بأقلامهمعربي جهاد الزين : من القيادة الأميركية إلى القيادة الإسرائيلية للمنطقة؟ by admin 16 نوفمبر، 2022 written by admin 16 نوفمبر، 2022 14 إسرائيل تتقدّم في المنطقة بالمعنى العميق للتقدم رغم التفاقم العنصري في بنيتها (ومجتمعها كما أظهرت الانتخابات الأخيرة فيها) لكن التقدم نظريا شيىء والقدرة على قيادة المنطقة شيىء آخر النهار اللبنانية \ – جهاد الزين يمكن اعتبار “تسليم” الولايات المتحدة الأميركية السلطة لحركة “طالبان” العام المنصرم في أفغانستان النهاية الرسمية المعلنة لفكرة سادت طويلاً في السياسة الخارجية الأميركية هي فكرة مساعدة الشعوب على بناء الدول (nation building) وهي الفكرة التي أطلقها مفكرو السياسة الخارجية الأميركية بزخم في عهد الرئيس جورج دبليو بوش وتحديدا مع التحضير لغزو العراق بعد غزو أفغانستان في أوائل القرن الحادي والعشرين. يتبين من كتاب مذكرات جاريد كوشنر صهر الرئيس دونالد ترامب أن قرار الانسحاب الأميركي من أفغانستان أوشك على الحصول عام 2019 بضغط من ترامب بينما كان (هذا الانسحاب) من أوائل القرارات التي أقدّم عليها خلفه الرئيس جوزف بايدن. و هذا يعني أن بعض القرارات الاستراتيجية الأميركية تُنفّذ بمعزل عن الاختلاف بل حتى الصراع بين عهد وعهد. الوثيقة الجديدة للعام 2022 التي أطلقها البيت الأبيض في 12 أكتوبر الجاري تحت عنوان “استراتيجية الأمن القومي” على مجرى تقليده الثابت في إطلاقها لا تتخلّى عن تقسيم العالم بين أنظمة ديموقراطية وأنظمة أوتوقراطية وهي الدعوة التي أطلقها الرئيس جوزف بايدن في وقت مبكر من عهده تحت هذا العنوان ونظم مؤتمرا دولياً لهذه الغاية كنوع من تجمّع دولي للديموقراطيات في العالم. لكن سياسة بناء الدول، أمر آخر، وعنواناها الفاشلان الكبيران هما تجربة عشرين عاما في أفغانستان وما بات يقترب من العشرين عاما في العراق سمة أساسية في هذه المقاربة عن احتمال حصول انتقال ما في قيادة الشرق الأوسط من الولايات المتحدة إلى إسرائيل أنه ليس انتقالاً قياديا صراعيا من أميركا إلى إسرائيل بل انتقال سلس وغير سلس من حليف كبير إلى حليف أصغر حتى لو بدت العلاقات الشخصية متوترة قليلاً بين رئيس أميركي ورئيس وزراء إسرائيلي. والممكن الثاني الأساسي أنه انتقال في القيادة يصب في قلب الاستراتيجية الأميركية المستمرة منذ عهد باراك أوباما والمنتقلة بأشكال أكثر عدوانية على المستوى التجاري إلى عهد دونالد ترامب والمحتفَظ بها في عهد بايدن، استراتيجية أولوية مواجهة الصعود الصيني الاقتصادي في العالم والأمني في المحيط الباسيفيكي والمدَيات الإقليمية المحيطة بالصين في شرق أسيا وجنوب شرق آسيا وعصبها الحساس جزيرة تايوان. هذا يعني أن انتقال القيادة، أو تعبئة الفراغ الأميركي الناجم عن استمرار سياسة التخفيف من التموضع العسكري (وحتى النفطي في الشرق الأوسط كما يذهب بعض المحللين الأميركيين خصوصا بعد صدمة أوبك+ بسحب مليوني برميل من السوق العالمية قريباً) … هذا الانتقال هو حاجة أميركية بعدما أصبحت إسرائيل قادرة على التعامل مع “معظم” العالم العربي. إسرائيل تتقدّم في المنطقة بالمعنى العميق للتقدم رغم التفاقم العنصري في بنيتها (ومجتمعها كما أظهرت الانتخابات الأخيرة فيها) لكن التقدم نظريا شيىء والقدرة على قيادة المنطقة شيىء آخر وسيكون بنيامين نتنياهو أمام امتحان مباشر في سلوكه المنتَظَر حيال اتفاق الترسيم البحري الحدودي بين لبنان وإسرائيل من حيث أنه لا جدال اتفاق غير معلن بين إيران وإسرائيل. فمع هذا الاتفاق الذي يدافع عنه “حزب الله” علنا وبقوة سمحت إيران للبنان بالالتحاق بالشرق الأوسط الجديد من بابه الغازي والنفطي. هل سيعمد نتنياهو إلى إلغاء الاتفاق أم يكرر التصرف الذي سلكه حيال اتفاق أوسلو أو ما فعله قائده السابق مناحم بيغن حيال اتفاق كامب دايفيد مع الرئيس السادات فيفكفك مستوطنات شبه جزيرة سيناء وينسحب منها لصالح مصر صاحبة السيادة التاريخية عليها. قد تكون النخبة الثقافية الإسرائيلية في شقّها الليبرالي الذي أصبح أقلية ( والمتزايد الأقلاوية)في المجتمع الإسرائيلي من أكثر النخب تقدما في المنطقة ولكن الرأي العام الإسرائيلي يُظهِر قصورا عميقا في مقدرته على لعب الدور القيادي المرشحة له إسرائيل في ظل إعادة التموضع الأميركي أو ما يمكن تسميته تخفيف الأعباء الأميركية في المنطقة، منطقة الشرق الأوسط. لا يستطيع مجتمع يقدِّم دليلا إضافيا في كل مناسبة كبيرة، كالانتخابات التشريعية، على هذا القدر من المخزون العنصري الذي يعتمل في شرائح واسعة فيه أن يلعب دورا قياديا استيعابيا بدءا من استيعاب الجماعة المجاورة والمقيمة قسرا قربه وبين ثناياه، وهي الجماعة الفلسطينية. عاد شعار “أنقِذوا إسرائيل من نفسها” في الولايات المتحدة الأميركية. هذا تعبير عن قلق من صعود اليمين العنصري، من جهة، وعن إرباك ما أميركي، سياسي ونخبوي، من أن تجعل عملية الانتقال القيادية في ظل إعادة التموضع في مواجهة الصين وبعيدا عن الشرق الأوسط، أكثر صعوبة وحتى عرضة للتقهقر. هل يستطيع اليمين العنصري الإسرائيلي أن يلعب هذا الدور؟ أو الأدق هل يستطيع هذا اليمين أن لا يدمِّر هذا الدور سواء في نظرته إلى الشعب الفلسطيني أو إلى المحيط العربي؟ هذا سؤال جوهري على بنية الدور الإسرائيلي. وهو بهذا المعنى عنصر دفع لقضية الشعب الفلسطيني يصب في مصلحته أو الأدق مصلحة المزيد من التعاطف الغربي معه حتى لو كان هذا التعاطف السياسي والثقافي لم يستطع أن يوصل إلى تحقيق الدولة الفلسطينية المستقلة. كلما تقدم الاعتراف الدولي بالشعب الفلسطيني كلما تراجعت القابلية الإسرائيلية على مستوى الدولة كما المجتمع لتسهيل إمكان نشوء الدولة الفلسطينية المستقلة ولو أصبحت الآن كمشروع – في أحسن حالاتها – مجرد “حكم ذاتي خفيف” كما وصفها مرة سفير ياباني في بيروت. jihad.elzein@annahar.com.lb Twitter: @ j_elzein 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post ترودو يثير مع شي جين بينغ قضية التدخل الصيني في الانتخابات الكندية على هامش قمة الـ20 next post تراجع كبير لتركيز الحيوانات المنوية على مستوى العالم You may also like شيرين عبادي تكتب عن: السعودية وإيران من وجهة... 26 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: لبنان… و«اليوم التالي» 26 نوفمبر، 2024 ساطع نورالدين يكتب عن: “العدو” الذي خرق حاجز... 24 نوفمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: شالوم ظريف والمصالحة 24 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ 24 نوفمبر، 2024 مها يحيى تكتب عن: غداة الحرب على لبنان 24 نوفمبر، 2024 فرانسيس توسا يكتب عن: “قبة حديدية” وجنود في... 24 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: وقف النار في الجنوب... 24 نوفمبر، 2024 مايكل آيزنشتات يكتب عن: مع تراجع قدرتها على... 21 نوفمبر، 2024 ما يكشفه مجلس بلدية نينوى عن الصراع الإيراني... 21 نوفمبر، 2024