المخرج كمال لزرق يتوسط ممثلين غير محترفين من أبناء الأحياء الفقيرة بالدار البيضاء (مواقع التواصل) ثقافة و فنون أبناء الأحياء الفقيرة “نجوم العفوية” في السينما المغربية by admin 7 ديسمبر، 2023 written by admin 7 ديسمبر، 2023 199 البعض يعتبر أن هؤلاء قد يكونون طاقات فطرية وقابلة للتوظيف الفني وآخرون يتحدثون عن تحديات تعترض الشخص الذي لم يقف أمام الكاميرا من قبل اندبندنت عربية / حسن الأشرف صحافي وكاتب يراهن مخرجون سينمائيون مغاربة على إحداث تغيير في النمط السينمائي من خلال استدعاء ممثلين غير محترفين لم يسبق لهم أن وقفوا أمام الكاميرا، من أجل جذب الجمهور وإضفاء نوع من العفوية والتلقائية على الأداء، مما يجعله أقرب إلى الواقع المعاش أكثر من الخيال. وبرزت ظاهرة توظيف مخرجين مغاربة لهذه الفئة من “الممثلين” الذين يعيشون في “الشارع” كمهمشين أو ترعرعوا في أحياء شعبية فقيرة، من أجل تأدية أدوار قريبة أو تطابق ما عاشوه في الواقع. ويرى نقاد سينمائيون أن هذه الظاهرة في الأفلام المغربية قد تضيف إلى هذه الأعمال السينمائية واقعية عميقة بفضل تلقائية هؤلاء الممثلين غير المحترفين، لكنها في المقابل قد تسقط الفيلم في طابع وثائقي، علاوة على اصطدام الممثلين المعنيين المنتشلين من الهشاشة بواقعهم الأصلي ما بعد “الشهرة والنجومية”. عصابات أحدث الأفلام المغربية التي أدى فيها ممثلون، لم يسبق لهم إطلاقاً الوقوف من قبل أمام كاميرات المخرجين، دور البطولة السينمائية، الشريط الروائي الأول للمخرج كمال لزرق “عصابات”، الذي حاز قبل أيام قليلة على جائزة لجنة التحكيم في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش. ولجأ مخرج فيلم “عصابات” إلى خدمات ممثلين ليس فقط لم يسبق لهم العمل في السينما، بل ينحدرون من أحياء شعبية وفقيرة بمدينة الدار البيضاء، التي تدور أحداث الفيلم المذكور في شوارعها وأزقتها المظلمة. ويحكي هذا الفيلم السينمائي أجواء “العصابات” عبر خيوط قصة منحرفين أشداء ينتمون إلى طبقات اجتماعية هشة وفقيرة، يدخلون في رهانات خصوصاً بمبارزات الكلاب بهدف جني الأموال غير المشروعة، وتنتهي باقتراف جرائم مفاجئة. وقبل تجربته في فيلمه الجديد “عصابات”، كان المخرج كمال لزرق قد استعان أيضاً من قبل بممثلين مغمورين لم يجربوا التمثيل في فيلمه القصير “مول الكلب” (أي صاحب الكلب)، الذي سبق أن حاز جائزة أفضل عمل في مسابقة الأفلام الدولية القصيرة في مهرجان أبوظبي السينمائي. وسوغ المخرج كمال لزرق اختيار ممثلين مبتدئين لا يعرفهم الجمهور من قبل، ومن “أبناء الأحياء الهامشية”، بأن هذا النوع من الشخصيات يتيحون له أريحية في التعامل معهم داخل “بلاتوهات التصوير” بخلاف التعامل مع ممثلين مجربين أو ممثلين “نجوم”. ويبدو أن لزرق أحب التعامل مع أشخاص ليسوا ممثلين ولم يسبق لهم أن تعاملوا مع مخرجين، فكرر تجربته مع هذا النمط من الممثلين في أكثر من فيلم سينمائي، وهو ما اعتبره لزرق “إغناء للعمل السينمائي، وأداء صادقاً من ممثلين عايشوا واقع الأحياء المهمشة والفقيرة”. ممثلون متألقون من “الشارع” ومن أبرز الأفلام السينمائية المغربية التي اشتغل فيها ممثلون من سكان أحياء فقيرة، فيلم “يا خيل الله” لمخرجه نبيل عيوش (2012)، الذي أدى فيه شقيقان في واقع الحياة، دور شقيقين في هذا الفيلم أيضاً المقتبس عن رواية “نجوم سيدي مومن” للكاتب ماحي بينبين. ويسرد الفيلم الذي تألق فيه الممثلان الشقيقان الشابان، وهما من أبناء أحد أحياء مدينة الدار البيضاء التي انطلق منها شباب انتحاريون، قصة الاعتداءات الإرهابية التي استهدفت المدينة عام 2003، وأفضت إلى مقتل وإصابة عشرات الضحايا. وقبل فيلم “يا خيل الله”، كان المخرج نبيل عيوش قد استدعى إلى فيلمه المعروف “علي زاوا” الذي صدر عام 2000 بعض الأطفال المشردين في شوارع الدار البيضاء، ليقفوا أمام الكاميرا لتشخيص أدوار “أطفال الشوارع”، وفيه تألق هشام موسون الذي اشتهر حينها بدور “عوينة”. وفي فيلم “رجاء” للمخرج الفرنسي جاك دويون، ظهرت فتاة تنحدر من حي فقير بمدينة مراكش، ولم يسبق لها التمثيل، لكنها استطاعت تقمص الشخصية المطلوبة في الفيلم، وتوجت بجائزة أفضل ممثلة عربية في إيطاليا قبل سنوات خلت. يعلق في هذا السياق الناقد السينمائي مصطفى الطالب بالقول إن “هذه ظاهرة قديمة جديدة، إذ إنه في بدايات السينما العالمية تمت الاستعانة بممثلين غير محترفين بخاصة في الأفلام التاريخية فاستمر الوضع إلى اليوم بفترات متفاوتة”. وزاد الطالب بأنه في السينما المغربية، بدأت الظاهرة مع مطلع الألفية الثالثة بخاصة مع فيلم “علي زاوا” لنبيل عيوش، الذي فتح هذا الباب واستمر فيه في عديد من الأفلام ذات التوجه الواقعي، وجعل مخرجين آخرين يحذون حذوه مثل فيلم “عصابات” لكمال لزرق. في الميزان وفي تقييمه للجوء مخرجين مغاربة إلى توظيف ممثلين من “الشارع”، أفاد الطالب بأن التعامل مع هذه العينة من الممثلين ينطوي على خطورة من وجهة نظر سينمائية، لأنها تعد مغامرة قد تنجح وقد تفشل، لا سيما عندما يراهن المخرج عليهم لإعطاء صدقية وواقعية لفيلمه. ويشرح الناقد ذاته قائلاً “هناك صعوبة في تعامل الممثل مع الكاميرا والتموقع أمامها، وحفظ الدور المطلوب منه، والتعامل مع الممثل الآخر وقراءة السيناريو، وهي تحديات تعترض الشخص الذي لم يمثل قط، كما أنها تشكل تحدياً ومعاناة للمخرج وللطاقم التقني أيضاً”. واسترسل الطالب بأن هناك أيضاً خشية من أن يسقط الفيلم في الوثائقية عوض الحفاظ على هويته التخيلية، وأيضاً مسألة الاستمرارية بالنسبة لهؤلاء الممثلين الذين يعيشون حلماً غير مسبوق وقد يوصلهم للنجومية ثم يستفيقون على واقعهم المر، فقد تعرض أكثر من ممثل لصدمة بسبب انقطاع الحلم وانحسار الأضواء عنه سريعاً”. من جهة أخرى، يرى الناقد عينه أن “هذه المغامرة يمكن أن تعرف النجاح إذا كانت إدارة الممثل قوية إلى جانب الإدارة الفنية، فإذا كان المخرج في المستوى المطلوب سيمكن الممثل غير المحترف من تجاوز العقبات بسلاسة ومن دون نقص أو خوف ليستخرج منه ما يريد. ولفت المتحدث أيضاً إلى أن “هناك إضافة نوعية لمثل هؤلاء الممثلين الواقعيين، حيث إنهم يضفون على الفيلم واقعية عميقة بعفويتهم وطريقة كلامهم غير المصطنعة وأسلوب عيشهم ومعرفتهم بالأوساط الهامشية”. “أوراق غير محروقة” من جهته عزا أستاذ باحث متخصص في النقد السينمائي الحبيب ناصري، اختيار مجموعة من المخرجين المغاربة الانفتاح في أعمالهم على ممثلين خارج قائمة الممارسين لهذه المهنة، إلى أسباب مالية وأخرى فنية، من قبيل البحث عن وجوه خام جديدة، قد تحدث المفاجأة في أفلامهم. واعتبر ناصري أن “مثل هذه الوجوه غير المحترفة، التي لم يسبق لها أن اشتغلت في التمثيل، هي وجوه غير معروفة من ثم أوراق غير محروقة”، وطاقات قد تكون فطرية وقابلة للتوظيف الفني، بحسب وجهة نظر المخرج. واستحضر المتحدث تجربة المخرج حكيم بلعباس التي وصفها بكونها جد ناجحة في هذا المجال، حيث إن معظم شخصياته كانت بعيدة عن السينما بما فيه العديد من أفراد أسرته، مثل والده الراحل، وأمه، وإخوته وشخصية أيوب (حارس السيارات) وعديد من الوجوه من مدينة أبي الجعد التي أضافت بصمة ملحوظة في أفلامه. واستطرد ناصري بأن “هذا النجاح راجع إلى عين المخرج حكيم بلعباس الذي له تصور خاص يشتغل وفقه في أعماله، إذ يصور ما يجري في الواقع باعتباره قصة تخيلية”، مورداً أن “توظيف شخصيات من خارج التمثيل بمفهومه الاحترافي فكرة جيدة إذا كان المخرج يمتلك تصوراً فنياً دقيقاً”. وذهب الناقد عينه إلى أن الفن مجال واسع وأفكاره غير محدودة، وهو مجال مفتوح على التجريب وما يهدف إليه مخرج العمل الفني”، قبل أن يخلص إلى أن “هذا التوظيف لوجوه من خارج التمثيل، كان حاضراً في سينمات عالمية عدة، وكان وراء بروز وجوه كثيرة نالت نصيبها من الشهرة والنجومية”. المزيد عن: المغربالسينماممثلونالأفلام التاريخيةالأحياء الشعبيةالمخرجونالكاميرا 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post زيادة الإصابة ببكتيريا المفطورة الرئوية في آسيا وأوروبا next post حين تحدث سارتر عن أسباب كتابته “أحمق العائلة” فلوبير You may also like بودلير وهيغو… لماذا لا يطيق الشعراء الكبار بعضهم... 27 نوفمبر، 2024 شوقي بزيع يكتب عن: شعراء «الخيام» يقاتلون بالقصائد... 27 نوفمبر، 2024 محمود الزيباوي يكتب عن: ماجان القديمة …أسرارٌ ورجلٌ... 27 نوفمبر، 2024 «سأقتل كل عصافير الدوري» للكاتبة العُمانيّة هدى حمد 27 نوفمبر، 2024 محمد خيي ممثل مغربي يواصل تألقه عربيا 27 نوفمبر، 2024 3 جرائم سياسية حملت اسم “إعدامات” في التاريخ... 27 نوفمبر، 2024 سامر أبوهواش يكتب عن: “المادة” لكورالي فارغيت… صرخة... 25 نوفمبر، 2024 محامي الكاتب صنصال يؤكد الحرص على “احترام حقه... 25 نوفمبر، 2024 مرسيدس تريد أن تكون روائية بيدين ملطختين بدم... 25 نوفمبر، 2024 تشرشل ونزاعه بين ثلاثة أنشطة خلال مساره 25 نوفمبر، 2024