لقب البعض هذا الصحافي بـ_شيرلوك العصر الحديث_ (باشن بيكتشرز) لقب البعض هذا الصحافي بـ_شيرلوك العصر الحديث_ (باشن بيكتشرز) عرب وعالم ما يعني أن تكون على قائمة اغتيالات بوتين by admin 9 أبريل، 2025 written by admin 9 أبريل، 2025 26 خريستو غروزيف صحافي استقصائي أماط اللثام عن المتورطين في تسميم أليكسي نافالني وسيرغي ويوليا سكريبال، مما وضعه في خانة العداء مع الكرملين، كما يشرح جيمس جونز الذي يكشف فيلمه الوثائقي الجديد مقدار فظاعة الوضع اندبندنت عربية / جيمس جونز عندما تتخيل كيف يمكن أن تتلقى خبر إدراج اسمك على لائحة اغتيال وضعها أحد أشرس الزعماء الديكتاتوريين في العالم، قد لا يخطر لك أن يصلك الخبر وأنت تحمل بيدك كأس شمبانيا. لكن هذا ما حصل حرفياً – أو أقرب ما يمكن إلى ذلك – مع خريستو غروزيف، وهو صحافي استقصائي ذائع الصيت عالمياً كنت أصور فيلماً وثائقياً عن عمله على مدى أشهر، قبل أن يخبرني خلال حفل فاخر لتوزيع جوائز في نيويورك بأن فلاديمير بوتين يريد رأسه. كان الصحافي المولود في بلغاريا يثير المتاعب للكرملين منذ فترة طويلة – فمن خلال عمله الاستثنائي مع موقع بيلينغكات Bellingcat (شبكة صحافة استقصائية مقرها هولندا عمل فيها غروزيف من عام 2015 إلى 2023) كشف عن شبكة جواسيس وقتلة يعملون لمصلحة بوتين. كذلك كشف الرجل المعروف بلقب “شيرلوك العصر الحديث”، هوية المتورطين في تسميم زعيم المعارضة أليكسي نافالني كما تسميم سيرغي ويوليا سكريبال في سالزبيري، مما أكسبه إشادة واسعة عالمياً. ومع ذلك لم يتوقع أي منا أن تظهر لنا حقيقة الوضع القاتم بينما ينتظر باقي الحضور في الغرفة أن تملأ كؤوسهم من جديد. وقال لي ببساطة “لا يمكنني العودة إلى منزلي”، إذ جاء في الرسالة التي وصلته أنه وفقاً لمعلومات استخباراتية، سيجد “فريقاً موكلاً بالقتل” بانتظاره عند عودته إلى الديار في فيينا، النمسا. لقد انقلبت الأدوار وأضحى الصياد فريسة. قبل أن يأتي وقت أصبح فيه غروزيف من أكثر الرجال المطلوبين بالنسبة إلى بوتين، كنت ألاحقه بالكاميرا طوال أكثر من عام. وكنا نعمل على وثائقي بعنوان “على قائمة الاغتيال: مطارد من جواسيس بوتين” Kill List: Hunted by Putin’s Spies بدأ باعتباره قصة عن موقع “بيلينغكات”. كان فريق الموقع يقوم بعمل استثنائي لا مثيل له من تقص للحقائق من طريق المصادر المفتوحة [الأدوات المتاحة للجمهور العريض على شبكة الإنترنت] بغية تحديد هوية القتلة والجواسيس الذين يعملون لمصلحة الديكتاتور داخل أوروبا، ورصدهم وكشفهم، لكن على امتداد الأعوام الثلاثة التي عملنا فيها على تصوير الوثائقي، تجاوز الفيلم هذا الإطار المحدود. فبدلاً من شرح طبيعة برنامج التسميم، تغير السرد الذي قدمناه واتخذ مسار شرح الأخطار التي قد تواجهها عندما ترفع الصوت ضد النظام – من تهديدات وخوف وكلفة إنسانية تتكبدها عندما تخاطر بنفسك في سبيل كشف الحقيقة. منذ البداية، اتخذنا إجراءات أمنية مشددة – بدأت قصتنا مع مبلغ عن الفساد [شخص يكشف عن أعمال غير قانونية] كانت بحوزته أسرار دولة وخاطر بكل شيء كي يفضح أمر برنامج التسميم الذي أمر به بوتين. تواصلنا عبر تطبيقات مشفرة باستخدام الرموز، وعملنا من داخل غرفة أقرب إلى مخبأ، منفصلة عن باقي مكتب الإنتاج. وبصراحة، بعد فترة، ما جال بفكري هو أن هذا ضرب من السخافة. وأقنعت نفسي تقريباً بأننا نبالغ في تصرفنا، وألا أحد مهتم كثيراً بعملنا. تشعر كأنك ممثل في فيلم جاسوسية، لكن بعد ذلك، اعتقلت الشرطة أعضاء من خلية تجسس بلغارية يسكنون في المملكة المتحدة، وعندها تحول الوضع بكل تفاصيله إلى واقع. في نيويورك، وبعد يوم من حفلة توزيع الجوائز، كان الوضع طبيعياً بشكل مخيف. لا ريب في أن غروزيف اضطرب كثيراً، من دون شك، لكننا فكرنا بكل سذاجة أن الأمور قد تحل في غضون أسبوع أو ما شابه، إذ لم ندرك حينها حجم المؤامرة. كنا قد اعتدنا على نمط التصوير بحلول ذلك الوقت، ولذلك أعتقد أن وجودي سهل عليه تقبل فكرة أنه لن يسعه المخاطرة بالعودة إلى فيينا حيث كانت تنتظره زوجته وأطفاله، وليس لأنه لم يكن يقدم تضحيات جسيمة بل لأن ذلك لطف الواقع بشكل من الأشكال – إذ إن كل شيء يحدث من خلال عدسة. الصحافي البلغاري يثير غضب الكرملين منذ فترة (باشن بيكتشرز) ومع ذلك ظل متيقظاً. حمل على هاتفه تطبيقاً سمح له بتفقد غرف الفنادق، بحثاً عن أجهزة تنصت. حاول أحياناً أن يتنكر لكن تنكره كان دائماً سيئاً جداً – إذ كان يضع شعراً مستعاراً بشعاً جداً ونظارات شمسية لم تخفه بقدر ما جعلته يبرز أكثر. وحرص على استخدام تطبيقات مشفرة بإحكام للعمل مثل “سيغنال“، كما سافر في بعض المرات تحت اسم مستعار. كانت مستويات القلق لديه تفوق التصور. وهو يقول في الفيلم الوثائقي إنه قصد طبيباً أخبره أنه لم ير يوماً هذا الشكل من الضغط الهائل المتواصل من دون تغيير في جسم أي شخص. بعد فترة وجيزة من اكتشافنا أن غروزيف لن يتمكن من العودة إلى دياره، اتصل بوالده الذي عبر عن قلقه طبعاً، مثلما فعلت زوجته وأطفاله. وفي هذه اللحظات التي بدأت فيها التبعات الشخصية الجسيمة بالظهور، أدركت فعلاً كل ما تخلى عنه غروزيف في سبيل البحث عن العدالة. وفيما يراه باقي الكوكب نجماً عالمياً في سماء الصحافة الاستقصائية، لا شك أن عائلته لا تشارك هذا المنظور. فبالنسبة إليهم، هو الأب – لكنه أب لا يستطيع أطفاله رؤيته. “انظر إلى الفوضى التي صنعتها يداك” – هذا ما قالته له زوجته – التي لا يزال مزاجها جيداً على نحو لافت – عبر الهاتف، لكن للأسف، كان القادم أسوأ. بعد مرور ثلاثة أسابيع على ظهور اسمه على لائحة اغتيالات بوتين، ما عاد والده يرد على الهاتف. كثيراً ما كان والد غروزيف مؤثراً جداً في حياته – فيما عرفته والدته إلى إذاعة أوروبا الحرة (التي كانت محظورة قانوناً) عندما كان بعمر التاسعة، فهو يصف والده بـ”المتمرد” – أي معاد للمؤسسة الحاكمة وهيبي بعض الشيء. وقال لي غروزيف على الكاميرا بعدما عثر على والده ميتاً في النهاية “كان الشخص الوحيد الذي افتخر جداً بعملي” – وفيما لم تظهر أي شبهة جنائية في وفاته، لكن خلال مرافعات المحكمة الجنائية في لندن لاحقاً تبين أن الجواسيس اكتشفوا موقع منزل والده، وقد أثيرت هذه النقطة. وتعامل الرجل مع فقدان والده وشعوره بالذنب من خلال انهماكه بالعمل كعادته. كثيراً ما أراد أن ينال من بوتين لكن المسألة أصبحت شخصية للغاية الآن. كلما ظهرت تفاصيل جديدة عن القصة، وجدتها مفاجئة أكثر. أُسس موقع بيلينغكات عام 2014 على يد هاوي الصحافة والتحقيقات الإلكترونية إليوت هيغينز، وهو يستخدم بذكاء المعلومات المنشورة علناً على الإنترنت من أجل التحقيق في مناطق النزاعات وانتهاكات حقوق الإنسان وطبعاً عالم الجريمة. عندما انضم غروزيف إلى الموقع، طور عمله أكثر لأنه يفهم بشؤون الإنترنت المظلم (شبكة دارك ويب) وسوق البيانات الروسية السوداء التي تضم سجلات الهاتف أو سجلات جوازات السفر أو مخالفات ركن السيارات أو أي شيء آخر. وجد غروزيف أن غالبية المجرمين الذين يلاحقونه لم يكونوا جواسيس روساً “محترفين”، بل مجرد مجرمين مأجورين. وهو أمر مطمئن بعض الشيء – وإن بدا ذلك غريباً من الخارج: فهؤلاء الأشخاص لن يجلبوا سم نوفيتشوك ليضعوه على قبضة الباب [كما حصل في حالة سكريبال]. إنما ذلك لا يعني أنهم غير خطرين. فهم مسلحون بموارد ممتازة ومعدات متطورة وأهدافهم مظلمة جداً. وإن كان من المتاح استخدام المال لجعل المجرمين يرتكبون أعمالاً سيئة أينما كان وكيفما اتفق، فمن الأصعب بكثير على أشخاص مثل غروزيف أو الشرطة أن يتصدوا لهذا الخطر. إذ إننا نعلم من خلال مراسلاتهم مثلاً، أن أول مرة صورنا فيها غروزيف، عرف الجواسيس أنه قادم فور قيامه بحجز تذكرة السفر إلى لندن. ولأننا لا نملك كل رسائلهم، لا نعلم إذا ما تعقبوه من المطار وصولاً إلى مكان لقائنا، لكنهم كانوا مطلعين على تحركاته وهذا أمر مؤكد. وكانوا يعرفون من ثم ما كنا نفعله أيضاً – وما كنت أنا أفعله. “فكرت: هذا الأمر سخيف بعض الشيء… ثم استحال كل شيء حقيقة” (باشن بيكتشرز) لكن لم يساورني أي خوف على سلامتي. في إحدى المرات، بعد اعتقال ثلاثة أعضاء من شبكة التجسس البلغارية في المملكة المتحدة، بتهمة التجسس لمصلحة روسيا، اكتشفت تفصيلاً مرعباً. لسبب غريب، كتب هؤلاء الجواسيس تقييمات لكل رحلاتهم تقريباً على “غوغل”. لذلك عندما كانوا يرصدون تحركات غروزيف في فالنسيا أو فيينا، كانوا يكتبون تقييماً. أحد هذه التقييمات التي رأيتها كانت شكوى لعدم وجود مناشف جديدة في المكان، مثلاً. وفكرت أنه محال أن يكونوا بهذا الغباء، فلا بد من وجود سبب يبرر هذه التصرفات، من قبيل التواصل بالرموز أو ما شابه. لكن من دواعي الغرابة أنه قبل يومين من توقيف الجواسيس، كتب تقييم لصالون تجميل يبعد أقل من دقيقة عن منزلي. ربما لم ترتد الجاسوسة المكان، وإن ارتادته، فربما لا يتعلق الأمر بي أبداً. لكن لا شك في أن الموضوع استوقفني وشعرت أنها أكثر من مصادفة. لا يزال غروزيف يتابع نشاطه، بكل شجاعة. ومع بث هذا الوثائقي، آمل أن يعي مزيد من الناس براعته وتثار نقاشات أكثر حول هذا الموضوع. ربما يعتقد المرء أن أي فيلم رسالته هي أن “بوتين شخص سيئ” لا يقدم أي جديد، لكنني أعتقد أنه في ظل كل ما يحدث في العالم حالياً، وإعادة الترحيب تقريباً ببوتين في عداد الدول المتحضرة – وتقارب ترمب منه – يعد هذا الفيلم مهماً. لم أعد نفسي يوماً مخرجاً ناشطاً لحقوق الإنسان مع أنني عملت على مواضيع مشحونة سياسياً من قبل مثل حرب المخدرات في الفيليبين أو معاناة أطفال غزة التي تفوق الوصف، أو كارثة تشيرنوبيل التي تناولتها منذ فترة قريبة، لكن إن كان العالم في حاجة إلى تذكيره مرة جديدة بأن بوتين قاتل متوحش ومجرم حرب – فالآن هو وقت التذكير. نص الحوار مع زوي بيتي عرض الوثائقي “على قائمة الاغتيال: مطارد من جواسيس بوتين” على القناة الرابعة، كذلك تعرض النسخة المطولة منه بعنوان “الترياق” Antidote في دور سينما مختارة © The Independent المزيد عن: خريستو غروزيفعمليات القتل الروسيةأليكسي نافالنيسيرغي سكريبالالصحافة الاستقصائية 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post بقاء النظام الإيراني رهن بالتفاوض مع أميركا next post تقرير: “حزب الله” مستعد لمناقشة مستقبل سلاحه إذا انسحبت إسرائيل You may also like دلالات سعي إيران إلى التقارب الدبلوماسي والعسكري مع... 18 أبريل، 2025 هل تقود جامعة هارفارد أول تمرد كبير ضد... 18 أبريل، 2025 كواليس جلسة استجواب المشنوق في ملف انفجار مرفأ... 18 أبريل، 2025 قطع شريان التمويل عن “حماس” يشل بنيانها التنظيمي 18 أبريل، 2025 مصر تتراجع سكانياً… وعي مجتمعي أم ضغوط معيشية؟ 18 أبريل، 2025 مصر تجد نفسها في فوهة “فتوى” الجهاد المسلح 18 أبريل، 2025 طوفان آخر من الشرق… “خلية الأردن” بحسب إسرائيل 18 أبريل، 2025 تقرير: محامي الملكة إليزابيث أدار ثروة رفعت الأسد... 18 أبريل، 2025 القاضي الفيدرالي جيمس بواسبرغ.. كابوس ترامب 18 أبريل، 2025 هكذا نقل الأسد الأموال والوثائق السرّية والمقتنيات الثمينة... 18 أبريل، 2025