الأحد, أبريل 28, 2024
الأحد, أبريل 28, 2024
Home » رسام الكاريكاتور الأرجنتيني كينو رحل قبل أن يرى العالم يتغير

رسام الكاريكاتور الأرجنتيني كينو رحل قبل أن يرى العالم يتغير

by admin

أندلسي الجذور وشخصية “مافالدا” الفنية التي ابتكرها صنعت له شهرة واسعة

اندبندنت عربية / هوفيك حبشيان  

خطف الموت قبل أيام الأرجنتيني كينو. كان رسّام الكاريكاتور الناطق بالإسبانية الأشهر في العالم. عن عمر 88 سنة، أوقع قلم الرصاص من يده ومضى، تاركاً خلفه عالماً يعيش تقلّبات خطيرة تحتاج إلى عين ثاقبة مثل عينه، كي ينقلها بالحبر والورق، بالسخرية والدقّة التي عرف بهما. صحيح أن الإسبانية لغته الأم، لكن رسوماته التي غالباً ما كانت صامتة وتضع الكلام في مرتبة ثانية، كانت شديدة الكونية تخاطب كلّ إنسان أياً تكن لغته. رسوم فيها نزعة سياسية قوية ومتابعة حثيثة لكلّ ما يجري حول العالم وموقف من كلّ مستجد ومثير. 

ولد كينو (اسمه الحقيقي خواكين سالفادور لافادو تيخون) لوالدين أندلسيين هاجرا من إسبانيا هرباً من الحرب. عن طفولته نعلم أنه أبرم عقداً مع أمّه: أن توافق على أن يستعمل طاولة المطبخ كي يرسم عليها، شرط أن ينظّفها عندما ينتهي. تنقل صحيفة “كلارين” التي عمل فيها طويلاً، أنه منذ السادسة كان يعرف جيداً أنه سيهب حياته للرسم ولا شيء آخر، سواء الكاريكاتور أو القصص المصوّرة (الكوميكس كما يُقال في الإنجليزية). رسم حتى قبل أن يجيد القراءة. ولعل أغرب ما في تجربة كينو هو أن الخجل هو الذي حمله إلى الرسم وشجّعه عليه. فهو في طفولته لم يكن يقوى على الكلام، فقرر أن يستعين بالقلم. لم يعرف يوماً سبيلاً آخر للتعبير عن نفسه وأفكاره وتوجهاته. موهبته وقدراته بالفطرة. هذه الطفولة التي أمضاها في الرسم، أضحت شخصية محورية عنده، إذ استمد منها الكثير من العناصر لبناء شخصيات الأطفال الذين يعيشون في عزلة عن عالم الكبار وغالباً يمتازون بذكاء حاد. أكثر تلك الشخصيات التي ساهمت في تكريس كينو عالمياً هي الطفلة مافالدا.

قلم الرصاص

عن الوعي الأول على الرسم، يقول: “في الثالثة، كنت أرسم مع خالي. فهمتُ حينها أنه من شيء بسيط جداً كان من الممكن أن يتولد أشخاص، أحصنة، قطارات، جبال… قلم الرصاص شيء مدهش”. في عمر الثالثة عشرة، تسجّل في مدرسة مندوزا للفنون الجميلة، إلا أنه ملّ سريعاً، فغادرها مشغولاً بهاجس الرسم الكاريكاتوري. عند بلوغه سنّ الرشد، قصد العاصمة بوينس آيرس، غير أن تكريس وقته في صناعة حلمه ما كان يوفّر مالاً يتيح له العيش، فاجتاز فترة معيشية صعبة، قبل الانفراج الكبير مع نشر أسبوعية “استو أس” رسماً له على صفحتها الأولى. ذاك اليوم “التاريخي” من العام 1954، يتذكّره كينو باعتباره “أسعد يوم في حياته”. يروي أيضاً أنه في مقابلات عدة كان يرسم وقتها بشكل سيّء جداً، حتى أن أحد الرسّامين المخضرمين قال له إن لديه “أفكاراً ولكنه يرسم كالخنزير”. رسّام آخر، هو غييرمو ديفيتو،  ساهم في تعليمه، بعدما راح يراجع ما يرسمه. قبل التعرف عليه، يقول كينو أنه كان يرسم بلا ظلال. ديفيتو نصحه بعدم ترك الكثير من البياض في رسومه، ذلك أن القارئ يريد الحصول على رسم لا على مسافات بيضاء، مقابل ما دفعه من مال.

شخصية “مافلدا” ومبتكرها كينو(موقع الرسام)

ولدت شخصيته الشهيرة مافالدا في أعقاب صدور أول كتاب له، “عالم كينو” في العام 1962. فبعد سنوات من العمل في الصحافة، وبناءً على طلب من جهة معينة، أُسندت إلى كينو مهمة إنجاز حملة دعائية لعلامة تجارية متخصصة بأجهزة إلكترونية تُستخدم في المطابخ. كلّ ما كانوا يبحثون عنه هو رسّام يبتكر وجهاً إعلامياً يبدأ اسمه بـ”ما” (نسبةً للعلامة التجارية “مانسفيلد”)، وكان عليه أن يجسّد عائلة أرجنتينية من الطبقة الوسطى. في النهاية، لم يتحقق المشروع، غير أن شخصية مافالدا التي كان ابتكرها كينو، راحت تشق طريقها بنفسها، وظهرت مطبوعةً لأول مرة في العام 1964 في “بريميرا بلانا” (مجلة أسبوعية كانت تصدر من بوينس آيرس). ويروي كينو أن زوجته كان لها الفضل الأكبر في ولادة الشخصية، إذ بعد إجهاد المشروع اقترحت عليه أن يعيد إحيائها. أما الكتب التي صارت مافالدا بطلتها فبُيعت بالملايين حول العالم، وتُرجمت إلى 35 لغة، وذاع صيتها خصوصاً في أميركا اللاتينية وكيبيك وأوروبا. العالم العربي لم يعرف مافالدا، على الرغم من أنها طبعت ذهن أجيال عدة في الغرب، خصوصاً أن أسطورتها قامت على النقد الاجتماعي الذكي واللمّاح الذي كان الناس يحتاجون إليه في تلك الفترة. وقد أشاد بمافالدا كبار الأسماء في العالم، منها الإيطالي أومبرتو إيكو الذي قال عنها إنها تحاول البقاء صغيرة كي لا تقفز إلى عالم الكبار.

سلسلة “مافلدا”

من سلسلة “مافلدا” (موقع الرسام)

نُشرت سلسلة كتب “مافالدا” المصوّرة بين عامي 1964 و1973، وحملت أبعاداً سياسية واضحة مطعّمة بدعابة كان كينو يمتلك سرّها، غير فجّة وعصية على التقليد. مافالدا صبية يافعة لكن تحمل في داخلها تشاؤماً ووعياً سياسيين ممّا يصعّبان علاقتها بمحيطها. هذا الأمر يجعلها تبلور نظرة نقدية حيال ما يحدث في العالم، فلها مثلاً موقف من الحرب الباردة آنذاك في الستينيات. حلمها هو أن تستلم منصباً رفيعاً كي تتمكّن من وضع حد لكلّ الصراعات التي تدور في العالم. شخصية قوية ومثالية تعكس بعضاً من تطلعات كينو بلا شك. وعندما نضيف أنها تحب فرقة البيتلز البريطانية، يصبح لدينا فكرة شاملة عنها. ومافالدا كانت محوطة بحفنة شخصيات لها آراء متفاوتة في شؤون سياسية مختلفة تصل أحياناً إلى حد التناقض. الصبي مانوليتو أحد هؤلاء. إنه يعرّف عن نفسه بصفته أكثر شخص ميّال للرأسمالية في الأرجنتين. هناك أيضاً سوسانيتا، الفتاة التي تسعى إلى أن تكون مستقلّة، إلا أنها خاضعة لزوجها المستقبلي وتحلم بتأسيس عائلة كبيرة معه. كلّ شخصية من هذه الشخصيات أرادها كينو حادة، متطرفة بعض الشيء، لا تساوم، تتجلى من خلالها نزعته إلى العبثية. يجب التذكير أنه لطالما انتمى إلى معسكر اليسار، ولم يخفِ ميوله السياسية. من هذا المنطلق، كانت البورجوازية تُمرَّغ في الوحل دائماً في ألبوماته ورسوماته. لم يتردد كذلك في انتقاد قمع السلطة، لا سيما العنف البوليسي. كرس عدداً من الرسوم أيضاً لإدانة حرب فيتنام.

“مافلدا” استحالت دمية شعبية (موقع الرسام)

يعترف كينو أنه لم يتوقّع أن تستمر شخصية مافالدا كلّ هذه السنوات. عندما توقّف عن رسمها، شُنَّ عليه هجوم من المعجبين. شخصية وُلدت بالمصادفة، بناءً على طلب لم يتحقق، ولكن تركت خلفها إرثاً ثقافياً. هذا أمر نادر! والسبب الرئيسي الذي جعل كينو يستبعد أن تُكتب لمافالدا حياةً طويلة في البداية، هو أنه كان يؤمن دائماً أن العالم سيتحسّن والظلم سينتهي والعدالة ستسود، وبالتالي لا حاجة إلى أصوات تندد وتستنكر وتضع النقاط على الحروف. إلا أن الأحوال التي راحت تزداد سوءاً، وجدت صداها في مافالدا وأطالت عمرها.

يمكن القول إن كينو من جيل الستينيات حاول التغيير بالأفكار لا بالسلاح، بواسطة الفنّ والكلمة والإحساس، إلا ان ظنّه خاب في الآخر عندما رأى ما آلت إليه الأوضاع. وكان يقول إن السياسات الليبرالية المعتمدة جعلت الأثرياء أكثر ثراءً والفقراء أكثر فقراً. في العام 2006، بعدما تعرّض لمشاكل في النظر، توقّف عن الرسم نهائياً. وعندما وقعت مذبحة “شارلي إيبدو”، صرح بأن “مافالدا كانت لتشعر بألم شديد”، وهو يحمل يافطة كُتب عليها “أنا شارلي”.

في واحدة من مقابلاته الصحافية الأخيرة (أجرتها معه جريدة “لو موند” الفرنسية)، قال كينو بشيء من الحسرة وفي قلبه غصّة، ما يلخّص فلسفته في الحياة: “مشكلة عالمنا أن الأطفال يفقدون استخدام المنطق كلّما تقدّموا في العمر. ينسون في المدرسة ما كانوا يعرفونه عند الولادة. يتزوجون بلا حب. يعملون من أجل المال، وعندما يدخلون عالم الكبار في السن، يغرقون لا في كوب ماء فحسب، بل في وعاء شوربة”.

المزيد عن: رسم/فن الكاريكاتور/فنان أرجنتيني/الأندلس/القرن العشرون

 

 

 

You may also like

19 comments

Austin 7 أكتوبر، 2020 - 5:59 ص

Howdy! Do you know if they make any plugins to safeguard against hackers?
I’m kinda paranoid about losing everything I’ve worked hard on. Any recommendations?

my homepage words for wordpress

Reply
Eula 7 أكتوبر، 2020 - 7:10 ص

Just want to say your article is as amazing. The clearness for your submit
is just spectacular and that i can assume you are knowledgeable in this subject.
Fine together with your permission let me to grasp your feed
to stay updated with coming near near post. Thanks one million and
please continue the enjoyable work.

Here is my web page: printed t shirts sri lanka

Reply
Belen 7 أكتوبر، 2020 - 7:44 ص

I don’t know whether it’s just me or if everyone else encountering problems with your blog.
It looks like some of the text in your content are running off the screen. Can somebody else please comment and let me
know if this is happening to them too? This might be a issue with my browser because I’ve had this happen previously.
Many thanks

Here is my web-site – GARDENING GUIDELINES / TIPS

Reply
Jaxon 7 أكتوبر، 2020 - 9:58 ص

It is perfect time to make some plans for the future and it
is time to be happy. I have read this post and if I could I want to
suggest you some interesting things or tips. Perhaps you can write next articles referring to this article.

I desire to read more things about it!

my web-site – mobile legends hack skin

Reply
Ruthie 7 أكتوبر، 2020 - 1:16 م

Now I am ready to do my breakfast, after having my breakfast coming again to read further news.

my page: קורסים לחיים טובים

Reply
Emery 7 أكتوبر، 2020 - 1:29 م

This design is incredible! You definitely know how to keep a reader entertained.
Between your wit and your videos, I was almost moved to
start my own blog (well, almost…HaHa!) Excellent job.
I really loved what you had to say, and more than that, how you presented
it. Too cool!

My blog post 在吹牛

Reply
Tayla 7 أكتوبر، 2020 - 4:30 م

Hi mates, good post and pleasant urging commented here, I am truly enjoying by these.

Here is my webpage :: Judi Bola Online

Reply
Clarkfouct 1 مارس، 2021 - 10:14 ص

0yhfk 3sdnq b00f

Reply
alcohol with amoxicillin 11 مارس، 2021 - 2:31 ص

alcohol amoxicillin augmentin 875 pill what is amoxicillin taken for how close together can you take amoxicillin

Reply
lasix antidote 11 مارس، 2021 - 12:54 م

lasix half life buy 40mg lasix online buy lasix online with mastercard how does furosemide affect the heart

Reply
zithromax pregnant 11 مارس، 2021 - 11:28 م

azithromycin 1000 mg azithromycin 1000 mg tablets what is azithromycin 250 mg where to buy azithromycin over the counter

Reply
generic ivermectin 12 مارس، 2021 - 9:40 ص

ivermectin price stromectol online pharmacy how long before ivermectin kills scabies what worms does ivermectin kill horses

Reply
is ventolin generic 13 مارس، 2021 - 2:46 ص

ventolin hfa aer generic for albuterol how often can i take ventolin why does albuterol make you shaky

Reply
prix viagra 19 يونيو، 2021 - 6:41 م

viagra levitra viagra homme prix blague de quel pays vien le viagra combien coute une boite de viagra en belgique

Reply
levitra 250 mg 20 يونيو، 2021 - 4:01 ص

viagra gold max viagra ou acheter viagra est il en vente libre qui a deja acheter du viagra sur internet

Reply
generic levitra 40mg 20 يونيو، 2021 - 1:20 م

urorec et viagra viagra paiement avec paypal plus efficace que le viagra viagra pourquoi

Reply
viagra on line 20 يونيو، 2021 - 10:33 م

composition du viagra acheter viagra feminin viagra et jus de pamplemousse viagra ou acheter

Reply
levitra 20 يونيو، 2021 - 10:33 م

cout viagra médicament viagra ou acheter du viagra forum viagra ou cialis prix

Reply
levitra vardenafil 21 يونيو، 2021 - 7:54 ص

générique du cialis vente cialis en france pharmacie en ligne belgique cialis comment commander cialis

Reply

Leave a Comment

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili