الإثنين, فبراير 10, 2025
الإثنين, فبراير 10, 2025
Home » سرطان الريف يذكر المغرب بـ”غاز المستعمر”

سرطان الريف يذكر المغرب بـ”غاز المستعمر”

by admin

 

يطرح مراقبون مسؤولية إسبانيا عن قصف السكان بأسلحة محظورة ومدى إمكانية جبر الضرر مادياً ومعنوياً

اندبندنت عربية / حسن الأشرف صحافي وكاتب

بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة السرطان الذي يصادف الرابع من فبراير (شباط) من كل عام يتجدد في المغرب نقاش انتشار “المرض الخبيث” في الريف جراء تداعيات قصف الجيش الإسباني للمنطقة بالغازات السامة في عشرينيات القرن الماضي بهدف الانتقام من المقاومة الريفية التي ألحقت هزيمة نكراء بالجنرالات الإسبان في معركة “أنوال” الشهيرة عام 1921.

وعلى رغم عدم وجود إحصاءات تجزم بارتفاع نسبة إصابات السرطان في منطقة الريف بالمغرب مقارنة مع باقي المناطق، فإن عدداً من المصادر الطبية والحقوقية تثبت هذا المنحى وتنسبه أساساً إلى الغازات السامة الإسبانية و”توارث” هذا المرض من جيل إلى آخر.

في هذا الصدد يطرح مراقبون موضوع مسؤولية إسبانيا عن قصف سكان الريف بالغازات السامة، لا سيما غاز “الخردل” ومدى إمكانية جبر الضرر مادياً ومعنوياً بمعزل عن السجالات المتعلقة بتسبب تلك المواد الكيماوية في انتشار السرطان في أوساط الريف المغربي.

ملخص القصة

لقيت القوات العسكرية الإسبانية التي استعمرت مناطق الشمال المغربي مقاومة وطنية شديدة بزعامة القائد محمد عبدالكريم الخطابي الذي أذاق الإسبان الأمرَّين في معركة “أنوال” المعروفة عام 1921.

هذه الهزيمة العسكرية الاستراتيجية التي مني بها الجيش الإسباني على رغم قوته وعدته وعتاده المتطور في ذلك الوقت أحرجت السلطة السياسية في مدريد التي اتخذت قرار مهاجمة سكان الريف بالأسلحة الكيماوية المحرمة دولياً من أجل إخماد مقاومة الريف بقيادة الخطابي والانتقام لآلاف القتلى الإسبان في معركة “أنوال”.

وقصفت القوات الإسبانية منطقة الريف بالغازات السامة عبر الطائرات العسكرية في الفترة الزمنية بين 1924 و1926، وهي السنة التي استسلم فيها المقاوم الخطابي حقناً لدماء سكان الريف وحفاظاً على حياتهم أمام الحرب غير المتكافئة التي شنتها إسبانيا على منطقة الريف المغربي.

وتورد معطيات تاريخية متطابقة أن القوات الجوية الإسبانية استخدمت بالفعل تسعة أنواع من الغازات السامة لدحر المقاومة الريفية المغربية الشرسة بما يعادل 110 أطنان صبت على المنطقة، وهو ما أكدته شهادة سابقة للخبير الألماني في صناعة الأسلحة الكيماوية هوغو شتولتزنبرغ (Hugo Stoltzenberg) الذي اعترف في مذكراته بتزويد الجيش الإسباني بتلك الغازات.

هذه الهجمات بالأسلحة الكيماوية أكدها أيضاً مؤرخون أجانب عديدون من بينهم على وجه الخصوص المؤرخ البريطاني سيباستيان بلفور والإسباني أنخيل فينياس وآخرون، لكن السلطات الرسمية في البلدين معاً لم تؤكدا أو تنفيا ذلك.

ملف شائك

يقول أستاذ حقوق الإنسان والعلوم السياسية في وجدة محمد سعدي إن انتشار داء السرطان بين سكان منطقة الريف وعلاقته باستعمال الغازات الكيماوية السامة من لدن الاستعمار الإسباني خلال “حرب الريف” يشكل ملفاً شائكاً ومعقداً من وجهة نظر علمية وقانونية.

واستطرد سعدي أنه ينبغي أولاً إثبات وجود علاقة سببية ثابتة بين فعل استخدام الغازات السامة والخانقة، وخصوصاً غاز “الخردل” وغاز “الفوسجين”، وبين الأضرار الصحية التي لحقت بعديد من أهل الريف من خلال الانتشار الكبير للأمراض السرطانية بالمنطقة. وتابع “العلاقة السببية تعني أن استخدام تلك الأسلحة كانت له آثار صحية ضارة مباشرة على الضحايا آنذاك، حيث أصيبوا بالسرطان، وانتقلت تلك الآثار جينياً ووراثياً إلى ذويهم عبر أجيال عدة، أو كانت له آثار ضارة مستديمة على البيئة بمنطقة الريف، مما أدى إلى تأثر صحة الإنسان عبر مرور الزمن بمخلفات تأثيرات تلك الغازات.

وسبق لخبراء في الوكالة الدولية لبحوث السرطان التابعة للمنظمة العالمية للصحة أن أكدوا بصورة علمية في نهاية الثمانينيات من القرن الماضي في دراسة منشورة بالمجلة البريطانية للطب الصناعي، أن غاز “الخردل” مادة مسرطنة للإنسان في حال تعرضه الدائم لها، وهذا ما تمت معاينته من خلال إصابة عدد كبير من عمال أحد مصانع غاز “الخردل” بسرطان الجهاز التنفسي.

يذهب سعدي إلى أن مرض السرطان يشكل كابوساً مرعباً لساكنة الريف، حيث ينتشر بصورة واسعة، مما يرسخ الاعتقاد بأن المنطقة تشهد أعلى نسبة فتك وإصابة بأمراض السرطان مقارنة بباقي مناطق المغرب، على رغم غياب إحصاءات رسمية دقيقة حول أعداد المصابين بهذا الداء.

حقيقة العلاقة

لغاز “الخردل” خصوصاً الذي استعمله الجيش الإسباني آثار صحية خطرة أجملتها منظمة الصحة العالمية في “زيادة احتمال الإصابة بالسرطان بعد التعرض له لمرة واحدة، والإصابة أيضاً بأمراض رئوية ومشكلات تنفسية وحروق وبثور جلدية”.

وكان وزير الصحة المغربي السابق الحسين الوردي استبعد العلاقة بين استخدام غاز “الخردل” والإصابة بالسرطان، إذ قال “لم تثبت أية دراسة حتى الآن هذا الاحتمال”.

من جهته يمضي المتخصص في أمراض السرطان محمد المستاوي بالقول إن “السرطان منتشر بالفعل في منطقة الريف، غير أنه لا يمكن نسبة هذا الانتشار فقط إلى الغازات السامة الإسبانية في عشرينيات القرن الماضي، وانتقاله من جيل إلى جيل إلى يومنا هذا”. وتابع “هناك بلا شك أسباباً أخرى تفسر تفشي السرطان بمنطقة الريف، منها تناول مواد غذائية تكون أحياناً غير صالحة للاستهلاك البشري، ثم تأتي من أنشطة التهريب وخصوصاً بمدينة سبتة القريبة، وغيرهما من الأسباب الأخرى”.

يذكر أنه وفق أرقام غير رسمية نشرتها حديثاً الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة، يعد السرطان ثاني الأسباب المؤدية للوفاة في المغرب بعد أمراض القلب والشرايين، كما أن البلاد تسجل 40 ألف إصابة كل عام بمعدل 137,3 حالة لكل 100 ألف نسمة.

مسؤولية إسبانيا

يرد محمد سعدي على هذه الفرضية بالقول إنه حتى في حال عدم التأكد من وجود علاقة سببية بين الغازات السامة وانتشار مرض السرطان بمنطقة الريف، وحتى لو كان استخدامها لم يكن مكثفاً وطاول مناطق بعينها دون أخرى، فهذا لا ينفي المسؤولية التاريخية والقانونية والأخلاقية لإسبانيا عن الانتهاكات الجسيمة لأعراف القانون الدولي الإنساني عبر استعمال أسلحة محظورة من جهة، واستهداف المدنيين في الأسواق والتجمعات السكنية من جهة أخرى، مما تسبب في ضرر جماعي للصحة والبيئة.

ويخلص سعدي إلى أن المدخل الحقوقي والقانوني الأكثر واقعية ووظيفية اليوم لتسوية مثل هذه الملف الحارق ليس هو مسؤولية الدولة ولا المسؤولية الجنائية أو المسؤولية المدنية عبر التعويضات الفردية، ولا مبدأ عدم التقادم والجريمة المستمرة، بل هو اعتماد سياسات الاعتراف والاعتذار والعدالة الانتقالية في سياق مخلفات الماضي الاستعماري”. ويشرح “يمكن في هذا السياق مثلاً توسيع مفهوم الضحية ومفهوم الأذى وجبر الضرر للحديث عن الضرر العابر للأجيال، وعن الصدمة العابرة للأجيال، ويمكن لإسبانيا في إطار ما يسمى تسوية سؤال الدين التاريخي الاستعماري اعتماد جبر الضرر الجماعي ودعم التنمية المجالية والبنى التحتية خصوصاً الصحية في منطقة الريف”.

المزيد عن: المغربأمراض السرطانالغازات السامةإسبانياالإرث الاستعماريالريف المغربيمعركة أنوال

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili