تتوقع الأمم المتحدة أن يعيش ثلثا سكان العالم على الأرجح في المناطق الحضرية بحلول عام 2050 (pixabay) تكنولوجيا و علوم العالم ينطلق سريعا نحو “المدن الذكية” فكيف ستبدو وما تسهيلاتها؟ by admin 15 أبريل، 2025 written by admin 15 أبريل، 2025 13 تساعد أنظمة المراقبة بالفيديو وأجهزة الاستشعار في اكتشاف الحركات المشتبه بها والأنشطة غير القانونية المحتملة اندبندنت عربية / سامي خليفة صحافي متخصص في العلوم والتكنولوجيا تطورت المدن على مدى العقود القليلة الماضية على النهج نفسه الذي انتقلنا به من الهواتف الأرضية إلى الهواتف المحمولة العادية، وصولاً إلى الهواتف الذكية الحديثة، وينطبق هذا التحول على كثير من جوانب تخطيط المدن والبنية الأساس، بما في ذلك المرافق الحيوية مثل المياه والكهرباء والصرف الصحي والتعليم والرعاية الصحية والنقل. ويعيش اليوم نحو 55 في المئة من سكان العالم في المناطق الحضرية، ومن المتوقع أن يصل هذا العدد إلى 68 في المئة بحلول عام 2050، مما يعني زيادة 2.5 مليار شخص إضافي يعيشون في المدن، وفي المستقبل القريب وتحديداً بحلول عام 2030، فمن المتوقع أن يضم العالم 43 مدينة ضخمة يزيد عدد سكان كل منها على 10 ملايين نسمة، كما من المتوقع أن تستحوذ مدن المستقبل على 75 في المئة من استهلاك الطاقة العالمي. وتشكل مواكبة هذا النمو المتسارع تحديات هائلة لقادة البلديات والمجتمعات المحلية، خصوصاً لناحية استمرارهم في توفير خدمات السلامة العامة الكافية والاستجابة للطوارئ ومراقبة حركة المرور وإدارة النفايات وغيرها من الخدمات الحيوية، أو بناء مرونة واستدامة في مجال الطاقة في مواجهة تغير المناخ وعدم استقرار الشبكة، وهنا تأتي أهمية المدن الذكية التي توفر حلولاً مستدامة للمشكلات التي ذكرناها، ناهيك عن أنها تغير فكرتنا النمطية عن طريقة العيش، وقد صيغ مصطلح “المدينة الذكية” في أوائل العقد الأول من القرن الـ21 حين سعت شركات التكنولوجيا الكبرى إلى الاستفادة من الترابط لتحقيق إنتاجية حضرية وكفاءة واستدامة أكبر. يعيش اليوم نحو 55 في المئة من سكان العالم في المناطق الحضرية (pixabay) البيانات هي المحرك الرئيس وعلى رغم عدم وجود تعريف متفق عليه عالمياً للمدن الذكية لكن الخبراء يصفونها عادة بأنها مدن تجمع بين أجهزة الاستشعار المترابطة وإنترنت الأشياء والأتمتة وجمع البيانات وتحليلها (أنظمة البيانات) وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات. وتتبنى بلديات عدة حول العالم مفاهيم وأدوات “المدينة الذكية“، ويطبق متخصصو التكنولوجيا أحدث جيل من التحليلات القائمة على البيانات لتطوير برمجيات توفر الرؤية والمرونة والأتمتة اللازمة لتنسيق جهود إدارة المدينة وتبسيط تقديم الخدمات خلال العمليات اليومية وكذلك في حالات الطوارئ. وفي صميم هذه الحلول يمكن لمنصة برمجية على مستوى المدينة مدعومة بالذكاء الاصطناعي وإنترنت الأشياء أن تعمل كنظام تشغيل للمدينة الذكية لربط وتنسيق أنظمتها بفعالية وجمع البيانات وتحليلها من مختلف الإدارات لتمكين اتخاذ قرارات أفضل، إذ يعمل مركز العمليات الآلي هذا كمركز قيادة وتحكم مما يسمح للمشغلين بمراقبة الخدمات وتقديمها بكفاءة أكبر، وتنظيم استجابة منسقة للحوادث والتفاعل بصورة أكثر فعالية مع السكان، فمثلاً يوفر تطبيق إدارة الحوادث إرسالاً بمساعدة الكمبيوتر لحالات الطوارئ الخاصة بالشرطة والإطفاء والطوارئ الطبية، ويمكن للسكان الإبلاغ عن أية حادثة باستخدام الصوت أو الرسائل النصية أو البريد الإلكتروني أو وسائل التواصل الاجتماعي أو تطبيق الهاتف المحمول، كما تمكن المعلومات المدعمة بنظم المعلومات الجغرافية من تحديد موقع الحادثة بصورة أسرع عبر خريطة تظهر على الشاشة، ومن ثم توجه المستجيبين الأوائل إلى موقع الحادثة لتمكنهم من إرسال تحديثات الحادثة والتقاط صور ومقاطع فيديو. تعتبر العاصمة الفنلندية هلسنكي من أهم المدن الذكية كونها حددت لنفسها هدفاً يتمثل في تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2035 (pixabay) تسهيل حركة الناس ويمكن دمج كثير من حلول التنقل في منصة المدينة الذكية لتحسين انسيابية حركة المرور خلال ساعات الذروة، وفي الوقت نفسه تزيد هذه الحلول من الامتثال لقوانين المرور وتسمح للناس بالوصول إلى وجهاتهم بصورة أسرع وأكثر أماناً، فيما تكشف الإشارة الحمراء والتعرف الآلي على لوحات الترخيص مخالفات السرعة وتسهل إصدار المخالفات. وكذلك يمكن لمنصة المدينة الذكية إدارة النقل العام من خلال أتمتة جدولة الحافلات وتوزيعها باستخدام التصور القائم على الخرائط والتتبع شبه الفوري لتحسين استخدام المركبات، ويساعد نظام الفيديو المتصل بالشبكة في زيادة سلامة الركاب من خلال إدارة الفيديو والتنبيهات داخل الحافلة، فيما يدير نظام تحصيل الأجرة الآلي بيع التذاكر واستخدام بطاقات الركاب، ويوفر الوقت ويحد من هدر الإيرادات ويبسط مسؤوليات السائق. وتستخدم المدن الذكية أيضاً تقنيات جديدة تساعدها في التفاعل بصورة أفضل مع السكان وقياس سلوكياتهم، فمثلاً تستعين بعض المدن الذكية ببوابة إلكترونية تفاعلية مدمجة في المنصة المركزية تؤمن عملية نقل البيانات مباشرة إلى السكان، كما تتيح لهم هذه البوابة تقديم الشكاوى والملاحظات إلى مسؤولي المدينة عبر الصوت والرسائل النصية والبريد الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي، وتمكنهم من تسجيل هويتهم وتنزيل تطبيق جوال لتسهيل التفاعلات. إدارة الطاقة تعد مرونة الطاقة مصدر قلق ملح لصانعي القرار في المدن، إذ تشكل كلف الطاقة المتزايدة وفواتير الخدمات المعقدة والبنية التحتية القديمة للشبكة الكهربائية مخاوف متزايدة، كما يساعد تعزيز مرونة المجتمع في ضمان استمرارية العمليات في القطاعين العام والخاص، إذ تفاقم الظواهر الجوية المتطرفة والشكوك الجيوسياسية هذه الأخطار، ولحسن الحظ قام مطورو برامج المدن الذكية خلال الأعوام الأخيرة بدمج حلول إدارة الطاقة والطلب التي يمكن أن تساعد المدن في تحقيق مرونة شاملة في مجال الطاقة، إذ تمكّن هذه الأدوات المدينة من عزل نفسها عن الشبكة عند الضرورة والعمل بفعالية كشبكة مصغرة تعمل بموارد الطاقة المحلية الموزعة مثل الألواح الشمسية وأنظمة تخزين طاقة البطاريات، ويمكن لهذا العزل الحفاظ على استمرار تشغيل أنظمة المدينة الحيوية أثناء انقطاع الشبكة وانقطاعات الخدمات الأخرى. وحالياً يمكن لتطبيق إدارة الطاقة والطلب استخدام الذكاء الاصطناعي لتتبع استهلاك الطاقة وتحسينه في جميع مباني المدينة، وتالياً يحلل البيانات إلى جانب عوامل أخرى مثل إشغال المباني وحال الطقس الحالية والمتوقعة، وصيغ تسعير خدمات المرافق لتجنب سحب الطاقة من الشبكة خلال فترات ذروة الطلب المكلفة، ويعزز هذا الأمر الوفور التشغيلية من خلال تمكين المشاركة في السوق والاستجابة الآلية للطلب، والتي تدر دخلاً من فائض الطاقة من طريق بيعها مرة أخرى إلى الشبكة خلال الأوقات المثلى. صُنفت سنغافورة كأفضل مدينة ذكية في العالم عام 2018، وأفضل مدينة ذكية في آسيا عام 2023 (أ ف ب) دور إنترنت الأشياء تجمع أجهزة استشعار إنترنت الأشياء في المدن الذكية بيانات تتعلق بحال الطرق والمباني والمسطحات المائية والجسور، كما يمكن لأجهزة استشعار إنترنت الأشياء مراقبة حركة المرور والتحكم فيها وتحسين الصيانة وتعزيز السلامة العامة، فمثلاً تراقب أجهزة الاستشعار المثبتة في الجسور استقرار الهياكل وتكتشف الأضرار المحتملة لتقليل أخطار الحوادث، بينما يمكن لأجهزة إنترنت الأشياء مراقبة استهلاك الطاقة الكهربائية لتحسين الاستخدام. ومن ناحية ثانية تساعد أنظمة المراقبة بالفيديو وأجهزة الاستشعار في اكتشاف الحركات المشتبه بها والأنشطة غير القانونية المحتملة، كما تُستخدم هذه الأنظمة لمراقبة الحوادث والكوارث الطبيعية والاستجابة لها، إذ يساعد إنترنت الأشياء المدن على الاستفادة المثلى من مواردها. أمثلة على المدن الذكية من المهم إدراك أن عدداً من المدن الرائدة عالمياً قد أحرزت تقدماً هائلاً في تطبيق التقنيات المذكورة آنفاً، فمثلاً صُنفت سنغافورة كأفضل مدينة ذكية في العالم عام 2018، وأفضل مدينة ذكية في آسيا عام 2023، وقد دأبت سنغافورة على بناء وتحسين “نظام النقل الذكي” الخاص بها على مدى الأعوام القليلة الماضية مما أسهم في تعزيز جهودها في مجال الاستدامة وتقليل الازدحام. وتعتبر العاصمة الفنلندية هلسنكي من أهم المدن الذكية كونها حددت لنفسها هدفاً يتمثل في تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2035، وقد أثبتت أنها في طريقها لتحقيقه، ففي عام 2017 تمكنت المدينة من خفض انبعاثاتها بـ 27 في المئة مقارنة بعام 1990، ومن الأهداف الأخرى التي تسعى هلسنكي إلى تحقيقها خفض انبعاثات حركة المرور بـ 69 في المئة من خلال تدابير معينة، مثل تحويل أسطول حافلات المدينة بالكامل إلى سيارات كهربائية وتوسيع شبكات المترو وشحن السيارات الكهربائية. تخطط العاصمة النروجية أوسلو لتحويل جميع المركبات في المدينة إلى الطاقة الكهربائية (pixabay) وتندرج مدينة زيورخ السويسرية ضمن أفضل المدن الذكية فقد تمكنت من توفير الطاقة بنسبة تصل إلى 70 في المئة، ووسعت نطاق إنارة الشوارع الذكية في جميع أنحاء المدينة وأنشأت مجموعة أوسع من التقنيات الحسية التي تجمع البيانات البيئية وتقيس تدفق حركة المرور وتعمل كهوائي “واي فاي”، كما أثبت نظام إدارة المباني الذكي الذي يربط أنظمة التدفئة والكهرباء والتبريد في المدينة فعاليته العالية. أما العاصمة النروجية أوسلو، المندرجة ضمن أفضل المدن الذكية، فتركز جهودها على السيارات الكهربائية وتخطط لتحويل جميع المركبات في المدينة إلى الطاقة الكهربائية، وهو أمر مثير للإعجاب بالنظر إلى عدد سكانها الذي يبلغ نحو 670 ألف نسمة، وقد وُضعت بالفعل حوافز للسيارات عديمة الانبعاثات، بما في ذلك مواقف مجانية للسيارات واستخدام مسارات الحافلات وخفض الضرائب وأسعار رسوم المرور، وفي إطار هدف المدينة بتحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050 يجري العمل على قدم وساق في أوسلو على مشاريع ذكية أخرى، من ضمنها مواقع بناء عديمة الانبعاثات وتحديث المباني القائمة لتطوير أنظمة إدارة النفايات الدائرية والطاقة الخضراء. ما هو مستقبل المدن الذكية؟ تتوقع الأمم المتحدة أن يعيش ثلثا سكان العالم على الأرجح في المناطق الحضرية بحلول عام 2050، وستتطلب هذه التجمعات السكانية موارد ضخمة، وكل ذلك يتطلب استخداماً ذكياً لمفاهيم “المدينة الذكية” ونشر تقنيات إنترنت الأشياء. وسيركز مستقبل المدن الذكية على تقنيات أكثر تطوراً تقلل الازدحام المروري وكلفة مراقبة مواقف السيارات والاستثمار في النقل متعدد الوسائط وإشارات المرور الذكية ومواقف السيارات الذكية، وسيتضمن مستقبلها أجهزة إنترنت أشياء أكثر تطوراً تساعد في إدارة موارد سكان المدن الكبرى، وسيشمل مستقبلها حلولاً تكنولوجية توفر تحليلات تنبؤية تساعد في تحديد المناطق التي تحتاج إلى إصلاح وصيانة قبل حدوث أي عطل في البنية التحتية. المزيد عن: المدن الذكيةالنمو السكانيالمناطق الحضريةشركات التكنولوجياسنغافورةفنلنداهلنسكيالحياد الكربونيالمياهالكهرباءالصرف الصحياستهلاك الطاقةتغير المناخأجهزة الاستشعار 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post Small drop in people on Nova Scotia primary care waitlist next post رائحة الخوف… رحلة شعور يتسلل من الجسم إلى حواس الآخرين You may also like جمانا الراشد في مؤتمر القدرات: التقنية تساعد ونحن... 15 أبريل، 2025 هلع في أوروبا من احتمال تفعيل أميركا “مفتاح... 15 أبريل، 2025 جلد ثلاثي الأبعاد قد ينهي عصر تجارب التجميل... 13 أبريل، 2025 مقبرة العملاق الأحمر… نجم يبتلع كوكبا بعد تآكل... 13 أبريل، 2025 خيال عليمي يصبح حقيقة… روبتات دقيقة ستساهم في... 12 أبريل، 2025 «واتساب» يطلق دفعة من الخصائص الجديدة 12 أبريل، 2025 مستقبل سوق الهواتف في ظل “رسوم ترمب”: هل... 9 أبريل، 2025 معجزة تكنولوجية… “روبوتات بشرية” تفكر وتقرر 4 أبريل، 2025 «أبل» تستعد لإطلاق «الطبيب الافتراضي» في 2026 3 أبريل، 2025 أصغر روبوت طائر لاسلكي في العالم… كحبّة رمل! 3 أبريل، 2025