بأقلامهمعربي نجاح الاقتصاد العُماني مبني على المساءلة كما النفط by admin 15 أغسطس، 2022 written by admin 15 أغسطس، 2022 103 Washington institute \ جوناثان كامبل جيمس جوناثان كامبل جيمس خدم مع “فيلق استخبارات الجيش البريطاني” في لبنان والمملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان، وأخيراً في بغداد كـ “نائب C2 في مقر القوة المتعددة الجنسيات في العراق”. ثم عمل في شركات مالية في دبي والرياض، ويدير الآن شركته الخاصة للمخاطر السياسية التي تركز على الخليج واستشارات العناية اللازمة. متوفر أيضًا باللغات: English من خلال الضغط الذي مارسه سلطان عُمان على الحكومة للاستفادة بشكل أكثر كفاءة من ارتفاع أسعار النفط والغاز وفائض الميزانية البالغ 2 مليار دولار، ساعد السلطان في تخفيف حدة القلق بشأن استقرار الدولة الخليجية التي تتمتع بموقع استراتيجي حيوي. عندما تولّى السلطان هيثم بن طارق آل سعيد السلطة في كانون الثاني/يناير 2020 بعد وفاة ابن عمه السلطان قابوس، كانت أبرز المشاكل التي تواجهها سلطنة عُمان هي الأزمة المالية المرتقبة نتيجة الاعتماد المفرط على عائدات النفط والغاز الطبيعي، والتي تفاقمت بسبب انهيار أسعار النفط والغاز خلال فترة انتشار جائحة كورونا. وحيث بالكاد انتهت فترة الحداد، تراجعت العقود الآجلة للخام العُماني إلى 30 دولار للبرميل بعد أربعة أشهر – وهو السعر الذي هدد بخفض عائدات النفط المتوقعة للبلاد إلى النصف على مدار العام بأكمله، وتوسيع عجزها المالي ومضاعفة ديونها القومية. وكانت عُمان تعاني أساساً من تصنيفاتٍ ائتمانيةٍ منخفضة نتيجة العجز السابق في الميزانية، لذا كان تمويل دَيْنها على المدى القصير محفوفاً بالتحديات. كما أدى هذا الوضع إلى زيادة حدة الاضطرابات الاجتماعية. وعلى الرغم من استمرار العديد من هذه المشاكل الهيكلية اليوم، إلا أن هذا الاتجاه قد انقلب على ما يبدو. فغالباً ما كانت البلاد تنجو من الكوارث المالية الناتجة عن الأزمات السابقة التي مرّت عليها بفضل تعافي الأسعار العالمية للنفط والقدرة الاستثنائية لـ”شركة تنمية نفط عُمان” على استخراج ولو كميةٍ صغيرة إضافية من النفط من أرض البلاد ذات التركيبة المعقّدة. إلا أن الفضل يعود أيضاً إلى القيادة السياسية العُمانية هذه المرة. التأكيد على المساءلة اتّسمت مسيرة أعمال السلطان هيثم في بداياتها ببعض الالتباس، إلا أنه يبدو أنه استخلص الدروس الصحيحة منذ ذلك الحين، كما يتضح من تشديده على تعزيز جهود تنويع الاقتصاد العُماني بعيداً عن عائدات النفط والغاز. فقد شهد عهده اعتماد عددٍ من القوانين حول استثمار رأس المال الأجنبي، والإفلاس، والشراكة بين القطاعين العام والخاص، والتي كان يتم المماطلة بها لفترة طويلة سابقاً. وترافق ذلك مع إحداث تغييراتٍ في أنظمة التوظيف والتأشيرات بهدف جذب الاستثمار الأجنبي المباشر إلى السلطنة. وتندرج هذه الإجراءات ضمن الأهداف الرئيسية لـ “خطة التنمية الخمسية العاشرة” (2021-2025) والخطة الاستراتيجية لـ “رؤية عُمان 2040” اللتين كان للسلطان هيثم تأثير عليهما منذ المراحل الأولى. كما تضمن البرنامج الحكومي النشط بشكل متزايد لتعزيز بيئة أعمال ملائمة، إنشاء معايير الاختبار والجودة ومنصات التجارة الإلكترونية. وبالإضافة إلى المثال الشخصي لهيثم في الاقتصاد خلال الأزمة المالية، يتمثل الفارق الرئيسي اليوم في تعزيز مساءلة المسؤولين العُمانيين حول الجهود التي يبذلونها والنتائج التي يحققونها عند تنفيذ هذه المبادرات. ويشير أسلوب عمل السلطان، إلى جانب الأدوات الدستورية الإضافية التي منحها لنفسه لتحسين الرقابة الإدارية، إلى أنه عازم على ضمان التزام المسؤولين التنفيذيين بالخطة وتحقيق المستهدفات ذات الصلة. وسيستغرق تغيير نظرة المستثمرين بعض الوقت نظراً لاستمرار تأثُّر المقاييس ذات الصلة بجائحة كورونا. ومع ذلك، فإن زيادة الاستثمار الأجنبي المباشر بنسبة 19٪ في الربع الأول من عام 2022 والزيادة الهائلة في الصادرات غير النفطية في عام 2021 أمر مشجع، وكذلك قرار إرسال أبرز المسؤولين العُمانيين إلى حدث استثماري كبير في لندن الشهر الماضي (وزير التجارة قيس اليوسف ورئيس “جهاز الاستثمار العماني” الجديد عبدالسلام المرشدي). وشهد هذا الحدث أيضاً حضوراً حماسياً من الشركات متعددة الجنسيات التي نفّذت مشاريع معقّدة وتعاونية في سلطنة عُمان وتسعى إلى القيام بذلك مجدداً. وتمشياً مع التركيز على التنفيذ والكفاءة، قام هيثم بتوحيد مجلس الوزراء وإعادة تشكيله. وأصبحت الحكومة العُمانية اليوم تضمّ 19 وزارةً عوضاً عن 29 وزارة، في حين تم تعيين سبعة عشر من أعضاء المجلس الأربعة والعشرين منذ عام 2020. ويأتي الوزراء الجدد بمزيجٍ من المهارات، وهم من المجلس المنتخب ومن خارج الحكومة، وجميعهم من موظفي الخدمة المدنية الذين أثبتوا كفاءتهم. ولا تزال العائلة المالكة تشغل سبعة مناصب وزارية، حيث يعمل شقيق السلطان هيثم شهاب بن طارق – القائد السابق للبحرية العُمانية – على تعزيز إشراف العائلة المالكة على القوات العسكرية. وبالمثل، قامت مسقط بترشيد الشركات المملوكة للدولة وصناديق استثمار الثروة السيادية في خمسة قطاعات ضمن “جهاز الاستثمار العُماني”، حيث من المُفترض أن يساهم ذلك في تحسين عمليات التنفيذ وتفادي الازدواجية في الجهود المبذولة. كما تم تعيين مجموعةٍ جديدة من المدراء والرؤساء غير التنفيذيين من أجل تقليل تضارب المصالح وتوسيع الخبرات التجارية المتوفرة. وبالنظر إلى هذا التركيز المعزز، فقد أصبحت سلطنة عُمان اليوم قادرةً على تحقيق الأهداف التي غالباً ما فاتتها في الماضي. على سبيل المثال، فرضت الحكومة ضريبةً على القيمة المضافة في نيسان/أبريل 2021 بعد سنواتٍ من المراوغة. وعلى الرغم من تحديدها بمعدل منخفض يبلغ 5٪، إلّا أن ضريبة القيمة المضافة جمعت إيراداتٍ بلغت 780 مليون دولار في عام 2021 ومن المتوقع أن تبلغ 1.3 مليار دولار في عام 2022. وفي موازاة ذلك، يبدو أن هناك عملية جارية لإعادة توازن كبيرة في الميزانية، مدعومة بارتفاع أسعار النفط. ويتم حالياً تنفيذ الخطة المالية الحكومية متوسطة الأجل – التي تتلخص في الحفاظ على استقرار النفقات، وخفض الدَين الوطني، وبناء الإيرادات غير النفطية والغازية – بوتيرةٍ أسرع من الجدول الزمني المحدد. ووفقاً لـ “مؤسسة فيتش الدولية للتصنيف الائتماني” بلغ الدين العام لسلطنة عُمان حوالي 48 مليار دولار في الربع الأول من عام 2022 مقارنة بـ 54 مليار دولار في الربع نفسه من العام الماضي، مما خفّض نسبة الدين العام إلى “الناتج المحلي الإجمالي” للبلاد من 67.3٪ إلى 47.5٪. وبالطبع، لا يعني ذلك أن الحكومة قد تخلّت عن قطاع الطاقة، إذ تبذل جهوداً حثيثة لتطوير مصادر جديدة للطاقة، من بينها اتفاقية تطوير مرفقٍ لإنتاج الأمونيا الخضراء القائمة على الهيدروجين في مدينة صلالة. ويدرس شركاء آخرون إمكانية تنفيذ مشاريع للهيدروجين الأخضر تتخذ من الدقم مركزاً لها، في حين يتم تطوير الطاقة الشمسية لأغراض الإنتاج في العديد من حقول النفط والغاز. ولا يزال برنامج استكشاف الوقود الأحفوري ناشطاً جداً أيضاً. فقد أعادت سلطنة عُمان تفعيل اهتمامها في حقل غرب بُخا للنفط والغاز الذي تشترك فيه مع إيران بالقرب من مضيق هرمز. وأشارت تقديرات وزير الطاقة والمعادن السابق محمد الرمحي قبل تنحيه في حزيران/يونيو إلى أنه من المرجح أن يرتفع إجمالي إنتاج النفط ومتكثف الغاز الطبيعي بنسبة 10 في المائة سنوياً حتى عام 2025 نتيجة اكتشاف موارد جديدة تتخطى النضوب. كما أشار إلى أنه لا يزال لدى سلطنة عُمان ما يكفي من النفط للضخ طوال ثلاثة عشر عاماً وفقاً للتدفقات الحالية. الحريات المحلية، السياسة الخارجية من العوامل الإيجابية الأخرى التي ساهمت في تحسين نظرة المستثمرين الأجانب كان قرار مسقط تحسين “النظام الأساسي” للدولة بما يعزز كل من سيادة القانون وحقوق المواطنين في المشاركة في الشؤون العامة. وعلى الرغم من أنه لا يزال يتعين القيام بمزيد من العمل الهيكلي، إلّا أن البلاد تتجه نحو نظامٍ ملكي دستوري. وأثارت هذه التغييرات القانونية نقاشاً عاماً حول مدى حماية حرية التعبير، التي غالباً ما تحدَّثَ عنها السلطان هيثم ويدعمها استعداده لدعوة المنفيين السياسيين وخصوم من السلالة الملكية الحاكمة للعودة إلى موطنهم (على سبيل المثال، سلطان زنجبار السابق؛ أسرة آخر إمام نزوى). وفيما يتعلق بالسياسة الخارجية، يبدو أن السلطان هيثم قد عزز العلاقات مع مختلف الدول، لا سيما مع بريطانيا والمملكة العربية السعودية. وقد خشي المسؤولون البريطانيون في البداية من أن استلام السلطان هيثم السلطة قد يقلل من دفء العلاقة التاريخية بين الدولتين، لكن سرعان ما تبددت هذه المخاوف. ويقضي السلطان إجازته الصيفية في لندن هذا العام، حيث مكث هناك حتى خلال انعقاد قمة «مجلس التعاون الخليجي» في جدة بحضور الرئيس الأمريكي جو بايدن. كما أكمل ابنه ذي يزن – الوريث المفترض والوزير الحالي – دورة تدريب الضباط في “أكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية”. واستمرّت سلطنة عُمان أيضاً في دورها البارز في تسهيل إعادة التفاوض على الاتفاق النووي الإيراني وضمان وقف إطلاق النار في اليمن. أما العلاقات الحميمة مع شركاء السلطنة – القائمة على الثقة والتاريخ بدلاً من مجرد القيمة التعاملية – فتؤتي ثمارها على مستوى محفظة الأعمال الحكومية بأسرها. وبعد وفاة السلطان قابوس من دون أن يترك وريثاً مباشراً له وسط تقارير أفادت أن اختياره السري لخليفته كان مكتوباً على قطعة من الورق محفوظةٍ في ظرف، انتشر القلق بشأن الاستقرار السياسي للبلاد. إلا أنه تمت تسوية هذه المسألة اليوم – حيث ضمنت الأجهزة الأمنية العمُانية خلافة سلِسة في عام 2020، والنظام الآن محدد بوضوح في “القانون الأساسي”، وتم إعداد ذي يزن للمستقبل، جزئياً من خلال تعزيز علاقته مع الجيش، وربما كان هذا هو الجزء الأضعف في محفظة السلطان هيثم. جوناثان كامبل جيمس خدم مع “فيلق استخبارات الجيش البريطاني” في لبنان والمملكة العربية السعودية وسلطنة عُمان، وأخيراً في بغداد كـ “نائب C2 في مقر القوة المتعددة الجنسيات في العراق”. ثم عمل في شركات مالية في دبي والرياض، ويدير الآن شركته الخاصة للمخاطر السياسية التي تركز على الخليج واستشارات العناية اللازمة. 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post تخطي الانسداد السياسي بين الصدريين والإطار التنسيقي next post عندما اهتمت سينما ليليانا كافاني بلو أندرياس سالومي You may also like شيرين عبادي تكتب عن: السعودية وإيران من وجهة... 26 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: لبنان… و«اليوم التالي» 26 نوفمبر، 2024 ساطع نورالدين يكتب عن: “العدو” الذي خرق حاجز... 24 نوفمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: شالوم ظريف والمصالحة 24 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ 24 نوفمبر، 2024 مها يحيى تكتب عن: غداة الحرب على لبنان 24 نوفمبر، 2024 فرانسيس توسا يكتب عن: “قبة حديدية” وجنود في... 24 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: وقف النار في الجنوب... 24 نوفمبر، 2024 مايكل آيزنشتات يكتب عن: مع تراجع قدرتها على... 21 نوفمبر، 2024 ما يكشفه مجلس بلدية نينوى عن الصراع الإيراني... 21 نوفمبر، 2024