الأربعاء, يناير 22, 2025
الأربعاء, يناير 22, 2025
Home » مقهى روبوتات في طوكيو لمساعدة البشر وليس استبدالهم

مقهى روبوتات في طوكيو لمساعدة البشر وليس استبدالهم

by admin

 

اخترع كنتارو يوشيفوجي روبوتات تسمح للأشخاص بالعمل في مقهى ياباني من أي مكان في العالم، إذ قد تفتح تقنية “الانتقال الآني” هذه المجال لاقتصاد اليابان الراكد كي يستغل طاقات فئة سكانية جديدة

اندبندنت عربية / آدم ويذنول مراسل اندبندنت @adamwithnall

تعاني اليابان شح في الأيدي العاملة، وفي ظل بطالة لا تتعدى نسبتها 2.5 في المئة وزيادة سرعة شيخوخة السكان وتناقص عدد المواليد، يواجه اقتصاد البلاد تحدياً جسيماً من أجل إيجاد عدد كاف من الأشخاص للعمل كسائقي سيارات أجرة وباريستا يحضرون القهوة ونُدل.

وقد توصل مخترع إلى حل لا يتيح فقط للأشخاص ذوي الإعاقة مجالاً أكبر لدخول سوق العمل ويفتح الباب أمام استغلال طاقات شريحة من السكان لا تزال قدراتها غير مستغلة إلى حد كبير، بل يمكن أن يسمح أيضاً للمسنين في يوم من الأيام أن يظلوا فاعلين حتى مع شيخوخة أجسادهم ويبعد عنهم شبح الوحدة كذلك.

في مقهى “دون” (الفجر) “Dawn” وسط طوكيو لا يجد الزبائن الذين يقصدون المكان إنساناً في استقبالهم بل روبوتاً، والروبوت مزود بصوت لطيف وذراعين يمكنه تحريكهما للتعبير بصورة أفضل ووجه ناعم مستوحى من قناع مسرح النو الياباني التقليدي.

ويرافق روبوت آخر الزبائن إلى طاولتهم ويدون طلباتهم ثم يتجاذب أطراف الحديث معهم فيسألهم عن نهارهم أو عن زيارتهم إلى طوكيو، كما درجت العادة إجمالاً مع السياح، وفي الأخير يأتيهم روبوت ثالث ليحضر لهم القهوة ويحمل الصينية إلى الطاولة.

وكما قد يتوقع المرء من بلد يحرز إنجازات رائدة في هذا المجال منذ سبعينيات القرن الماضي، تضم اليابان عدداً من مقاهي الروبوتات المتنوعة، لكن في الوقت الذي تلجأ فيه مقاه أخرى إلى التشغيل الآلي بدرجة عالية فتستخدم آلات تعمل على برامج الذكاء الاصطناعي مثل روبوتات التنظيف المجهزة بمهارات متقدمة، تختلف الأمور كثيراً في مقهى “دون”.

إذ وراء كل روبوت إنسان يتحكم به أو مشغل يسيره، إن استعرنا المصطلح الذي يستخدمه مخترع الروبوتات كنتارو يوشيفوجي، فباستخدام الهاتف أو جهاز اللوح الإلكتروني أو حتى التكنولوجيا التي تسمح برصد حركة العين يستطيع البشر أن يسيروا الروبوت أينما كانوا في العالم، فيتحدثون من خلاله للتفاعل مع الزبائن ويحركونه في أرجاء المقهى، أما يوشيفوجي فلا يعتبر أنه اخترع روبوتاً بل يقول إنه ابتكر “التنقل الآني” teleportation.

روبوت ياباني في خدمة الناس

 

وتشكل هذه الروبوتات ومشغلوها جزءاً كبيراً من طاقم الموظفين العاملين في “دون”، إذ يصل عددهم إلى 90 فرداً في قوائم موظفي الشركة، مع أن البشر ما زالوا مسؤولين بصورة كبيرة عن تحضير الأطعمة والمشروبات، لكن ذلك يعني أنك إن رأيت ستة موظفين مثلاً في المقهى في أي يوم من الأيام، فهناك عدد مماثل في الأقل يعملون عن بُعد من داخل منازلهم.

وتصر الشركة على أن هذا الحل ليس موجهاً فقط لمن يعانون إعاقات، وقد تعرفت “اندبندنت” بإحدى الموظفات عبر روبوت “أوري هيمه” OriHime الذي تشغله وهي تسكن في إيطاليا رفقة زوجها، وتشرح بأن هذه الوظيفة تساعدها في مكافحة شعورها بالحنين إلى وطنها اليابان الذي تسلل إلى قلبها بعد 10 أعوام من العيش في أوروبا، فمن خلال لقائها أشخاصاً داخل مقهى في طوكيو وانتقالها الآني إلى ذلك المكان مرات عدة في الأسبوع، تستطيع أن تحافظ على صلة أقرب ببلدها الأم.

يجلس الثنائي ياريف وآنات على إحدى الطاولات وهما يزوران البلاد قادمين من إسرائيل رفقة أبنائهما الثلاثة، ومع أن أحد أصدقائهما يعمل في المقهى إلا أنهما احتاجا إلى بعض الوقت للاعتياد على الفكرة.

وتقول آنات “إن الموضوع غريب بعض الشيء في البداية، كنا جالسين نتحدث مع الأطفال وفجأة ظهر شخص آخر، لكن بعد ذلك وجدنا التجربة لطيفة جداً ومن المهم أنه أمر قيم بالنسبة إلى [المشغلين] كذلك”.

ياريف وآنات يزوران طوكيو من إسرائيل ويقولان إنهما وجدا مفهوم مقهى “دون” غريباً في البداية (آدم ويذنول/اندبندنت)

 

كما قال هيرون وناليلي تريو، وهما مهندسا برمجيات من المكسيك يعيشان في الولايات المتحدة ويزوران اليابان مدة أسبوعين لقضاء العطلة، إنهما وجدا قصة مقهى الروبوتات “ملهمة حقاً”.

وهما يعتبران أن هذا النموذج قابل للنجاح لتحسين وصول الأشخاص ذوي الإعاقة إلى الأماكن كافة في الولايات المتحدة ودول أخرى أيضاً، وتقول ناليلي “يجب أن ينتشر هذا الأمر في كل مكان”.

وافتتح المقهى عام 2021 في وقت فرضت فيه اليابان سلسلة من القوانين الصارمة حيال التباعد الاجتماعي في الأماكن العامة، مع أنها لم تفرض يوماً إغلاقاً شاملاً بسبب “كوفيد-19″، ومن السهل أن نفهم بالتالي سبب نجاح المقهى بسرعة، فليس من الممكن أن تُصاب بـ “كوفيد” من نادل غير موجود في الغرفة نفسها معك فعلياً، أم أنه موجود معك؟

وتشكل مسألة المعنى الحقيقي لحضور الإنسان أساس فكرة “أوري هيمه”، وهي التسمية التي يطلقها يوشيفوجي على روبوتاته، وقد تبلورت هذه الفكرة في رأسه عندما كان طالباً يدرس علم الروبوتات في الفترة التي شعر فيها بعدم القدرة على ارتياد الصفوف، وظل الشاب يستخدم كرسياً متحركاً على مدى أعوام منذ مرحلة الثانوية العامة، وقال إنه عانى مشكلة صحية لم يتمكن الأطباء من اكتشاف سببها جعلته في النهاية يلازم غرفته من دون أن يتمكن من مغادرتها.

تنقل الروبوتات الكبيرة المشروبات عبر المقهى فيما تدون الروبوتات الأصغر حجماً طلبات كل طاولة وتشرح للزبائن قائمة الطعام والمشروبات (آدم ويذنول/اندبندنت)

 

وفي أحد الأيام قال له أستاذه إنه سيرسب في الصف إن لم يحضره شخصياً، “سألته إن كان بإمكاننا التواصل عبر برنامج ‘سكايب’ لمكالمات الفيديو فأجاب ‘كلا’ وعندها أجريت مسحاً لوجهي وصنعت قناعاً وضعته على روبوت واستخدمته لحضور صفوف أستاذي. تابعت محاضراته ورفعت يدي لطرح أسئلة عدة، ويمكن أن يزود بجلد من جلدي وشعر من شعري أيضاً، وفي هذه الحال يُطرح السؤال التالي: ألست أنا فعلاً؟ فسألت أستاذي ما معنى الحضور شخصياً؟”

صحيح أن “أوري هيمه” أداة اخُترعت بغرض مساعدة يوشيفوجي وغيره على ارتياد المدرسة والجامعة، لكن سرعان ما اتضح أن هذا الغرض وحده لا يكفي، ويقول المخترع “عندما يتخرج [ذوو الإعاقات] من المدرسة لا يمكنهم أن يجدوا عملاً، فليس لديهم عمل يقصدونه بعد التخرج حيث يبلغ معدل توظيفهم خمسة في المئة، أما نسبة الأشخاص الذين يكملون تعليمهم الجامعي فثلاثة في المئة تقريباً”.

ويضيف، “يعتمد تصميم الجامعات وأماكن العمل والمدن والبلدات على الافتراض بأن الفرد قادر على التحرك، ونعتقد أيضاً أنه في حال شُلت حركتنا إثر حادثة سير أو مرض معين، وفي حال أصبحنا طريحي الفراش فنحن عاجزون عن الحركة إلى الأبد، وعندما لا نقدر أن نحرك أجسادنا نشعر بأننا عاجزون عن القيام بأي شيء وتراودنا الأفكار السلبية ونفقد هدفنا في الحياة مثلما حدث معي في صغري”.

أفاتار روبوت “أوري هيمه” يستقبل الزبائن القادمين إلى مقهى دون في طوكيو (آدم ويذنول/اندبندنت)

 

ويشرح، “قد يفضي هذا الحال إلى شعور الوحدة والخرف والكآبة ولذلك نحاول حل هذه القضايا من خلال أوري هيمه”.

عانى المقهى مالياً خلال أول عامين بسبب كُلف التكنولوجيا الباهظة التي يستخدمها، ومر بمصاعب عدة في البداية من أهمها مد شبكة اتصالات قوية وثابتة للروبوتات، وقال يوشيفوجي إنه من الضروري تدريب المشغلين على ألا يكونوا “مهذبين أكثر من اللازم” لأن رواد المقهى يفترضون في هذه الحال أنهم [تطبيقات] ذكاء اصطناعي.

بيد أن المقهى أصبح يدر ربحاً للعام الثاني على التوالي، بحسب قوله، وهو دليل أساس على نجاح هذا النموذج أتاح للشركة أن تدرس إمكان افتتاح فروع أخرى، وقد بدأت بالفعل في إدارة مقاه موقتة في كل أرجاء اليابان للمساعدة في تعزيز الوعي والدعم لهذا المفهوم.

لكن يوشيفوجي يمتلك طموحات أكبر بكثير تتعلق بالفارق الذي يمكن أن تحدثه روبوتاته في المجتمع الياباني، إذ لديه تصور بأنه من الممكن استخدامها في كل مدارس البلاد وجامعاتها ومكاتبها الكبرى، حيث ستكسر حاجز الحركة التي تمنع عدداً كبيراً من الأشخاص الذين يعانون إعاقات من إكمال دراستهم أو الالتحاق بسوق العمل، ويأمل أن يرى مشغلي الروبوتات يتخرجون من عملهم في مقهاه وأن يجدوا وظائف أفضل لهم في أماكن أخرى، بفضل الأبواب التي يمكن أن يفتحها لهم “أوري هيمه”.

هيرون وناليلي مهندسا برمجيات يعيشان في الولايات المتحدة يقولان إن الفكرة قابلة للنجاح في دول أخرى أيضاً (آدم ويذنول/اندبندنت)

 

منذ عصر الازدهار الاقتصادي الذهبي في اليابان بعد الحرب العالمية، تُستخدم الروبوتات لتعزيز الفعالية في قطاعات التصنيع كافة تقريباً، لكن يسود اعتقاد بأن هذا الابتكار قادر على دفع البلاد قدماً إلى درجة محدودة، فيما يعاني الاقتصاد الركود منذ تسعينيات القرن الماضي، وليس نقص اليد العاملة الذي تعززه القيود الصارمة المفروضة على الهجرة بأشكالها كافة سوى عامل واحد فقط من العوامل التي تلجم النمو الاقتصادي.

وتشير بيانات الحكومة اليابانية إلى وجود نحو 10 ملايين شخص في اليابان يعانون نوعاً من الإعاقة، وهم يشكلون زهاء 7.6 في المئة من إجمال السكان، وحتى سبتمبر (أيلول) 2024، وصل عدد الأشخاص الذين يبلغون سن 65 أو أكثر في البلاد إلى 36.25 مليون نسمة.

ويقول يوشيفوجي “في اليابان عدد كبير من ذوي الإعاقات، والشركات أيضاً ملزمة باتباع القوانين في شأن توظيف ذوي الإعاقات لكنها لا تعرف كيف تفعل ذلك”.

ويلفت إلى أنه يمكن لروبوتاته أن تحدث فرقاً من هذه الناحية، فلو سمحت الروبوتات حتى لشريحة صغيرة من هذه الفئة الاجتماعية بدخول سوق العمل فلا بد أنها ستحدث فرقاً كبيراً في حياة هؤلاء الأشخاص وفي البلاد على حد سواء.

تعمل شركة “أوري لاب” على زيادة وظائف روبوتاتها بحيث يتسنى لمشغليها عن بعد أن يحضروا القهوة والعصائر عن بعد كذلك (آدم ويذنول/اندبندنت)

 

ويعتبر كبير الأعضاء التنفيذيين في مجلس العلوم والتكنولوجيا والابتكار في مكتب مجلس الوزراء الياباني، البروفسور تاكاهيرو أوياما، أن المخترعين اليابانيين مهتمون منذ فترة بعيدة بإحراز تقدم ينفع المجتمع ككل أكثر من مسألة الثراء الشخصي، ويشرح “نرفع شعاراً يقول إنه يجب عدم التخلي عن أي شخص، سواء كان ذلك السكان المسنين أو ذوي الإعاقات، وما يتوقعه الناس هو أن يقدر التطور العلمي والتكنولوجي على (تحسين) رفاه هؤلاء الأشخاص”.

وهو يرحب كذلك بالحلول الجذرية لتغيير ثقافة العمل في اليابان التي تعاني بطء التكيف مع تغيرات العالم المحيط بها، ويقول إن هذه القضايا “يتعذر حلها في لحظة واحدة ويحتاج الأمر إلى وقت طويل، فالمسألة لا تكمن في أننا بحاجة إلى كثير من التكنولوجيا الجديدة بل أيضاً في أن يتمكن الناس من التكيف فكرياً مع التكنولوجيا الجديدة”.

وإن أرادت البلاد تحقيق الاستفادة القصوى من تكنولوجيا مثل “أوري هيمه” فعلى الشركات والمجتمع المدني أن يعيدا التفكير في هيكليتهما، وأن يقابلا التغيير بذهن منفتح وأن يقتنعا، مثل أستاذ يوشيفوجي، بضرورة تغيير منظورهم لمعنى الحضور الشخصي والإسهام في القوى العاملة.

ويقول يوشيفوجي إن تغيير الذهنية كثيراً ما كان أصعب من اختراع الروبوتات نفسها، ومن هنا يستمد المقهى أهميته الكبرى، “بالمبدأ أعتقد أن الأفكار الجديدة لا تلقى تقبلاً وليست مفهومة، لكن عندما تصنع شيئاً وتبث فيه الحياة فسيتقبله بعض الأشخاص، وعندها يبدأ الناس في فهمه”.

© The Independent

المزيد عن: آلات روبوتيةاستخدام الروبوتاتأخبار الياباناليابانالمطاعم

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00