تعد الرياضة من الوسائل الأساسية للحفاظ على الذاكرة والقدرات الذهنية (غيتي) تكنولوجيا و علوم “الخرف الرقمي”… آفة التكنولوجيا تصيب عقل الإنسان by admin 19 أبريل، 2025 written by admin 19 أبريل، 2025 17 زاد الاعتماد على الأجهزة في الحياة اليومية وحلت محل أنشطة عديدة تساعد على تعزيز الذاكرة والحفاظ عليها اندبندنت عربية / كارين اليان ضاهر صحافية لبنانية @eliane_carine منذ سنوات عديدة يسيطر العالم الرقمي على حياتنا اليومية ويدخل في تفاصيلها كافة. فمن منا يجد نفسه قادراً عن الابتعاد عن التطور التكنولوجي وكل ما يرتبط به؟ أصبح أثر التكنولوجيا والأجهزة الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي أكيداً على حياتنا، لذلك تتكثف الجهود والدراسات للكشف عن مزيد في هذا المجال. ومن الظواهر الحديثة التي ترتبط بهذا العالم حالة ترافق وجودها مع سيطرة وسائل التكنولوجيا على حياتنا، وهي “الخرف الرقمي”. حتى اللحظة يستمر الباحثون بمساعيهم لاكتشاف مزيد عنها، وذلك عبر التركيز على تأثير هذه الوسائل في الدماغ البشري في حال الاستهلاك المفرط لها. بين “الخرف الرقمي” والخرف المرتبط بالعمر يعد الخرف أكثر أمراض الشيخوخة شيوعاً، وتدل أرقام منظمة الصحة العالمية على تشخيص 10 ملايين حالة جديدة سنوياً حول العالم، ونسبة 60 في المئة منها في البلاد المنخفضة والمتوسطة الدخل. وقد بلغ عدد المصابين بالخرف حول العالم 55 مليون حالة. ونظراً إلى الانتشار الواسع للحالة وارتفاع معدلات الإصابة بالخرف قطع الباحثون شوطاً كبيراً في مجال الأبحاث والدراسات المتعلقة به، إلا أن هذا لا ينطبق على “الخرف الرقمي” الذي يعد من الظواهر الحديثة نسبياً لظهوره بموازاة انتشار وسائل التواصل الاجتماعي مع ارتباط الناس بصورة متزايدة بالتكنولوجيا. حتى اليوم كشفت دراسات عديدة عن تأثير العالم الرقمي في الدماغ البشري، وينطبق ذلك على الراشدين كما على الأطفال. لذلك حذر الباحثون مراراً من تأثير التكنولوجيا الكبير في القدرات الإدراكية في حال الإفراط في الاعتماد عليها. انطلقت هذه التحذيرات بصورة خاصة واتخذت المنحى الجدي قبل قرابة 15 عاماً قبل أن تأتي حتى كل الدراسات الحديثة لتؤكد صحتها وأحقيتها. حصل هذا عندما تحدث الباحث في علم الأعصاب والطبيب النفسي الألماني مانفريد سبيتزر عن “الخرف الرقمي”. فكشف آنذاك عن التغيرات التي تحصل على مستوى القدرات الإدراكية في حال المبالغة في استخدام التكنولوجيا. كثرة استخدام الأجهزة الإلكترونية في الحياة اليومية تهديد لذاكرة الإنسان (غيتي) وفق ما أوضحه رئيس قسم أمراض الجهاز العصبي في مستشفى “أوتيل ديو دو فرانس” (بيروت) حليم عبود فإن “ثمة دراسات تؤكد بالفعل العلاقة بين الاستهلاك المفرط للأجهزة الإلكترونية وتراجع القدرات الإدراكية، وبدأ الحديث عن الخرف الرقمي فعلاً من أعوام، إلا أنها لا تعد حالة معترفاً بها طبياً بغياب الدراسات الكبرى والعلمية التي يمكن الاستناد إليها. وهذا ما لا يسمح بتشخيصها بصورة رسمية. على رغم ذلك أصبح بالفعل متعارفاً على حالة الخرف الرقمي لاعتبارها أحد أنواع الخرف الذي يؤدي إلى ضعف في الذاكرة والقدرة على التركيز. وينتج ذلك من الاستعمال المفرط للوسائل الرقمية. وكانت أكبر دراسة قد تناولت هذه الحالة في دبلن قد قسمت المشاركين إلى قسمين، أحدهما يضم من هم دون سن 30 سنة، والثاني يضم من تخطوا سن 50 سنة. في نتيجة الدراسة تبين أن من هم دون 30 سنة راجعوا الهاتف لتذكر تفاصيل وأرقام طرحت عليهم بمعدلات كبرى بالمقارنة مع من تخطوا 50 سنة. هذا ما دل إلى أن هؤلاء تمتعوا بذاكرة أفضل وكانوا أكثر قدرة على تذكر أرقام الهواتف لأنهم لم يستخدموا الهواتف كما فعل من هم دون سن 30 سنة الذين واكبوا العصر التكنولوجي والرقمي سنوات أطول واعتمدوا على الأجهزة الإلكترونية واستخدموا ذاكرتهم بمعدلات أقل لحفظ التفاصيل”. تحديات على مستوى الذاكرة كما يبدو واضحاً في السنوات الأخيرة يواجه كثر تحديات على مستوى الذاكرة مع صعوبات في تذكر تفاصيل معينة واستعادة أمور في حياتهم اليومية مثل مكان وضع الهاتف أو مفاتيح أو أسماء أشخاص أو أماكن معروفة أو أرقام معينة. حتى إن كثراً يعبرون عن قلقهم حيال اضطرابات الذاكرة التي يعانونها، ومنها نسيان كلمات أثناء الحديث، ومواجهة صعوبات في التعبير عن الأفكار بصورة واضحة، إلى جانب ملاحظة التراجع في القدرة على التركيز. وهي أمور ربط باحثون بينها وبين الاستخدام المفرط للوسائل التكنولوجية ووسائل التواصل الاجتماعي، بوجود دراسات تثبت ذلك، خصوصاً أن هذه الأعراض ظهرت بالفعل بموازاة ظهور الأجهزة الإلكترونية، ومع الاستخدام المتزايد لها. بحسب عبود “لوحظ التراجع في القدرة على استعادة أرقام وتفاصيل بصورة خاصة لدى الأطفال والمراهقين، إنما أيضاً لدى الراشدين لاعتبارهم يشغلون الذاكرة ويعملون على تعزيز القدرات الإدراكية بمعدلات أقل لاعتمادهم أكثر على الهواتف والتكنولوجيا، عندما لا تستخدم الذاكرة تصبح ضعيفة، هذا ما يحصل مع كبار السن الذين يواجهون ضعف الذاكرة التدريجي مع مرور الزمن شيئاً فشيئاً، إلا أن مصطلح الخرف واسع جداً ولا يمكن حصره بهذا الإطار. فهو لا يقتصر على الذاكرة، بل يرتبط بالقدرات الإدراكية كافة والسلوكيات والعلاقات الاجتماعية والقدرة على التركيز وفقدان الاستقلالية، إضافة إلى الذاكرة. وهذه القدرات كلها تتأثر بالخرف وبداء ألزهايمر الذي يؤثر فيها. أما في الخرف الرقمي فما يتأثر بصورة خاصة هي الذاكرة، بالتالي لا يمكن الربط بصورة كاملة بين الخرف الرقمي والخرف المرتبط بالتقدم بالسن أو بداء ألزهايمر”. تعد الصلة بين ضعف الذاكرة والجلوس المطول أمام الشاشات منطقية لاعتبارها تؤدي إلى قلة ممارسة الرياضة وضعف العلاقات الاجتماعية وغيرها من الأنشطة التي تساعد على تعزيز القدرات الإدراكية والإمكانات الذهنية ومنها الذاكرة. فالعزلة وزيادة الوزن والتعلق الزائد بوسائل التواصل الاجتماعي والأجهزة الإلكترونية من العوامل التي تؤدي إلى تداعيات على مستوى القدرات الذهنية، حتى إن إحدى الدراسات أظهرت أن من يمضون أكثر من ست ساعات في اليوم أمام الشاشات هم أكثر عرضة للإصابة بالاكتئاب أيضاً، إضافة إلى تأثير ذلك في الذاكرة. وأشار عبود إلى وجود نوعين من الذاكرة (الذاكرة القريبة هي التي تستخدم في الحياة اليومية والذاكرة البعيدة، وهي تلك التي تضم تفاصيل وذكريات محفورة لا تزول بسهولة. وهذا ما يفسر أن مريض ألزهايمر ينسى أولاً التفاصيل المتعلقة بالذاكرة القريبة، لكن قد يتذكر تفاصيل تعود إلى سنوات إلى الوراء”، وينصح عبود بالاعتماد على التكرار في الحياة اليومية قدر الإمكان حتى تترسخ الأمور والتفاصيل في الذاكرة بصورة تصعب فيها خسارتها، “فبقدر ما تتكرر الأمور في حياتنا تصبح راسخة أكثر في الذاكرة وتدخل ضمن الذاكرة البعيدة التي ليس من السهل أن نخسرها. فيمكن تعلم كيفية حفر الذكريات في الذهن حتى تبقى راسخة مع مرور الزمن إلى أقصى الدرجات. فالمشكلة الأساس مع الخرف هي في الذاكرة القريبة التي يخسرها الإنسان، فيما يتذكر تفاصيل تعود إلى زمان مضى. وصحيح أن الذاكرة تتأثر في حالة الخرف الرقمي، وتحديداً الذاكرة القريبة أولاً، تماماً كما يحصل في حالات الخرف العادية، إلا أن القدرات الذهنية لا تقتصر على الذاكرة وحدها، بل هناك أمور أخرى كثيرة تتأثر تدريجاً في حالات الخرف المرتبطة بالتقدم بالسن، وهذا ما يميزها عن حالات الخرف الرقمي. فالخرف الذي بات معروفاً بفضل الدراسات والأبحاث المكثفة التي تناولته لا يرتبط بالذاكرة حصراً، بل يبدأ أثره عليها ليتطور لاحقاً إلى قدرات أخرى تتأثر به. فتتأثر أولاً الذاكرة والقدرة على التركيز، سواء في الخرف الذي يحصل مع التقدم بالسن أو في حالات الخرف الرقمي، قبل أن تتطور الأمور إلى قدرات ذهنية أخرى تتأثر في حالات الخرف المرتبط بالتقدم بالسن”. الإنسان لا يولد بذاكرة قوية وأوضح طبيب أمراض الجهاز العصبي أن الإنسان لا يولد بذاكرة قوية تميزه عن آخر يواجه مشكلة مع ذاكرته الضعيفة، “بل هو ينميها خلال حياته لتصبح أكثر قوة مع مرور الوقت بفضل أنشطة معينة ومهارات يكتسبها، وأيضاً باعتماده عليها بدلاً من الاعتماد على الأجهزة الإلكترونية بصورة تامة في حياته اليومية. بهذه الصورة تصبح الذكريات متينة وراسخة في الذاكرة وتصعب خسارتها في الظروف الصعبة ومع التقدم بالسن. وهذا تحديداً ما يتناقض مع الاستهلاك المفرط للأجهزة الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي التي تؤثر سلباً من النواحي كافة في الذاكرة أولاً وفي القدرة على التركيز بسبب الفترات الطويلة التي نمضيها عليها بدلاً من الاستفادة من الآثار الإيجابية لأنشطة أخرى تساعد على تنمية الذاكرة، ومنها الرياضة التي لها أثر واضح في هذا المجال، وهذا ما ينطبق على الراشدين والأطفال فالأثر هو نفسه على الجميع، ويفسر هذا تراجع القدرة على الحفظ وتذكر الأمور كما يبدو واضحاً اليوم، ومع تراجع مستويات الذاكرة ونسيان أمور بسيطة في الحياة اليومية وصعوبة استرجاع المعلومات وعدم تذكر المواعيد وتخزين المعلومات بالاعتماد على التكنولوجيا في الحياة اليومية يجد الإنسان نفسه عاجزاً ويواجه تحديات على مستوى الذاكرة بغياب هذه الوسائل”. انطلاقاً من ذلك تبرز أهمية الحد من الاعتماد على الأجهزة الإلكترونية في الحياة اليومية للوصول إلى المعلومات والاعتماد بمعدل أكبر على الذاكرة. في المقابل من المهم الاستمرار بالاعتماد على الذاكرة بصورة أساسية، والتركيز على الأنشطة التي تساعد على تنميتها وعلى ترسيخ المعلومات فيها عبر تكرارها يومياً وبصورة روتينية. ومن الأنشطة المهمة التي يمكن التركيز عليها لتحقيق ذلك، لاعتبارها تعزز مستويات الذاكرة والقدرات الذهنية والقراءة وممارسة الرياضة وتمضية فترات من الاسترخاء إلى جانب فترات أخرى للتسلية والخروج مع الآخرين لتعزيز العلاقات الاجتماعية وممارسة هوايات معينة. ويعد النوم بمعدلات كافية من الوسائل الأساسية بالنسبة إلى الإنسان للحفاظ على قدراته الذهنية ومستويات التركيز والذاكرة لديه. المزيد عن: الخرف الرقميألزهايمرالعصر الإلكترونيالذاكرةالعالم الرقمي 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post المستشرق بروفنسال يسبر كوامن الحضارة الإسلامية في إسبانيا next post «مايكروسوفت» تتصدى لـ1.6 مليون محاولة اختراق أمني في الساعة You may also like كرات الماء القابلة للأكل… بين ابتكار صديق للبيئة... 20 أبريل، 2025 تحديث «آبل» (iOS 18.4.1) يحل مشكلة «كاربلاي» ويغلق... 20 أبريل، 2025 «مايكروسوفت» تتصدى لـ1.6 مليون محاولة اختراق أمني في... 20 أبريل، 2025 ما اللغز الجيني وراء إصابة البعض بالتوحّد؟ 18 أبريل، 2025 جمانا الراشد في مؤتمر القدرات: التقنية تساعد ونحن... 15 أبريل، 2025 هلع في أوروبا من احتمال تفعيل أميركا “مفتاح... 15 أبريل، 2025 العالم ينطلق سريعا نحو “المدن الذكية” فكيف ستبدو... 15 أبريل، 2025 جلد ثلاثي الأبعاد قد ينهي عصر تجارب التجميل... 13 أبريل، 2025 مقبرة العملاق الأحمر… نجم يبتلع كوكبا بعد تآكل... 13 أبريل، 2025 خيال عليمي يصبح حقيقة… روبتات دقيقة ستساهم في... 12 أبريل، 2025