الأحد, نوفمبر 24, 2024
الأحد, نوفمبر 24, 2024
Home » الأمومة المتأخرة صيحة عصرية محفوفة بالسلبيات

الأمومة المتأخرة صيحة عصرية محفوفة بالسلبيات

by admin

 

تقنيات متطورة تسمح للمرأة بحلم الإنجاب مع تقدم العمر لكن يظل خطر المشكلات الصحية قائما مع اهتزاز العاطفة تجاه الطفل

اندبندنت عربية / كارين اليان ضاهر صحافية لبنانية @eliane_carine

لو عدنا بالزمن للوراء فيمكن أن ندرك أن معدلات الإنجاب في سن باكرة كانت مرتفعة بصورة خاصة نتيجة الزواج في أعمار صغرى، أما اليوم فتتجه الأمور لتتخذ منحى معاكس مع تأخير سن الزواج والإنجاب، وهذا ما يطرح إشكالاً مختلفاً مع طرح مسألة الأمومة المتأخرة، إذ تعددت الوسائل والتقنيات المتطورة التي تساعد المرأة في تحقيق حلم الأمومة، لكن في الوقت نفسه يترتب على الإنجاب في سن متأخرة، كصيحة أكثر رواجاً، تداعيات سلبية بحسب المتخصصين، وإن كان لها منحى إيجابي لا يمكن التغاضي عنه.

حالياً تتكرر تجارب الأمومة المتأخرة في مجتمعاتنا لتؤكد أن حلم الأمومة يراود المرأة في مختلف مراحل الحياة، وتسعى إلى تحقيقه مهما طال الزمن، وبغض النظر عما إذا كان يحمل معه بعض السلبيات.

أمومة في الـ 50

بالنسبة إلى السيدة نهاية فاضل تحقق الأمر في عمر 51 سنة بعد تحديات كثيرة استمرت أعواماً، وهذا التأخير في الإنجاب والصعوبات التي واجهتها، ولم تنهها يوماً عن السعي إلى تحقيق حلم أن تحمل طفلها في يوم من الأيام بين ذراعيها، وبعد إنجابها طفلتها قالت في حديثها لـ “اندبندنت عربية” إنها تزوجت منذ 10 أعوام، وحاولت خلالها مراراً اللجوء إلى تقنيات التلقيح الاصطناعي وعمليات طفل الأنبوب من دون جدوى.

وعلى رغم تكرار التجارب الفاشلة بالنسبة إلى السيدة نهاية فلم تفقد يوماً الأمل بأن تحقق حلم الأمومة، فبعد فترات من الخيبة واليأس وصولاً إلى حالات اكتئاب مرت بها، كانت تزداد إصراراً على تحقيق هذا الحلم، وبقيت تأمل بأن تعيش تجربة الأمومة في يوم من الأيام متسلحة بالإيمان والصبر، وبعد انتقالها من طبيب إلى آخر وخضوعها إلى علاجات عدة تسببت في مشكلات في الإباضة لديها، توقفت عن تلقي العلاجات خلال عامين، خصوصاً أنها في ظل الأزمة داخل البلاد تراجعت إمكاناتها المادية، ولم تعد قادرة على الإنفاق أكثر بعد على علاجات الخصوبة وعمليات طفل الأنبوب إلى أن أرشدتها إحدى صديقاتها إلى طبيب كان الملجأ الأخير بالنسبة إليها، وقد خضعت لديه إلى علاج مدة ثلاثة أشهر مع علاج للإباضة سحبت بعدها البويضات وحصل التلقيح، ليتبين على إثرها أنها حامل بطفلتها “رقية” التي ولدت اليوم لتدخل الفرح إلى قلب أمها بعد طول انتظار، وبعد تجارب فاشلة متتالية ومخاوف عدة.

يراود حلم الأمومة المرأة في مختلف مراحل الحياة وتسعى إلى تحقيقه مهما طال الزمن (غيتي)

مع ولادة طفلتها عاشت فاضل لحظات لا توصف من السعادة لأنها انتظرت طويلاً، وتخللت تجربتها كثيراً من الخيبة واليأس أحياناً، أما كونها تنجب في سن متأخرة فليس مصدراً للقلق لها أبداً طالما أن حلم الأمومة تحقق بالنسبة إليها، وكل ما سيأتي لاحقاً يعتبر سهلاً لها في مقابل كل الصعاب التي مرت بها، ويكفي أن طفلتها ولدت معافاة ولا تعاني أية مشكلة، وهذا ما كان مصدر القلق الأساس بالنسبة إليها.

تقنيات متطورة لكن الخطر موجود

تكثر حالياً التقنيات المتطورة التي تسمح بتحقيق حلم الأمومة للمرأة ولو في سن متأخرة، وهي قادرة بالفعل على تحقيق نتائج لافتة في هذا المجال، ويوضح طبيب الجراحة النسائية والتوليد الدكتور ريشار خراط أن الزواج كان يحصل في سن باكرة في السابق، أما اليوم فأصبح متأخراً مع ميل المرأة إلى تحقيق ذاتها قبل الزواج والإنجاب، فهي تعمل وتؤسس لحياة مهنية تحرص عليها، ولم يعد الزواج في سن باكرة هدفاً لها في الحياة، ولذلك أصبح معدل سن الزواج في لبنان والعالم العربي 35 سنة، لكن في مقابل تحقيق المرأة ذاتها على الصعيد المهني، ففي المرحلة التي تقرر المرأة الزواج والإنجاب هناك ثمن يجب أن تدفعه مع احتمال خسارة فرصة تحقيق حلم الأمومة، فالمشكلة الأساس التي تواجهها هي تراجع معدل الخصوبة لديها في هذه المرحلة العمرية، ولذلك تنصح المرأة التي لم تجد شريك حياتها في مرحلة الـ 30، بأن تلجأ إلى تقنية تجميد البويضات لاعتبار أن البويضات تكون عندها في مستوى أعلى، وهذا ما يجنبها الشعور بالندم، فيعمل الطبيب على تنشيط البويضات للحصول على عدد معين منها، ويتم تجميدها في مراكز متخصصة لأعوام عدة إلى أن تتزوج المرأة، فلا تجد نفسها عاجزة عن تحقيق حلم الأمومة.

في الوقت نفسه يشير خراط إلى أن أنه من الممكن أن تحمل المرأة بصورة طبيعية من دون أن تحتاج إلى اللجوء إلى البويضات التي تم تجميدها، لكن في الأقل إذا تعذر ذلك فيكون الاختيار متاحاً أمامها كي لا تندم وتشعر بالعجز، مع الإشارة إلى أن عملية تجميد البويضات لا تضعف المبيض إلا أنه بصورة طبيعية يتراجع عدد البويضات وجودتها مع مرور الأعوام، أما السن الفضلى للجوء إلى هذه التقنية ففي عمر 35 سنة لا أكثر، لاستفادة قصوى.

وإذا كان رحم المرأة بحال جدية ووضعها الصحي جيد فمن الممكن أن تحمل من هذه البويضات في عمر 50 أو 60 سنة، وبعد بلوغها مرحلة انقطاع الطمث، طالما أن الرحم بحال جيدة لكن يبقى الأهم أن تكون الحال الصحية للمرأة جيدة ليحصل الحمل من دون مضاعفات تشكل خطراً على حياتها.

ومن الاختيارات المتاحة أيضاً العلاج بالهرمونات الذي يمكن اللجوء إليه وتحضير بيت الرحم، شرط أن تكون البويضات متوافرة، ويوضح خراط أن العلاج بالهرمونات من الاختيارات المتاحة سواء في حال تجميد البويضات أو اللجوء إلى عملية طفل الأنبوب في أي مرحلة كانت، فهي من الخطوات الأساس التي لا بد من اللجوء إليها لتحضير الرحم في حال الزرع أو اللجوء إلى علمية طفل الأنبوب لزيادة فرص نجاح العملية، فتعطى عندها الهرمونات لتنشيط الإباضة لكنه ليس معياراً يرتبط بالعمر، وهو حل لتحفيز الإباضة إما بصورة طبيعية أو من أجل الحقن المجهري، لكن يوضح خراط أن العلاج بالهرمونات لا يجعل المرأة تحمل في سن متأخرة كما يعتقد بعضهم.

أما في ما يتعلق بعملية طفل الأنبوب فمن الممكن أن تحمل المرأة في حال اللجوء إلى بويضات جُمدت سابقاً أو من طريق البويضات التي تسحبها مباشرة، كما أنه ثمة مراكز تسمح بوهب البويضات إلا أنه ثمة جدل حول هذه المسألة التي لا يوضحها القانون اللبناني، وإن كان ذلك معتمداً في أوروبا والولايات المتحدة الأميركية.

تأجير الرحم

وعتبر عملية تأجير الرحم أيضاً من الاختيارات المتاحة أمام المرأة، لكنها لا تعتبر قانونية في لبنان وفي كثير من الدول، أما زرع الرحم فيجرى في لبنان وفق شروط معينة مع فريق متخصص لكن كلفته عالية، ومن الممكن أن يحصل رفض للرحم في بعض الحالات.

وفي كل الحالات وعلى رغم توافر التقنيات الحديثة التي تساعد المرأة في تحقيق حلم الأمومة في سن متأخرة، فإنها تعجز حتى اليوم عن حل مشكلة المضاعفات التي قد تتعرض لها المرأة في حال حملت في سن متأخرة، وسواء حصل حمل طبيعي أو باللجوء إلى وسائل اصطناعية بعد سن الـ 40 أو دون سن 18 سنة، فيعتبر الحمل ذو أخطار لأن خطر إصابتها بأمراض ومشكلات صحية يزيد في مراحل عمرية معينة، خصوصاً مع التقدم بالسن، فيزيد خطر تعرضها إلى ارتفاع ضغط الدم والسكري والتسمم في الحمل وارتفاع ضغط الدم ومشكلات في القلب.

تجميد البويضات من التقنيات التي تحفظ قدرة المرأة على الإنجاب في سن متقدمة (غيتي)

وبحسب خراط يمكن أن تتعرض المرأة لمثل المشكلات الصحية السابق ذكرها، لكن الخطر يزيد مع التقدم في العمر ويزيد عندها خطر حصول إجهاض أو ولادة باكرة أيضاً، إضافة إلى الخطر على حياتها بسبب المشكلات الصحية التي يمكن أن تتعرض لها، وهذا الخطر على حياتها يبقى موجوداً مهما تطور العلم، ومن الضروري أن تخضع إلى مراقبة طبية متشددة، من دون أن ننسى خطر حصول تشوهات خلقية وكروموزومية منها التثلث الصبغي لدى الجنين في حال حصول حمل في سن متأخرة.

أما ما دون سن 18 سنة فيكون خطر الولادة الباكرة موجوداً مع احتمال التعرض لالتهابات خلال الحمل، ولذلك يبقى العمر الأنسب للإنجاب بين سن 18 و40 سنة.

علاقة مختلفة والعاطفة تزيد

على صعيد نفسي وتربوي تطرح معضلة أخرى ترتبط بالعلاقة التي تربط بين الأم وطفلها عندما تنجب في سن متأخرة، فالواقع على الأرض يظهر أن طبيعة هذه العلاقة قد تكون مختلفة، وإن كانت تبنى في أي عمر كان على أساس عاطفي متين يصل إلى أعلى المستويات، إذ يمكن أن نتوقع أن تكون مستويات العاطفة أعلى بعد لدى الأم التي تنجب في سن متأخرة، خصوصاً أنها تكون قد انتظرت طويلاً قبل أن تتمكن من تحقيق حلم الأمومة.

ووفق ما توضحه الاختصاصية في علم النفس التربوي الدكتورة راما كنغ، لكن لا تظهر الدراسات فارقاً ما بين سعادة الأم أو علاقتها مع طفلها بحسب ما إذا كان فارق السن بينها وبين طفلها كبيراً أو لا، أو إذا كانت في سن صغرى أو متقدمة فتجربة الأمومة هي نفسها حتى إذا كانت في سن متأخرة، لأن ذلك لا يؤثر في مستويات سعادتها في تربية طفلها.

ولا تنكر كنغ أن ارتفاع معدلات الإنجاب بعد سن 40 أو 42 سنة الذي أصبح أكثر رواجاً حالياً، يجلب سعادة كبرى للأمهات، وتظهر الدراسات أن الأمهات يشعرن بتحسن على مستوى الصحة النفسية والمزاج لدى إنجاب طفل في سن متأخرة، فإذا بالأم تكتشف عندها جانباً في شخصيتها لم تكتشفه سابقاً، خصوصاً إذا كانت تنجب أول طفل لها في سن متأخرة، وهي تشعر عندها وكأنها ولدت من جديد وتزيد حيوية ونشاطاً، فإذا بذلك يعيد لها الحياة.

في المقابل من الممكن أن تؤثر عوامل معينة في مرحلة عمرية متأخرة على طبيعة ونوعية أنشطتها مع طفلها، فعلى سبيل المثال تزيد صعوبة أن تتأقلم الأم مع وجود الطفل في حياتها ومع برنامج نومه عندما تكون في سن متقدمة، فتزيد صعوبة أن تتأقلم لأن السهر وقلة النوم يؤثران فيها بمعدلات كبرى.

تكثر التقنيات المتطورة التي تسمح للمرأة بتحقيق حلم الأمومة ولو في سن متأخرة لكنها لا تحميها من المخاطر (رويترز)

من جهة أخرى تزيد صعوبة القيام بأنشطة جسدية معينة واللعب مع الطفل عندما تنجب في سن متأخرة، فقد لا تسمح لها لياقتها الجسدية بمجاراته في اللعب وممارسة أنشطة يحب أن يمارسها، كما أنه في حال الإنجاب في سن متأخرة فثمة مخاوف كبرى لدى الأهل من عدم القدرة على مشاركة الطفل مختلف مراحل حياته، وألا يتمكنوا من إعطائه الوقت الكافي مما يولد هاجساً وتوتراً يمكن أن ينعكس سلباً على العلاقة، إضافة إلى هاجس الأخطار المرافقة للإنجاب في سن متأخرة، ولذلك فقد يفضل بعضهم عدم الإنجاب في حال لم يكن ممكناً في سن باكرة، ففي الأعوام الأولى بصورة خاصة تزيد مخاوف الأم على طفلها لأنها تعتبره أكثر هشاشة وتخشى على نموه، ويكون قلقها زائداً وتخشى عليه من أي أذى من شدة تعلقها به بما أنها واجهت صعوبات كثيرة قبل أن تتمكن من تحقيق حلم الإنجاب، وتكون هناك إحاطة كاملة إلى أن تتحسن الأمور ويخف التوتر في مرحلة لاحقة.

ووفق ما تلاحظه كنغ في تعاملها مع الأمهات أنه عندما تنجب الأم في سن متأخرة فإنها تبذل جهوداً كثيرة لتتعرف إلى حياة طفلها بكل ما فيها، وتواكب كل التطورات الحديثة وتحاول متابعة الأمور المستجدة، وكأنها ترغب بالاطلاع على كل شيء حتى تغوص في عالم التطور وتبقى على معرفة بكل ما يرتبط به، أما الطفل فمن الممكن أن يقارن أحياناً بين أمه وأمهات أصغر سناً وبالأسلوب، لكنه لا يخجل، وعلماً أن هذا ينطبق على الأم وليس الأب، ربما لأن الأب يمكن أن ينجب في أي عمر كان.

وفي كل الحالات وعلى رغم الهواجس والمخاوف وبعض السلبيات التي يمكن أن تؤثر في علاقة الأم بطفلها لدى الإنجاب في سن متأخرة، فمما لا شك فيه أن مستويات العاطفة تكون أعلى في هذه الحالة، خصوصاً إذا كانت قد انتظرت طويلاً حتى تعيش تجربة الأمومة وتحقق هذا الحلم.

المزيد عن: السيداتالأمومة المتأخرةأطفالالحملالسن

 

 

You may also like

Editor-in-Chief: Nabil El-bkaili

CANADAVOICE is a free website  officially registered in NS / Canada.

 We are talking about CANADA’S international relations and their repercussions on

peace in the world.

 We care about matters related to asylum ,  refugees , immigration and their role in the development of CANADA.

We care about the economic and Culture movement and living in CANADA and the economic activity and its development in NOVA  SCOTIA and all Canadian provinces.

 CANADA VOICE is THE VOICE OF CANADA to the world

Published By : 4381689 CANADA VOICE \ EPUBLISHING \ NEWS – MEDIA WEBSITE

Tegistry id 438173 NS-HALIFAX

1013-5565 Nora Bernard str B3K 5K9  NS – Halifax  Canada

1 902 2217137 –

Email: nelbkaili@yahoo.com 

 

Editor-in-Chief : Nabil El-bkaili
-
00:00
00:00
Update Required Flash plugin
-
00:00
00:00