الخميس, يناير 30, 2025
الخميس, يناير 30, 2025
Home » فولكر بيرتيس يكتب عن: لا تدعوا التنافس الجيوسياسي يفسد عملية الانتقال في سوريا

فولكر بيرتيس يكتب عن: لا تدعوا التنافس الجيوسياسي يفسد عملية الانتقال في سوريا

by admin

 

على الجهات الخارجية أن تضع احتياجات البلاد فوق مصالحها الضيقة

اندبندنت عربية / فولكر بيرتيس

  • فولكر بيرتيس هو زميل زائر مميز في المعهد الألماني للشؤون الدولية والأمنية.

في ديسمبر (كانون الأول) 2024، انهار نظام بشار الأسد مثل بيت من ورق. استولت قوات المعارضة بقيادة مقاتلين من “هيئة تحرير الشام” على مدينة حلب شمال سوريا، قبل أن تتجه جنوباً في هجوم خاطف. وعند وصول تلك القوات إلى دمشق بعد أكثر من أسبوع بقليل، بات واضحاً أن قوات الأمن التابعة للحكومة لم تكن مستعدة للقتال من أجل النظام، ففر الأسد، بعد ما يقرب من 25 عاماً في السلطة، إلى موسكو. وأصبح زعيم “هيئة تحرير الشام”، أحمد الشرع، رئيساً للدولة السورية بحكم الواقع، وعين حكومة موقتة، وأعلن جدولاً زمنياً للانتقال السياسي في البلاد.

الهجوم الذي شنته قوات المعارضة استفاد من التحضير الدقيق ودعم تركيا، التي تحتل مناطق في شمال سوريا وتوفر طريق الوصول الآمن الوحيد إلى إدلب، حيث كانت “هيئة تحرير الشام” متمركزة. ومع ذلك، لم يتوقع معظم المراقبين سقوط النظام بهذه السرعة. لقد قللوا من تقدير اعتماد الأسد المستمر على الداعمين الخارجيين الذين ساعدوه في البقاء خلال الحرب الأهلية السورية، التي بدأت عام 2011 بعد أن قمعت الدولة المظاهرات السلمية بعنف، لكن الصراعات الدائرة في أماكن أخرى جعلت حلفاء الأسد الرئيسين غير قادرين أو غير راغبين في الدفاع عنه: فروسيا كانت منشغلة بحربها في أوكرانيا، وإيران منهكة وعاجزة عن حماية وكلائها، و”حزب الله” في لبنان ضعيفاً بسبب معركته مع إسرائيل.

بعد سقوط النظام، سعى ممثلون عن الولايات المتحدة وأوروبا والأمم المتحدة للتعرف على قادة سوريا الجدد. ونظرت المنظمات الإنسانية العاملة في إدلب إلى “هيئة تحرير الشام” وحكومتها المحلية بحكم الأمر الواقع باعتبارهما فاعلين براغماتيين. ومع ذلك، فإن “هيئة تحرير الشام” كانت نشأت في الأصل في منتصف العقد الثاني من القرن الـ21 من جبهة النصرة، الفرع السوري لتنظيم القاعدة. ومنذ ذلك الحين، أعلنت الهيئة قطع علاقتها بتنظيم القاعدة وحاولت التخلص من جذورها المتطرفة، لكن الولايات المتحدة والأمم المتحدة وغيرهما، ما زالوا يصنفونها كمنظمة إرهابية. ونتيجة لذلك، أبدى صانعو السياسات والمسؤولون قلقاً في شأن نوايا أعضائها وأيديولوجيتهم، متخوفين من احتمال المساهمة في قيام دولة جهادية.

إن سوريا تقف على أعتاب المجهول، ويبدو أن الغالبية العظمى من السوريين، بمن فيهم رجال الأعمال والسلطات الدينية في البلاد، وأولئك العاملون في جهازها البيروقراطي الكبير، ولكن المتمرس، يؤيدون الانفصال التام عن الفساد وسوء الإدارة اللذين كانا سائدين خلال حكم الأسد. ولكي تؤدي هذه المرحلة الانتقالية في سوريا إلى تغيير إيجابي، لا يمكن أن تصبح ساحة لصراع جيوسياسي. فعلى مدى عقود من الزمان، نبذ عدد من القوى الإقليمية أو العالمية نظام الأسد، وحاولوا تغييره من دون جدوى، أو تعاملوا معه، أو التفوا حوله، من أجل تحقيق مصالحهم الخاصة. لكن لم يعد بإمكان هذه الأساليب أن تستمر، وسوريا تستحق فرصة للمضي قدماً والتخلص من بؤس سنوات حكم الأسد، حتى لو لم يتضح بعد أي نوع من القادة سيكون عليه الشرع أو شخصيات أخرى من “هيئة تحرير الشام”. إذا ركزت الحكومات الأجنبية والهيئات الدولية على مصالحها الضيقة وفرضت شروطاً مرهقة على المساعدات، فمن المؤكد أن عملية الانتقال في سوريا ستتعثر. عوضاً عن ذلك، يجب عليها دعم سوريا في جهودها الرامية إلى إعادة بناء اقتصادها والانفتاح على العالم وإحلال السلام والوئام داخلياً.

مد يد العون

بعد سنوات من الحرب والقمع والدمار والتهجير التي أدت إلى تدهور الأوضاع الاجتماعية الاقتصادية والإنسانية في سوريا، ستحتاج البلاد إلى الدعم الدولي لإنجاح انتقالها السياسي. ولن يتسنى لها أن تبدأ في إعادة الإعمار وإقناع اللاجئين والشركات المنفية بالعودة وجذب الاستثمارات إلا من خلال الاستقرار. وسيكون للأمم المتحدة، على وجه الخصوص، دور محوري تلعبه، ويتعين على حكام سوريا الجدد أن يسعوا بفاعلية إلى الحصول على دعمها.

تمتلك الأمم المتحدة بالفعل مبعوثاً خاصاً لسوريا، فضلاً عن قرار صادر عن مجلس الأمن في عام 2015 كلف المنظمة الدولية بمهمة تسهيل عملية سياسية لإنشاء “حكم موثوق وشامل وغير طائفي” في سوريا. لا يزال هذا الهدف يتماشى مع تطلعات الشعب السوري، لكن الآليات الموضوعة لتحقيقه لم تعد صالحة، إذ إن القرار كان صدر للتعامل مع نظام لم يعد موجوداً الآن. وعلى مدار سنوات، عمل المبعوث الخاص على تسهيل المحادثات حول دستور جديد أو منقح لسوريا بين وفود صغيرة من الحكومة وفصائل المعارضة المتمركزة في الغالب في تركيا. لكن هذه المحادثات لم تسفر عن أية نتائج وأصبحت بمثابة بديل عن مفاوضات جوهرية حقيقية حول السلام والتغيير السياسي الفعلي. علاوة على ذلك، فإن “هيئة تحرير الشام”، الكيان الذي يتولى السلطة الآن، كانت مستبعدة تماماً من أية عمليات تديرها الأمم المتحدة، نظراً إلى تصنيفها كمنظمة إرهابية.

في الواقع، يسعى القادة الجدد إلى طي صفحة الماضي، سواء في ما يخص نظام الأسد أو في ما يتعلق بنهج المجتمع الدولي تجاه سوريا خلال العقد الأخير. وبدأ الشرع وحكومته الانتقالية في التحضير لعقد مؤتمر وطني لمناقشة مستقبل البلاد والاتفاق على دستور جديد، بيد أن فصائل المعارضة التي تعاملت معها الأمم المتحدة وعدد من العواصم العالمية لن تكون ممثلة ككيانات منفصلة. ومع ذلك أشار القادة الجدد إلى أنهم سيكونون منفتحين على دمج أفراد من فصائل المعارضة هذه في المؤتمر وفي عملية الانتقال الأوسع نطاقاً. ويبدو أن الشرع وشركاءه يدركون الطابع التعددي للمجتمع السوري المتنوع عرقياً ودينياً، ويعلمون أن عليهم أن يحترموا هذا التنوع إذا أرادوا بناء شكل مستدام من أشكال الحكم، والواقع أن الجماعات المسلحة التي أطاحت بالنظام هي نفسها ائتلاف يضم خلفيات أيديولوجية وإقليمية مختلفة. في الوقت الحالي، يبدو أنها تحظى بدعم شريحة واسعة من المجتمع السوري، ولكن مع انتهاء النضال الموحد ضد النظام المخلوع، ستظهر حتماً خلافات حول السلطة والموارد.

تشكل العقوبات الواسعة النطاق عقبة رئيسة أمام إعادة تشغيل عجلة الاقتصاد السوري

يجب أن تتجاوب الأمم المتحدة مع هذا المشهد المتغير، ونظراً إلى الانقسامات داخل مجلس الأمن، فإن الاتفاق على قرار جديد سيكون أمراً صعباً، ولكن من الممكن تحقيقه، خصوصاً إذا تجنبت الحكومة السورية الجديدة الانجرار إلى صراعات جيوسياسية. ويتعين على مجلس الأمن أن ينشئ بعثة جديدة على الأرض أو يحول مكتب المبعوث الخاص في جنيف إلى بعثة مقرها سوريا مع تفويض واضح لدعم عملية الانتقال. وسيشمل ذلك تقديم الدعم الفني لأية عمليات سياسية أو دستورية بقيادة سورية، مع الاستفادة من تجارب هيئات الأمم المتحدة المختلفة في عمليات الانتقال السياسي وبناء السلام في بلدان أخرى. وينبغي للبعثة في سوريا أن تساعد أيضاً في إرساء سيادة القانون من خلال بناء جهاز شرطة موثوق وإصلاح القطاع الأمني، فضلاً عن إصلاح المنظومة القانونية، وحماية حقوق الإنسان، وإيجاد سبل لتحقيق المصالحة والتوافق. ووفقاً لتقديرات البنك الدولي، فإن أكثر من نصف سكان سوريا نزحوا داخلياً أو خارجياً منذ بداية الحرب الأهلية، مما يستلزم وضع خطط فعالة لإعادة دمج العائدين. ويمكن للأمم المتحدة الاستفادة من خبرات الدول الأعضاء مثل كولومبيا أو جنوب أفريقيا لدعم عملية عدالة انتقالية تتعامل مع انتهاكات حقوق الإنسان المروعة التي ارتكبها نظام الأسد، والمساعدة في منع الهجمات الانتقامية بين المجتمعات السورية أو داخلها. وعلاوة على ذلك، ينبغي للأمم المتحدة أن تواصل جهودها الرامية إلى تنسيق المساعدات الإنسانية وتعزيز التنمية والاستدامة.

لكن الدعم المادي لإعادة إعمار البلاد سيقع في الغالب على عاتق الجهات التي لديها مصلحة خاصة في استقرار سوريا، على غرار دول الخليج العربي، والاتحاد الأوروبي، وربما الولايات المتحدة. إن احتياجات سوريا هائلة، وتقدر بمئات المليارات من الدولارات. إذ انخفض نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي في سوريا إلى أقل من النصف منذ بداية الحرب الأهلية. وتدهور النظام الصحي بصورة كبيرة. ودمرت المناطق السكنية والبنية التحتية الاجتماعية في المدن التي كانت تسيطر عليها المعارضة. وفي سبيل تحفيز فرص العمل والتعافي الاقتصادي، يجب أن تركز جهود إعادة الإعمار أولاً على البنية التحتية للطاقة والرعاية الصحية والإسكان. ولا بد من أن يكون هذا الدعم قوياً وعاجلاً، إذ إن أي تأخير في تحقيق انتعاش اقتصادي واضح وسريع من شأنه أن يؤجج السخط وبالتالي يعرض انتقال سوريا نحو نظام سياسي شامل وتعددي للخطر، مثلما حصل في الانتقالات الفاشلة في تونس والسودان بعد الإطاحة بقادتهما في عامي 2011 و2019 على التوالي.

لقد فرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي عقوبات واسعة النطاق على نظام الأسد، بما في ذلك حظر الأسلحة، والقيود على المعاملات المالية، وضوابط صارمة على الصادرات، إضافة إلى حظر الاستثمارات في قطاع الطاقة السوري واستيراد النفط السوري. والآن بعد رحيل الأسد، أصبحت هذه التدابير عقبات رئيسة أمام إعادة تشغيل عجلة اقتصاد البلاد ويجب إما رفعها أو تعليقها على الفور. لكن هذه العقوبات تختلف عن مئات العقوبات الأخرى المفروضة على الأفراد أو الكيانات التي ساعدت في إثراء عائلة الأسد أو تنفيذ سياسات النظام القمعية، ويجب أن تظل هذه العقوبات قائمة لمساعدة السلطات السورية الجديدة على ملاحقة الجناة واستعادة الأموال المنهوبة.

اتركوا التنافس الجيوسياسي جانباً

إن القوى العالمية قد تميل إلى استغلال بدايات سوريا الجديدة لتحقيق مكاسبها الخاصة، لكن جر الحكومة الموقتة إلى صراعات إقليمية أو دولية قد يؤدي إلى إفشال عملية الانتقال السياسي. في الحقيقة، لا تشكل الجغرافيا السياسية أولوية حالية لقادة سوريا الجدد. فعلى سبيل المثال، امتنع أعضاء الحكومة الانتقالية، على رغم خلفياتهم الإسلامية، عن استخدام خطاب معاد لإسرائيل. فقد صرح وزير الخارجية السوري الجديد أسعد حسن الشيباني لقناة “الجزيرة” في أول أيام السنة الجديدة أن سوريا تسعى إلى “السلام والازدهار” وأن أية “قضايا عالقة بين سوريا وإسرائيل”، بما في ذلك التوغلات الإسرائيلية خارج خطوط فض الاشتباك التي تفصل بين البلدين، ستحل من خلال “مفاوضات سلمية”. إن استخدام مثل هذه اللغة يعد أمراً لافتاً، وكذلك الإشارة إلى إسرائيل باسمها بدلاً من “الكيان الصهيوني” الذي كان شائعاً في عهد نظام الأسد.

واستطراداً، قررت الحكومة الانتقالية التعامل بحذر مع روسيا، الداعم الخارجي الرئيس للنظام السابق. فبعد سقوط الأسد، انسحب الجنود الروس، المنتشرون في مختلف أنحاء البلاد، بسرعة إلى القاعدة الجوية والبحرية الروسية على ساحل البحر الأبيض المتوسط ​​في سوريا. ووفقاً لسلطات الجمارك السورية، ألغت الحكومة منذ ذلك الحين اتفاقاً استثمارياً مدته 49 عاماً مع شركة “ستروي ترانس غاز” الروسية لإدارة وتوسيع ميناء طرطوس الذي يضم القاعدة البحرية الروسية، لكن لا يزال من غير الواضح ما يعنيه هذا القرار فعلياً بالنسبة إلى حقوق الرسو للسفن الروسية، أو بالنسبة إلى مستقبل القاعدة الجوية الروسية في حميميم. قد ترغب السلطات السورية في التفاوض حول التفاصيل أو حتى السماح ببعض الوجود الروسي المحدود في مقابل الحصول على دعم موسكو في مجالات أخرى. ومع ذلك، قد تقرر روسيا من تلقاء نفسها أن الانسحاب الكامل لقواتها أكثر أماناً، نظراً إلى الدور الحاسم الذي لعبه سلاحها الجوي في تدمير المدن السورية الكبرى وما خلفه ذلك من كراهية تجاهها.

في المقابل، أعاد حكام سوريا الجدد العلاقات الدبلوماسية مع أوكرانيا، بل وتحدثوا حتى عن “شراكة استراتيجية” بين البلدين. ومع ذلك لا ترغب سوريا في أن تجد نفسها عالقة وسط تنافس جيوسياسي، ومن المؤكد أن قادتها لا يحتاجون إلى مواجهة مع روسيا، أو دعمها لما تبقى من نظام الأسد. وتهدف الحكومة الجديدة إلى إبقاء روسيا خارج الشؤون الداخلية السورية، من دون إغلاق الأبواب أمامها. وهي تعترف بأن روسيا “دولة مهمة في العالم”، على حد تعبير الشيباني، وترى فيها شريكاً مستقبلياً محتملاً. وقد تسعى حتى إلى كسب ود روسيا الآن، إذ إن سوريا لن تكون قادرة، في الأقل خلال الأمد القريب، على استبدال أسلحتها الحالية، التي تكاد تكون جميعها روسية، أو الاستغناء عن الخبرات الروسية المرتبطة بالبنية التحتية المدنية التي بنتها موسكو، بما في ذلك محطات الطاقة والسدود.

دعم الانتقال السياسي يعني احترام سيادة سوريا

ستستفيد الولايات المتحدة ودول غربية أخرى إذا أغلقت سوريا القواعد الروسية، مما يحد من قدرة وصول موسكو إلى البحر الأبيض المتوسط وأفريقيا، ولكن ينبغي ألا تضغط هذه الدول على دمشق للقيام بذلك، وألا تربط الدعم أو تخفيف العقوبات بأي مواقف تتعلق بالسياسة الخارجية، فمطالب مثل هذه سترهق الانتقال السياسي في سوريا، وتصرف الانتباه عن الأولويات التنموية الأكثر إلحاحاً، وترسل رسالة إلى الشعب السوري مفادها بأن العقوبات على نظام الأسد لم تكن تهدف في الأساس إلى إنهاء القمع الوحشي، بل إلى تحقيق أجندة جيوسياسية غربية، وهو السرد الذي روج له النظام القديم بين مواطنيه لسنوات. وعلاوة على ذلك، إذا أسهم السعي إلى تلبية الشروط الغربية في دفع الحكومة الانتقالية إلى صراع مفتوح مع روسيا أو أحد داعمي الأسد الآخرين، فلن تكون أية دولة غربية مستعدة للتدخل لمنع عدم الاستقرار الذي سيترتب على ذلك.

واستكمالاً، يجب على الجهات الدولية الأكثر تأثيراً في الشأن السوري، والأكثر انخراطاً مع الجاليات السورية، أن تمارس درجة كبيرة من ضبط النفس. فتركيا، على سبيل المثال، هي المستفيد الرئيس من التغيير في سوريا، ولكن بعض أفعالها قد يشكل خطراً على الانتقال السياسي. في الواقع، تسعى أنقرة إلى تحقيق هدفين متناقضين في سوريا: فهي تريد جاراً مستقراً، في الأقل لكي تضمن عودة معظم اللاجئين السوريين، البالغ عددهم أكثر من 3 ملايين في تركيا، إلى وطنهم، لكنها توسع في الوقت نفسه حربها التي دامت لعقود ضد “حزب العمال الكردستاني” (PKK) إلى الأراضي السورية من خلال شن حرب، جزئياً بالوكالة، ضد “قوات سوريا الديمقراطية” (SDF)، وهو تحالف يقوده الأكراد ويضم الميليشيات المدعومة من الولايات المتحدة. ويتعين على الولايات المتحدة وأوروبا أن تجريا محادثة صريحة مع أنقرة، الحليف في الناتو، حول مصالح تركيا ومخاوفها المتعلقة بسوريا، والتوضيح أن تحقيق انتقال مستقر يستلزم منح الأكراد السوريين، بمن في ذلك المجموعات التي أدارت جزءاً كبيراً من الشمال الشرقي خلال العقد الماضي، دوراً في الحكومة السورية.

ويتعين على الدول الأوروبية أيضاً أن تتصرف بمسؤولية لكي تتجنب زعزعة استقرار عملية الانتقال في سوريا. فبعد تركيا ولبنان، تستضيف أوروبا أكبر عدد من اللاجئين السوريين. وبدلاً من الانصياع للتيارات الشعبوية والمطالبة بعودة سريعة للاجئين، يجب على القادة الأوروبيين صياغة سياسات يمكن من خلالها للسوريين النازحين المساهمة في إعادة إعمار وطنهم سواء عادوا أم لا، وبالتالي المساعدة في بناء علاقات متينة قائمة على الشعوب بين سوريا وأوروبا.

إن دعم عملية الانتقال يعني أيضاً احترام سيادة سوريا، ففي الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية (المعروف أيضاً باسم داعش)، على سبيل المثال، اعتمدت الولايات المتحدة والتحالف الدولي ضد “داعش”، وهي مجموعة تقودها واشنطن وتضم أكثر من 80 دولة عضواً، على “قوات سوريا الديمقراطية” باعتبارها شريكاً رئيساً لها على الأرض في سوريا. يجب على التحالف دعوة سوريا للانضمام إلى صفوفه، مما سيمثل اعترافاً بالسيادة السورية ومسؤولية الحكومة في المساعدة على التصدي للتهديد المتبقي من “داعش”. لدى الولايات المتحدة وجود عسكري محدود في سوريا لمحاربة خلايا “داعش” النشطة، وينبغي لهذه القوات أن تبقى، وأن تواصل عملها بالتنسيق مع “قوات سوريا الديمقراطية” ومع الحكومة الجديدة في دمشق. من جانبها، يجب على الحكومة السورية أن تتولى، عندما تصبح جاهزة، إدارة مخيمي الاعتقال في الهول وروج في الشمال الشرقي، اللذين تديرهما “قوات سوريا الديمقراطية” ويحتجزان نحو 9 آلاف مقاتل من “داعش” ونحو 40 ألف نازح.

في نهاية المطاف، سيقع على عاتق القادة الجدد في سوريا مهمة إبقاء البلاد على مسار يضمن استمرار المساعدات الدولية، ولكن أولاً يتعين على العالم أن يمهد الطريق، وأن يقاوم إغراء السماح للمصالح الجيوسياسية الضيقة بعرقلة التعاون اللازم لإعادة إعمار سوريا. وفي سبيل تحقيق السلام والاستقرار، تحتاج سوريا إلى مساعدة من الشركاء الحاليين والمستقبليين، ليس أولئك الذين يفرضون رؤاهم عليها، بل الذين يساعدون البلاد في تحقيق رؤيتها الخاصة.

مترجم عن “فورين أفيرز” 24 يناير (كانون الثاني) 2025

المزيد عن: سقوط نظام الأسدهيئة تحرير الشامفورين أفيرزأحمد الشرعالانتقال السياسيالدعم الدوليالعقوبات على سورياالأمم المتحدةإعادة الإعمار في سورياالتجاذبات السياسيةالتوترات الجيوسياسيةالعدالة الانتقاليةالمرحلة الانتقالية في سوريا

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00