الأحد, نوفمبر 24, 2024
الأحد, نوفمبر 24, 2024
Home » إيران… نار تحت الرماد

إيران… نار تحت الرماد

by admin

المناطق التي ذهبت إلى الحدود القصوى في المواجهة مع النظام باتت مستعدة للذهاب إلى الخيارات الأسوأ

اندبندنت عربية / حسن فحص كاتب وصحفي

هذه الصورة وبحسب ما جاء في التعريف الذي نشر حولها على وسائل التواصل الاجتماعي، تمثل أمهات إيرانيات يحملن صورا لأولادهن سقطوا خلال العقود الثلاثة الماضية، واحدة منهن تمثل أحداث عام 1999 أثناء الحركة الاعتراضية الطلابية في جامعة طهران، والثانية تمثل تظاهرات عام 2009 التي عمت إيران اعتراضا على نتائج الانتخابات الرئاسية وعرفت بالحركة الحضراء، والثالثة تمثل التظاهرات الاحتجاجية التي حدثت في الخامس عشر من شهر نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 اعتراضا على رفع أسعار البنزين والأوضاع الاقتصادية والفقر والفساد الذي تعيش فيه إيران.

ثلاثة عقود تجمع بين هذه السيدات والخسارة واحده، لاحد الأبناء الذين خرجوا من أجل المطالبة بحقوقهم الطلابية والسياسية والاجتماعية والحياتية، وعلى هذه المساحة الزمنية ليس من السهل القبول بان الدافع لمشاركة هؤلاء الشبان في التظاهرات الاعتراضية هي دوافع تستهدف الاطاحة بالنظام والتآمر عليه، فالتواطؤ بينهم مستحيل، والتعامل الرسمي للنظام مع الحركات الاحتجاجية انطلاقا من العقلية التآمرية وعدم الإصغاء للمطالب المحقة للشعب الإيراني بالعيش الكريم التي تراكمت على مدى العقود الماضية لا يمكن أن يشكل عامل استمرار للنظام وسياساته، لكنه في المقابل سيساهم في مراكمة الغضب وعوامل الإنفجار في اللحظة التي تصل مستويات التحمل لدى الإيرانيين إلى حدودها القصوى.

ثلاث انتفاضات

ثلاثة عقود بين ثلاث انتفاضات، دأب النظام في كل مرة على إنتاج آليات معالجة لا تخرج عن رؤيته التي تقدم النظام ومصالحه على المطالب الشعبية بكل تنويعاتها الاجتماعية والثقافية والسياسية والمطلبية الاقتصادية، عمليات ترقيعية تعتمد القبضة العسكرية واللغة الأمنية في التعامل مع هذه الاحتجاجات وكل أنواع الاعتراض حتى من داخل بيت النظام، بهدف ضرب وتفكيك أي إمكانية لتشكل مراكز ضغط عليه من خارج السياقات التي يحددها في اطار مصالحه الاستراتيجية. وهذا ما حدث عام 1999 في التصدي العنيف والدموي للحركة الطلابية في جامعة طهران في بدايات عهد الرئيس الاصلاحي محمد خاتمي، وكان الهدف الأول من عمليات القمع هذه تصحيح الخطأ الحاصل في الانتخابات الرئاسية الذي ادى لوصول خاتمي على حساب مرشح النظام ومؤسساته، وثانيا من أجل تفكيك الحركة الطلابية التي تحولت في الحراك الذي قامت به مصدر تهديد لقبضة النظام ومصدر أسئلة حقيقية حول أدائه وهيمنته، ويمكن القول أن النظام وأجهزته حققا نوعا من “الانتصار” إذا جاز التعبير، ونجحا في إفراغ الحركة الإصلاحية من فعاليتها خصوصا في إطار مطلب الاصلاح من داخل النظام، وحولت الحركة الطلابية إلى حركات موالية ومعارضة وبالتالي سحب من يدها امكانية تشكيل تحد حقيقي، الأمر الذي سمح للنظام في الاستمرار في السياسات التي اعتقد أنها تضمن له إحكام قبضته وإسكات كل مصادر الخطر السياسية والاجتماعية والأهلية، وتقدمت سياسة القمع والإسكات وتراجعت إمكانية الإعتراض إلا أنها راحت تتجمع في خلفية الصورة التي خدعت النظام وأعطته حالة من الإطمئنان لتعود وتنفجر في أحداث عام 2009 الاعتراضية على نتائج الانتخابات الرئاسية التي أصر النظام على عدم الاعتراف بالشريك الآخر في “الوطن” الذي يعارض الآلية المتبعة في إدارة البلاد والنظام وعمليات الاقصاء والقمع التي تمارس بحق كل الأصوات الاصلاحية وحتى المعارضة التي لا ترفع شعار تغيير النظام. وشكلت الاحتجاجات التي عمت الكثير من المدن الإيرانية تطورا في حركة الاعتراض الشعبية، وهذه المرة اتسعت دائرتها لتشمل الى جانب ما تبقى من حركة طلابية شرائح واسعة من الطبقتين السياسية والوسطى التي خرجت الى الشارع، لكنها لم تجد ردا على اعتراضاتها سوى آلة القمع والاعتقال الذي طال قيادات مؤسسة في النظام لم تستطع الطبقة الحاكمة تحمل اعتراضهم السلمي فزجت بهم في السجون وفرضت على البارزين منهم الاقامة الجبرية ومنعا للسفر وعقوبات اعلامية منعت حتى من ذكر اسمائهم في وسائل الاعلام.

جركة تراكمية

وإذا ما كان العمل السياسي تراكمي، فان الحركة الاعتراضية أيضا تراكمية في حال لم تلجأ الأنظمة الى المعالجات الجذرية وتلبية الحد الأدنى من المطالب الشعبية بكل تنوعاتها وتنويعاتها، وهذا ما لم يدركه النظام الايراني بكل مؤسساته، الذي استمر في محاصرة أي تجربة تحمل إمكانية التأثير على استمرار قبضته المسيطرة على كل مفاصل ومراكز القرار والادارة في النظام، وأبدى استعدادا للوصول إلى ما بعد المواجهة في الشارع مع كل القوى السياسية والشعبية والحركات المطلبية من أجل الحفاظ على مكتسباته ومصالحه الداخلية والإقليمية، وانطلاقا من هذه الرؤية كان التعاطي والتعامل مع الحركة الاحتجاجية التي انطلقت من مدينة مشهد شرق ايران اعتراضا على دور مؤسسات مالية تابعة لمؤسسات النظام في ضياع مدخرات شريحة واسعة مما تبقى من طبقة وسطى اجتماعية ودفعها نحو الفقر، الأمر الذي فجر موجهة من الاحتجاجات في اكثر من 100 قرية ومدينة. وعلى الرغم من أن النظام وأجهزته استطاعوا السيطرة على هذه الاحتجاجات باقل الخسائر واقصر مدة زمنية، إلا أنهم لم يتوقفوا أمام حقيقة ما يدور في المجتمع الإيراني من تنامي حركة الاعتراض والتململ التي تنذر بامكانية تفجر كبير وواسع. ما جعل أحداث ديسمبر (كانون الأول) 2017 ويناير (كانون الثاني) 2018 بمثابة تحضير شعبي ميداني للتظاهرات والاحتجاجات التي اندلعت في الخامس عشر من نوفمبر 2019 مستكملة “العقد” الفاصل عن احداث 2009، الا انها شكلت نقلة نوعية وحالة اكثر عمقا واتساعا من سابقاتها، وعلى الرغم من انها جاءت في الظاهر اعتراضا على قرار رفع اسعار البنزين، الا انها تعبر عن حالة اكثر عمقا تطال اساس سياسات النظام وادائه على الساحتين الداخلية والاقليمية، وترجيح مصالحه في كل الملفات على مصالح الشعب ورغبته في الانتقال الى حياة طبيعية يستطيع فيها ممارسة حياة سياسية ديقراطية بعيدا عن شبح الرقيب ويكون قادرا على التمتع بالثروات التي تتمتع بها بلاده من دون معوقات او عقوبات تفرضها القوى الدولة لاسباب تخص مصالح النظام.

وإذا ما كان النظام عام 1999 استطاع قمع الحركة الطلابية ووصفهم بالمغرر بهم، واستطاع أن يقمع حركة عام 2009 والتي باتت تعرف في الأدبيات السياسية بالحركة الخضراء ووضعها في خانة “الفتنة”، فإن العنوان الذي اختاره لاحتجاجات 2019 هو “المؤامرة” الخارجية التي تهدف من خلال “الحرب الناعمة والملونة” الاطاحة بالنظام خدمة لمصالح الدول الكبرى والعدوين الامريكي والاسرائيلي، ويكشف حجم القمع والعنف الذي استخدمه النظام في التصدي للتظاهرات والاحتجاجات في كل المدن والمحافظات الايرانية وحجم الخسائر البشرية التي سقطت والتي لا يعرف حتى الان عددها الحقيقي. ويمكن القول إن النظام استطاع وباستخدام “القوة الغاشمة” أن يضع حدا للاعتراضات خلال ايام قليلة، وهي تكشف عن حجم الخوف والقلق الذي يسيطر على اروقة النظام من هشاشة وضعه الداخلي في حال أبدى أي تهاون في عمليات القمع او السماح باستمرار الاعتراضات بشكل سلمي طويل المدى. وقد تحرك للحسم السريع مدفوعا بالتجارب التي تحيط به في العراق ولبنان وما يمكن ان يواجهه في حال تحولت ساحات المدن الايرانية الى ساحات اعتصام وحركات احتجاجية وتظاهر.

الخيارات الأسوأ

إلا أن الحقيقة التي لا يمكنه العبور عنها هي أن ما شهدته المدن الإيرانية مختلف هذه المرة، وأن المناطق التي قررت الذهاب إلى الحدود القصوى من المواجهة وحتى استخدام السلاح في مواجهة قواته وأجهزته الأمنية والعسكرية خصوصا حرس الثورة، باتت على استعداد للذهاب إلى الخيارات الأسوأ، وإن عمليات القتل التي طالت المعترضين والمطالبين بحقوقهم البشرية والاقتصادية والمعيشية الدنيا، ستشكل عامل دفع وإعادة تنظيم للصفوف بانتظار الفرصة السانحة لتعود إلى الانفجار وبشكل أكبر وأوسع، على العكس مما يتوقع النظام الذي ما زال مصرا على التعامل مع الحقوق الأساسية للمواطنين على أنها تهديد للنظام وسيطرته وقدرته. ولن يكون النظام قادرا على الرغم من كل القمع الذي مارسه، القول بأن الأمور والأوضاع قد عادت إلى عهدها السابق ما قبل الاحتجاجات، فالمظاهر الأمنية وحالة الاستنفار الاستخباراتي الذي تقوم به الاجهزة العسكرية والأمنية وأجهزة حرس الثورة وعمليات ملاحقة المحتجين والاعتقالات اليومية التي تجري في العديد من المدن لناشطين في التحركات الأخيرة وتحت عناوين مختلفة أقلها التبعية للخارج والتآمر، ورفض تسليم جثث القتلى لذويهم منعا لتحولها إلى مظاهر احتجاج، كلها محطات تؤكد على أن منسوب الخوف لدى أجهزة النظام مازال مرتفعا، وهذه المرة لا شك أنها أعلى من أي أزمة سابقة، إلى درجة اعتبار النار التي تكمن تحت الرماد بمثابة تحد وجودي له، قد تؤدي إذا ما انفجرت هذه المرة إلى التحول لتهديد حقيقي لاستمراره وبقائه.

المزيد عن: إيران/الانتفاضة الإيرانية/حسن روحاني/محمد خاتمي

 

You may also like

60 comments

expinue 5 سبتمبر، 2021 - 3:53 ص Reply
Propecia 6 نوفمبر، 2021 - 1:00 ص

Synthyroid Without A Prescription

Reply
anashsker 10 نوفمبر، 2021 - 3:51 ص Reply
cialis order online 4 ديسمبر، 2021 - 7:50 ص

Viamedic

Reply
aabbx.store 16 يناير، 2022 - 11:33 ص Reply
ylyglittv 17 يناير، 2022 - 9:00 م Reply
gwypvlizn 17 يناير، 2022 - 11:07 م Reply
zqyzibxse 18 يناير، 2022 - 12:31 ص Reply
khqaygkxf 18 يناير، 2022 - 2:37 ص Reply
xnhiahv 20 يناير، 2022 - 8:20 م Reply
qgalxxw 20 يناير، 2022 - 9:45 م Reply
ksejtwi 20 يناير، 2022 - 11:09 م Reply
ssfgsqw 21 يناير، 2022 - 12:33 ص Reply
adimnki 21 يناير، 2022 - 2:39 ص Reply
zmyuhmp 21 يناير، 2022 - 7:34 ص Reply
yulmfmw 21 يناير، 2022 - 8:16 ص Reply
ywhosfl 21 يناير، 2022 - 9:40 ص Reply
vqsajpi 21 يناير، 2022 - 10:22 ص Reply
lirnytm 21 يناير، 2022 - 11:04 ص Reply
eqfkgcp 21 يناير، 2022 - 12:29 م Reply
mrlokrl 21 يناير، 2022 - 3:59 م Reply
yddqljo 21 يناير، 2022 - 6:05 م Reply
zkklekv 21 يناير، 2022 - 9:35 م Reply
khavrfa 21 يناير، 2022 - 10:17 م Reply
ewqkayt 21 يناير، 2022 - 10:59 م Reply
qrlykmf 21 يناير، 2022 - 11:41 م Reply
fkrfywy 22 يناير، 2022 - 12:24 ص Reply
ypvqonj 22 يناير، 2022 - 1:06 ص Reply
sjqnuto 22 يناير، 2022 - 2:30 ص Reply
xxpttdc 22 يناير، 2022 - 3:54 ص Reply
qrzzrbj 22 يناير، 2022 - 6:42 ص Reply
xnjdgai 22 يناير، 2022 - 8:49 ص Reply
sxgpfyx 22 يناير، 2022 - 9:31 ص Reply
zdagnwe 22 يناير، 2022 - 11:37 ص Reply
wzkssiw 22 يناير، 2022 - 1:43 م Reply
urtuxmk 22 يناير، 2022 - 2:25 م Reply
vhhhcwn 22 يناير، 2022 - 8:44 م Reply
kgeqady 22 يناير، 2022 - 9:32 م Reply
yperveg 22 يناير، 2022 - 11:33 م Reply
qwhbibf 23 يناير، 2022 - 12:14 ص Reply
qilmvod 23 يناير، 2022 - 12:56 ص Reply
luaiazy 23 يناير، 2022 - 1:38 ص Reply
ystzjdj 23 يناير، 2022 - 2:20 ص Reply
kpoaklx 23 يناير، 2022 - 3:03 ص Reply
rahhxod 23 يناير، 2022 - 5:51 ص

крик смотреть онлайн бесплатно фильм онлайн крик

Reply
qgboiwd 23 يناير، 2022 - 6:33 ص

смотреть фильм крик крик фильм онлайн

Reply
patgoxg 23 يناير، 2022 - 7:15 ص Reply
brwfdck 23 يناير، 2022 - 8:39 ص

смотреть крик фильм онлайн крик

Reply
awnqish 23 يناير، 2022 - 9:21 ص

смотреть фильм крик фильм онлайн крик

Reply
ipfapul 5 فبراير، 2022 - 3:28 ص Reply
qnzvlsb 6 فبراير، 2022 - 5:06 ص Reply
axaxmsr 6 فبراير، 2022 - 8:11 ص Reply
tvsncch 8 فبراير، 2022 - 8:47 ص Reply
qptpnvk 15 فبراير، 2022 - 7:37 م Reply
wkmhupy 18 فبراير، 2022 - 10:07 ص Reply
rznrcms 21 فبراير، 2022 - 11:40 ص

Папы 2022 смотреть онлайн Папы 2022

Reply
dfngbgf 24 فبراير، 2022 - 12:53 م

Analysis news today from Ukraine Analysis

Reply
tujeebp 26 فبراير، 2022 - 2:52 م

Kiev news Kiev The Ukraine crisis

Reply
Abrtmig 13 مارس، 2022 - 1:31 ص Reply
Lamborghini Urus Miami 27 يوليو، 2024 - 9:54 م

I appreciate the balanced perspective you provided here.

Reply

Leave a Comment

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00