لوحة "حقل القمح مع الغربان" لأنسليم كيفر 2019 (خدمة المتحف) ثقافة و فنون مهى سلطان تكتب عن: أنسيلم كيفر ابن الثمانين يبحث عن “الزهور” في امستردام by admin 19 مارس، 2025 written by admin 19 مارس، 2025 23 متحفان يفتحان ابوابهما امام الرسام الرائد الذي مشى على خطى فان غوخ اندبندنت عربية / مهى سلطان يأتي المعرض الذي يتوزع على متحفين في آن واحد ليضع كيفر مع بلوغه عامه الـ80، في مركز الصدارة تقديراً لفنه بوصفه الشخصية الأكثر تأثيراً بين المعاصرين الفنان انسلم كيفر أمام احدى لوحاته ( خدمة المعرض) يضم المعرض أعمالاً جديدة يكشف عنها النقاب للمرة الأولى، فضلاً عن مختارات من مقتنيات متحف ستاديليك – بما في ذلك لوحات جدارية ومنشآت تجهيزية وأفلام وكتب فنية وأعمال ورقية – جمعت من خلال تعاون يبرز علاقة كيفر بكل من فان غوخ والمتحفين على السواء. “إنه أكثر من مجرد تبادل إعارات، إنه تعاون حقيقي – معرض واحد، تذكرة واحدة – متحفان” بحسب تعبير المديرة الفنية لمتحف فان غوخ إميلي جوردنكر إلى صحيفة “آرت نيوزبيبر”. أما كبير أمناء متحف فان غوخ إدوين بيكر، فقد صرح: “ما يلفت انتباهك عند رؤية أعمال كيفر في المتحف هو حجمها الهائل، إنها مناظر طبيعية شاسعة، بانورامية، تشبه إلى حد كبير أعمال فان غوخ الأخيرة، وإن كانت على نطاق أوسع بكثير”. في متحف فان غوخ في منطقة ميدان المتاحف (بالهولندية: Museumplein) في أمستردام، تعرض أعمال كيفر ومذكراته ورسومه التخطيطية إلى جانب سبع من روائع الرسام الهولندي، بما في ذلك لوحة “حقل القمح مع الغربان” (1890)، مما يبرز تأثير الفنان في مواضيع وتقنيات كيفر. ثم بشكل مختلف قليلاً، ستنتقل مختارات من الأعمال لكي تعرض في الأكاديمية الملكية للفنون بلندن (الـ28 من يونيو – الـ26 من أكتوبر “تشرين الأول” 2025). الفنان الثائر على الفاشية “ليلة مرصعة بالنجوم” لأنسليم كيفر عن لوحة فان غوخ (خدمة المعرض) أنسيلم كيفر المولود في دوناوشينغن بألمانيا في أواخر الحرب العالمية الثانية (عام 1945)، كثيراً ما عانى إرث الفاشية والعنف السياسي والذاكرة الثقافية. في أواخر ستينيات القرن الماضي، كان من أوائل الفنانين الألمان الذين تناولوا التاريخ المضطرب لألمانيا في أعمال ضخمة، تعرض بسببها لانتقادات لاذعة في وطنه. بينما نالت أعماله في هولندا، تقديراً كبيراً بين هواة جمع الأعمال الفنية والمتاحف، مثل متحف ستاديليك، وفي وقت لاحق، أشيد بكيفر لكسره حاجز الصمت المحيط بماضي ألمانيا. تجسد أعمال كيفر قضايا الهوية الوطنية والتاريخ الألماني، إذ يستحضر شخصيات وأحداثاً من الماضي، لا سيما تلك المرتبطة بالحقبة النازية وما بعدها، ويتناول في أعماله الأساطير الجرمانية والديانات القديمة والتاريخ اليهودي -المسيحي، مما يضفي على فنه بعداً فلسفياً وروحانياً. يعد الشعر مصدر إلهام مهم لأنسيلم كيفر، فهو يعتمد في كثير من أعماله على نصوص أدبية وشعرية، إذ يستلهم من شعراء من أمثال: بول سيلان ورينيه شار، ويستخدم النصوص المكتوبة بشكل مباشر في لوحاته، مما يضيف طبقات من المعنى إلى أعماله، كما يهتم بالمناظر الطبيعية في بحثه عن المعنى الإنساني، من خلال إثارة قضايا فلسفية كالفناء والبعث. جداريات لأنسليم كيفر (خدمة المعرض) تميزت أعماله بأسلوبها الفريد الذي يجمع بين الرمزية العميقة والتقنيات المبتكرة، معتمداً على مجموعة واسعة من المواد في أعماله، تشمل الرصاص والقش والرماد وورق الذهب والخشب والطلاء السميك، مما يمنح لوحاته ومنحوتاته طابعاً خاماً وملموساً، هذه المواد تعكس اهتمامه بالتاريخ والتحولات المادية والزمنية، وعلى رغم أن العديد من أعماله تحمل عناصر تصويرية، فإنها تتسم بجوانب تجريدية قوية، يستخدم كيفر الألوان الداكنة والمركبة، مع لمسات نارية أو ذهبية، مما يخلق إحساساً بالعمق والرهبة والقدسية. يميل كيفر إلى إنتاج أعمال ضخمة ذات طابع معماري وإنشائي، إذ تبدو بعض لوحاته وكأنها جدران متآكلة أو أطلال مهجورة، هذا الأسلوب يعزز الإحساس بالتاريخ والذاكرة الجماعية والمكان، أحد المواضيع المحورية في أعماله هو العلاقة بين الدمار والخلق، إذ يستكشف كيفر كيف يمكن للفن أن يكون وسيلة لفهم الماضي وإعادة تشكيله، بدلاً من تجاهله أو نسيانه. بين كيفر وفان غوخ: الشمس التي لا تقهر على رغم اختلاف ألوان كيفر وفان غوخ، فإنهما يشتركان في إعجابهما العميق بالطبيعة، فكثيراً ما يرسم كيفر المناظر الطبيعية، التي يعدها شاهداً على التاريخ البشري، وبالمثل تنبض مناظر فان غوخ الطبيعية بالحياة، فهي تعبر عن المشاعر والعواطف، وتتجلى حقول القمح في أعمال كلا الفنانين كإشارة إلى دورة الحياة، ففي لوحة “سيقان الليل”، وهو عنوان مقتبس من قصيدة لبول سيلان، استخدم كيفر ورق الذهب والقش والطين والفولاذ والجص، إلى جانب ألوان تقليدية، ليربط القش في العمل بلوحات فان غوخ الأخيرة لحقول القمح، وتحديداً بلوحة “حقول القمح مع الغربان”. . زهرة دوار الشمس ورسم لجثة الرسام نفسه على الأرض (خدمة المعرض) يركز معرض متحف فان غوخ على أوجه التشابه مع أعمال الفنان الهولندي، عام 1963 فاز كيفر في أول رحلة له خارج ألمانيا بمنحة سفر لزيارة الأماكن التي عاش وعمل فيها فان غوخ، بدأ رحلته في زونديرت، قرية في جنوب هولندا، مسقط رأس فينسنت، ثم تابع رحلته إلى أنتويرب، منطقة بوريناج لتعدين الفحم، وباريس وأوفير سور أواز وآرل وسان ريمي دو بروفانس، وفي طريقه دون مذكرات مليئة بالرسومات والملاحظات، يعلق كيفر، مسترجعاً ذكرياته، قائلاً: “على عكس ما قد يتوقعه المرء من مراهق، لم أكن مهتماً كثيراً بالجانب العاطفي لأعمال فان غوخ أو بحياته التعيسة”، ما أثار إعجابه في فان غوخ هو “البنية العقلانية، والبناء الواثق للوحاته، في حياة كانت تخرج عن سيطرته بشكل متزايد”، كان الفن لا القصة هو ما جذب اهتمامه، معتبراً أن فان غوخ ليس رساماً بالفطرة بل إن مثابرته في الرسم مكنته من إبداع روائع فنية. لم يفارقه الإلهام أبداً، عام 1995 رسم كيفر لوحة “سول إنفيكتوس” Sol Invictus (الشمس التي لا تقهر)، وهي عمل يبلغ ارتفاعه نحو خمسة أمتار، منفذة بأنواع من الطلاء مع بذور دوار الشمس، يبرز رأس الزهرة الممدود بأوراقه الذابلة فوق شخصية عارية في وضعية يوغا أشبه بجثة، ممثلاً كيفر نفسه، تتساقط البذور كأنها ذباب يحوم فوق جسد. على رغم أن زهرة دوار الشمس الداكنة المشؤومة التي رسمها كيفر تختلف تماماً عن أزهار فان غوخ “البروفنسالية” النابضة بالحياة، فإن الزهرة بلا شك ألهمت خيال كلا الفنانين، فقد زرع كيفر زهور دوار الشمس بنفسه، ثم حصد بذورها، لكن بذور “سول إنفيكتوس” أثارت قلق مرممي متحف فان غوخ، لأنها جذبت الحشرات، في اللحظة الأخيرة قبيل افتتاح المعرض استبدل بها كيفر بذوراً اصطناعية، يرى كيفر أن النباتات وعباد الشمس مرتبطان أيضاً بالكون، مستحضراً في هذا السياق فكرة الفيلسوف وعالم الفلك روبرت فلاد Robert Fludd في القرن الـ16، وهي أن لكل نبات على الأرض نجماً مناظراً في السماء. القطعة الفنية الرئيسة لمعرض متحف ستاديليك أمستردام هي ذات عنوان شعائري ملغز: Sag mir wo die Blumen sind (2024) أو “قل لي أين الزهور”، وهي لوحة بطول 24 متراً تقريباً، معروضة حول الدرج التاريخي للمتحف، تجمع بين الطلاء والطين والزي الرسمي وبتلات الورد المجففة والذهب، وهي عناصر غنية بالرمزية في أعمال كيفر. يستحضر الطين والزي الرسمي آثار الحرب، مما يعكس انتظام كيفر في ماضي ألمانيا، تشير بتلات الورد المجففة والذهب إلى الهشاشة والجمال والتسامي، وترتبط بموضوعات الخسارة والتجدد الموجودة في عنوان المعرض، الذي يشير إلى أغنية مناهضة للحرب التي غناها المغني الشعبي والناشط الأميركي بيت سيغر Pete Seegerعام 1955 بعنوان “قل لي أين الزهور”، والتي اشتهرت لاحقاً بنسختها الألمانية مع مارلين ديتريش، ويشير العنوان أيضاً إلى لوحة “دوار الشمس” لفنسنت فان غوخ، في مقابلة لصحيفة “نيويورك تايمز” قال كيفر: “أهم جملة في هذه الأغنية هي: متى سنتعلم؟ يبدو أن بقية الأغنية مبتذلة بعض الشيء، لكن هذا أعمق من ذلك بكثير، لا نعرف لماذا تتكرر الأمور طوال الوقت، نعيش الآن وضعاً يشبه ما كان عليه الحال في ألمانيا عام 1933، إنه لأمر مريع.” المزيد عن: رسام هولنديمتحف فان غوخمعرض استعاديالزهورالشمسالريادةالحداثةالنضال الفنيجداريات 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post حين غيبت أخبار الحرب رحيل رومان رولان next post القرداحة… مهد الأسد وضحيته You may also like حين غيبت أخبار الحرب رحيل رومان رولان 19 مارس، 2025 الحقوق السياسية للمرأة من منظور نسوي تاريخي 18 مارس، 2025 شوقي بزيع يكتب عن: العصر العباسي الأول… المفارقة... 18 مارس، 2025 محمود الزيباوي يكتب عن: آنيتان من مقبرة سار... 18 مارس، 2025 هؤلاء الفلاسفة المسلمون الذين نعود اليهم دوما 18 مارس، 2025 “قراءة غير ملزمة” يكشف الجانب الخفي من النوبلية... 18 مارس، 2025 رسام نهضوي إرثه قليل وتحيط به الشكوك 18 مارس، 2025 أهم إصدارات الكتب في بريطانيا لشهر مارس 2025 18 مارس، 2025 الحقيقي والمتخيل في سيرة الإسكندر المقدوني 17 مارس، 2025 سامر أبوهواش يكتب عن: “ما زلت هنا” لوالتر... 17 مارس، 2025