ثقافة و فنونعربي محمد برادة يخوض جبهات النقد الادبي الطليعي منذ 60 عاما by admin 4 أكتوبر، 2020 written by admin 4 أكتوبر، 2020 15 الناقد الذي رسخ المرجعيات وأصول الخطاب وجذّر الحداثة في أعماله النقدية اندبندنت عربية / فخري صالح يقوم الباحث والناقد المغربي إدريس الخضراوي، في كتابه الصادر حديثاً بعنوان “الكتابة النقدية عند محمد برادة، المرجعية والخطاب” (أفريقيا الشرق، الدار البيضاء، 2020)، باستكشاف عمل الناقد المغربي الأبرز والأشهر في المشهد النقدي العربي، والبحث في جذور تطوره، وأرضيته السياسية – الاجتماعية، والشواغل الفكرية والنظرية التي هيمنت على خطابه النقدي طوال ستين عاماً ماضية. ويستعرض الباحث كتابات برادة النقدية، وترجماته، ونشاطه السجالي، وعمله كمنشط أدبي ونقدي وثقافي في ندوات أساسية أثارت كثيراً من الأسئلة النقدية والنظرية في حينها، وأثرت في توجيه الوعي النقدي في المغرب والعالم العربي، وعلى رأس تلك الندوات ندوة “الرواية العربية واقع وآفاق” التي عقدت في الرباط وصدرت أعمالها في بيروت (1979). فبرادة، مثله مثل رولان بارت، بحسب الخضراوي، “ليس مجرد ناقد، وإنما شخصية أدبية. فقد قدمت آراؤه حول القضايا الثقافية لمعاصريه اتجاهاً ثقافياً وجمالياً. فهو رجل المواهب المتعددة، الكاتب والمثقف والناقد ورجل المناظرات. فهو يعد من الوجوه الأساسية التي طبعت الحقل الثقافي المغربي والعربي على امتداد العقود الخمسة الأخيرة، وما زال يؤثر بقوة في المشهد الأدبي في اللحظة المعاصرة.” جيل الستينيات ربما يكون برادة (مواليد 1938) واحداً من قلة من النقاد العرب، ممن ينتمون أدبياً ونقدياً إلى جيل الستينيات من القرن الماضي، الذين كانت هواجس التحرر الوطني من الاستعمار والتبعية شاغلهم الأساسي المهيمن، الذي أملى عليهم خياراتهم النقدية والثقافية، ووجه تحولاتهم النقدية، وانعطافاتهم المنهجية والنظرية. فهو من جيل التحرر الوطني في المغرب والعالم العربي، الذي شهد خروج الاستعمار، ودخول العرب في موجة من الصراع مع مآزق التبعية السياسية والاقتصادية والثقافية للغرب. وقد كان الجيل الذي ينتمي إليه برادة معنياً بالنضال من أجل التحرر الوطني من آثار الاستعمار وجروحه الغائرة والتبعية، التي ما أن رحل آخر جندي من جنود الاستعمار، حتى أطلت برأسها. وكأن الاستعمار ما رحل، إذ ترك وراءه ممثليه من رجال السياسة والتعليم في العالم العربي. وهكذا كان على برادة وأمثاله من النخب الثقافية العربية، أن يحاربوا على جبهات متعددة، السياسة والمجتمع والتعليم والثقافة، ويواجهوا ميراث التقليد والماضوية الأدبية الثقافية والفكرية، والرجعية السياسية، وكذلك ممثلي التبعية السياسية والاقتصادية والثقافية والفكرية، الذين يرون في الغرب الذي كان لسنوات قليلة مضت المستعمر الذي تحالفت قوى مختلفة رجعية وتقدمية للتخلص من جيوشه، التي تحتل مساحات شاسعة من العالم العربي، الجهةَ – المثالَ التي علينا أن نتحالفَ معها ونقلدها. لقد كانت المعركة التي فرضت نفسها على هذا الجيل هي أن يحارب على جبهات متعددة، ويسعى إلى التغيير على الصعيدين السياسي والثقافي، من دون أن يعتنق أفكاراً ماضوية تدعو إلى إحياء الموروث الأدبي والديني، أو يرتمي في أحضان الغرب الذي غادرت جيوشه البلدان المستعمرة ولكنه ترك أتباعه من أبناء تلك البلدان لينفذوا سياساته. لكن هذه الأرضية السياسية والثقافية التي تكوّن استناداً إليها عمل محمد برادة النقدي، والشواغل الوطنية، المغربية بخاصة والعربية عامةً، التي لازمت هذا العمل، لم تمنع الناقد المغربي من التواصل مع الثقافة الفرنسية والغربية، والبحث عن آفاق منهجية ونظرية تؤسس لرؤيته الثقافية والنقدية. بل هي حمت عمله من الوقوع في أسر نظرية الانعكاس الماركسية، وأفكار النقد الواقعي العربي الذي كان أسيرَ هذه النظرية، ناطقاً باسمها في قطاعات واسعة من هذا النقد الذي كان يُكتب في خمسينيات القرن الماضي وستينياته إبان صعود الناصرية والأيديولوجيات الماركسية والقومية المتأثرة، في شقها الأدبي والثقافي والنقدي على الأقل، بتلك النظرية ونسلها من الأفكار والتصورات التي تختزل دور الأدب في تصوير الصراعات السياسية والاجتماعية والأيديولوجية في أزمنة ما بعد الاستعمار. لقد تنبه برادة منذ بداياته النقدية، إلى خطر هذه الأفكار التبسيطية والاختزالية المفقرة، في فهم العملية الأدبية، وتمثل فعل الكتابة والخلق والإبداع في تأويل العالم. فرانز فانون ورغم الحماسة التي تسم بطابعها المقالات الأولى التي كتبها، وهو في العشرينيات من العمر، والطبيعة السجالية لتجاربه الأولى، فإن عثوره على عمل الطبيب النفسي والمنظر السياسي والثقافي المارتينيكي – الجزائري فرانز فانون (1925- 1961، وهو مؤلف كتابي “المعذبون في الأرض” و”بشرة سوداء، أقنعة بيضاء” ، في وقت مبكر من سنوات تكوينه الأدبي والثقافي، قد أمده بالعدة الثقافية والنظرية للنظر بعيون مختلفة إلى تجربة الاستعمار والصراع معه. وهذا ما جعله ينشر عام 1963، بالاشتراك مع الكاتب الجزائري مولود معمري والمؤرخ المغربي محمد زنيبر، كتاباً في عنوان “فرانز فانون ومعركة الشعوب المتخلفة”، حيث يعثر برادة على البذور الأولى لتحولاته النقدية، واحتكاكه بالتصورات النظرية الأولى لنقد ما بعد الكولونيالية، والنقد الثقافي اللذين يسعيان إلى تفكيك تمدد الأخطبوط الرأسمالي وإرساء أساسات التبعية السياسية والاقتصادية والثقافية للغرب في المجتمعات الخارجة للتو من عباءة الاستعمار. وتهيئ هذه الانطلاقة الأولى الناقدَ المغربي البارز والمثابر، والمثقف العمومي المقاتل على جبهتي السياسة والثقافة (فقد صرف سنوات طويلة من عمره ناشطاً في صفوف اتحاد كتّاب المغرب، الذي تولى رئاسته لفترة طويلة) ، لكي يَعبُر في اتجاه التصورات النظرية التي تطور مفاهيم اليسار الاجتماعي وما بعد الماركسية، استناداً إلى أفكار ماركس نفسه أو تأويلات أتباعه الذين قرأوا أعماله التي سبقت “رأس المال”، خصوصاً عمله Grundrisse (الذي كتبه ماركس بين عامي 1857- 1858، ولم يكمله، كما أنه لم ينشر حتى عام 1939)، وأعادوا النظر في مفاهيمه النظرية والفلسفية وتطبيقاتها في الحقلين الثقافي والأدبي. نظريات ومنهجيات وقد نشط محمد برادة، من أجل النهل من هذه النظريات والمنهجيات الجديدة، في ترجمة نصوص أساسية لعدد من أهم المنظرين في حقل الأدب واللغة والثقافة، ومن ضمنهم الناقد الفرنسي رولان بارت (1915-1980)، والفيلسوف والمنظر اللغوي والأدبي الروسي ميخائيل باختين (1895-1975). ويمكن أن نلاحظ، على مدار تجربة برادة النقدية، تأثيرات قوس واسع من المنظرين والفلاسفة والنقاد وعلماء اجتماع الأدب، الذين تسيدوا المشهد النظري الأدبي في العالم خلال النصف الثاني من القرن العشرين، وعلى رأسهم رائد البنيوية التكوينية لوسيان غولدمان (1913-1970)، وميخائيل باختين، ورولان بارت، وعالم الاجتماع وصاحب نظرية الحقل الفرنسي بيير بورديو (1930-2002)، والفيلسوف الفرنسي، الذي زاوج بين الظاهراتية والتأويلية، بول ريكور (1913-2005). وقد مزج برادة في عمله النظري والتطبيقي، الذي ركز بصورة أساسية على النوع الروائي (بوصفه نقطة الالتقاء الشديدة الحساسية بين التحولات الاجتماعية والأدبية)، بين الترجمة والشرح والتفسير، وتقريب أعمال هؤلاء المنظرين إلى القارئ العربي، وابتداع نسيج نقدي يستفيد من أعمالهم. لكنه سعى في الوقت نفسه إلى الانطلاق من الأرضية الاجتماعية والثقافية والفكرية التي تتصل بالواقع المغربي، والواقع العربي المعاصر. وهكذا، فإن النظرية لا تبدو مُسقطةً من الخارج على النصوص، والبيئات التي أنتجت ضمنها تلك النصوص، بل إنها تصير طالعةً منها، وخادمةً لها، ومفسرةً لتلك النصوص وشروط إنتاجها المخصوصة، فلا تعبدَ للنظرية ولا صلاةَ في محرابها، بل إعادة توظيف لها في سياقات ثقافية مختلفة عن السياقات التي أُنتجت ضمنها تلك النظرية. وكما يقول إدريس الخضراوي، في خاتمة كتابه، “فقد ظل برادة يشدد على ضرورة مراجعة المفاهيم ومساءلتها وتنسيبها كي تكون الممارسة أصيلة، قادرة على استكشاف الخصائص الفنية والجمالية التي تنطوي عليها الأعمال الأدبية العربية بعيداً عن القراءات المفردة والتأويلات النهائية”. المزيد عن: نقد/نظريات نقدية/فرانز فانون/رولان بارت/المغرب/الستينيات/الرواية 21 comments 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post مؤامرات وسحر وعنصرية في بوسطن ماساشوستس الأميركية next post لا ثمن أميركيا للبنان مقابل المفاوضات مع إسرائيل You may also like فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم... 24 نوفمبر، 2024 قصة الباحثين عن الحرية على طريق جون ميلتون 24 نوفمبر، 2024 عندما يصبح دونالد ترمب عنوانا لعملية تجسس 24 نوفمبر، 2024 الجزائري بوعلام صنصال يقبع في السجن وكتاب جديد... 24 نوفمبر، 2024 متى تترجل الفلسفة من برجها العاجي؟ 24 نوفمبر، 2024 أليخاندرا بيثارنيك… محو الحدود بين الحياة والقصيدة 24 نوفمبر، 2024 مهى سلطان تكتب عن: الرسام اللبناني رضوان الشهال... 24 نوفمبر، 2024 فيلمان فرنسيان يخوضان الحياة الفتية بين الضاحية والريف 24 نوفمبر، 2024 مصائد إبراهيم نصرالله تحول الرياح اللاهبة إلى نسائم 23 نوفمبر، 2024 يوري بويدا يوظف البيت الروسي بطلا روائيا لتاريخ... 23 نوفمبر، 2024 21 comments Veta 4 أكتوبر، 2020 - 4:02 م I’ve been surfing online greater than 3 hours nowadays, yet I in no way found any interesting article like yours. It’s lovely price sufficient for me. In my opinion, if all site owners and bloggers made perfect content as you probably did, the net will most likely be considerably more helpful than ever before. Here is my website … LeslieAPorts Reply Dwayne 4 أكتوبر، 2020 - 4:18 م With havin a great deal content do you ever encounter any problems of plagorism or copyright violation? My website provides extensive completely unique content I’ve either written myself or outsourced but it really seems a variety of it is popping it everywhere in the internet without my agreement. Have you any idea any methods to aid reduce content from being stolen? I’d certainly appreciate it. Feel free to surf to my site LesleyMPreli Reply Audrey 4 أكتوبر، 2020 - 4:28 م All things are very open with a really clear explanation of the challenges. It was actually definitely informative. Your site is very helpful. Many thanks for sharing! Feel free to visit my homepage: EugeneHRuyle Reply Noah 4 أكتوبر، 2020 - 4:33 م With havin so much content do you encounter any issues of plagorism or copyright infringement? My blog has many completely unique content I’ve either written myself or outsourced nevertheless it appears a lot of it is popping it throughout the internet without my permission. Are you aware any solutions to help you protect against content from being stolen? I’d certainly appreciate it. Feel free to surf to my web blog … BethZGrullon Reply Brayden 4 أكتوبر، 2020 - 4:47 م You really help it become seem really easy with your presentation however i find this topic to be really something which I believe I would never understand. It seems too complicated and very broad to me. I am anticipating for your next post, I’ll try to have the hang of it! my blog post; LeisaASantor Reply Marcella 4 أكتوبر، 2020 - 4:53 م I am just regular visitor, how are you currently everybody? This paragraph posted at the site is actually nice. Feel free to surf to my website: AhmadGWulkan Reply Nelly 4 أكتوبر، 2020 - 5:15 م I am really enjoying the theme/model of your weblog. Do you run into any internet browser compatibility issues? A number of my blog readers have complained about my website not working correctly in Explorer but looks great in Firefox. Do you have any tips to assist fix this issue? Also visit my page – RobbiePRaehl Reply Deloris 4 أكتوبر، 2020 - 5:23 م Pretty nice post. I simply discovered your blog and wanted to mention that I’ve truly enjoyed surfing around your blog site posts. In fact I’ll be subscribing to the feed and I i do hope you write again soon! Stop by my webpage JodyFGaxiola Reply Gavin 4 أكتوبر، 2020 - 5:26 م I am just really happy to read this weblog posts which carries tons of useful information, thanks for providing these statistics. my blog; CoyAPressley Reply Alejandra 4 أكتوبر، 2020 - 5:36 م I visited multiple websites however the audio feature for audio songs existing around this website is in fact wonderful. Here is my blog – MarkIWohlers Reply Major 4 أكتوبر، 2020 - 5:40 م When some one searches for his necessary thing, so he/she desires to get available that at length, thus that thing is maintained over here. Here is my site: SheaZBretana Reply Kiara 4 أكتوبر، 2020 - 5:55 م I’m extremely impressed with the writing skills along with with the layout on your own weblog. Is that this a paid theme or have you customize it yourself? In any case continue the excellent quality writing, it’s rare to see a great blog similar to this one nowadays. My web blog – LannieYEdick Reply Clint 4 أكتوبر، 2020 - 6:08 م I have read a lot of content on the topic of the blogger lovers but this paragraph is truly a pleasant post, ensure that is stays up. Feel free to surf to my blog post :: VelmaJSimers Reply Anderson 4 أكتوبر، 2020 - 6:30 م You actually make it seem so simple with your presentation but I find this topic to get really something that I feel I would never understand. It appears to be too complex and very broad to me. I’m anticipating for your forthcoming post, I’ll try to obtain the hang of this! my site: AyannaQFolta Reply Bobby 4 أكتوبر، 2020 - 6:43 م Hi my friend! I desire to point out that this post is awesome, nice written and come with almost all important infos. I’d like to check extra posts like this . Stop by my web page BennieEDzama Reply Sherri 4 أكتوبر، 2020 - 6:56 م Hey just wanted to offer you a brief heads up. The words with your post seem to be running off of the screen in Firefox. I’m not sure if this sounds like a formatting issue or something to do with browser compatibility but I figured I’d post to let you know. The style and design look wonderful though! I do hope you get the issue solved soon. Kudos My blog … SamDLengle Reply Tracy 4 أكتوبر، 2020 - 7:07 م Wonderful blog! I found it while surfing around on Yahoo News. Do you have any tips regarding how to get listed in Yahoo News? I’ve been trying for quite a while nevertheless i never manage to arrive there! Thanks Feel free to surf to my site TeresiaCKlug Reply Micah 4 أكتوبر، 2020 - 7:13 م Hello, Neat post. There may be an issue with the site in internet explorer, might check this? IE nonetheless may be the market chief and a sizable component of other folks will miss your great writing because of this issue. Review my blog: AngelSKorb Reply Candra 4 أكتوبر، 2020 - 7:16 م Hey there, You’ve done an incredible job. I will certainly digg it and in my opinion suggest to my friends. I’m sure they’ll be benefited from this web site. My homepage RobbiFMilano Reply Helaine 4 أكتوبر، 2020 - 7:18 م Very great post. I just stumbled upon your blog and wanted to mention that I’ve really enjoyed browsing your blog posts. All things considered I’ll be subscribing for your feed and I really hope you write once again immediately! Here is my web blog … SonLSkidmore Reply Ferrari Florida 27 يوليو، 2024 - 9:40 م This is exactly what I was looking for. Thanks for the useful information. Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.