تقدمت الصين بشكوى رسمية إلى منظمة التجارة العالمية في شأن رسوم ترمب (رويترز) بأقلامهم مايكل شيريدان يكتب عن: ترمب يجعل الصين تبدو رائدة التجارة الحرة by admin 9 أبريل، 2025 written by admin 9 أبريل، 2025 20 فيما تعلن بكين عن ردها على الرسوم الجمركية تتسارع وتيرة الحرب التجارية مهددة النظام العالمي القديم اندبندنت عربية / مايكل شيريدان مايكل شيريدان مراسل خارجي ومحرر دبلوماسي مخضرم في صحيفة “اندبندنت”، وهو مؤلف كتاب “الإمبراطور الأحمر” الصادر عن دار “هيدلاين برس” (25 جنيهاً استرلينياً) الحزب الشيوعي الصيني رائد التجارة الحرة. في عالم جديد يزداد غرابة، كان هذا هو المشهد الأغرب، إذ انهارت الأسهم رداً على الضربة الافتتاحية التي وجهها الرئيس دونالد ترمب من خلال فرض رسوم جمركية في حرب تجارية عالمية. “قالت الأسواق كلمتها”، كتب الناطق باسم وزارة الخارجية الصينية، قوه جياكون، في منشور على “فيسبوك” – وهو بالمناسبة المحظور في الصين. لا معايير مزدوجة في تلك البلاد إذاً. فبكين قادرة دوماً على الحفاظ على مظهر الجدية حينما يستدعي الأمر. من الناحية السياسية، لا تكاد الحكومة الصينية تصدق كم هي محظوظة. لقد تقدمت بوصفها صوت العقل والاستقرار وسط جوقة من الفوضى، لتروج للرواية الكاذبة المتعلقة بكونها نموذجاً للسلوك الجيد منذ انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية في الـ11 من ديسمبر (كانون الأول) 2001، وهو يوم يبدو من المقدر له أن يستمر في الكتب المدرسية باعتباره اليوم الذي بلغت فيه العولمة ذروتها. اشتكى ناطق باسم وزارة التجارة الصينية من رسوم ترمب الجمركية بوصفها “سلوكاً نموذجياً للتنمر الأحادي الجانب”. وأضاف الناطق أن “هذا النهج يتجاهل توازن المصالح الذي تحقق خلال أعوام من المفاوضات التجارية المتعددة الأطراف ويتجاهل حقيقة أن الولايات المتحدة كثيراً ما جنت أرباحاً طائلة من التجارة الدولية”. وأفادت وكالة الأنباء الرسمية “شينخوا” بأن الرسوم الجمركية “سلاح لقمع اقتصاد الصين وتجارتها” وطالبت الولايات المتحدة بالتوقف عن تقويض “حقوق الشعب الصيني المشروعة في التنمية”. سيكون من الخطأ التقليل من شأن الخطاب الصيني. إن نظام شي جينبينغ نظام جاد وأفعاله تعبر عن نفسها أكثر من أقواله. الدليل على ذلك أن الصين تعتبر “الحقوق المشروعة في التنمية” أحد “خطوطها الحمراء” في التعامل مع الولايات المتحدة. يرمز المصطلح إلى النموذج الاقتصادي المدفوع بالتصدير الذي رفع البلاد إلى مرتبة ثاني أكبر اقتصاد على وجه الأرض منذ انضمامها إلى منظمة التجارة العالمية. من يفهم ذلك يفهم أن المسألة مسألة وجودية للصين. في تناقض صارخ مع الفوضى في واشنطن، جاءت ردود بكين منضبطة ومنفذة بكفاءة في تسعة بيانات تحدد الإجراءات الانتقامية التي تجاوزت مجرد الأرقام. لم يكلف شي نفسه عناء التحدث علناً، ناهيك بفعل أي شيء مبتذل مثل نشر مواقف على وسائل التواصل الاجتماعي بأحرف كبيرة. فالجمهور الصيني كان سيعتبر ذلك دون كرامته. وإذ لم ينزعج ترمب من مجاملات كهذه، سرعان ما نشر لأتباعه على الإنترنت موقفاً بأحرف كبيرة يقول: “الصين لعبت الأمر بشكل خاطئ، لقد أصابهم الذعر”. مع كل الاحترام الواجب للرئيس الأميركي، ما زعمه هو تحديداً ما لم تفعله الصين. إن قائمة الاستهداف التي أعدها شي تنذر بالخطر لأنها مدروسة ومخطط لها جيداً. إذ يدير “الإمبراطور الأحمر” نخبة بيروقراطية من الموظفين المتمرسين لا يشغلهم شيء سوى تحليل خصوم الصين باستخدام كل أدوات الاستخبارات المتاحة. بدأت الصين بخطوة سهلة: فرض رسوم جمركية متبادلة بنسبة 34 في المئة على الواردات الأميركية كلها اعتباراً من العاشر من أبريل (نيسان) الجاري. كذلك علقت الصين صادرات ست شركات أميركية إليها، وأطلقت إجراءات لمكافحة الإغراق في القطاع الطبي واستهدفت شركة “دوبونت” الأميركية العملاقة بتحقيق في ممارسات احتكارية محتملة. أما الخطوة المعقدة فبينت مدى دقة أداء الصينيين عملهم. لم يستهدفوا جزراً تقطنها طيور البطريق برسوم أو يقوموا بحسابات غريبة مثلما فعل ترمب. حظروا تصدير المواد “ذات الاستخدام المزدوج”، أي التي يمكن استخدامها عسكرياً أو مدنياً، إلى 16 شركة أميركية، تعمل كلها في قطاع التكنولوجيا. وتمثلت خطوتهم الرئيسة في فرض ضوابط على التصدير على سبعة عناصر أرضية نادرة بغرض “حماية الأمن القومي”. ومن المعلوم تماماً أن بعض هذه العناصر يؤدي دوراً حيوياً في أنظمة الأسلحة الأميركية. وتضمنت قائمة العناصر النادرة التيربيوم، الذي يستخدم لتعزيز خصائص المغناطيسات المتخصصة المستخدمة في أنظمة التوجيه والأقمار الاصطناعية والرادارات. والمغناطيسات جزء لا يتجزأ من مقاتلات “أف-35” الحديثة ومسيرات “بريداتور” وصواريخ كروز والغواصات النووية. وهناك أيضاً الديسبروسيوم، وهو عنصر أرضي نادر تتحكم الصين في إمداداته العالمية كلها تقريباً. يستخدم هذا العنصر في صنع مغناطيسات عالية الجودة تعمل في ظروف شديدة الحرارة ويدخل في تصنيع أحدث أشباه الموصلات. وتعتبر العناصر الأرضية النادرة الأخرى الواردة في قائمة الضوابط حيوية لشفرات التوربينات الخاصة بمحركات الطائرات النفاثة. سيتطلب الآن تصديرها كلها تراخيص خاصة. هكذا تخوض الصين وأميركا نوعاً جديداً من الحرب على التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي. حاول كل من جو بايدن وترمب خنق إمدادات أشباه الموصلات المتقدمة إلى الشركات الصينية المصنعة لها، بينما تسعى الصين إلى خنق إمدادات المواد الخام إلى شركات التكنولوجيا الرائدة في أميركا. ليس من الصعب أن نرى مدى خطورة ذلك. أخبرني مؤسس سنغافورة الحديثة التي تعتمد التجارة الحرة، الراحل لي كوان يو، ذات مرة في مقابلة أن “الحرب العالمية الثانية اندلعت بسبب وجود إمبراطوريات وسياسات حمائية”. وأشار إلى أن حظر النفط على اليابان في أربعينيات القرن الـ20 دفع قادتها العسكريين إلى خوض الحرب، محذراً من أن محاولات الغرب لعزل الصين اقتصادياً “ستفضي حتماً إلى صراع”. كلامه هذا كان في تسعينيات القرن الماضي، عندما كانت الصين على أعتاب الاندماج في الاقتصاد العالمي. وقد انضمت بالفعل إلى منظمة التجارة العالمية بعد مفاوضات عسيرة. لكن شارلين بارشيفسكي، التي فاوضت نيابة عن الولايات المتحدة، عبرت لاحقاً عن أسفها لأن واشنطن لم تستثمر أدوات المنظمة لمعاقبة بكين عند انتهاكها القواعد. ولد ذلك الموقف الاعتقاد بأن الاسترضاء وجمود النخبة حكما على الطبقة العاملة الأميركية بالتراجع، وهنا تكمن نشأة حركة ترمب المسماة “جعل أميركا عظيمة مرة أخرى”. ومن المفارقات الساخرة أن الصينيين تقدموا للتو إلى منظمة التجارة العالمية بشكوى رسمية حول رسوم ترمب. © The Independent المزيد عن: حروب ترمب التجاريةالتجارة الحرةدونالد ترمبالرسوم التجاريةالصينالاقتصاد العالميالعولمة 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post كتاب “قصة جريمة قتل” يبعث أدب الجريمة من مرقده next post بقاء النظام الإيراني رهن بالتفاوض مع أميركا You may also like رضوان السيد يكتب عن: الخوف في كل مكان…... 11 أبريل، 2025 دلال البزري تكتب عن: ترامب- نتنياهو إلى أهل... 11 أبريل، 2025 جاك واتلينغ يكتب عن: حرب أوروبا في أوكرانيا 10 أبريل، 2025 حازم صاغية يكتب عن: لكنْ ماذا نفعل؟ 10 أبريل، 2025 بقاء النظام الإيراني رهن بالتفاوض مع أميركا 9 أبريل، 2025 غسان شربل يكتب عن: إما نتنياهو وإما أورتاغوس 7 أبريل، 2025 وليد الحسيني يكتب : لن نتراجع عن الهزائم 6 أبريل، 2025 حازم صاغية يكتب عن: ماذا لو حدث ما... 6 أبريل، 2025 محمد بدر الدين زايد يكتب عن: ما الذي... 5 أبريل، 2025 علي رضا نوري زاده يكتب عن: اليمن من... 5 أبريل، 2025