بأقلامهم جهاد الزين يكتب من بيروت عن: لا جدوى الكتابة السياسية في لبنان الانحطاط by admin 14 سبتمبر، 2023 written by admin 14 سبتمبر، 2023 169 لا يبدو لي هناك مخرج فعلي حاليا لمعضلة الكتابة السياسية، فيما العفن يأكل وجوه حياتنا العامة، ولا زال أبطال الانحطاط يتصدّرون صفحات الصحف. النهار – جهاد الزين تَعَلَّمْنا من أوروبا والغرب أنه لا معنى ولا جدوى من الاهتمام بالعمل السياسي إذا لم تكن السياسة صراع مشاريع يشمل معظم نخب المجتمع وفئاته. وكذا الكتابة السياسية التي أمارسها منذ ما يتجاوز الأربعين عاما . لكني للمرة الأولى أسأل نفسي كل يوم : ما جدوى الكتابة السياسية في بلد بلغت حياته العامة هذه الدرجة من الانحطاط لا بل من الاهتراء الذي يَنبتُ العفَنُ، وهو كائن حي أيضا، على جنباته، وتفقد السياسة فيه أي أمل بكونها رافعة خلاص، وتسيطر عليها بإحكام قوى متمكنة من الفساد والتسلط والتوحش. السؤال يشمل المنطقة بأعمق معانيه، المنطقة التي خرجت من التاريخ كما تبدو صورتها حاليا. ولولا كلمة حاكم طموح وجريىء كالأمير محمد بن سلمان : سيكون الشرق الأوسط أوروبا الجديدة، لما سمعنا في السنوات الأخيرة أي جملة سياسية متفائلة، ولكنه تفاؤل نرجو أن يكون شاملا لمنطقة “الهلال الخصيب” أو بلاد الشام والعراق وليس فقط منطقة الخليج وجارتها فلسطين المحاصرة حاليا داخل إسرائيل الدولة الوحيدة المزدهرة في هذا الهلال. لماذا الكتابة السياسية في لبنان الانحطاط، وهل نطلب من الصحافة المتراجعة أصلا، أن تستبدل الكتابة السياسية، بل الثرثرة السياسية، بكتابات من نوع آخر ثقافية أو سياسية بالمعنى المعاصر الرفيع للسياسة، كالكتابة البيئية والكتابة المناخية أو التربوية من حيث استمرار وجود نخبة من الجامعات والمدارس ذات المستوى العالي القادر على المنافسة، على الأقل في الشرق الأوسط، أو أن تعزز الصحافة ُالكتابةَ الأدبية والسياحية أو أن تلغي كل أنواع كتابة الرأي السياسي لصالح فقط تحقيقات ميدانية أو استقصائية، وأتحفظ على تعبير “استقصائية” لأنه من الثابت أن الصحافة الاستقصائية الفعلية لا الشكلية يرتبط وجودها بوجود دولة قانون محترمة وليس دولة عصابات مقنّعة بيافطات أيديولوجية. لا يبدو لي هناك مخرج فعلي حاليا لمعضلة الكتابة السياسية، فيما العفن يأكل وجوه حياتنا العامة، ولا زال أبطال الانحطاط يتصدّرون صفحات الصحف. كيف لكتابة سياسية أن تكون مدفوعة بمُثُل دنيا لا عليا؟ فتفوح رائحة العفن من المستقبل بدل حوافز التقدم! لا حق حاليا في لبنان يعلو على شرعية حق الهجرة من بلد منهار. الهجرة الشرعية لكفاءاته. ولكن الكتابة السياسية هي بهذا المعنى حق المقيمين من أبنائه. لمنْ إذنْ نتوجّه؟ وكيف ولماذا؟ حين تفقد السياسة لا حوافزها العليا فحسب، بل بمعنى معيّن جمهورها الغارق في النكبات اليائسة أيضاً؟ المعضلة عميقة. وأقترح سلسلة ندوات بإدارة من كلية علوم سياسية في إحدى الجامعات الكبرى تطرح مسألة جدوى ومعنى الكتابة السياسية في لبنان اليوم واتصال البحث بكل مظاهر الانهيار وتحديات المستقبل. الكتابة السياسية عادةً تساهم في قيام نِصاب البلد. قد لا تولد منها كل الأفكار الجديدة ولكنها تمنح التفكّر في الشأن العام طاقة واصلة من التفاعل بين فئاته ومؤسساته العامة والأكاديمية والخاصة. اليوم عدا تماحك الحياة السياسية حول شعارات غالبا جوفاء، فإن مصطلحات مثل “إعادة بناء الدولة” تبدو غالبا بلا معنى ولا تعنيها بل تفهمها قوى غالبها ساهم في إسقاط مؤسسات الدولة سواء في الحرب أو السلم. قد يرغمنا الشأن العام في لبنان على استمرار الاهتمام الكتابي به، ليس فقط في ما لا يزال يختزن من ظواهر إيجابية ولكن أيضا في ما لا يزال يكتنز من فضائح مدوِّية كقنابل لم تنفجر بعد. لذلك فإن حبر الصحافة التعليقاتي لم يجف نهائيا حتى لو بدا كبركان خامد. رغم الحرب الأهلية وبين دوي المدافع كان هناك نقاش حول إصلاحات النظام السياسي حتى لو تبيّن لاحقا سذاجة معظم الأفكار المتداولة قياسا بتأثيرها على تماسك الدولة اللبنانية وتحويلها إلى دولة غير قابلة للحكم. اليوم النقاش فارغ ويفتقر ليس فقط إلى رجال دولة حقيقيين، وليس ميليشياويين وفئويين فاقدي الشرعية الأخلاقية بعد انكشاف فسادهم المدمِّر للدولة كما هو الحال.. jihad.elzein@annahar.com.lb Twitter: @ j_elzein 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post النواب الأميركي يقر قانون «مهسا أميني» next post انتشار واسع للأمن الإيراني في ذكرى مقتل مهسا أميني You may also like شيرين عبادي تكتب عن: السعودية وإيران من وجهة... 26 نوفمبر، 2024 غسان شربل يكتب عن: لبنان… و«اليوم التالي» 26 نوفمبر، 2024 ساطع نورالدين يكتب عن: “العدو” الذي خرق حاجز... 24 نوفمبر، 2024 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: شالوم ظريف والمصالحة 24 نوفمبر، 2024 حازم صاغية يكتب عن: لبنان وسؤال الاستقلال المُرّ 24 نوفمبر، 2024 مها يحيى تكتب عن: غداة الحرب على لبنان 24 نوفمبر، 2024 فرانسيس توسا يكتب عن: “قبة حديدية” وجنود في... 24 نوفمبر، 2024 رضوان السيد يكتب عن: وقف النار في الجنوب... 24 نوفمبر، 2024 مايكل آيزنشتات يكتب عن: مع تراجع قدرتها على... 21 نوفمبر، 2024 ما يكشفه مجلس بلدية نينوى عن الصراع الإيراني... 21 نوفمبر، 2024