الإثنين, مايو 20, 2024
الإثنين, مايو 20, 2024
Home » أمريكا أم إيران… من الذي يعلم العراقيين ركوب الدراجة؟

أمريكا أم إيران… من الذي يعلم العراقيين ركوب الدراجة؟

by admin

 القدس العربي / هيفاء زنكنة /

تمر هذه الأيام ذكرى الغزو والاحتلال الأنكلو أمريكي للعراق عام 2003. يأتي مرورها، على الرغم مما سببته من كوارث، بشكل يكاد يكون تسللا في ظل انتشار وباء فايروس كورونا. قد يكون التسلل أو حتى النسيان ممكنا بالنسبة إلى العالم، إلا أنه يوم حُفر بأزميل من دماء الضحايا وخراب البلد في ذاكرة العراقيين على مدى 17 عاما؛ إذ لم يمر يوم دون أن يعيش المواطن انعكاساته الهائلة على حياته وعلى بلده وعلى المنطقة كلها.


حصدت سنوات الاحتلال من الأرواح ما يعادل أو ينافس الجزائر، بلد المليون شهيد، الذي تربينا على اعتباره مثلنا الأعلى في النضال والتضحية، كما يكاد يقترب من ضحايا المحتل الصهيوني بشهدائه ولاجئيه واستمرارية محاولات إخضاعه لكل ضروب الإبادة الجماعية. هذا من الناحية البشرية، وإذا ما راجعنا قائمة الخسائر المادية وخراب البنية التحتية، لوجدنا البلد الذي يزيد عدد شبابه على نصف السكان، ينوء بأثقال تحد من طموحاته وأحلام مستقبله، تاركة إياه مثل عجوز يجد صعوبة قصوى في التنفس والحركة والتفكير.

وإذا كانت سنوات الاحتلال قد شابها زيادة وتقليل عدد القوات الأمريكية أو قوات التحالف بقيادة أمريكا، على أرض البلد وسمائها، تحت مسميات متنوعة تراوح ما بين التدريب والاستشارة ومحاربة الإرهاب (المتمردين السنة، القاعدة، داعش) أو قوات التحالف كجزء من قوات حلف الناتو، فان ما أسست له سنوات الاحتلال، من طائفية وفساد ونهب للثروات، أعمق من مجرد تواجد القوات العسكرية أو عدم تواجدها. حيث اعتمدت لديمومة هيمنتها (المباشرة والناعمة) على نظام المحاصصة السياسية/ الطائفية الذي ما كان لقوات الاحتلال أن تبقى في العراق إلى يومنا هذا لولا اعتمادها عليه، متمثلا بأولئك الذين تحالفت معهم من العراقيين، المستعدين لبيع ولائهم للشيطان، وأقرب ما يكونون إلى المرتزقة في تأجير خدماتهم، بعيدا عن الوطن والوطنية، ما دام سيساعدهم على التخلص من عدوهم، ولأن للرغبة بالانتقام مذاق يماثل مذاق الدم للحيوانات الشرسة، إلا أنه غير مستساغ من قبل عموم البشر، تم تغليف تحالفاتهم بالديمقراطية وحقوق الإنسان.

وفرت سياسة المحتل الأمريكي المنهجية في القضاء على الدولة العراقية ومقوماتها الأرضية لتأسيس الأحزاب ذات الولاء الخارجي وللنمو السريع، كما الأعشاب الضارة، للميليشيات ذات الولاء الإيراني والمدعومة بأموال النفط العراقي، بينما يعيش شباب البلد وخريجوه في مستنقع الفقر المدقع والتهجير وغياب الخدمات الأساسية، من الماء الصالح للشرب إلى الصحة والسكن، التي تتمتع بها بلدان أقل ثراء من العراق بكثير، بشرط وجود حكومة وطنية تمثل الشعب.

على مدى 17 عاما، عمل تحالف الشيطان الأكبر والأصغر غير المعلن، بكل الطرق المختلفة، على إقناع الشعب العراقي أنه عدو نفسه، وأنه يحمل بداخله خطيئة العنف الأزلية، وان الحل الوحيد لإنقاذه هو إما قبول مشروع المخلص الحضاري (أمريكا) أو مشروع آية الله (إيران). صراع ومفاوضات أصحاب هذين المشروعين العلني داخل العراق حينا والسري حينا آخر، حسب مقتضيات مصلحتيهما منفردة أو مزدوجة، يقودان العراق إلى سيرورة هلاك لا مفر منه. وما عملية اغتيال الجنرال الإيراني قاسم سليماني، في العراق، ومن ثم تبادل حملات القصف الجوي والصواريخ بين أمريكا وإيران، في العراق أيضا، بالإضافة إلى زيادة عدد قوات الاحتلال الأمريكي، فضلا عن تمتع الميليشيات الموالية لإيران بحرية الحركة والفعل، غير استهانة بكرامة وحياة الشعب العراقي. سيرورة تحقيق أي نجاح من قبل المُحتَلَين يعتمد على مدى نجاح أي منهما بغسل أدمغة الناس، مسح الذاكرة وغرز البدائل. وهي سياسة قديمة قدم الاستعمار، أثبت التاريخ أنها قد تنجح لفترة قصيرة، إلا من الصعب أو المستحيل نجاحها على المدى البعيد. والمدى البعيد هو الذي تراهن عليه الشعوب الُمحتَلة لمقاومة الُمحتَل الذي يفوقها عسكريا وماديا وبشريا.

كان التشبيه المفضل لدونالد رامسفيلد، وزير الدفاع الأمريكي أثناء الغزو، هو الإشارة إلى العراقيين على أنهم أطفال يتعلمون ركوب الدراجة « كانت مهمتنا هي خلع عجلات التدريب والسماح لهم بتعلم الركوب بأنفسهم. المشكلة هي أننا ظللنا نأخذ عجلات التدريب في وقت مبكر جدا واستمرت الدراجة في التحطم». هذا المفهوم الاستعماري المتضمن أن العراقيين لن يتمكنوا من الدفاع عن المكاسب التي يحققها لهم الجيش الأمريكي، وبالتالي هم في حاجة إلى الوجود العسكري الأمريكي للدفاع عنهم، لا يختلف عن الموقف الإيراني الذي يرى أن إيران، من خلال ميليشياتها وفيلق القدس وقادته، هي منقذة العراق من الإرهاب الداعشي ـ الأمريكي ـ السعودي ـ الصهيوني، ولولا آيات الله وولاية الفقيه لما قامت للعراق قائمة.

هذه النظرة الدونية إلى الشعب العراقي، متشابهة في جوهرها، حتى لو كانت أمريكا هي الهر الأكبر وممارسات إيران داخل العراق هي مجرد خرمشات قط صغير، حسب ادعاء البعض.
بعد مرور 17 عاما على غزو واحتلال العراق، تتنافس أمريكا وإيران على الهيمنة عليه جوا وأرضا، عسكريا وثقافيا، جاذبة إليها أعضاء الحكومة والبرلمان، كل حسب مصلحته وولائه ودرجة فساده. خارج لعبة شد الحبل هذه وما يتمخض عنها، بين الحين والآخر، من سقوط قتلى بين الطرفين وضحايا عراقيين، يعيش الشعب، في ذكرى احتلال بلده، ولأول مرة، يوميات انتفاضة جماهيرية، بدأت في الأول من تشرين 2019 وحققت، حتى الآن، من المنجزات ما لا يمكن القضاء عليه، مهما حاولت قوى الاحتلال بشقيه الأمريكي والإيراني.

«لا أمريكا ولا إيران.. ولاؤنا للعراق»، الشعار الذي رفعه المنتفضون إثر القصف الأمريكي، منذ أيام على مواقع لحزب الله العراقي، هو معنى السيادة للوطن الذي يريده المنتفضون.

هو المكان الذي تشارك فيه المرأة الرجل على قدم المساواة في الواجبات والحقوق، حيث تتم مقاضاة القتلة والإرهابيين المسؤولين عن سقوط الشهداء، كل الشهداء، على مدى سنوات الاحتلال، بلا حصانة أو تمييز. وطن حيث تُفتح أبواب العمل للشباب، ويستعيد الناس ثروتهم المنهوبة، وحيث يعيش المواطنون المنهكون لكثرة ما مروا به من فواجع، على مدى عقود، أياما يتمتعون فيها بحقهم: الكرامة والحرية والعدالة التي يستحقونها.

 

 

You may also like

4 comments

зарубежные сериалы в хорошем HD качестве 22 مارس، 2024 - 11:52 م

Hi there! I just wanted to ask if you ever have any problems with hackers? My last blog (wordpress) was hacked and I ended up losing months of hard work due to no data backup. Do you have any solutions to prevent hackers?

Reply
бот глаз бога телеграмм 11 أبريل، 2024 - 12:41 ص

Do you have a spam issue on this website; I also am a blogger, and I was wanting to know your situation; many of us have created some nice procedures and we are looking to swap solutions with other folks, be sure to shoot me an e-mail if interested.

Reply
cs2 live casino websites 2024 8 مايو، 2024 - 3:24 ص

I’m gone to say to my little brother, that he should also go to see this website on regular basis to get updated from most recent reports.

Reply
Francisk Skorina Gomel state University 16 مايو، 2024 - 4:18 ص



Reply

Leave a Comment

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili