تسجيل حالات موثقة طبياً من _رئة الفشار_ مرتبطة باستخدام السجائر الإلكترونية (غيتي_ آي ستوك) صحة “رئة الفشار”… داء بلا دوء يصيب مدخني السجائر الإلكترونية by admin 21 مايو، 2025 written by admin 21 مايو، 2025 10 يحظى هذا النوع من التدخين بشعبية متزايدة في أوساط المراهقين والشباب، لكن نكهاته المحببة التي تحاكي مذاق الفاكهة والسكاكر تخفي مواد كيماوية شديدة السمية تدمر الرئتين اندبندنت عربية / دونال أوشيا – جيري ماكلفاني دونال أوشيا بروفيسور في الكيمياء في “جامعة الطب والعلوم الصحية” التابعة لـ”الكلية الملكية للجراحين في إيرلندا” RCSI وجيري ماكلفاني بروفيسور في الطب في الجامعة نفسها. ورد في تقارير نشرت أخيراً إصابة مراهق أميركي بحالة طبية غير مألوفة تسمى “رئة الفشار” popcorn lung، وذلك بعد استخدامه السجائر الإلكترونية أو “الفايب” vape بصورة سرية طوال ثلاث سنوات. “التهاب القصيبات المسدودة” bronchiolitis obliterans كما يعرف علمياً، هو داء نادر، ولكنه خطر ولا شفاء منه، يلحق الضرر بالممرات الهوائية البالغة الصغر في الرئتين، متسبباً بالسعال المستمر، والصفير عند التنفس، وشعور مستمر بالإرهاق وضيق في التنفس. ظهر مصطلح “رئة الفشار” في أوائل القرن الـ21، بعدما أصيب عدد من عمال مصنع لفشار الميكروويف بمشكلات رئوية خطرة نتيجة استنشاقهم المادة الكيماوية “ثنائي الأسيتيل” diacetyl، علماً أنها المكون نفسه المستخدم لإعطاء هذا النوع من الفشار نكهته الغنية بطعم الزبدة. “ثنائي الأسيتيل”، أو “2،3-بيوتانيديون” 2,3-butanedione هو عامل نكهة يتحول إلى مادة سامة عند استنشاقه، ويسبب في هذه الحالة التهاباً وتندباً في القصيبات الهوائية (أصغر التفرعات داخل الرئتين) [فتفقد هذه الممرات مرونتها وتصبح أقل قدرة على التمدد والانكماش]، مما يعوق مرور الهواء عبرها تدريجاً. والنتيجة: تلف رئوي دائم لا شفاء منه، وغالباً ما يؤدي إلى عجز تنفسي مزمن. استخدام مادة “ثنائي الأسيتيل” في السجائر الإلكترونية ممنوع قانونياً في دول الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، ولكن ليس في الولايات المتحدة وبعض الدول الأخرى التي لا تفرض حظراً مماثلاً. أضف إلى ذلك أن السجائر الإلكترونية غير القانونية التي لا تلتزم بالمعايير التنظيمية منتشرة على نطاق واسع. علاوة على “ثنائي الأسيتيل”، تسهم مواد كيماوية سامة أخرى في الإصابة بداء “رئة الفشار” أيضاً، من بينها مجموعة المركبات الكيماوية المتطايرة المعروفة بـ”الكربونيلات” carbonyls، مثل “الفورمالديهايد” formaldehyde و”الأسيتالديهيد” acetaldehyde، وقد رصدت التحاليل المخبرية وجود هاتين المادتين في أبخرة السجائر الإلكترونية أيضاً. أما الجانب الأكثر إثارة للقل هو أنه لا يتوفر علاج لـ”رئة الفشار”. فمبجرد حدوث التلف الرئوي وتدهور قدرتهما على أداء وظيفتهما، تقتصر التدخلات الطبية على تخفيف وطأة الأعراض وتأثيرها في الحياة اليومية للمريض. ويشمل ذلك موسعات الشعب الهوائية في الرئتين، والستيرويدات، وفي الحالات المتقدمة من المرض تصبح زراعة الرئة ضرورية. لهذا السبب، الوقاية، وليس العلاج، تبقى الوسيلة الأفضل للحماية. ولكن مع ذلك فإن الوقاية ليست بالأمر السهل بالنسبة إلى الشباب الذين يدخنون السجائر الإلكترونية. فخ السجائر الإلكترونية معلوم أن التدخين الإلكتروني يحظى بشعبية كبيرة بين أوساط المراهقين والشباب، ربما لأن السوق تغص بآلاف الأنواع من منتجات الفايب” ذات النكهات الجذابة، من مذاق علكة الفقاعات (bubblegum) إلى حلوى القطن (غزل البنات) مروراً بالآيس كريم بطعم المانغو، ولكن هذه الطعمات التي تحاكي مذاق الفاكهة والسكاكر تخفي مواد كيماوية مضرة. فالسائل الإلكتروني قد يحوي النيكوتين، لكنه يضم أيضاً مزيجاً كيماوياً مصمماً لجذب المستخدمين. واللافت أن عديداً من المواد المنكهة المستخدمة في هذه السوائل معتمدة للاستخدام الغذائي، لكن ذلك لا يعني أنها آمنة عند استنشاقها. وتكمن الخطورة في الفارق التالي تحديداً: عند تناول المواد الكيماوية، تمر أولاً بنظام دفاعي طبيعي يبدأ بالجهاز الهضمي فيما يعمل الكبد على فلترة جزء كبير منها قبل أن تدخل مجرى الدم. هكذا، تقلل هذه الرحلة من الضرر المحتمل الذي تنطوي عليه هذه المواد. أما عند استنشاقها، فإنها تتجاوز تماماً نظام الفلترة الدفاعي هذا، وتذهب مباشرة إلى الرئتين، ومنهما مباشرة إلى مجرى الدم، لتصل خلال ثوانٍ إلى أعضاء حيوية مثل القلب والدماغ. ولهذا السبب كانت الإصابات التي تحدثنا عنها سابقاً في مصنع فشار الميكروويف مأسوية جداً. هل تناول الفشار بنكهة الزبدة آمن؟ طبعاً. ولكن استنشاق المادة الكيماوية التي تمنحه طعم الزبدة يتسبب بضرر مدمر على صحتك. التعقيد الكيماوي في السجائر الإلكترونية تتسم التركيبة الكيماوية في السجائر الإلكترونية بدرجة كبيرة من الغموض والضبابية [في ظل غياب معايير واضحة]. صحيح أن مادة “ثنائي الأسيتيل” البالغة الضرر غير موجودة في بعض السجائر الإلكترونية، غير أن بدائلها مثل “الأسيتوين” و”2،3-بنتانيديون”، تكون ضارة بالقدر نفسه. وفق تقديرات الخبراء، يستخدم اليوم أكثر من 180 مادة منكهة متنوعة في منتجات السجائر الإلكترونية اليوم. عند تعرضها للحرارة، يتحلل كثير منها إلى مركبات كيماوية جديدة، بعضها لم تختبر سلامته للاستنشاق على الإطلاق، وهو ما يبعث على قلق كبير. تدخين السجائر الإلكترونية شائع جداً بين المراهقين والشباب (أ ب) على رغم أن الأخطار الدقيقة لاستنشاق هذه المواد لا تزال غير معروفة بالكامل، فإن هناك حالات موثقة طبياً لمرض “رئة الفشار” ارتبطت باستخدام السجائر الإلكترونية. ولما كانت رئات المدخنين تتعرض لكثير من المواد الكيماوية، من الصعب إثبات أن “ثنائي الأسيتيل” وحده هو السبب المباشر في أي حال محددة، ولكن مع ذلك لا ينفي هذا الواقع الأخطار المثبتة الناجمة عن استنشاق هذه المادة. حتى وإن لم يكن “ثنائي الأسيتيل” السبب الوحيد وراء “رئة الفشار”، فإن التعرض التراكمي لمواد كيماوية متعددة ومواد إضافية ناتجة من الاحتراق والتحلل يفاقم خطر الإصابة بهذا الداء وغيره من أمراض الجهاز التنفسي. تنعكس هذه المأساة في قصة مراهقة أميركية أصيبت بالمرض. تذكرنا حالتها بـ”أزمة إيفالي” (Evali crisis) عام 2019 (إصابة الرئة المرتبطة باستخدام السجائر الإلكترونية أو منتجات الفايبينغ)، والتي أسفرت عن 68 وفاة وأكثر من 2800 حالة دخول إلى المستشفى في الولايات المتحدة. وقد ربطت الفحوص الطبية هذا التفشي في النهاية بـ”أسيتات فيتامين هـ”، علماً أنه مادة تستخدم لزيادة لزوجة السائل في بعض منتجات “الفايبينغ” التي تحوي القنب. وعند تعرضه للحرارة، ينتج غازاً شديد السمية يسمى “الكيتين” ketene. وتدق الدراسات الحديثة ناقوس الخطر في شأن تأثير “الفايبينغ” على صحة الجهاز التنفسي لدى الشباب. وجدت دراسة شملت دولاً عدة أن المراهقين الذين يستخدمون السجائر الإلكترونية يواجهون أعراضاً تنفسية متزايدة، حتى بعد استبعاد تأثير تدخين السجائر العادية. وتبين أن بعض النكهات، وأملاح النيكوتين، والاستخدام المتكرر، تسهم في ظهور هذه الأعراض. ما الذي يعنيه كل ذلك؟ الرسالة واضحة وهو أن التاريخ يعيد نفسه. فكما أدت معاناة عمال مصانع الفشار إلى إعادة النظر في معايير السلامة المهنية، فإننا اليوم في حاجة ملحة إلى تشريعات وتنظيمات مماثلة لحماية مستخدمي السجائر الإلكترونية – وبخاصة الجيل القادم. دروس الماضي لحماية المستقبل ربما يبدو الفشار والتدخين الإلكتروني عالمين مختلفين تماماً، ولكنهما يرتبطان بخيط مشترك: التعرض لمواد كيماوية يستنشقها المستخدمون على رغم أنها تلحق الأذى بالرئتين لأنها مصنوعة أصلاً بما يتماشى مع الجهاز الهضمي وليس التنفسي. عليه، الخطر لا يكمن في المواد الكيماوية نفسها عند تناولها، بل في التغيرات التي تطرأ عليها عند التسخين، ثم استنشاقها ودخولها إلى الرئتين. هكذا، إذا طبقنا دروس السلامة الصناعية على عادات التدخين الإلكتروني اليوم، خصوصاً بين الشباب، يمكننا أن نتفادى تكرار الأخطاء نفسها. صياغة قوانين تنظيمية، ووضع ملصقات واضحة، وخضوع المكونات لتحاليل مخبرية أكثر دقة، إضافة إلى الحملات التوعوية… تساعد كلها في تقليص الأخطار. إلى أن يتحقق ذلك، تبقى حال المراهقة الأميركية المذكورة آنفاً وغيرها من إصابات بمثابة تذكير لنا بأن السجائر الإلكترونية، على رغم نكهاتها المطعمة بمذاق الفاكهة وتصميمها العصري الأنيق، ليست خالية من العواقب. وأحياناً، الأشياء التي تبدو غير ضارة قد تترك في الجسد ضرراً يدوم مدى الحياة. تم تحديث هذه المقالة لتشمل تفاصيل حول أماكن توافر السجائر الإلكترونية التي تحوي “ثنائي الأسيتيل”، وكيفية ارتباطهما بالأخطار الصحية. نشرت هذه المقالة للمرة الأولى على الموقع الإلكتروني “ذا كونفرزيشن” وأعيد نشرها هنا بموجب المشاع الإبداعي. © The Independent المزيد عن: رئة الفشارالسجائر الإلكترونيةمنكهاتضرر رئويأمراض الرئةالوقايةالفايبصحة الرئتينالمركّبات الكيماويةالنظام المناعي 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post باريس عازمة على الاعتراف بفلسطين: الوضع لا يحتمل next post 9 طرق يمارس فيها الذكاء الاصطناعي التمييز ضد النساء You may also like اختفاء كروموسوم «واي» الذكري… واعتلال صحة الرجال 19 مايو، 2025 الكشف المبكر لمرض الزهايمر أصبح ممكنا 18 مايو، 2025 لقاحات فيروس نقص المناعة البشرية تظهر نتائج واعدة 18 مايو، 2025 مكون شائع بمشروبات الطاقة قد يفاقم خطر سرطان... 18 مايو، 2025 يجب التفكير مليا قبل استعمال “أوزمبيك” 15 مايو، 2025 هل يسبب التصوير الشعاعي الإصابة بالسرطان؟ 15 مايو، 2025 أساطير علاج السرطان بالطرق البديلة 13 مايو، 2025 هرمونات الجنس… «هرمونات دماغية» 12 مايو، 2025 “باركنسون” قد لا ينتظر الشيخوخة 10 مايو، 2025 خاصة فوق سن الثلاثين…7 علامات تحذيرية لسرطان المبيض... 9 مايو، 2025