الأربعاء, نوفمبر 27, 2024
الأربعاء, نوفمبر 27, 2024
Home » ماذا تفعل تماثيل الأب الشرعي للأدب اللاتيني في مايوركا؟

ماذا تفعل تماثيل الأب الشرعي للأدب اللاتيني في مايوركا؟

by admin

الشاعر روبن داريو تجول حول العالم ورفض الديكتاتور المكسيكي استقباله

اندبندنت عربية \ إبراهيم العريس باحث وكاتب

مقابل عشرات الملايين من القراء في شتى لغات العالم من الذين يقرأون، ومنذ زمن مئات الروايات الأميركية- اللاتينية الكبرى، كم يبلغ يا ترى عدد الذين يعرفون أن هناك إلى جانب الأدب الروائي المنتمي إلى هذه القارة متناً شعرياً كبيراً له أعلامه وتاريخه وتحفه؟ حسناً قد نجدهم كثراً أولئك الذين يعرفون بابلو نيرودا وأشعاره، ولكن من المؤكد أن الذين قرأوا كتاب مذكراته كانوا أكثر عدداً من قراء شعره، كذلك لا شك أن الذين سمعوا أشعاره مغناة، لا سيما منها “النشيد الشامل” الذي موسقه اليوناني ثيودوراكس، كانوا دائماً أكثر عدداً وحماسة ممن قرأوها. بالتالي يمكن القول إن شعر أميركا اللاتينية قد يكون معروفاً، ولكن غالباً بطرق مواربة. ولعل في وسعنا القول في هذا السياق إن الأب الشرعي للشعر الأميركي اللاتيني ومؤسس حداثته، وهو بالتحديد النيكاراغوي روبن داريو، قد يكون معروفاً لقراء العالم بكتابيه النثريين الأساسيين، روايته الوحيدة “ذهب مايوركا”، وكتاب مذكراته وسيرة حياته بقلمه. ولكن، قد يكون معروفاً أيضاً بكونه الشاعر الذي رفض الديكتاتور المكسيكي بروفيميو دياز استقباله ذات يوم فيما كان الشاعر في عداد وفد لبلاده يزور حاكم المكسيك هذا، فحدث انقلاب في بلده نيكاراغوا أراح الحاكم من اضطراره الدبلوماسي لاستقبال شاعر يقف سياسياً على النقيض منه ومن سادته “اليانكي” في واشنطن، الذين سيتهمهم الشعب المكسيكي بتحريض ديكتاتورهم على ذلك التصرف فيردون بمظاهرات صاخبة ترحيباً بالشاعر.

رياح ذهبية

غير أن ذلك التصرف لم يقلل من شأن شاعر يعد اليوم بعد قرن وأكثر من رحيله أكبر شاعر أنجبته تلك القارة الجنوبية، لكنه إذ يذكر أكثر ما يذكر، ففي جزيرة مايوركا الإسبانية حيث تحمل الأزقة والشوارع والمطاعم والمقاهي اسمه وتنتشر تماثيل له في الساحات وربما صوره في البيوت، وتباع كتبه أكثر مما تباع في أي مكان آخر، حتى ليخيل للسواح أنه شاعر أو قائد إسباني ولد في تلك الجزيرة الساحرة. لكنه لم يولد فيها، بل لم يرها حتى سنوات متقدمة جداً من حياته، حيث فتن بها وهو مكتهل بالكاد يمكنه أن يتجول في أزقتها من دون عصاه. ولربما كانت جولته فيها واحدة من أروع الجولات التي قام بها في حياته هو الذي قال إنه قد خيل إليه أن الشعر نفسه قد ولد فيها “وسط رياح صيفية ذهبية”. ونعرف أن عشرات الألوف قد اقتدوا به فزاروها، وغيرهم كثر اقتدوا به من ناحية أخرى فكتبوا أشعارهم على منواله. وليسوا قلة شعراء أميركا اللاتينية، من نيرودا إلى أوكتافيو باث الذين يعلنون ما هم مدينون له به.

روبن داريو (1867 – 1916) (موقع شعراء أميركا اللاتينية)​​​​​​​

ليس ثائراً ولا ديكتاتوراً

ومع ذلك، حين رحل روبن داريو عن عالمنا في فبراير (شباط) 1916، كان العالم من الانهماك بالحرب العالمية الأولى ومآسيها بحيث كان من الطبيعي ألا يتنبه أحد لموت شاعر من طينة داريو. ولكن حتى لو كان العالم هادئاً لا حرب فيه ولا مآسي في تلك الآونة، هل تراه كان سيشغل باله حقاً، بموت شاعر من نيكاراغوا، التي كانت بالكاد سمع بها أحد في ذلك الحين؟. ففي العشرية الثانية من القرن العشرين، لم يكن أدب أميركا اللاتينية على جدول الأعمال، كانت تلك القارة لا تعد أكثر من مزرعة موز يمتلكها الأميركيون الشماليون. في ذلك الحين لم تكن أسماء بورخس وكورتاثار وماركيز واستورياس قد عرفت بعد، فإن اشتهر اسم أميركي لاتيني في العالم كان لا بد لذلك الاسم أن يكون إما ثائراً أو ديكتاتوراً. ومع هذا غامر روبن داريو بأن يكون شاعراً، وغامرت الأوساط الأدبية العالمية بعد ذلك بأن تنظر إليه بعين الاهتمام، ما يجعله يعتبر كما أشرنا، في يومنا هذا، الوالد الشرعي لتلك الطفرة التي عرفها أدب أميركا اللاتينية في العالم خلال النصف الثاني من القرن العشرين. وروبن داريو يبجل اليوم على هذا الأساس، ويعاد اكتشافه، وتترجم أعماله بين الحين والآخر، ولا يفوت كبار أدباء وشعراء أميركا اللاتينية أن ينسبوا أنفسهم إليه باعتباره الأب الذي فتح لهم الطريق. والحقيقة أن الطريق الذي شقه روبن داريو كان متعرجاً، وهو نفسه، حين كان يستجيب لشياطين الشعر، ولرغبته في التنقل والتشرد، لم يكن ليخامره الاعتقاد ولو للحظة أنه يؤسس لأي شيء آخر عدا علاقته الشخصية بالشعر وبالفن وبأوروبا.

طعم الشهرة الحقيقية

ولد روبن داريو عام 1867 في مدينة ليون بنيكاراغوا، وتلقى دراسته الابتدائية والثانوية لدى اليسوعيين، غير أنه بسبب وعيه المبكر وذكائه المفرط، سرعان ما ترك الدراسة ليلتحق بالعمل الصحافي، وهو بالكاد بلغ الخامسة عشرة من عمره. ولقد أتاح له ذلك العمل أن يتجول في بلدان أميركا الوسطى ثم أميركا الجنوبية، حيث ارتبط بصحيفة “لاناثيون” الأرجنتينية بوصفه مراسلاً خارجياً لها. وهو كان في العشرين من عمره حين نشر مجموعته الشعرية الأولى، وألحقها بمجموعتين تاليتين وفرت له ثانيتهما “أزرق” (1888) شهرة غمرته بين ليلة وضحاها. لكن شهرته لم تقتصر على أميركا اللاتينية والوسطى، بل إنه بات معروفاً حتى في إسبانيا، وهو أمر اكتشفه مذهولاً، حيث قيض له أن يزورها عام 1892 ليمثل صحيفته في احتفالات ذكرى اكتشاف أميركا. وفي إسبانيا تعرف على عديد من الوجوه الشعرية، وبدأ يتذوق طعم الشهرة الحقيقية، ثم حين عاد (إلى الأرجنتين) عين قنصلاً لكولومبيا في بوينس آيرس، وهكذا صارت هذه المدينة مركزه، وبدأ الشعراء الشبان يتجمعون من حوله باعتباره رائد الحداثة الشعرية المرتبط أكثر من غيره بالحداثة الأوروبية. وهو أصدر في ذلك الحين دراسات نقدية عدة ومجموعة شعرية جديدة، قبل أن يعود من جديد إلى أوروبا فيستقر حيناً في إسبانيا، ثم يتوجه إلى فرنسا حيث أقام فترة في باريس تعرف خلالها على فيرلين وعلى عديد من الشعراء الرمزيين الذين رأى أسلوبه قريباً من أسلوبهم.

أدب رحلات وعودة مظفرة

ومنذ ذلك الحين لم يكف داريو عن التنقل، حيناً داخل أوروبا وأحياناً بين القارة العتيقة والعالم الأميركي الجديد، وتوالت كتبه، ولم تعد هذه المرة مقصورة على الشعر، بل راح يكتب نثراً، في القصة وفي أدب الرحلات، وكان من أشهر كتبه في هذه المجالات “باريزيانا” و”إسبانيا المعاصرة” و”أراض شمسية”، وهي كلها كتب أصدرها خلال السنوات الأولى من القرن العشرين ليحيي فيها بروز القرن الجديد الذي اعتبره قرن الإنسان وانتصار الإنسانية على الظلام. وفي 1908 بعد عودة مظفرة إلى أميركا الوسطى، عاد مرة أخرى إلى إسبانيا، ولكن بوصفه، هذه المرة، وزيراً مفوضاً لبلده (نيكاراغوا) لدى الحكومة الإسبانية، غير أنه سرعان ما أقيل من هذا المنصب فتوجه ليعيش في باريس، ثم ليعود منها من جديد إلى أميركا. وكانت تلك فترة عرفت فيها حياته تنقلاً وتشرداً كبيرين، لم يمنعاه على أي حال، من أن يواصل كتابة الشعر وأن يجدد فيه، حيث أصدر تباعاً مجموعات عدة، كانت الشبيبة الأميركية واللاتينية تتلقفها بلهفة وتكتب على منوالها، بحيث صار الرجل معلماً عبر مجموعات مثل “أغاني الحياة والأمل” (1907) و”قصيدة الخريف” (1910). وفي 1914 نراه يصدر روايته الوحيدة “ذهب مايوركا” التي كتبها بعد تلك الزيارة التي قام بها لتلك الجزيرة الإسبانية الخلابة.

نهاية سريعة لحياة صاخبة

ولكن تلك الفترة كانت الفترة التي بدأت فيها صحته تتدهور بفعل ضروب الإفراط التي كان يعيشها: فهو الآن تحول إلى حياة بوهيمية لا تستقر، وصار يكثر السفر والشرب وحكايات الغرام، على الرغم من زواجه مرتين. وكان يبدو عليه خلال أعوامه الأخيرة كأنه يعيش نوعاً من الانتحار البطيء. وفي عام 1914 خلال زيارة قام بها إلى نيويورك أصيب بذات الرئة، وهو الداء الذي لم يداوه فقضى عليه بعد عامين، حين عاد إلى نيكاراغوا، مسقط رأسه، وقرر هذه المرة أن يستقر وأن يخفف من إفراطه في كل شيء، ليشتغل خلال العام الأخير من حياته، على إنجاز كتابه الذي سينال شهرة واسعة، “سيرة حياة روبن داريو بقلمه”. وهو قضى بعد أسابيع قليلة من صدور كتابه، في أحضان رفيقة أيامه الأخيرة فرانشيسكا سانشيز، وكانت فلاحة شابة تعرف عليها في الريف الإسباني فأغرم بها، وقضى معها سنواته الأخيرة.

المزيد عن: الأدب اللاتيني \ بابلو نيرودا \ روبن داريو \ المكسيك \ نيكاراغوا \ رواية ذهب مايوركا

 

 

You may also like

10 comments

Pakistani Dramas Online 2020 13 فبراير، 2022 - 3:42 ص

This drama series is about the married couple Sara and Fawad, who are played by
actors Sami Khan and Hira Mani. They are a loving couple. Fawad
is a caring husband and Sara is the perfect daughter and
wife in-law.

Also visit my homepage: Pakistani Dramas Online 2020

Reply
monthly Wardrobe 13 فبراير، 2022 - 3:42 ص

Some thought needs to be given to how you’re going to get to the prom.
Whether a date incorporates a car, the solution to the problem may certainly simple
as that, anyone may wish to go with another couple to save money on gas prices.

Check out my webpage – monthly Wardrobe

Reply
Pakistani dramas online free 13 فبراير، 2022 - 3:43 ص

The middle-class boy Parizad is a clever and emotional character.

The harsh reality he encounters challenges his patience and determination. There are many hurdles in his quest
to achieve success as well as a dangerous and mysterious Prankster.

Here is my blog: Pakistani dramas online free

Reply
Desi Tv serials 13 فبراير، 2022 - 3:43 ص

She asks him to call Prachi as she was working with him.

My webpage … Desi Tv serials

Reply
강남유흥 13 فبراير، 2022 - 3:45 ص

Any competent physical therapist, particularly one trained in trigger point therapy are able to find concern areas which really causing
your hurt. With this knowledge it’s simple to keep on top of the therapy yourself.

Feel free to visit my homepage :: 강남유흥

Reply
Www.roxette.cz 13 فبراير، 2022 - 3:47 ص

Morning Tux is a great, old-fashioned style well
suited for an morning hours wedding. Is actually always perfect for an informal summertime wedding invites.

Here is my website; Clothes service Monthly, http://Www.roxette.cz,

Reply
메리트카지노사이트 13 فبراير، 2022 - 3:48 ص

Unlike charge cards in casinos, daily fantasy sports don’t call you’ cheat for use math.
Rather, it’s a superior winning way to spend even though scouring analytics on players and matchups.

my website: 메리트카지노사이트

Reply
24 hour emergency electricians near Me 13 فبراير، 2022 - 3:50 ص

Store combustible items pertaining to example gas, oil, cloth, wood, etc., out of the gas or oil appliances in the
Garage or Attic.

My blog post :: 24 hour emergency electricians near Me

Reply
Ageduck 13 فبراير، 2022 - 3:51 ص

Wiazcv Bestellen Levitra hydroxychloroquine over the counter cvs Glyburide Eyotuk

Reply
Edible weed chocolate 13 فبراير، 2022 - 3:52 ص

Now, if good grammar isn’t your strength, donrrrt worry about
it! I write and edit for a living, so this stuff is my bag.

My point is that it’s *check and double-check* all communications you send out, an individual risk blowing your truth.

Check out my blog – Edible weed chocolate

Reply

Leave a Comment

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00