افتتاح مهرجان الوثائقي في مونتريال بفيلم حول فلسطين

راديو كندا الدولي / سمير بن جعفر

شاءت الصدف أن يَفتتح القائمون على مهرجان ’’اللقاءات الدولية للوثائقي في مونتريال‘‘ (RIDM) نسخته السادسة والعشرين بفيلم يعالج موضوعا متعلّقا بالقضية الفلسطينية التي هي حديث الساعة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول.

وأُعطيت إشارة الانطلاق أوّل أمس الأربعاء بفيلم ’’باي باي طبريا‘‘ (Bye bye Tiberias) للمخرجة الفرنسية الجزائرية الفلسطينية لينا سوالم.

ويتواصل المهرجان إلى غاية 26 من الشهر الجاري.

وتتبع المخرجة مسار أربعة أجيال من النساء في عائلتها الفلسطينية، بدءًا من تجربتها الخاصة صعوداً إلى جدتها الكبرى التي طُردت من طبريا في فلسطين مثل آلاف الفلسطينيين الآخرين خلال النكبة عام 1948.

وانتقلت بعدها الجدة الكبرى إلى قرية دير حنا العربية التي تبعد نحو ثلاثين كيلومتراً من طبريا.

ومنذ ذلك الحين أصبحت طبريا ودير حنّا جزءًا من تراب دولة إسرائيل التي نشأت من تقسيم فلسطين.

واكتشف الجمهور لينا سوالم كممثلة ثم كمخرجة من خلال فيلمها الوثائقي الأول ’’جزائرهم‘‘ (Leur Algérie) الذي صدر عام 2020.

وفي فيلمها الوثائقي الجديد تركز على والدتها الفلسطينية وهي الممثلة هيام عباس التي عرفها رواد السينما في كيبيك بدور نعيمة في فيلم ’’ملاك من قطران‘‘ للمخرج دوني شوينار والذي صدر في عام 2001.

ومثّل دور الزوج أحمد في الفيلم زوجها في ذلك الوقت ووالد لينا سوالم الممثل زين الدين سوالم.

ومؤخراً، أدّت هيام عباس دور البطولة في المسلسل الأميركي (Succession).

La réalisatrice franco-algéro-palestinienne Lina Soualem à l’ouverture des RIDM 2023, à Montréal, le 15 novembre 2023.. المخرجة الفرنسية الجزائرية الفلسطينية لينا سوالم في حفل افتتاح مهرجان RIDM 2023 بمونتريال يوم 15 نوفمبر/نشرين الثاني 2023.
الصورة: Radio Canada International / samir bendjafer

ولسرد قصة نساء عائلتها وعبرهنّ قصة الشعب الفلسطيني، استعانت بصور من الأرشيف التاريخي وبصور عائلية قام والدها بتصويرها وهي صغيرة بالإضافة إلى ما قامت بتصويره لإنتاج هذا الفيلم الوثائقي.

وفي مقابلة مع راديو كندا الدولي، أوضحت لينا سوالم أنها أرادت من خلال هذا الفيلم الوثائقي ’’إعادة إنسانية‘‘ أولئك الذين تم تجريدهم من إنسانيتهم.

عندما بدأت هذا الفيلم قبل خمس سنوات، أردت تسليط الضوء على حياة النساء الفلسطينيات في عائلتي لأعيد لهن إنسانيتهن حتى يتسنى لهنّ الوجود من خلال قصصهن، لأن هذه القصص غير مرئية. نقلا عن لينا سوالم، مخرجة

وتعتبر لينا سوالم أنّ حياة هؤلاء النسوة ’’ صامتة ومنسية وممحية.‘‘

وبالنسبة لها، ’’ كان من المهم وضع كل ذلك في الفيلم‘‘، كما أضافت هذه المرأة التي عُرض فيلمها لأول مرة في مهرجان البندقية السينمائي وكان العرض الأول في أمريكا الشمالية في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي (TIFF) في سبتمبر/أيلول الماضي.

ولقد تم اختيار فيلم (Bye Bye Tiberias) لتمثيل فلسطين في سباق جوائز الأوسكار.

وفي حديثها قبل عرض فيلمها، لم تتمكن المخرجة من حبس دموعها عندما تحدثت عن حرب غزة.

أفكر بقوة في جميع سكان غزة المعرضين لخطر الموت والذين هم أحفاد اللاجئين الفلسطينيين الذين، مثلي ومثلك، يبحثون عن مكانهم في العالم، وهو ليس فقط غير مُمنوح لهم، ولكنهم ممنوعون من طلب ذلك، وكأنهم لا يملكون الحق في الوجود

.نقلا عن لينا سوالم، مخرجة

ومنذ هجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول، قُتل أكثر من 11.500 فلسطيني في قطاع غزة، ثلثاهم من النساء والأطفال، وقُتل 200 في الضفة الغربية، وفقاW لحركة حماس والسلطة الفلسطينية.

وتضيف المخرجة أنه ’’بالنسبة لنا [الفلسطينيين]، فإن سرد القصص ليس مجرد فن، بل هو كفاح للبقاء.‘‘

وخلال فترة أسئلة الجمهور التي تبعت عرض فيلمها، قالت لينا سوالم إنها في حالة حداد، لكنها أوضحت أن ما تشعر به ’’لا يمثل شيءً مقارنة بكل ما يعيشه أولئك الموجودون في الميدان والذين يكافحون من أجل البقاء ويتعرّضون للقتل.‘‘

وأضافت أنه ’’كفلسطينيين، نحن نتحدث عن تاريخنا منذ طويلة. واليوم، يجب على الجميع [المجتمع الدولي] أن يتحملوا مسؤوليتهم عما يحدث.‘‘

ورداً على سؤال من الجمهور، عادت لينا سوالم إلى موضوع الأرشيف الذي استخدمته. ’’لقد تم تدمير العديد من الأرشيفات الفلسطينية، لا سيما في عام 1948. كما تم تدمير الأرشيفات الأخرى التي كانت في لبنان أثناء الغزو الإسرائيلي [لِلبنان عام 1982]. الأرشيف دليل على وجودنا وعلى تاريخنا‘‘، كما قالت.

وأوضحت أنّ هناك أرشيفات فلسطينية أخرى منتشرة عبر جميع أنحاء العالم.

عُرض الفيلم الوثائقي ’’من هنا، ومن مكان آخر‘‘ (D’ici, d’ailleurs) في افتتاح الدورة السادسة والعشرين لمهرجان ’’اللقاءات الدولية للوثائقي في مونتريال‘‘ (RIDM) بحضور مخرجه شادي بناني (الثاني من اليسار)، ومنتجته (الأولى من اليسار) و الممثلين (الأشخاص الثلاثة الموجودين على يسار المخرج).
الصورة: Radio Canada International / Samir Bendjafer

’’من هنا ومن مكان آخر‘‘ لِشادي بناني

سيتمكّن الجمهور من مشاهدة 138 فيلماً وثائقياً من 47 دولة خلال هذا المهرجان. ومن بينها الفيلم القصير لِشادي بناني الذي تم عرضه قبل فيلم الافتتاح.

أخرج شادي بناني فيلمه ’’من هنا ومن مكان آخر‘‘ (D’ici, d’ailleurs) في إطار إقامة فنية سينمائية ’’نظرات على مونتريال 2023‘‘ التي ينظّمها ’’مجلس الفنون في مدينة مونتريال‘‘.

ويتناول الفيلم بناء الهوية عند شباب الجيل الثاني والثالث الناشئين في عائلات مهاجرة.

وفي مقابلة مع راديو كندا الدولي، أوضح المخرج الشاب الذي تخرج من قسم السينما لجامعة كيبيك في مونتريال (UQAM) عام 2022، ما دفعه لإخراج هذا الفيلم الوثائقي.

أحاول الإجابة على السؤال الذي كنت أطرحه على نفسي منذ عدة سنوات: هل أنا لا أنتمي إلى أي مكان؟ ومازلت أسأل نفسي هذا السؤال. لا أعتقد أن هذه القضية ستنتهي، لكن يمكننا أن نتصالح معها

.نقلا عن شادي بناني، مخرج

ويضيف أنه توصّل إلى هذه ’’المصالحة‘‘ أثناء حديثه مع الشباب أثناء تحضير فيلمه.

وتحدث مع ما لا يقلّ عن 120 طالباً من طلاب المدارس الثانوية الذين شاركوا في محادثات جماعية تلتها مناقشات فردية مع حوالي عشرين منهم لتتوج بهذا الفيلم.

ولا يعتزم شادي بناني الاكتفاء بإخراج الأفلام القصيرة، فهو حيث يعمل حالياً على مشروع وثائقي طويل.

روابط ذات صلة :

• [تقرير] شادي بناني: ’’يكتمل بناء الهوية عندما يتلاشى الجزء ويحلُّ مكانه الكلُّ‘‘

• [تقرير] أضواء على الفيلم اللبناني في فانكوفر

• [تقرير] ’’دنيا وأميرة حلب‘‘ لماريا ظريف أهزوجة تعزف على أوتار الروح

• [تقرير] فيلم قصير حول حواجز التوظيف التي تواجهها النساء العربيات في كندا