يذكر العمري أن الرئيس المصري الراحل استخدم هذه المأثورة في خطاباته بعد الموازنة لتقليص أثر الإصلاح المرتقب (اندبندنت عربية) عرب وعالم “لقمة للقطة”… كيف تقبل المصريون أول إصلاح اقتصادي بعد 1952؟ by admin 14 يناير، 2025 written by admin 14 يناير، 2025 13 يوثق وزير المالية الراحل عبدالجليل العمري في مذكراته أسباب معارضة الضباط زيادة أسعار السجائر اندبندنت عربية / محمد مختار صحفي مصري حُمل الإصلاح الاقتصادي في مصر على أوجه التبرير الذي عددَّ لعوام الناس حلاوة ثمره المرجو ومرارة تغييبه وسلبه، وهو ديدن الحكومات التي أدارت شؤون البلاد، غير أن من بين تلك المبررات ما اكتسى بوجه الطرافة والملاحة بغرض التأثير وتحقيق الإفهام وتقليص فداحة الأثر على حياة المصريين. أحد أنواع هذه التسويقات ما اتسم بالطرافة في قضية دعم رغيف العيش التي رواها الاقتصادي المصري الراحل عبدالجليل إبراهيم العمري الذي كان وزيراً للمالية والاقتصاد في الفترة ما بين عامي 1952 حتى 1960، وكان الوزير الوحيد من بين وزراء حكومة الثورة الذي عمل وزيراً في ظل الملكية، إذ كان يشغل منصب وزير التموين واستمر وزيراً في عهد الجمهورية، وكان مستشاراً اقتصادياً لحركة الضباط التي حكمت بعد ذلك، حين شغل أيضاً منصب نائب رئيس الوزراء للشؤون المالية، ومحافظاً للبنك الأهلي المصري (البنك المركزي المصري آنذاك). “دي لقمة للقطة” وتعود بداية الدعم في مصر لفترة الحرب العالمية الثانية، تحديداً عام 1941 حين طبقت الحكومة برنامجاً لدعم مواطنيها كافة بصورة موقتة لخفض ما للحرب من آثار سلبية على سبل العيش عبر توفير كثير من السلع مثل الكيروسين وزيت الطعام والسكر والشاي بأثمان مخفضة، مما كلف الخزانة آنذاك مليون جنيه من فارق سعر الشراء الذي كانت تتحمله قبل أن يتوقف هذا الدعم إبان الحرب ثم يعود ليطل من جديد عام 1952 حين شرعت الحكومة الجديدة في اتباع سياسات دعم تغطي تقريباً كل قطاعات الحياة في البلاد. في كتابه المعنون “ذكريات اقتصادية وإصلاح المسار الاقتصادي” والمقدم كسيرة ذاتية وشهادة للتاريخ على كثير من الأحداث التاريخية في مصر خلال توقيت حساس ومهم، يتحدث عبدالجليل العمري عن مأثورة “دي لقمة للقطة” لصاحبها الرئيس الراحل محمد نجيب والتي استخدمت لتبرير واحد من أهم قرارات الإصلاح الاقتصادي التي اتخذت في موازنة عام 1953-1954. حكومة محمد نجيب كانت وزارة محمد نجيب الأولى لا تضم من العسكريين سواه، وحتى المواضيع التي كانت تعرض على مجلس الوزراء كانت تأتي من الوزارات المختصة رأساً إلى مجلس الوزراء، ولما كانت بعض هذه المواضيع تتعارض واتجاهات مجموعة من الضباط، فكان من الضروري أن تناقش مع بعض الضباط في مجلس مشترك، قبل أن تحال إلى مجلس الوزراء لتناقش هناك، وهنا يشير العمري إلى نجاح تلك الفكرة إلى الحد الذي جعل من المحادثات أكثر استهلاكاً للوقت بين الضباط والوزراء. ويضيف العمري في كتابه، “من غريب المصادفات أنه عندما حان وقت تحضير الموازنة العامة 1953-1954، وكانت الحال تغيرت، فأصبح محمد نجيب رئيساً للوزارة مع كونه رئيساً لمجلس قيادة الثورة، وكان هذا المجلس أخذ سلطة السيادة، كان واجباً على وزير المالية أن يعرض الخطوط العريضة لمشروع الموازنة الجديدة على مجلس قيادة الثورة قبل عرضها على مجلس الوزراء لإقرارها واستصدار القوانين الخاصة بتنفيذها”. خفض وزن رغيف العيش ويقول “فلما عرضت الخطوط العريضة، وكان من بينها خفض وزن رغيف العيش دراهم معدودة ثارت غالبية أعضاء المجلس، واكتفيت هنا بالقول إن الإبقاء على وزن الرغيف سيستتبع أولاً زيادة في بند نفقات الدعم الذي كان في ذلك الوقت نحو مليونين من الجنيهات، وكان الدعم أصلاً غير مقبول من الناحية الاقتصادية لأنه يخل بصرح الكيان الاقتصادي، وثانياً أن الموازنة العامة ستظهر وبها عجز يكاد يصل إلى خمسة ملايين من الجنيهات، وهنا اقترح أحد الأعضاء زيادة سعر علبة السجائر قرشاً كما حدث في العام الماضي، وكان هذا القول مثار تعليق من أكثر من عضو، وكان من بينهم زكريا محيي الدين الذي قال إن زيادة القرش لعلبة السجائر في العام الماضي لاقت معارضة شديدة من ناحيتنا، وكادت تدفع وزير المالية إلى أن يستقيل، فكيف يحق لنا أن نقترحها الآن”. استمرت المناقشات في شأن الزيادة على الضريبة الجمركية على الدخان والسجائر، مما استتبع زيادة سعر علبة السجائر (20 سيجارة) قرشاً واحداً، وكان الضباط يطالبون ويصرون، بحسب ما يروي عبدالجليل العمري، على إزالة هذه الزيادة والعودة بسعر السجائر لما كان عليه من قبل، بدعوى أن سياسة الضرائب غير المباشرة كالضريبة الجمركية على سلعة يستهلكها الكثير من جمهور الشعب لا تتماشى مع ما قامت عليه الثورة لناحية الرغبة في إسعاد جموع الناس. خفض الوزن غير مؤثر في حياة الناس ويشير وزير المالية والاقتصاد الراحل في كتابه إلى أن محادثات طويلة استمرت، طرحت خلالها بدائل لم تكُن من بينها زيادة فئات ضريبة الإيراد العام، لكن مجلس الوزراء انتهى آنذاك إلى الموافقة على الخطوط العريضة كما هي ومن بينها خفض وزن الرغيف، لكن بقي على ما يبدو تسويق هذه الجهود إلى الشارع، وتبيان أن خفض الوزن غير مؤثر في حياة الناس على النحو الذي يخشونه. واستخدم الرئيس الراحل محمد نجيب آنذاك كلمته المأثورة “دي لقمة للقطة”، بحسب ما يورد عبدالجليل العمري في كتابه، موضحاً أن نجيب استعمل هذا التعبير تحديداً في خطاباته التي أعقبت صدور الموازنة العامة، مما كان له أكبر الأثر في قبول الشعب لخفض وزن رغيف العيش، بحسب ما يقول. الإصلاحات على أهميتها لا تقدم للناس دواءً مراً مكدراً صفو الحياة من دون أن تمنيهم بحياة أفضل أو حتى تجنبهم واقعاً أسوأ حال استمرار الأوضاع على ما هي عليه من دون تغيير، والأنسب أن تقدم محمولة على أوجه التبرير والإفهام والتوعية كيلا تواجه بمقاومة قد تتصاعد في ردود أفعالها إلى حد الصدام مع الحكومات. المزيد عن: مصرثورة 1952الإصلاحات الاقتصاديةمحمد نجيبالاقتصاد المصريخفض دعم الخبزأسعار السجائر 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post هل تطال العقوبات الأميركية على حميدتي صديقه حفتر؟ next post حكم بسجن وزير داخلية سابق في الكويت 14 سنة You may also like ماذا حمل فريق ترمب من وعود لنتنياهو ذللت... 14 يناير، 2025 نواف سلام يستقيل من عضوية محكمة العدل الدولية 14 يناير، 2025 حكم بسجن وزير داخلية سابق في الكويت 14... 14 يناير، 2025 هل تطال العقوبات الأميركية على حميدتي صديقه حفتر؟ 14 يناير، 2025 ما مشكلة «الثنائي الشيعي» مع رئيس الحكومة المكلف... 14 يناير، 2025 إسرائيل تستعد للموافقة عل الصفقة.. وتحركات في غزة 14 يناير، 2025 عالم يكشف سر نبوءة “الأعشاب” التي أنقذت الكثيرين... 14 يناير، 2025 مذكرات جندي كوري شمالي قُتل بحرب أوكرانيا تكشف... 14 يناير، 2025 كيف نفهم لبنان؟ 14 يناير، 2025 «الشرق الأوسط» تكشف تفاصيل جديدة من اتفاق غزة... 14 يناير، 2025