مبادرات لدعم القارئ والناشر في معرض القاهرة للكتاب

فعاليات متنوعة في دورته الـ56 وتفاؤل من الناشرين بتجاوز أزمات صناعة النشر التي وصلت ذروتها في نسختيه السابقتين

اندبندنت عربية /  مي ابراهيم صحافية @maiibrahem

تدفق كبير من كل قطاعات الجماهير شهده معرض القاهرة الدولي للكتاب منذ انطلاقه، إذ قدرت الجماهير في اليومين الأول والثاني فقط بنحو 850 ألف زائر، طبقاً لما أعلنته وزارة الثقافة المصرية، وهو رقم غير مسبوق عند مقارنته بالدورات السابقة.

الدورة الحالية من المعرض جاءت تحت شعار “اقرأ… في البدء كان الكلمة”، وهي تأتي بعد دورات عدة وصلت أزمات صناعة النشر فيها إلى ذروتها، مع الارتفاع الكبير في أسعار الدولار وغلاء كل مدخلات الصناعة من الورق والأحبار وغيرهما، مما انعكس بصورة كبيرة على سعر الكتب الذي كان في غير متناول قطاعات كبيرة من الجمهور، مما شكل أزمة كبرى للناشر والقارئ على السواء.

هذا العام ومن قبل افتتاح المعرض كان هناك زخم كبير وإعلانات كثيرة عن كتب جديدة ستصدر بالتواكب مع الافتتاح، وإطلاق مبادرات عدة من جهات مختلفة، من بينها اتحاد الناشرين المصريين الذي أطلق مبادرة بعنوان “مصر تقرأ”، ووزارة الثقافة التي تبنت مبادرة المليون كتاب، وهيئة قصور الثقافة وتقديمها عروضاً مخفضة لإصداراتها القديمة، والهيئة المصرية العامة للكتاب التي وفرت كتباً تبدأ أسعارها من جنيه واحد، إضافة إلى تخفيضات كبيرة توفرها دور النشر المختلفة لروادها مباشرة من خلال أجنحتها في المعرض.

كل هذه المبادرات انعكست بصورة كبيرة على القارئ المهتم بالقراءة، الذي حال الارتفاع الكبير في سعر الكتب في الأعوام الأخيرة بينه وبين اقتنائها، والناشر الذي يرغب في تحقيق حال من الرواج في إصداراته الجديدة والقديمة على السواء فظهرت حال من الرواج النسبي مقارنة بالدورة السابقة.

تقول مديرة دار درة الشرق للنشر إيمان عنان “العام الماضي كان هناك بالفعل تعليقات من الجمهور على ارتفاع أسعار الكتب، ولكن أتوقع هذا العام أن المبادرات المتعددة ستؤدي إلى أن يكون الوضع أفضل، ففي هذه الدورة هناك صالة كاملة للكتب المخفضة وهذا اتجاه جيد سيتيح لقطاعات كبيرة من الجمهور شراء الكتب بأسعار معقولة، وكل دور النشر حريصة هذا العام على أن تقدم تخفيضات وعروضاً للجمهور لتسويق إصداراتها”.

أعمال متنوعة لشباب الكتاب

المتابع لكثير من العناوين المنشورة هذا العام يجد أن جزءاً ليس بالقليل منها لكتاب شباب وهي من السمات الملحوظة في الأعوام الأخيرة، ولكن ما أسبابها وكيف أصبحت تتاح سهولة النشر للموهوبين من الشباب؟ وهل أثرت ظاهرة تحمل الكاتب نفقات نشر الكتاب التي تتيحها بعض دور النشر في زيادة المعروض من الكتب؟

تشير عنان إلى أن “انتشار المنصات الثقافية المختلفة ساعد على الاهتمام بالثقافة وشجع الكتاب ودور النشر على تقديم أفضل ما لديهم، وفي الوقت نفسه كثير من دور النشر أصبح لديها اهتمام بالشباب ونشر إبداعاتهم في حال كان لديهم موهبة حقيقية، باعتبار أن كلفة نشر الكتب أصبحت مرتفعة وبعضهم لن يستطيع تحملها، فبعض دور النشر أحياناً تقيم مسابقات يشارك فيها الشباب وتنشر الأعمال المتميزة، أما فكرة تحمل الكاتب نفقات النشر فهي موجودة بالفعل ولكنها لن تحدث الفارق الكبير كما يتخيل الناس في عدد العناوين المنشورة”.

مشاركات مصرية ودولية

يشارك في الدورة الحالية لمعرض القاهرة الدولي للكتاب 1345 دار نشر من 80 دولة من بينها 10 دول تشارك للمرة الأولى، وبالتواكب مع المعرض أطلقت منصة للكتب الإلكترونية لوزارة الثقافة وأُطلق أول بودكاست بالمعرض بالتعاون مع الهيئة الوطنية للإعلام، ويقدم المعرض للمرة الأولى خمسة مؤتمرات في ثوب أيام ثقافية تتناول موضوعات مهمة مثل الملكية الفكرية والترجمة والذكاء الاصطناعي وغيرها من القضايا المهمة المثارة على الساحة حالياً، إذ سيصل إجمال الفعاليات الثقافية التي ستقام خلال فترة المعرض إلى نحو 600 فعالية.

وعند المقارنة بدورة العام الماضي نجد أنها شارك فيها 1200 دار نشر من 700 دولة مما يعنى أن هناك توسعاً ومشاركات أكبر هذا العام.

يقول مدير دار إبيدي للنشر محمود عبدالنبي “معرض القاهرة الدولي للكتاب من أهم الفعاليات الثقافية في العالم العربي وهو حدث ينتظره القارئ والناشر. دور النشر المصرية أصبحت تقدم منتجاً متميزاً وتحاول إثبات نفسها في عالم النشر الذي أصبحت تطوراته متسارعة وتواجه فيه دور النشر منافسة قوية، هذا العام هناك تفاؤل كبير لدينا كناشرين بوجود حركة ورواج نسبي عن الأعوام السابقة، فلا تزال كل مدخلات صناعة النشر مرتفعة الكلفة، ولكن المبادرات الكثيرة التي أطلقت هذا العام سيكون لها تأثير كبير في القارئ والناشر معاً”.

ويضيف “هناك بالفعل زيادة في عدد العناوين المنشورة عند مقارنتها بالأعوام السابقة، ويرجع ذلك إلى عوامل عدة، من بينها اعتماد كثير من دور النشر على الطباعة الديجيتال مما يمكنهم من طباعة عدد محدود من النسخ وعند نفادها تُطبع دفعة أخرى، وهذا يختلف تماماً عن الطباعة الأوفست التي كانت تتطلب طباعة مئات النسخ من كل كتاب، فحالياً كثير من الناشرين يطبع أعداداً محدودة من النسخ لعدد أكبر من الكتاب، فينعكس هذا على عدد العناوين المنشورة في المعرض”.

كتب لم تلحق بمعرض الكتاب

بعض الناشرين أشاروا إلى وجود بعض المشكلات في عدم إمكان بعض الكتب اللحاق بمعرض الكتاب، نتيجة تأخر الحصول على أرقام إيداع لها من دار الكتب والوثائق القومية، وهو إجراء لا بد من أن يسبق نشر أي كتاب، مع العلم أن دار الكتب والوثائق ليست جهة رقابية وليس لها حق قبول أو رفض إصدار رقم الإيداع وإنما الأمر إجرائي لا بد من القيام به قبل نشر أي كتاب، وقبيل فترة معرض القاهرة الدولي للكتاب يكون الطلب على الحصول على أرقام الإيداع مضاعفاً مع استعداد دور النشر للمعرض وحرصها على الوجود بصورة مكثفة.

مدير دار متون المثقف للنشر والتوزيع خالد عدلي يقول “هذا العام هو الأقل في عدد الإصدارات التي نشارك بها في المعرض، بسبب أن كثيراً من الكتب لم نتمكن من الحصول على رقم إيداع لها من دار الكتب والوثائق، بسبب بطء الإجراءات وبعض التعقيدات الإجرائية، وهذه حال كثير من دور النشر، هذه الأزمة تحتاج إلى إيجاد حل يضمن سرعة إصدار أرقام الإيداع بخاصة في فترة ما قبل معرض الكتاب باعتبارها الحدث الثقافي الأهم”.

وفي ما يتعلق بكلفة نشر الكتب في ضوء ارتفاع سعر الدولار مما شكل أزمة كبرى للقارئ والناشر على السواء وبخاصة في الدورتين السابقتين، يقول “وضع سعر الدولار لم يتغير كثيراً عن العام السابق والكلفة متقاربة إن لم تكن زادت بفعل زيادة مصروفات التشغيل مثل الإيجارات والمرتبات وكل هذه الأمور، ولكن شراء الجمهور مباشرة من دار النشر من دون وسيط يتيح له الحصول على سعر أقل بخاصة في فترات المعارض والتخفيضات فهي تكون أفضل فرصة للشراء طوال العام”.

المزيد عن: مصروزارة الثقافة المصريةمعرض القاهرة الدولي للكتابالنشر العربيالثقافة العربيةالقاهرة