ديبورا ديجيس، فقد وُلِدَتْ في السادس من فبراير عام 1950، لعائلة مهاجرة من هولندا في مدينة جيفرسون، وكانت الطفلة السادسة في أسرة لها عشرة أطفال، وتخصَّصَ والدها في طب السرطان وكانت والدتُها ممرضة. درست ديبورا الفن في جامعة ميسوري، وتحققت كرسامة، تزوجت في سن التاسعة عشرة من تشارلز ديجيس الذي كان طيارًا في القوات الجوية وحين غادر للمشاركة في حرب فيتنام تاركًا إياها مع طفلهما الصغير، بدأت كتابة الشعر. نالت شاعرتنا درجة الماجستير في اللغة الإنجليزية من جامعة ميسوري عام 1982، والماجستير في الفنون الجميلة في الشعر من جامعة أيوا عام 1984. انتهى زواج ديبورا الأول بالطلاق، ومات زوجها الثاني، مات زوجها الثالث إثر مرضه بالسرطان، ونبضت مجموعتُها “ترابيز” بآلام زوجها وآلام فراقه بعد موته. أحدُ قرائِها صرَّح بعد وفاتِها قائلًا: “كنتُ أتمنى لو أن هناك تدخلًا قضائيًا، في موتها حيث إن كتابها “ترابيز” يُعدُّ صرخةً تقول: “أريد أن أموت”. قبل ذلك بعقدين كتبت قصيدتها “من أجل سيلفيا بلاث” التي كانت بمثابة اعتراف إن لم تكن تصريحًا بأنها ستنتحر. ومن قصائدها التي تناولتها في الكتاب قصيدة “أرجوحة” لِتَرَ كيفَ تَحتَضِنُ الظُّلمةَ الأولى – بين ذراعيها- المدينةُ آهِ كالبهلواناتِ همُ الموتى عليكَ أن تَستَقِلَّ قاربًا من يومٍ إلى ما بَعدَه أو تتعلَّقُ بالعوارِضِ الخَشَبيَةِ للجِسْرِ يدًا فَوقَ يَد لكنَّهم يُبحِرونَ كبندولِ السَّاعة بين الأبديةِ والمَسَاء يغوصون، يستردون التوازنَ في الهواء من يُنبئ صغارَ الطّيور هذه السَّاعة عند ساحلِ البَحر هي الأبوابُ تلهو بِفعلِ الرِّيح والأمواجِ في الأنهار يبدون كالأطفالِ في الأراجيح يندفعون أعلى وأعلى لا تَدَعْهم للعشاءِ ها هو وقعُ أقدامِهم في السَّماء كطائرةٍ خلَّفت أذيالَها وراءَها. ويلتقط الخضيري ملمحًا آخر من ملامح المشهد الشعري الأمريكي، نرى فيه الشاعر جون آلان بيريمان الذي يُعد ركنًا رئيسًا من أركان المشهد الشعري في مدرسة الاعتراف، دَرَسَ بيريمان في كلية كولومبيا، ثمَّ التَحَقَ بجامعة كمبردج، في بعثةٍ دراسيَّة. عمل بيريمان أستاذًا جامعيًا في جامعةِ مينيسوتا من عام 1955 حتى انتحارِه، من دواوينه: “الأغاني الحالمة” و”قصائد” ونالَ عنهما جائزة البوليتزر، وله أيضًا “لعبتُه، حُلمُه وراحتُه”. حياة بيريمان الزوجية غير المستقرة عاطفيًا أودت به إلى الإدمان فسلك دربًا سلكه والده من قبله. وأورد هنا قصيدة “أُغنية حالمة” التي عبر فيها بيريمان عن آرائه في الحياة كما رآها: مملة هي الحياة يا رفاق، لا يجب أن نقول هذا. على كلٍ، فالسماء تومض،والبحر العظيم يتوق، نحن أنفسنا نتوق ونومض، وأوصتني أمي صبيًا لا تبح بالملل فذاك يعني ضَعفَ روحِك عَرَفْتُ الآنَ أنّي ضعيفٌ روحيًا، لأني مَلَلّتُ إلى الثُمالة. أصابني الناسُ بالضَّجَر، أصابني الأدَب، لا سيما الأدَبُ العظيم، أصابني بالضَّجَر يُضجِرني هنري، بمسرحياتِه، بشكاياتِه الشريرَةِ كآخيل الذي يحِب الناسَ والفنَّ المبهجَ، الذي يُضجِرُني. والتلالُ الساكِنة، والجنُّ، تبدو ضَجِرَة وبأسلوبٍ ما أخَذَ الكلبُ نفسَه، وذيلَه بعيدًا نَحْوَ الجبال، والبحرِ والسَّماء، تاركًا إيايَّ خَلفَه وهو يهزُّ ذيلَه. ويلفت خضيري إلى شاعر من الشعراء الذين أدموا الأوراق بانغمساهم في الاكتئاب والسوداوية التي أودت بهم إلى الملاذ الأخير، شاعِرٌ غنائي وموسيقي ورسَّامٌ، وُلِدَ في الخامس من نوفمبر عام 1946، وانتَحَرَ في الحادي عشر من يوليو 2001. وحقق نَجاحًا مَرموقا كموسيقي، في السبيعينيات والثمانينيات من القرن الماضي، إنه نجم الروك أند رول الألماني الأعظم، هيرمان برود. كان برود قد تعهد بالإقلاع عن المخدرات، لكنه أخفق في الوفاء بتعهداته، وفي الحادي عشر من يوليو من نفسِ العام، وفي الرابعة والخمسين من عمره، قَفَزَ برود من فوقِ سَطحِ فندق هيلتون أمستردام ليُنهي حياتَه بيدِه، وقد تَرَكَ ورقةً كتبَ عليها: “استمروا، سأراكم.” وتمَّ حرقُ جثتِه بعد خمسةِ أيامٍ من وفاتِه، وقبيلَ مراسِمِ الحَرقِ، نقل الجثمانُ من فندق هيلتون باراديسو أمستردام واصطف الآلافُ من المشاهدين على جانبي الشوارعِ لمتابعةِ الحَدَثِ. كانت لوحات برود التشكيلية ذاتَ قيمةٍ فنيةٍ عالية، حتى إنه تمت سرقتها بعد وفاتِه لارتفاعِ قيمتِها وألهم برود الكثير من الفنانين. تم إنتاج فيلم عن حياة الشاعر مُغني الروك أند رول الأشهر. ومن قصائده قصيدة “ولد سييء”: كسِيرِي القلوبِ يأتي الناسُ ويذهبون احتَسَوا من السمومِ الَمزيدَ يحاولون انتحارٍ يتجرعون الهيروين وينتهون إلى السجون لقضاءِ ما بقي من السنين كسِيرِي القلوبِ يأتي الناسُ ويذهبون احتسَوا من السمومِ الَمزيدَ يحاولون انتحارٍ يتجرعون الهيروين وينتهون إلى السجون لقضاءِ ما بقي من السنين ثمَّ عشبٌ وفير أراك تتعاطى الهيروين هلَّا ألقيتَ نظرةً أسفَلَ الطريقِ لترَ إذا ما كان مُشرِقًا بما يكفي لأجلِك أيُّها الولدُ السييء لك أن تَتَخَيَّلَ أنَّ كلَّ شئٍ جميل لا أوَدُّ أن أرى دُموعًا لا منطقيَّة إلى أن تُدرِكَ السَّبَبَ فسأرحَلُ مِن هنا أيها الولدُ السييء 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post المسرح العمالي في المغرب يطرح سؤال الغياب next post إنعام كجه جي تضيء على ‘لورنا وسنواتها الذهبية مع جواد سليم’ You may also like فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم... 24 نوفمبر، 2024 قصة الباحثين عن الحرية على طريق جون ميلتون 24 نوفمبر، 2024 عندما يصبح دونالد ترمب عنوانا لعملية تجسس 24 نوفمبر، 2024 الجزائري بوعلام صنصال يقبع في السجن وكتاب جديد... 24 نوفمبر، 2024 متى تترجل الفلسفة من برجها العاجي؟ 24 نوفمبر، 2024 أليخاندرا بيثارنيك… محو الحدود بين الحياة والقصيدة 24 نوفمبر، 2024 مهى سلطان تكتب عن: الرسام اللبناني رضوان الشهال... 24 نوفمبر، 2024 فيلمان فرنسيان يخوضان الحياة الفتية بين الضاحية والريف 24 نوفمبر، 2024 مصائد إبراهيم نصرالله تحول الرياح اللاهبة إلى نسائم 23 نوفمبر، 2024 يوري بويدا يوظف البيت الروسي بطلا روائيا لتاريخ... 23 نوفمبر، 2024