بأقلامهم غسان شربل يكتب عن: ليلة القيصر by admin 3 مارس، 2025 written by admin 3 مارس، 2025 13 يتكسَّر الثلج كما تتكسَّر أحلام زيلينسكي وداعميه. كانت السنوات الثلاث الماضية مؤلمة. لم يسقط سيد كييف حين توغلت الدبابات في جسد الخريطة الأوكرانية. الخريطة التي سلبها الغرب من بلاده. تدفقت المساعدات الغربية وعادت إلى روسيا نعوش كثيرة. أوجعته عودة النعوش وإصرار الغرب على استنزاف روسيا عسكرياً واقتصادياً. أرغمته على الاستعانة بقوات حفيد كيم إيل سونغ. ما أصعبَ أن يشعر سيد الكرملين بالخيبة من جنوده وجنرالاته! غسان شربل – رئيس تحرير «الشرق الأوسط» فرك عينيه كمن يشكك بما يراه. المشهد صعب التصديق. رهيب وغير متوقع. لم يسبق أن كانَ الحظ سخياً معه إلى هذا الحد. طلب من الحارس كميةً محترمة من الثلج، والزجاجة التي تليق باحتفال غير مسبوق. ارتبك الحارس. ليس من عادة سيد القصر أن يشرب. إنَّه رياضي لا يُفرّط بلياقته. نفّذ الرجل الأمر وأغلق الباب. سكب في الكأس كمية محترمة. سمع صوت الثلج يتكسر كأنَّه يشارك في الاحتفال. وضع الشريط مجدداً. صدق أو لا تصدق. أغمض عينيه. جيد فعلاً إنه لم يقتل فولوديمير زيلينسكي بجحيم من الصواريخ على غرار ما فعل بنيامين نتنياهو بحسن نصر الله. أو بعملية نوعية لاغتياله في عاصمة أخرى على غرار ما فعل نتنياهو بزعيم «حماس» إسماعيل هنية في طهران. لو فعل لأعطى زيلينسكي فرصة الذهاب إلى القبر رمزاً أو بطلاً. وكانت تماثيله ستملأ ساحات الغرب، وسيحجز له التاريخ موقعاً على شرفته. ما أروعَ أن ترى عدوك جريحاً ينزف! يضاعف المتعة أن تأتيه الطعنة من بيت أبيه. من سيد البلاد التي ضخت في عروق بلاده الأسلحة والمليارات. وأن يشكك الطاعن في صدق قضيته ونزاهته. وأن يطالبه برد الهدايا السخية. وأن يوقع على ما في تراب بلاده من معادن نادرة. وأن يستعد للتنازل صراحةً عن جزء من الخريطة التي يتمسك بحدودها الموروثة. ما أجملَ أن يتطوَّع من كان يفترض أن يكون خصمك بإطلاق زلزال على عدوك! وأن ينتشر المشهد في «القرية الكونية» كالنار في الهشيم. وأن يصور الزائر كأنه من قام باستفزازك وبادر إلى غزو بلادك. ما ألذَ رائحة الثأر ومن دون أن تحمل الضربة القاتلة بصماتك! شعور يغسل الجروح التي تراكمت في روحك. جرح «الجيش الأحمر» ينسحب مكسوراً من أفغانستان. جرحك الشخصي يوم أتلفت الوثائق السرية في درسدن. ويوم تطايرت حجارة جدار برلين كأنَّها تساقطت على روحك. ويوم فاحت رائحة الخيانات وتسابقت الجمهوريات للقفز من القطار السوفياتي في أكبر عملية نكران جميل شهدها القرن الماضي. رشفة أخرى. تخيل الخيبة تغمر الرجل الجالس في مكتب شارل ديغول. ذهول الرجل المقيم في مكتب مارغريت ثاتشر. حزن الرجل الذي يتمشَّى في مكتب أنجيلا ميركل. ذهب أبعد. تصور الجو المرتبك في قصر القرار في تايوان. واليابان. وكوريا الجنوبية. تخيَّل ملامح بارونات الاتحاد الأوروبي. وجنرالات حلف «الناتو». ماذا يبقى من هيبة الحلف حين تقر أميركا بحق بوتين في اقتطاع وجبة كبرى من اللحم الأوكراني؟ أغلب الظن أنَّ الرجل الجالس على عرش ماو تسي تونغ يشعر بالبهجة رغم خوفه من عودة سيد الكرملين إلى زمن «التانغو» مع البيت الأبيض. راودته للحظة فكرة غريبة. ماذا لو كان جالساً مكان زيلينسكي وخاطبه دونالد ترمب بمفردات من القماشة التي استخدمها مع ضيفه الأوكراني. أغلب الظن أنَّ العالم كان سيقترب من وليمة نووية كاملة. ضحك. هذا يستحيل أن يحدث. لا روسيا هي أوكرانيا ولا فلاديمير بوتين هو زيلينسكي. من حُسن الحظ أنَّ الرجل الممسك بالبيت الأبيض هو صديقنا كي لا نقول رجلنا. يتكسَّر الثلج كما تتكسَّر أحلام زيلينسكي وداعميه. كانت السنوات الثلاث الماضية مؤلمة. لم يسقط سيد كييف حين توغلت الدبابات في جسد الخريطة الأوكرانية. الخريطة التي سلبها الغرب من بلاده. تدفقت المساعدات الغربية وعادت إلى روسيا نعوش كثيرة. أوجعته عودة النعوش وإصرار الغرب على استنزاف روسيا عسكرياً واقتصادياً. أرغمته على الاستعانة بقوات حفيد كيم إيل سونغ. ما أصعبَ أن يشعر سيد الكرملين بالخيبة من جنوده وجنرالاته! يعرف أن جنرالات الأطلسي ابتهجوا. قالوا إذا كان «الجيش الأحمر» لم يستطع تركيع الجيش الأوكراني، فماذا كان ليفعل لو واجه جيوش «الناتو»؟ وماذا كان سيحل به لو واجه أفضل آلة عسكرية في التاريخ اسمها الجيش الأميركي؟ انتظر ترمب بفارغ الصبر. ولم يخيّبِ الرجلُ صديقه رغم دسائس الأوروبيين. وهو لم يبخل على أميركا بالهدايا. لم يبخل على إسرائيل. لم يحاول عرقلة طائراتها حين لاحقت الوجود العسكري الإيراني في سوريا وأخرجته. لم يحاول إنقاذ بشار الأسد كما فعل سابقاً. اكتفى بمنحه اللجوء لأسباب «إنسانية». لم يحاول عرقلة الانقلاب الكبير في الشرق الأوسط. يعرف ما يقوله الأوروبيون. يقولون إنَّ انتصاره في أوكرانيا سيضاعف شهيته لاسترداد بعض الأراضي السوفياتية. ماكرون يقول إنَّ بوتين «سيذهب بالتأكيد إلى مولدافيا وربما إلى أبعد من ذلك إلى رومانيا». يقول أيضاً إنَّه إذا تم وقف النار من دون ضمانات أمنية لأوكرانيا، فإنَّ قدرة أميركا «على الردع الجيواستراتيجي في مواجهة روسيا والصين وغير ذلك ستتلاشى في اليوم نفسه». يعرف أنَّ أوروبا شاخت وتفتقد الروح القتالية. وأنَّ ما ستقدمه لزيلينسكي من مساعدات وضمادات لا يكفي لبلسمة الجرح الكبير الذي أصابه بفعل طعنة ترمب. من دون القوة الأميركية الهائلة لا يستطيع الغربُ إعادةَ عقارب الساعة إلى الوراء، لا في أوكرانيا ولا في غيرها. نفّذ «الرفيق» ترمب مهمته بإتقان شديد. ولا بأس أن يُكافأ لاحقاً بجائزة «نوبل» أو وسام لينين. رجل يستحق. مهمة كان يعجز عن إنجازها جيمس بوند الذي أعجب به القيصر يوم كان في مطلع شبابه يقرع باب الـ«كي جي بي» ويدخل. عليه أن يرقصَ مع ترمب خصوصاً حين يتصرَّف كنمر جريح. هذه ليلة القيصر وتستحق الاحتفال. حين يكون اسم سيد المكتب البيضاوي دونالد ترمب على العالم أن يسارع إلى ربط الأحزمة. 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post حازم صاغية يكتب عن:السؤال الذي يتحاشى الكثيرون طرحه! next post “الأمن العام” السوري يدخل إلى جرمانا.. وهذه بنود الاتفاق You may also like حازم صاغية يكتب عن:السؤال الذي يتحاشى الكثيرون طرحه! 3 مارس، 2025 وليد الحسيني يكتب عن: أمة التغيير..”ما فيش فايدة” 3 مارس، 2025 عبد الرحمن الراشد يكتب عن: هل يسير ترمب... 2 مارس، 2025 سكوت أتران – أنخيل غوميز: ما تطلعات أهل... 28 فبراير، 2025 رضوان السيد يكتب عن: «مقاومة»… لكنها لا تقاوم 28 فبراير، 2025 جو معكرون يكتب عن: إضطراب المكوّن الشيعي في... 27 فبراير، 2025 كاميليا انتخابي فرد تكتب عن: التقارب الروسي –... 27 فبراير، 2025 دلال البزري تكتب عن: حزب الله… نصر الله 27 فبراير، 2025 سونر چاغاپتاي يكتب من داخل المحادثات الأخيرة لحزب... 26 فبراير، 2025 نعومي نيومان تكتب عن.. عندما تلتقي الريفييرا مع... 26 فبراير، 2025