الرئيس المصري الراحل محمد حسني مبارك وشبيهه المطرب الهندي أبهيجيت بهاتاشاريا (اندبندنت عربية) منوعات السخرية السياسية… نبع الفكاهة المهدئ لروع أزمات المصريين by admin 23 أبريل، 2024 written by admin 23 أبريل، 2024 191 تفاعلوا مع مطرب هندي يشبه الرئيس الأسبق حسني مبارك هرباً من مشكلات الاقتصاد وأعباء المعيشة اندبندنت عربية / أمينة خيري أبدى المطرب الهندي الشهير أبهيجيت بهاتاشاريا تعجباً من اتصال جموع المصريين به لسؤاله عن سبب ارتفاع الأسعار، وحين أتيح الدولار بعد إبرام مصر قرضاً ضخماً من صندوق النقد الدولي، سألوه عن موعد الانفراجة، وما إن أفرجت الموانئ عن السلع والبضائع التي تكدست بسبب أزمة الدولار، حتى عاودوا الاتصال ليستفسروا عن سبب استمرار ارتفاع الأسعار الجنوني والأزمة الاقتصادية متشابكة الأطراف والمحكمة قبضتها على الملايين نفست عن نفسها بشكل مكثف ومتلاحق على مدار الأيام الأخيرة. شبيه من الهند قبل أيام قليلة، تفجر أثير الـ”سوشيال ميديا” بكم مذهل ومتواتر من الفيديوهات والصور لما بدا إنه الرئيس الأسبق الراحل محمد حسني مبارك، تارة وهو يتحدث عن المجريات الراهنة، وأخرى وهو يلوح للمحبين مبتسماً، وثالثة وهو يشارك شابة هندية بالغناء، وبعد طوفان الفيديوهات الغريب وغير المفهوم، اتضح أنه المطرب الهندي أبهيجيت بهاتاشاريا الذي تحمل ملامحه تشابهاً مع الرئيس المصري الراحل تنطبق عليه مقولة “يخلق من الشبه 40”. ماسورة الدعابة التي تفجرت لم تكن عادية، العادي أن يتفكه المصريون ويطلقوا الدعابات، وبعضها لا يفهمها سواهم، نظراً لمحليتها الشديدة أو ارتباطها الوثيق بأحداث آنية يُخشى أن يساء فهمها وتُترجم أمنياً إنها محاولة لإثارة بلبلة أو إشاعة أزمة، لكن غير العادي أن يجري ضخ عشرات الفيديوهات للمطرب الشهير في الهند لكن الذي لم يسمع عنه أغلب المصريين على مدار الساعة. الذكاء الاصطناعي قال كلمته، وبدلاً من الأسابيع أو الأيام التي تستغرقها نكتة أطلقها أحدهم لتنتقل من هذا إلى ذاك، ومنهما إلى الأهل والجيران، ومن المدن إلى القرى أو العكس، ومنها إلى سائر المحافظات وربما الدول المجاورة وغير المجاورة، وذلك بعد أشهر عدة، أصبحت دقة زر واحدة قادرة على نقل الدعابة بالصوت والصورة إلى الملايين. الملايين متعطشة والملايين على ما يبدو كانت متعطشة لاستعادة لياقتها في عوالم السخرية السياسية والدعابة التي لا تكتفي بالتنكيت على المسؤولين، بل تحترف إطلاق النكات على النفس والآخرين من الأقران وما آلت إليه الأحوال، والسنوات القليلة الماضية، والأحداث السياسية المتتالية، والأزمات الاقتصادية المتواترة، والاحتقانات الاجتماعية التي أسفرت عنها أحداث يناير (كانون الثاني) 2011 لم تدع على ما يبدو الكثير من المجال لما أبدع فيه المصريون، السخرية من الذات والأحداث. من المسؤول عن اكتشاف المطرب أبهيجيت بهاتاشاريا مصرياً؟ الإجابة غير معروفة، وهوية المكتشف لا تهم الملايين، ما يهمهم هو مئات الفيديوهات والصور والنكات التي يتم ابتكارها وتداولها من دون هوادة. شبيه الرئيس الراحل وجد نفسه يرقص ويغني أغنية “اخترناك” التي ظهرت في عهده وكانت تتغنى بإنجازاته بشكل مبالغ فيه، كذلك فوجئ بنفسه يتحدث عن أزمة السكر مرة والدولار مرة أخرى، والارتفاع الأخير في أسعار السجائر مرة ثالثة. الأدهى من ذلك أن بهاتاشاريا وجد نفسه ضالعاً في الحديث عن إيران ومسيراتها، وإسرائيل وحربها، وغزة ومصيبتها، والحوثيين وصواريخهم وموقف مصر من كل ما يجري حولها، لكن ظلت أسعار “البانيه” (الدجاج المخلي) وكيلو السكر والسيجارة “كليوباترا” وتخفيف أحمال الكهرباء الموضوعات الأكثر تداولاً على لسان المطرب الهندي بصوت مبارك. فينك يا ريس؟! فورة السخرية والدعابة الأحدث جاءت كاملة متكاملة، وجموع المعلقين على الفيديوهات والصور مندمجة في التعليق “فينك يا ريس؟” (أين أنت) “لك وحشة والله” (مشتاقون) “فينك وفين أيامك الحلوة يا أبو علاء؟” وغيرها من التعليقات التي يرددها المصريون عادة على سبيل الدعابة لدى ذكر الرئيس الراحل، لكنها كانت من نصيب المطرب الهندي. هذه المرة، تتأكد عودة المصريين لملاعب السخرية والدعابة السياسية بعد هدنة أو استراحة، يصفها البعض بـ “الإجبارية” ويراها البعض الآخر “اختيارية” بحكم الأحمال والأثقال والأحداث الجسام التي مرت بالبلاد والعباد. المطرب الهندي وجد المصريين يغنون له “اخترناك” (اندبندنت عربية) الجميع تكبد هموماً وأثقالاً لا حصر لها منذ تفجر أحداث يناير 2011، وهي الهموم التي تفاقمت في أعقاب أحداث يونيو (حزيران) 2013 والتي انتهت بإنهاء حكم جماعة الإخوان المسلمين في مصر. وعلى رغم بقاء النكتة السياسية المصرية الحادة واللاذعة حية ترزق في أصعب الظروف وأحلكها، إلا أن عاملين مهمين أثرا عليها في تلك السنوات، الأول ضلوع الـ”سوشيال ميديا” منصة مهمة، سرعان ما تحولت رئيسة لتفجير وتناقل وتشارك النكات التي لم تعد نكاتاً محكية بالضرورة، ولكن أصحبت فيديوهات وصوراً وتغريدات وتدوينات، والثاني تأثر روح الدعابة والسخرية بحالة الاستقطاب السياسي والانقسام حول الموقف من جماعات الإسلام السياسية بين مؤيد ومعارض، وهو ما ألقى بظلاله للمرة الأولى في مسيرة روح الدعابة المصرية. عودة السخرية تعود روح الدعابة المصرية والسخرية من أمور سياسية ومعيشية هذه الآونة على استحياء تارة، ومن دون سابق إنذار تارة أخرى، وبحذر دائماً، ومن مميزات الحذر في الدعابة أنه يجعل النكتة أكثر حدة وأعمق معنى، وليست مجرد استراتيجية للتسلية. ظلت النكتة السياسية المصرية حاذقة حادة على مدار العقود، وحتى مع ضلوع منصات التواصل الاجتماعي، لا سيما “فيسبوك”، باعتباره أول المنصات جذباً لملايين المصريين قبل غيره مثل “إكس” و”إنستغرام” وغيرهما، احتفظت روح الدعابة والسخرية السياسية بحذاقتها. تشير الباحثة في كلية الإعلام في الجامعة الأميركية في القاهرة شيرين الشندي في أطروحتها بعنوان “الوظائف البراغماتية للفكاهة السياسية لمستخدمي (فيسبوك) المصريين” (2019) إلى انتشار الفكاهة والنكات بين مستخدمي “فيسبوك” المصريين كرد فعل على الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة، وليست كمجرد استراتيجية للتسلية، ولكنها منصة للرسائل غير المباشرة التي يتم التعبير عنها بحس دعابة مبطن، وكثيرون ممن يبتدعون النكات ذات الطابع السياسي على هذه المنصة يتجاوزون المعنى الحرفي للكلمات، وهو مزاح متعدد الأغراض، وإضافة لكونه متعة، يعتقد القائمون عليه أن لديه قوة إقناع”. نصف كيلو كباب كاد موظف المطعم يقتنع أن المتصل به هاتفياً بالفعل هو الرئيس، فالصوت صوته، والطريقة طريقته، والتعبيرات والكلمات هو وحده المعروف بها، المتصل بدلاً من أن يحدد طلبه، كيلو كباب نصف كفتة، أو حتى “رغيف حواوشي”، استرسل في الحديث عن مصر، وكيف أن على المصريين أن يتحملوا بعضاً من المصاعب حتى تمر الأزمة، ثم طلب نصف كباب وكفتة “لكل المصريين”. برع الشاب في تقليد صوت الرئيس لدرجة أن موظف المطعم سأله غير مرة “خايف تكون اللي (من) في بالي”، وفي النهاية، صارحه الشاب بأنه يقلد صوت الرئيس لأنه يحبه، ورد الموظف أيضاً بأنه يحب الرئيس، وضحك الجميع، ومعهم ما يزيد على 700 ألف شخص شاهدوا الفيديو، واتفق الجميع على أنهم “شعب ابن نكتة” مهما كانت الظروف قاسية أو المعيشة صعبة. وهذا تحديداً ما ذكره الكاتب ومتخصص الاقتصاد الراحل جلال أمين في مقال عنوانه “سلاح المصريين البتار” (2012) حين قال إن “المصري يحزن بلا شك للحادث المحزن، ويفهم الجانب المؤسف كل الفهم، ولكنه لا يستطيع أن يمنع نفسه من رؤية الجانب المضحك أيضاً، لذلك هو يطلق النكات حتى في أشد المواقف مأساوية”، بما في ذلك ما جرى من موجات سخرية وإطلاق نكات في أعقاب هزيمة يونيو (حزيران) 1967. وأشار أمين إلى أن “الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، عندما زادت سخرية الناس مما حدث في الخامس من يونيو، وانطلقوا يؤلفون النكت الحادة ويتداولونها بلا حدود، عبّر عن غضبه بصراحة في إحدى خطبه، وطالبهم بالكف عن التنكيت”، وأضاف أمين أن ذلك التنكيت ربما دفع الحكومة آنذاك إلى “توفير السلع الاستهلاكية في الجمعيات التعاونية في أعقاب الهزيمة، حتى لا تضاف أسباب اقتصادية للشكوى السياسية”. الشكوى على استحياء صار المصريون يعبرون عن شكواهم على استحياء حيناً لعلم البعض أن الحمل السياسي ثقيل والحلول ليست سهلة، وفي الخفاء حيناً لاستشعار البعض الآخر الخوف أو الحرج أو خليط من كليهما، لكن المسألة على منصات التواصل الاجتماعي مختلفة، حيث الحرج مرفوع والاستحياء تداويه الهويات التي يسهل إخفاؤها. مضامين ساخرة وتتعدد مجالات السخرية السياسية، وفي مقدمتها السخرية من القادة والحكام والمسؤولين الحكوميين، وكذلك من الأوضاع السياسية والاقتصادية السيئة، بل والسخرية من سلبية المواطن وضعفه أمام القادة والمسؤولين، وذلك بحسب دراسة أجرتها متخصصة الإعلام في جامعة القاهرة وسام نصر عن المضامين السياسية الساخرة في الـ”سوشيال ميديا” وقت التصويت في الانتخابات الرئاسية في 2018. وتشير نصر إلى أنه على العكس من المحتوى الإعلامي السياسي الرسمي، فإن مقاطع الفيديو الساخرة التي ينتجها مستخدمون عاديون لمنصات الـ”سوشيال ميديا” تقدم وجهات نظر غير مسموح بها في الوسائل التقليدية، لذلك ينظر لها باعتبارها أكثر تمثيلاً للمواطن العادي، وبالتالي أكثر قدرة على التأثير فيه سلباً أو إيجاباً. تظل السخرية السياسية في مصر تعبيراً عن واقع ما وانتقاده، لكنه تعبير ساخر لا ينجم عنه إلا الضحك، ويقول الكاتب الصحافي عادل حمودة في كتابه “النكتة السياسية” إن “الإنسان هو المخلوق الوحيد الذي يضحك، فالكلب يهز ذيله والحمار يحرك أذنيه والقرد يبرز أسنانه، أما الإنسان فيضحك، والضحك انفراد إنساني مثل الخبرة والتجربة والكذب وإطلاق الصواريخ واستعمال حبوب منع الحمل، لذلك يقال إنه حيوان يضحك ويضحك الآخرين”. الإنسان حيوان ضاحك الضحك في التنكيت السياسي أحياناً لا يؤدي إلى مزيد من الضحك أو اتساع رقعته، بل قد يستدعي تدخلات أمنية أو تحركات تأديبية أو كليهما، فلم يعد المصريون يسألون بعضهم البعض في الشارع عن آخر نكتة، ولم يعودوا يغمزون أثناء سرد النكتة، حيث “قالك” و”بيقولك” و”قالوا” تنفي عن المتحدث تهمة المسؤولية عما يرد في النكتة، والإشارة إلى كبار المسؤولين بضمائر الغائبين حماية إضافية. لم يعد المصريون يسألون بعضهم البعض عن آخر نكتة (أ ف ب) فقد تغيرت منصات السرد وأدواته، ولم تعد المسألة في حاجة إلى التوجه للمقهى أو الانخراط في جلسة لسماع “آخر نكتة”، وصارت متاحة بدقة زر. كذلك بات إضافة المزيد لها أو اقتطاع جزء منها متاحاً عبر تقنيات التحرير العنكبوتي. السنوات القليلة الماضية، وهي سنوات الأحمال والهموم الاقتصادية ذات الجوانب السياسية، شهدت خفوتاً في النكتة السياسية المصرية المقالة على الملأ، فلم تمت السخرية السياسية يوماً، لكنها خفتت تارة، وتوارت تارة أخرى، واتخذت لنفسها منصات بديلة لتقي نفسها احتمالات شرور التأويلات الأمنية. وأمنياً يصعب محاسبة أو معاقبة أو مساءلة مئات الأشخاص الذين يضخون فيديوهات ساخرة لمطرب هندي تصادف أن يكون صورة طبق الأصل لرئيس راحل، حتى لو شطح بهم الخيال أثناء “صناعة” النكتة ليتوهموا أن الراحل سيجيب على أسئلة شطط الأسعار وجنون الدولار وتخفيف الأحمال وسعر “كيلو البانيه”. آخر نكتة أما تقليد صوت الرئيس، أو طلب نصف كيلو كباب وكفتة “لكل المصريين”، أو حتى المطالب بفتح المجال لعودة برامج الفكاهة السياسية، فيمكن تفسيرها في ضوء “نظريات الفكاهة السياسية” المعروفة عالمياً، فهي إما صمام أمان للتنفيس عن المشاعر المكبوتة، أو بديلاً عن سبل التعبير السياسي التقليدي، أو طبيعة بشرية تميز شعوباً عن غيرها. يصف الكاتب خالد منتصر سخرية المصريين ونكاتهم اللاذعة تحت عنوان “سمعت آخر نكتة؟” أن “المصري خفة دمه حراقة، عليها شطة وبهارات، فيها صراحة الفلاح الفصيح ووجعه، إذ يسخر حتى من نفسه، ومن الموت، والنكتة عنده فلسفة وليست مجرد مقاومة أو مخدر، بل منبه، فهي كرغيف العيش، ترياق لخدوش على جدار الروح، وخفة الدم عنده فلسفة وليست مجرد هزار، مقاومة وليست (طق حنك)، نافذة تطل على عوالم أخرى فيها حق وخير وجمال، وغياب النكتة جرس إنذار”. اليوم تعود النكتة السياسية، بأشكال مختلفة ومنصات حديثة وأحياناً انطلاقاً من بلاد بعيدة بعد الهند والسند. المزيد عن: أبهيجيت بهاتاشاريامحمد حسني مباركالأزمة الاقتصاديةمصرالهند 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post الولايات المتحدة: “حماس” غيرت مطالبها في محادثات الرهائن next post أونتاريو: فشل اقتراح جديد في رفع الحظر عن ارتداء الكوفية في المجلس التشريعي You may also like “المشروعات الصغيرة”… ملاذ النساء للعمل في مصر 16 نوفمبر، 2024 كشف لغز الدب «مُخرب السيارات الفاخرة» 15 نوفمبر، 2024 إيلي صعب وسيلين ديون يجتمعان في ليلة فنية... 15 نوفمبر، 2024 ليس بالضرورة أن الطلاق يعني نهاية المحبة المتبادلة 7 نوفمبر، 2024 من هي ميلانيا ترمب فعلا وما الذي تكشفه... 3 نوفمبر، 2024 زواج كبار السن في الأردن بين الرعاية الصحية... 2 نوفمبر، 2024 علماء يعيدون بناء وجه “مصاصة دماء” عمرها 400... 1 نوفمبر، 2024 المصريون والكلاب… من أنوبيس حارس المقابر إلى كلب... 29 أكتوبر، 2024 الرجال أيضا يتعرضون للتحرش لكن النساء أعلى صوتا 20 أكتوبر، 2024 نصف حالات الزواج تنتهي بالطلاق في إيران 18 أكتوبر، 2024