ثقافة و فنونعربي صهيب قسم الباري أعاد إحياء السينما السودانية بعد دمارها by admin 27 يوليو، 2020 written by admin 27 يوليو، 2020 128 فيلمه “التحدث عن الأشجار” فاز بجائزتين في برلين ووصف ب”التحفة الوثائقية” اندبندنت عربية / هوفيك حبشيان “التحدّث عن الأشجار” للمخرج السوداني صهيب قسم الباري تحفة السينما الوثائقية العربية. ما من فيلم عربي حصد الإعجاب إلى هذه الدرجة في السنوات الأخيرة. منذ فوزه بجائزتين (أفضل فيلم وثائقي وجائزة الجمهور) في مهرجان برلين السينمائي، العام الماضي، وصولاً إلى إسناده جائزة النقّاد من قبل مركز السينما العربية قبل أيام، لا يتوقّف هذا العمل عن إثارة الفضول أينما حلّ، سواء لمستواه الفنّي أو لخطابه السياسي. صادف صدور الفيلم مع قيام الانتفاضة الشعبية في السودان في العام 2019، ضد عمر البشير ونظامه الجاثم على صدور السودانيين منذ ثلاثة عقود. الفيلم يتعقّب شلّة من السينمائيين السودانيين: إبرهيم شداد، منار الهيلو، سليمان محمد إبرهيم، الطيب مهدي. تتراوح أعمار هؤلاء بين العقدين السادس والثامن، جلّهم متقاعد أو معتكف عن العمل لأسباب خارجة عن إرادته. بعد سنوات يجتمعون لتحقيق حلم قديم: إعادة افتتاح دار عرض سينمائي في هواء الخرطوم الطلق، بعدما كانت تحوّلت مع الأيام إلى أنقاض. كلّ السينمات اندثرت وأُقفلت وتعرّضت للإهمال، وثمة حاجة إلى بديل. يطمح هؤلاء إلى بثّ الثقافة السينمائية ونقل عدواها إلى الأجيال الجديدة في بلاد تعيش نوعين من القمع، الديني والعسكري. والقمعان على علاقة تواطؤ، أحدهما بالآخر، ولا يختلفان كثيراً على مستوى إرادتهما في المنع والحظر. ذاكرة سينمائية يروي المخرج الأربعيني قسم الباري لـ “اندبندنت عربية” عن مغامرة صنع هذا الفيلم في بلد توقّفت فيها صناعة السينما لفترة طويلة، موضحاً أن الفكرة ولدت قبل سنوات من بدء التصوير. يروي: “ذات يوم اكتشفتُ أفلام إبرهيم شداد والطيّب مهدي وسليمان محمد إبرهيم. كنتُ في السودان وفي داخلي نيّة لإنجاز مشروع هو عبارة عن فيلم روائي، لكنّ عقبات عدّة اعترضت طريقي، حتى قبل التصوير وبناء تصوُّر له فالبحث عن مواقع. كان الأمر صعباً جداً وسط قسوة الظروف التي يعانيها السودان، لا سيما لجهة الحصول على تصاريح، ممّا كان يتطلّب تنازلات هائلة لأتمكّن من تسريع إنجازه. عندها، اكتشفتُ أنّه لن يُنجَز ما لم يسقط البشير. شعرتُ بالإحباط في تلك الفترة، لكن من حُسن الحظّ أنّني حينذاك قابلتُ شخوص الفيلم الأربعة، من دون أن تكون لديّ فكرة عن مكان وجودهم. كنتُ قد تابعتُ أعمالهم وقرأتُ كتاباتهم، فهم أيضاً نقّاد سينمائيون. بحثتُ عنهم، فوجدت سليمان محمد إبرهيم، الذي عرّفني إلى بقية المجموعة. اكتشفتُ أنّها مجموعة مذهلة في سخريتها من الواقع وإنتاج الأمل، أحياناً من العدم. مخرجون أصرّوا على تقاسم الأمل مع ناس لا يملكون منه شيئاً. شاهدتُ بعض أفلامهم، وسمعتُ عن بعضها الآخر، ولحُسن الحظّ استطاعوا إنقاذ بعض النسخ منها، بعدما كانت في حال يُرثى لها. أذهلني التطلّب الفكري والفنّي، وأذهلتني الجرأة. يكفي أن يكون المرء قادماً من بلد هو السودان، يفتقر حتى إلى وجود سينما تجارية أو إنتاج سينمائي، ثم لا يتنازل عن أي تطلّب فكري وفنّي. أدهشتني هذه الرديكالية، فعلى الرغم من الظرف الصعب، أرادوا عملاً بمستوى لائق. اكتشفتُ أيضاً كتاباتهم. كانوا يُصدِرون مجلة اسمها “سينما”، لكن توقّفت في الثمانينيات، قبل الانقلاب الذي أتى بعمر البشير. كذلك، ذُهلت من الثقافة السينمائية العجيبة لديهم. كانوا ينظّمون عروضاً في السبعينيات والثمانينيات، خصوصاً سينما المؤلّف، فهالتني قدرتهم على المجيء بأفلام مصدرها اليابان أو بولونيا، للعرض في السينما المتجوّلة وفي نوادي السينما في السودان، وذلك في سنة صدورها نفسها في البلد الأم. ضمّت هذه المجموعة أكثر من أربعة أشخاص، لكن اختياري كان العمل مع هؤلاء الأربعة، فأسعدني أنني وجدتُ عائلة سينمائية في بلد يعاني شحّاً ثقافياً وفنّياً هائلاً”. فيلم وعاصفة فكرة أن يصبح الفيلم فيلماً، تعود إلى صورة “ملحمية” واقعية حصلت أمام المخرج قسم الباري. كان هؤلاء الأربعة ينظّمون عروضاً سينمائية في القرى المحيطة بالخرطوم، فرافقهم في واحد من هذه العروض. تراءى الأمر بسيطاً، كأنّه يحصل في أي مكان: عروض سينمائية في قرية… ولكن، وصل الجميع متأخرين بسبب عُطل في السيارة، والمشاهدون في القرية كانوا أخذوا أماكنهم. ثم هبَّت عاصفة ترابية خفيفة في البداية، فظن قسم الباري أنّ العرض سيُلغَى. ما حدث أنّ العرض تواصل، والشاشة كانت قماشية، مثبتة في الأرض بعيدان، ولما ازداد هبوب العاصفة، قام اثنان من الأربعة، بربط الشاشة بمقعديهما، واستطاعا تثبيتهما بسبب ثقل جسديهما. عودة الحياة الى السينما السودانية (اندبندنت عربية) إنها لحظة لا ينساها قسم الباري: “كلما ازداد الهبوب، انتفخت الشاشة، فكنتُ، أنا الغريب عن طبيعة السودان القاسية، أراقب العيون وسط هذا المشهد، فلمحتُ انعكاس الصورة على الأتربة المعلّقة واهتزازها مع حركة الهواء. كان العرض ممتازاً، بدا لي كأنني في مركب والمشهد بأكمله يتحرّك. هذه الصورة الذهنية غير الموجودة في الفيلم، بدت بمثابة صورته الأم. لحظة كهذه، حرّكت بداخلي الرغبة في إنجاز فيلم. تأخّرت المسألة، لكنّني حين انطلقت، بدت الصورة الذهنية ساطعة الحضور”. يروي قسم الباري أن هناك تعطّشاً هائلاً للسينما في السودان. هو من جيل لم يرتد الصالات مطلقاً. السينمات أقفلت طوال ثلاثين سنة. لكن كان ثمة حبّ للشاشة والمُشاهدة السينمائية. حتى العام 1989، فاق الإقبال الجماهيري على السينما، إقبال الجمهور على مباريات كرة القدم، وهذا مُثبت في الإحصاءات. جيله هو وُلد داخل هذا العطش، وخارج معادلة مشاهدة السينما كلياً. صالات مفتوحة يقول: “السينما من أولى ضحايا التشدّد والقمع اللذين حاول نظام البشير فرضهما على السودانيين منذ العام 1989. كان ثمة مخطّط آخر غير تصفية المعارضين جسدياً وفصلهم من أعمالهم وإرغامهم على الهجرة، هو محو الذاكرة والمكتسبات الثقافية التي تعود إلى السودانيين، وإزالة كلّ مكتسباتهم الحداثية. الصورة والسينما كانتا من أكثر ما تعرّض للمحو، فيما مجالات أخرى تعرّضت للتضييق. تمّ اغتيال السينما عن سابق تصوّر وتصميم. فرْضُ حظر تجوّل لفترة طويلة، سدّد ضربة قوية للسينما التي كانت بمعظمها صالات مفتوحة لا مغلقة، جميع عروضها مسائية. كما صُفِّيت المؤسسة التي كانت محاولة لبناء إنتاج سينمائيّ، ففُصل هؤلاء الأربعة من أعمالهم، وأُغلق الجسم السينمائي في وزارة الثقافة. كانت سياسة ممنهجة، عدا عن التجريم الإيديولوجي للصورة والفنّ عموماً، والإصرار على إنتاج كمّ هائل من البروباغندا، فصودِرت كلّ المواد المرئية والذاكرة البصرية السودانية، لتسيطر بدلاً منها برامج جهادية تروّج لثقافة الموت. السينما كانت ضحية، لولا البعض ممَن استطاعوا الحفاظ بشكلّ سريّ على هذا الشغف ليقينه أنّ وجوده كان ضرورياً”. المخرج السوداني صهيب قسم الباري (اندبندنت عربية) مَن يشاهد الفيلم، لا بد أن يلاحظ تعامل المخرجين الأربعة مع الموضوع بطرافة وبإطار خفّي، من دون منحه طابعاً مأسوياً وبكائياً. الملاحظة التي تسعد المخرج. يقول: “هذا واحد من أكبر الدروس الوجدانية بالنسبة إليّ. لستُ أميل إلى البكائيات في الأفلام الموجّهة إلى جمهور يحتاج إلى أن يشعر بأنّه متفوّق ولديه دور إنقاذيّ، وجماهير هي نفسها تعيش أوضاعاً مزرية. في البكائيات شيء من تسوّل التعاطف، خصوصاً بالنسبة إلى مخاطبة المُشاهد الغربي، والقول له مثلاً إنّني استثناء وسط كمية كبيرة من البشر المنتهية تماماً. ليست هذه السينما التي أحبّ. الطرافة في الفيلم ذكية، فالمخرجون مثقّفون جداً وواعون تماماً لما يجري، لكن لديهم القدرة على الفكاهة الساخرة الذكية، وهذا أمر عظيم”. المزيد عن: سينما سودانية/فيلم وثائقي/عمر البشير/مهرجان برلين/جوائز/الخرطوم 22 comments 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post “تلاق رقم 10” لجاكسون بولوك يلهم “إنفجار” أنطونيوني next post رفضها الناشرون لأنها تنتقد ستالين واستخدمها CIA في دعايته.. حقائق غير مشهورة عن رواية “مزرعة الحيوان” You may also like مهى سلطان تكتب عن: الرسام اللبناني رضوان الشهال... 24 نوفمبر، 2024 فيلمان فرنسيان يخوضان الحياة الفتية بين الضاحية والريف 24 نوفمبر، 2024 مصائد إبراهيم نصرالله تحول الرياح اللاهبة إلى نسائم 23 نوفمبر، 2024 يوري بويدا يوظف البيت الروسي بطلا روائيا لتاريخ... 23 نوفمبر، 2024 اليابانية مييكو كاواكامي تروي أزمة غياب الحب 22 نوفمبر، 2024 المدن الجديدة في مصر… “دنيا بلا ناس” 21 نوفمبر، 2024 البعد العربي بين الأرجنتيني بورخيس والأميركي لوفكرافت 21 نوفمبر، 2024 في يومها العالمي… الفلسفة حائرة متشككة بلا هوية 21 نوفمبر، 2024 الوثائق كنز يزخر بتاريخ الحضارات القديمة 21 نوفمبر، 2024 أنعام كجه جي تواصل رتق جراح العراق في... 21 نوفمبر، 2024 22 comments зарубежные сериалы в хорошем HD качестве 25 مارس، 2024 - 8:40 م Appreciate the recommendation. Will try it out. Reply глаз бога телеграмм бесплатно 10 أبريل، 2024 - 10:07 ص Having read this I thought it was very informative. I appreciate you finding the time and effort to put this informative article together. I once again find myself spending way too much time both reading and leaving comments. But so what, it was still worth it! Reply глаз бога телеграмм бесплатно 10 أبريل، 2024 - 11:22 م Keep on working, great job! Reply cs 2 skins casino websites 2024 8 مايو، 2024 - 2:08 ص You ought to take part in a contest for one of the greatest sites on the web. I am going to recommend this website! Reply университет 16 مايو، 2024 - 3:01 ص Reply Гостиничные Чеки СПБ купить 24 مايو، 2024 - 6:47 م We are a gaggle of volunteers and starting a new scheme in our community. Your site provided us with useful information to work on. You have performed an impressive activity and our whole community will be grateful to you. Reply удостоверение тракториста машиниста купить в москве 30 مايو، 2024 - 9:21 م I believe what you postedwrotebelieve what you postedwrotethink what you postedwrotesaidthink what you postedtypedsaidWhat you postedtypedsaid was very logicala lot of sense. But, what about this?consider this, what if you were to write a killer headlinetitle?content?wrote a catchier title? I ain’t saying your content isn’t good.ain’t saying your content isn’t gooddon’t want to tell you how to run your blog, but what if you added a titleheadlinetitle that grabbed people’s attention?maybe get a person’s attention?want more? I mean %BLOG_TITLE% is a little vanilla. You ought to peek at Yahoo’s home page and watch how they createwrite news headlines to get viewers to click. You might add a related video or a related pic or two to get readers interested about what you’ve written. Just my opinion, it might bring your postsblog a little livelier. Reply russa24-diploms-srednee.com 11 يونيو، 2024 - 12:53 ص This piece of writing is in fact a nice one it helps new net users, who are wishing for blogging. Reply хот фиеста казино 13 يونيو، 2024 - 2:14 ص Hmm it appears like your site ate my first comment (it was extremely long) so I guess I’ll just sum it up what I submitted and say, I’m thoroughly enjoying your blog. I as well am an aspiring blog blogger but I’m still new to the whole thing. Do you have any suggestions for beginner blog writers? I’d genuinely appreciate it. Reply Теннис онлайн 28 يونيو، 2024 - 8:13 م Hey! Do you use Twitter? I’d like to follow you if that would be ok. I’m definitely enjoying your blog and look forward to new updates. Reply Теннис онлайн 30 يونيو، 2024 - 11:41 ص I’m not sure where you are getting your info, however good topic. I needs to spend a while studying more or working out more. Thank you for magnificent information I used to be in search of this information for my mission. Reply Прогнозы на футбол 1 يوليو، 2024 - 11:46 م I couldn’t resist commenting. Perfectly written! Reply Прогнозы на футбол 4 يوليو، 2024 - 9:10 ص Terrific article! This is the type of information that are supposed to be shared around the internet. Disgrace on the seek engines for now not positioning this publish upper! Come on over and visit my site . Thank you =) Reply Прогнозы на футбол 4 يوليو، 2024 - 9:59 م great issues altogether, you just won a logo new reader. What might you suggest in regards to your submit that you simply made a few days ago? Any positive? Reply автомойка самообслуживания под ключ 6 يوليو، 2024 - 8:17 م Строительство автомоек под ключ – наша специальность. Мы заботимся о каждой детали, чтобы обеспечить надежное и прибыльное хозяйство. Reply автомойка под ключ 8 يوليو، 2024 - 9:40 ص Ищете надежного партнера для строительства автомойки? Мы предложим индивидуальные решения и полное сопровождение проекта от начала до конца. Reply строительство автомойки под ключ 8 يوليو، 2024 - 9:26 م Заказав автомойку под ключ, вы получите полностью готовый и оснащённый бизнес. Ваша мойка будет работать безупречно! Reply Прогнозы на футбол 11 يوليو، 2024 - 4:14 م It’s awesome to go to see this website and reading the views of all mates regarding this article, while I am also eager of getting familiarity. Reply мойка самообслуживания под ключ 15 يوليو، 2024 - 3:34 ص Строительство автомойки под ключ – это наш профиль! Обещаем качество, соблюдение сроков и построение устойчивого бизнеса от идеи до открытия. Reply badge for police 13 أغسطس، 2024 - 3:03 م Thanks for breaking this down into easy-to-understand terms. Reply Jac Благовещенск 19 أغسطس، 2024 - 6:48 ص I am extremely inspired with your writing skills and alsosmartly as with the format for your blog. Is this a paid subject matter or did you customize it yourself? Either way stay up the nice quality writing, it’s rare to see a nice blog like this one nowadays.. Reply theguardian 23 أغسطس، 2024 - 10:49 م Usually I do not read article on blogs, however I wish to say that this write-up very forced me to try and do so! Your writing taste has been amazed me. Thank you, quite great article. Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.