بأقلامهم جهاد الزين يكتب من بيروت عن: المعادلة المقلوبة by admin 6 مارس، 2024 written by admin 6 مارس، 2024 206 من المنطقي أن نتوقّع أن العمل على تغيير الخارطة الداخلية للسياسة الإسرائيلية في المرحلة المقبلة لما بعد حرب غزة… هو حاجة دولية. النهار – جهاد الزين كان إنشاء دولة إسرائيل بعد الحرب العالمية الثانية يعبِّر عن حاجة أوروبية وغربية عميقة للتوازن الذاتي للغرب بعد تاريخ حافل من تضافر عاملين: 1- نضج دور البورجوازية اليهودية في دول ومجتمعات أوروبا الغربية و أوروبا الشرقية التي ستكون أصبحت الاتحاد السوفياتي وفلكه الدولي. وقد بات من المعروف أن تمويل إنشاء أول مستوطنة يهودية في إسرائيل في الربع الأخير من القرن التاسع عشر قام به البارون دي روتشيلد الثري اليهودي المعروف. 2- بلوغ اضطهاد اليهود في أوروبا درجة عالية من العنف والإبادة. لم يُعِر العرب المصدومون بحجم الثمن التهجيري الذي دفعه الفلسطينيون ولا الفلسطينيون طبعا الأهمية الكافية لفكرة التوازن الذاتي الأوروبي الغربي في فهم وتلقّف مشروع إنشاء دولة إسرائيل، وكان هذا طبيعيا بسبب حجم الصدمة، صدمة النكبة الفلسطينية بعد العام 1948. من “أعاجيب” عملية 7 أكتوبر أنها كشفت عن معادلة مقلوبة مختزَنة جاء دور الإسرائيليين ليتكيّفوا معها. وهي أن إنشاء دولة فلسطينية هو حاجة عالمية، أوروبا والغرب والعالم، لكي يتوازن عميقا أخلاقيا وسياسيا وحتى أمنيًاً بصورة من الصور. عملية 7 أكتوبر التي قامت بها قوى (حماس وإيران وحلفاؤهما الفلسطينيون) ليس “حل الدولتين” على أجندتها، ستكشف عن وجود المعادلة المقلوبة، وهذه مفارقة قد تشبه بشكل أو آخر أو الأدق قد تقترب من مفارقة أن رمزين من اليمين العنصري الإسرائيلي، مناحم بيغن وآرييل شارون هما اللذان اضطُرا للانسحاب وتفكيك مستوطنات الأول من سيناء ثم لاحقا في زمن آرييل شارون تفكيك مستوطنات غزة. استذكر هنا بإنصاف القائد ياسر عرفات الذي لولا شجاعته وشعبيته لما كانت ديناميكية الدولة الفلسطينية قد انطلقت في الوعي العالمي وليس فقط الفلسطيني والعربي حتى لو نجح اليمين العنصري الإسرائيلي منذ اللحظة الأولى لاتفاق أوسلو في وضع العراقيل الإسرائيلية والفلسطينية (تشجيع حماس) أمام الاتفاق حتى نجح هذا اليمين في إنهاء تحويل السلطة الوطنية الفلسطينية عبر الاستيطان أساساً إلى دولة. الاستيطان في الضفة الغربية زاد حجمه، هل هذا يصنع مفارقة أن نشوء الدولة العبرية كان على حساب السكان العرب الأصليين لفلسطين، فهل سيكون القرار الغربي والعالمي بإنشاء الدولة الفلسطينية على حساب السبعمائة ألف مستوطن في الضفة أو جزء منهم؟ إذا قرر العالم بقيادة أميركا، وقد قرّر كما يظهر بعد 7 أكتوبر، فإن الدولة الفلسطينية ستنشأ رغما عن اليمين العنصري الإسرائيلي. ولمَ لا؟ إذن من المنطقي أن نتوقّع أن العمل على تغيير الخارطة الداخلية للسياسة الإسرائيلية في المرحلة المقبلة لما بعد حرب غزة… هو حاجة دولية. لفت نظري في استفتاء أجرته مجلة “فورين أفيرز” بين نخبة متنوعة من الأكاديميين الغربيين وبينهم إسرائيليون وفلسطينيون الرأي القائل أنه من دون تدخل وضغوط إقليمية ودولية لا يمكن الوصول إلى “حل الدولتين”، هذه الضغوط تفترض السؤال عن كيفية “جَرّ” إسرائيل إلى القبول بوجود دولة فلسطينية من البديهي أنها ستكون منزوعة السلاح ولكن تعوّض نزعَ السلاح شرعيةٌ وحمايةٌ دوليتان، لأن الجوهري في هذه الحالة أي وجود الدولة الفلسطينية هو إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للمناطق التابعة لها ضمن حدود العام 1967. تغلّف إجاباتُ استفتاء ال”فورين أفيرز” شكوكا عميقة في مدى الصعوبات العملية التي تعترض قيام الدولة الفلسطينية ولكن النسبة الأكبر من المستَفتين مقتنعة أنها الطريق الوحيد للحل. بل إن أحدهم قال أن رفع شعار حل الدولتين بات مرشدا أخلاقيا يحتاجه التعامل مع هذا الصراع. إذن هذا يعني كما مؤشرات أخرى، أن شعار حل الدولتين صار جزءا من لغة “الصواب السياسي” (politically correct) في العالم. تبدو لغة 1948 وقد عادت لتحتل جزءا مهما من خطاب الصراع بعد 7 أكتوبر، ولكن إذا عدنا إلى لغة 1948 فلم نعد حتما إلى عام 1948! الدولة الفلسطينية هي اليوم حاجة عالمية مثلما نجحت الحركة الصهيونية في جعل التفتيش عن دولة لليهود حاجة عالمية غربية وسوفياتية في النصف الأول من القرن العشرين، واستغرق الأمر لتنقلب المعادلة حتى النصف الأول من القرن الحادي والعشرين، أعجب الأمر اليمين العنصري الإسرائيلي أو لم يعجبه. had.elzein@annahar.com.lb Twitter: @ j_elzein 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post Rainfall warning issued ahead of early March storm next post توماس بيكيت في رواية كونراد ماير: التاريخ مناسبة للهروب من الواقع You may also like غسان شربل يكتب عن: لبنان… و«اليوم التالي» 26 نوفمبر، 2024 ساطع نورالدين يكتب عن: “العدو” الذي خرق حاجز... 24 نوفمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: شالوم ظريف والمصالحة 24 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ 24 نوفمبر، 2024 مها يحيى تكتب عن: غداة الحرب على لبنان 24 نوفمبر، 2024 فرانسيس توسا يكتب عن: “قبة حديدية” وجنود في... 24 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: وقف النار في الجنوب... 24 نوفمبر، 2024 مايكل آيزنشتات يكتب عن: مع تراجع قدرتها على... 21 نوفمبر، 2024 ما يكشفه مجلس بلدية نينوى عن الصراع الإيراني... 21 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: عودة هوكستين… وعودة الدولة 19 نوفمبر، 2024