ثقافة و فنونعربي يبدو مثقفًا by admin 23 مارس، 2020 written by admin 23 مارس، 2020 264 عرب 48 / جمال ضاهر/ خاصّ فُسْحَة – ثقافيّة فلسطينيّة ليس من خلاف بين المفكرين حول وجود علاقة بين الثقافة وسلوك الناس في المجتمع، ومعظم الباحثين في المجال يتفقون مع إدوارد تايلر، على أن المعتقدات والأخلاق والعادات والفنون وغيرها من أشياء، يتعلمها الإنسان بوصفه فردًا في مجتمع هي مركبات ثقافية[1]. لكنهم يختلفون في ما بينهم، أولًا، حول تعريف الثقافة[2]؛ ليس فقط أنه ما من اتفاق حول تعريفها، بل نجد أيضًا مَنْ يقول إنه ليس لها تعريف علمي إلى الآن، وإن التعريفات المتداولة لا يصلح استخدامها لأغراض علمية[3]. فئة كبيرة أم نخبة رفيعة؟ وكذلك هو الأمر بالنسبة إلى المثقف، في محاولته للإجابة عن السؤال: هل المثقف فئة كبيرة جدًّا من الناس؟ أم نخبة رفيعة المستوى، وضئيلة العدد إلى أبعد حد؟ يعرض إدوارد سعيد، في “صور المثقف”، وجهتي نظر مختلفتين حد التناقض بالخصوص، تلك الخاصة بأنطونيو غرامشي، وتلك الخاصة بجوليان بِنْدا. يقول سعيد: “فالماركسي الإيطالي أنطونيو غرامشي، وهو المناضل والصحافي والفيلسوف السياسي اللامع، الذي سجنه موسوليني بين عامي 1926 و1937، كتب في ’دفاتر السجن‘ أن بإمكان المرء القول ’إن كل الناس مثقفون، لكن ليس لهم كلهم أن يؤدوا وظيفة المثقفين في المجتمع‘”. وتشكل سيرة غرامشي ذاتها نموذجًا للدور الذي عزاه إلى المثقف؛ إذ كان – وهو العالم المتخصص في فقه اللغة – منظمًا لحركة الطبقة العاملة الإيطالية، وكان في كتاباته الصحافية أحد أكثر المحللين الاجتماعيين، المولَعين بالتأمل والتفكير عن وعي وإدراك، ولم يكن هدفه إنشاء حركة اجتماعية فحسب، بل أيضًا تشييد بنية ثقافية كاملة، مرتبطة بهذه الحركة. هل المثقف فئة كبيرة جدًّا من الناس؟ أم نخبة رفيعة المستوى، وضئيلة العدد إلى أبعد حد؟ يعرض إدوارد سعيد، في “صور المثقف”، وجهتي نظر مختلفتين حد التناقض بالخصوص، تلك الخاصة بأنطونيو غرامشي، وتلك الخاصة بجوليان بِنْدا. وهناك، على الطرف النقيض، ذلك التعريف الشهير من بِنْدا للمثقفين؛ بأنهم “عصبة صغيرة من الملوك – الفلاسفة، الذين يتحلون بالموهبة الاستثنائية وبالحس الأخلاقي الفذ، ويشكلون ضمير البشرية”[4]. أما سعيد، فيتخذ الموقف الوسط بينهما؛ ليس فقط فلاسفة أو من هم في مرتبتهم، بل طيف واسع من الناس، لكن ليس جميع الناس. يقول: “إن المثقف فرد له في المجتمع دور علني محدد، لا يمكن تصغيره إلى مجرد مهني لا وجه له، أو عضو كفؤ في طبقة ما لا يهتم إلا بأداء عمله؛ فالحقيقة المركزية بالنسبة إلي، كما أعتقد، هي أن المثقف وُهِبَ ملَكة عقلية لتوضيح رسالة، أو وجهة نظر، أو موقف، أو فلسفة، أو رأي، أو تجسيد أيٍّ من هذه، أو تبيانها بألفاظ واضحة، لجمهور ما، وأيضًا نيابة عنه. ولهذا الدور محاذيره، ولا يمكن القيام به من دون شعور المرء، بأنه إنسان مهمته أن يطرح علنًا للمناقشة أسئلة محرجة، ويجابه المعتقد التقليدي والتصلب العقائدي (بدل أن ينتجهما)، ويكون شخصًا ليس من السهل على الحكومات أو الشركات استيعابه”[5]. المعرفة والصلة مع الواقع الآن، إذا ما نظرنا إلى ثلاثة المواقف هذه، فسنجد أنها تجتمع في أمرين اثنين: الأول، أنها ثلاثتها لا توافق بأن المثقف يكون منعزلًا عن الواقع، فحتى بِنْدا، الذي يبدو للوهلة الأولى وكأنه لا يشترط، أو لنقل: لا يفترض، وجود علاقة بين المثقف والواقع، إلا أن الشخصيات التي يذكرها، مثل فولتير ونيتشه ورينان، ليس أنها لم تكن منفصلة عن الواقع، بل كانت شديدة الارتباط به؛ وقد كان لكلّ منهم موقف مما يدور من حوله[6]، وهو الأمر الذي يُظهر بوضوح “أنه لا يوافق على الفكرة القائلة بوجود مثقفين منفصلين كليًّا عن العالم الواقعي، منصرفين بكليتهم إلى الاهتمامات الخيالية، مقيمين في أبراج عاجية، يعيشون في عزلة شديدة، ويكرسون حياتهم للموضوعات المبهمة، وربما حتى للمسائل الباطنية”[7]. المعرفة شرط ضروري، من دونها لا يكون الإنسان مثقفًا، لا يكون ولا أحد يعتبره كذلك. وقول غرامشي الشهير “إنه بإمكان المرء أن يقول إنّ كل الناس مثقفون، لكن ليس لهم كلهم أن يؤدوا وظيفة المثقفين في المجتمع”، لا يعني أنه يرى إمكانية لأن يكون الإنسان مثقفًا من دون معرفة الثاني، أنها ثلاثتها ترى أن المعرفة شرط ضروري، من دونها لا يكون الإنسان مثقفًا، لا يكون ولا أحد يعتبره كذلك. وقول غرامشي الشهير “إنه بإمكان المرء أن يقول إنّ كل الناس مثقفون، لكن ليس لهم كلهم أن يؤدوا وظيفة المثقفين في المجتمع”[8]، لا يعني أنه يرى إمكانية لأن يكون الإنسان مثقفًا من دون معرفة؛ ففي “تشكل المثقف”، حيث يبحث غرامشي في ماهية المثقف ويقول جملته الشهيرة هذه، يتساءل فيما إذا كان المثقفون مجموعة مستقلة بذاتها، منفصلة عن الناس، أم أن كل مجموعة مجتمعية لها فئتها المتخصصة، المثقفة، الخاصة بها؟ وقد كانت إجابته بأن كل مجموعة، تأتي للوجود لأداء وظيفة أساسية في عالم الإنتاج الاقتصادي، تخلق معها واحدًا أو غير واحد من المثقفين الذين يجعلونها مجموعة متجانسة، ويمنحونها وعيًا لوظيفتها، ليس فقط في مجال الاقتصاد، بل في المجال الاجتماعي والسياسي أيضًا[9]. المهارة بل إذا ما التفتنا إلى الاسم “مثقف” في اللغة العربية، كما في اللغات الأخرى، نرى أنه يتضمن في معناه ما يشير إلى ارتباط المثقف بالمركب العقلي؛ المعرفة والموهبة: ثقف: ثَقِفَ الشيء ثَقْفًا وَثِقافًا وَثُقوفَة: حَذَقَهُ. ورَجُلٌ ثَقْفٌ وثَقِفٌ وثَقُفٌ: حاذِقٌ فَهمٌ. ويقال: ثَقِفَ الشيء وهو سرعة التعلم. ثَقِفَ أيضًا ثَقَفًا مثل تَعِبَ تَعَبًا؛ أي: صار حاذِقًا فَطِنًا فهو ثَقِفٌ. وفي حديث الهجرة: وهو غلام ثَقِفٌ؛ أي: ذو فِطْنَة وذَكاء، والمراد أنه ثابِتُ المعرفة بما يحتاج إليه[10]. ارتباط الاسم “مثقف” بالمعرفة، يجعله قريبًا من معنى الثقافة اليوم، ومن رأي سعيد بأن مجموعة من الناس، وليس جميعهم، مثقفون؛ فالسرعة في التعلم ليست خاصية للناس أجمعهم، ولا أنهم جميعهم ذو فطنة وذكاء. ورغم أن الاسم “مثقف” في اللغة العربية، يُحدد ما يجعل من شخص ما مثقفًا، إلا أنه لا يشير إلى فئة/ طبقة/ مجموعة أناس متجانسة، أي من ذات الجنس، بل إلى أفراد متفرقين، أو للدقة، يشير إلى مجموعة أناس مختلفين، يشتركون في صفة أنهم قادرون على سرعة التعلم وضبط معارفهم. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن معنى “حذق” هو المهارة في العمل، فسيكون المثقف، بالإضافة إلى مَنْ لديه القدرة على سرعة التعلم وضبط المعارف، هو الماهر في عمله، في كل عمل. للتأكيد، مجموعة متجانسة مثل أن نعرِّف الثقافة على أنها “مجموعة من الصفات الخلقية، والقيم الاجتماعية، التي تؤثر في الفرد منذ ولادته، وتصبح لاشعوريًّا العلاقة التي تربط سلوكه بأسلوب الحياة في الوسط الذي وُلد فيه”[11]. التصنيف وإنشاء الفئات إن موضوع الاهتمام هنا، ليس تعامل العرب واشتغالهم المعرفي، ولا هو تبيين أنه ليس من نقيصة في كيفية وضعهم تعريفًا للمثقف. إلا أن التوقف عندهم، ولو قليلًا، وإظهار أن تحديدهم هذا لمعنى المثقف، كان من بين الطرق التي اتخذوها في تصنيف الظواهر وإنشاء الفئات، من شأنه أن يرفع عنهم شيئًا من الغموض، والأهمّ من هذا، من شأنه أن يسهل تحقيق الغاية من المقال هذا؛ التعرف على المثقف بين الناس من حولنا. للتأكيد؛ لقد اتبع العرب طرقًا مختلفة في التصنيف وإنشاء الفئات، ليس واحدة، إحداها تلك التي اتبعوها في تحديد المثقف. لئلّا أطيل، وليس من متسع للإطالة، أقدم مثالًا يفيد بما أرمي إليه، من دون حاجة إلى كثير من التنظير: “كل ما عَلاك فأظلك فهو سماء ` كل أرض مستوية فهي صَعيد ` كل حاجز بين الشيئين فهو مَوْبِق ` كل بناء مربع فهو كعْبَة ` كل بناء عالٍ فهو صَرْح ` كل شيء دَبّ على وجه الأرض فهو دابة ` كل ما غاب عن العيون وكان مُحَصّلًا في القلوب فهو غَيْب ` كل ما يُسْتحيا من كَشْفِه من أعضاء الإنسان فهو عَوْرة ` كل ما امْتِيرَ عليه من الإبل والخيل والحمير فهو عِير ` كل ما يُستعار من قَدُومٍ أو شَفْرَةٍ أو قِدْرٍ أو قَصْعَةٍ فهو مَاعُون ` كل حرام قبيح الذكر يلزَمُ منه العار كثمن الكلب والخنزير والخمر فهو سُحْت ` كل شيء من مَتاع الدنيا فهو عَرَض ` كل أمر لا يكون موافقًا للحق فهو فاحشة ` كل شيء تصير عاقبته إلى الهلاك فهو تَهْلُكة ` كل ما هَيَجت به النار إذا أَوْقَدْتَها فهو حطب ` كل نازلة شديدة بالإنسان فهي قارعة ` كل ما كان على ساق من نبات الأرض فهو شَجَرٌ ` كل شيء من النخل سوى العَجْوَة فهو اللينُ واحدتُه لِينَة ` كل بستان عليه حائط فهو حديقة والجمع حدائق ` كل ما يصيد من السباع والطير فهو جارح والجمع جوارِح”[12]. الكلمة “ثقافة” عند العرب، لم تكن كما يقول زكي ميلاد وغيره “مجرد كلمة لغوية، ولم تتجاوز نطاق دائرة الكلمة الضيق والمحدود، كما يتحدد بدقة وصرامة في معاجم اللغة”، بل هي نتاج نظر وإعمال فكري ضمن عملية إنتاج معرفي يعتمد التصنيف المتبع في إنشاء الفئات هذه، على استخلاص صفة تجمع بين أشياء مختلفة؛ فقد تكون الأرض، في “كل أرض مستوية فهي صعيد”، رملية وقد تكون ترابية وقد تكون صخرية، وجميعها عندما تكون مستوية فهي صعيد؛ وقد يكون الحاجز من خشب، وقد يكون من حديد، وقد يكون من مادة أخرى، وجميعها عندما تكون حاجزًا بين شيئين فهي مَوْبِق. تصنيف من النوع هذا، يتطلب تقسيم العالم إلى فئتين اثنتين لا ثالث لهما، إما وإما؛ إما أن الأرض مستوية وإما أنها ليست مستوية، فإن كانت مستوية فهي صعيد، وإن لم تكن فهي ليست صعيدًا. كذلك هو الأمر بالنسبة إلى سائر الفئات في هذا المثال، وكذلك هو الأمر بالنسبة إلى المثقف في “كل مَنْ لديه القدرة على سرعة التعلم وضبط معارفه، وكل ماهر في عمله فهو مثقف”. فحينما نرغب في تصنيف الناس بين مثقف وغير مثقف، اعتمادًا على هذا التعريف، ستنشأ فئة من الناس، يختلفون من حيث أعمالهم ومجالات اهتمامهم، يشتركون جميعهم في صفة أنهم لديهم القدرة على سرعة التعلم وضبط المعارف، وصفة أنهم ماهرون في عملهم، وسيكون خارجها كل مَنْ لا يحمل هذه الصفات؛ وهو الأمر الذي يعني أن الكلمة “ثقافة” عند العرب، لم تكن كما يقول زكي ميلاد وغيره “مجرد كلمة لغوية، ولم تتجاوز نطاق دائرة الكلمة الضيق والمحدود، كما يتحدد بدقة وصرامة في معاجم اللغة”[13]، بل هي نتاج نظر وإعمال فكري ضمن عملية إنتاج معرفي، لها بنيانها وقواعدها المنطقية الخاصة، أهمها مبدأ عدم التناقض، الذي ينص على أنه من غير الممكن لشيء أن يحمل وألّا يحمل صفة بعينها، وفي الآن ذاته. الصورة/ الشكل المعرفة، والقدرة على التعلم، والمهارة في العمل، واتخاذ المواقف، جميعها مركبات يدرك الناس مدى أهميتها في تحديد صورة المثقف؛ فترى أن الذين يرغبون في أن يكونوا جزءًا من المشهد الثقافي، يحاولون قدر إمكانهم أن يتصفوا بها. وثمّة الصورة، أي كيف يبدو المثقف، وهو مركب في غاية الأهمية لمَنْ يرغب في الظهور على أنه كذلك؛ فتراه – فضلًا عن اكتساب المعرفة واتخاذ المواقف وتطوير المهارات، يحاول قدر إمكانه أن يأخذها لنفسه، مثل أن يترك لحيته تنبت على سجيتها، وأن يجعل من شعره جديلة، ولا ضير في ذلك. غير أن ثمّة مَنْ يواجه بعض الصعوبات في الطريق، مثل أن الأمر يحتاج إلى الكثير من الوقت والجَلَد، وعليه أن يتحلى بالصبر ريثما يراكم بعض المعارف، أو أن يجد في القراءة شيئًا مملًّا، ويحتاج إلى جهد لا رغبة عنده في أن يبذله؛ فيقع هؤلاء في معضلة، في مأزق يصعب الخروج منه. من ناحية، إنه لشيء خاص، ويحظى بقدر كبير من الاحترام، في أن يكون الإنسان مثقفًا، ومن ناحية أخرى، يحتاج الأمر إلى بذل مجهود عظيم، وإلى كثير من الأشياء الأخرى. لا يجد هؤلاء سوى اللجوء إلى الشكل وأشياء أخرى من مثله؛ فترى لحاهم نابتة، وشعورهم شعثاء في بعض الأحيان، وفي بعض الأحيان ترى لحاهم طويلة وشعورهم جديلة. وتراهم يكثرون من استعمال اللغة غير المفهومة، ومن استخدام مصطلحات لا يعرفون شيئًا عنها، لا تعريفه ولا مصدره ولا أسباب وجوده، مثل: ما بعد الكولونيالية، والحداثة، والتفكيكية، والبنيوية، بل ثمّة مَنْ يعتقد أنه بإضافته “ية” إلى آخر الكلمة، إلى أي كلمة، يجعلها مصطلحًا؛ فتكثر مفرداتهم وتتكاثر كما الفئران، ولا يعود ثمّة متسع لها، فنسمع: تقعيدية وتجليسية وتعقيدية وتدويرية، على وزن “تكعيبية” بيكاسو. وحين نسأل الواحد منهم عن المعاني وتعريف المصطلحات، نراه يلجأ إلى النسبية وأنه ليس من تعريف واحد محدد، وأن الأمر يتعلق بالأفراد وبزاوية النظر، من دون أن يعرض فهمه. وقد وصل الأمر عند البعض إلى أن نفى مجرد إمكانية وضع تعريف للمصطلحات، للحداثة مثلًا، غير مدرك أنه بهذا يمنع منه مجرد إمكانية استخدام المصطلح، وأنه لولا وجود المعاني والتعريفات والاصطلاح عليها، ما كان من الممكن أن نقول شيئًا حتى لأنفسنا، لا جميلًا ولا قبيحًا. بل إن الاجتماع أن يَسْكُن الناس جماعات جماعات، مشروط بتحديد المعاني والتعريفات، وبالاصطلاح عليها. الاستسهال ثقافة الاستسهال هذه، لا يقتصر انتشارها على وسائل التواصل الاجتماعي، ولا على فئة واحدة من الناس؛ فجملة غرامشي الشهيرة تلك، “أن كل الناس مثقفون، لكن ليس لهم كلهم أن يؤدوا وظيفة المثقفين في المجتمع”، لا يكاد كتاب يبحث في موضوع الثقافة يخلو منها، لكنّ المؤلفين، جميع هؤلاء الذين صادفتهم ومن دون استثناء، أخذوا قول غرامشي هذا من كتاب “صور المثقف” لسعيد؛ وهو ما يفيد بأنهم لم يقرؤوا غرامشي، بالطبع لم يقرؤوا الفصل المُعَنْوَن بـ “تشكل المثقف” في مؤلفه “دفاتر السجن”، حيث يذكر جملته هذه؛ فلو أنهم قرؤوه ما احتاجوا إلى اقتباسه عن سعيد. ليس من اختلاف بين مَنْ يستخدم مصطلحًا لا يعرف شيئًا عنه، ومن يتحدث أو يكتب عن مفكر أو فيلسوف لم يقرأه. لكنّ الاستسهال، في بعض الأحيان، تشتد خطورته، ليصل حدود إبداء الرأي وإطلاق الأحكام، بالاعتماد على بعض المعطيات المجزوءة، مثل الحكم على العرب، أقصد عرب ما قبل الدعوة الإسلامية، بأنهم أنتجوا الكثير من الشعر وبعض الخطب، أما العلوم وسائر المعارف، فلم يعرفوا شيئًا منها. هذا الرأي هو السائد بين الباحثين بخصوصهم، ومن نوعه، الرأي في أن كلمة “ثقافة” عند العرب كانت مجرد كلمة لغوية. الآن، إذا أخذنا بتعريف المثقف، الخطوط العريضة التي أشرت إليها، فسنجد صعوبة في اعتبار هؤلاء – وقد أخذوا الأسهل طريقًا لهم – من المثقفين، بل إنهم لا يقتربون، ولو قليلًا، من أيٍّ من التعريفات التي ذكرناها؛ فلا هم مثقفون حسب أنطونيو غرامشي ولا حسب جوليان بندا، ولا هم مثقفون كما يرى إدوارد سعيد أنه المثقف، ولا كما رأى العرب. ………. إحالات: [1] Edward Tylor, Primitive culture: researches into the development of mythology, philosophy, religion, language, art, and custom, Vol. 1 (London: John Murray, 1920), pp. 1. [2] Tim Edensor, National Identity, Popular Culture and Everyday Life (Oxford: Berge, 2002), pp. 12. [3] Albert Blumenthal, A New Definition of Culture, American Anthropologist, Vol. 42, No. 4, Part 1 (New Series, 1940), pp. 571-586. [4] إدوارد سعيد، صور المثقف، ترجمة غسان غصن (بيروت: دار النهار، 1996)، ص 21-22. [5] المرجع نفسه، 27-28. [6] Julien Benda, The Treason of the intellectuals, trans. Richard Aldington (London: Transaction Publishers, 2009), pp. 52 [7] إدوارد سعيد، المرجع نفسه، ص 23. [8] Antonio Gramsci, Selections From The Prison Notebooks, edited and translated by Quintin Hoare and Geoffrey Nowell Smith (New York: International Publishers, 1992), pp. 9. [9] المرجع نفسه، 5. [10] ابن منظور، لسان العرب، مادة: ث ق ف. [11] مالك بن نبي، مشكلة الثقافة (دمشق: دار الفكر، 1984)، ص 74. [12] أبو منصور عبد الملك بن محمد الثعالبي، فقه اللغة وأسرار العربية، تحقيق ياسين الأيوبي، (بيروت: المكتبة العصرية، 2000)، ص 43. [13] زكي ميلاد، المسألة الثقافية: من أجل بناء نظرية في الثقافة (بيروت: مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، 2010)، ص 23. جمال ضاهر روائيّ وباحث في مجال المنطق وعرب ما قبل الدعوة الإسلاميّة. رئيس دائرة الفلسفة والدراسات الثقافيّة في جامعة بير زيت، ومدير برنامج ماجستير الدراسات العربيّة فيها. ممّا صدر له: “‘عند حضور المكان” (رواية، 2000)، “وأضحى الليل أقصر” (رواية، 2005)، “مفاهيم في المنطق، أسس وقواعد” (2010)، “قواعد في المنطق: أسس ومفاهيم” (2012)، “العدم” (رواية، 2013). المزيد عن : إدوار سعيد /غرامشي /جوليان بندا /الثقافة /المثقف /المصطلحات /إدوارد تايلر /النخبة /المعرفة /المهارة /جمال ضاهر /فكر /فلسفة 52 comments 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post Medical Alert Systems At Your Home For Your Aging Parents next post كورونا ومبيعات الأسلحة.. ماذا يحدث في الولايات المتحدة؟ You may also like أول ترشيحات “القلم الذهبي” تحتفي بالرعب والفانتازيا 17 نوفمبر، 2024 شعراء فلسطينيون في الشتات… تفكيك المنفى والغضب والألم 17 نوفمبر، 2024 “بيدرو بارامو” رواية خوان رولفو السحرية تتجلى سينمائيا 16 نوفمبر، 2024 دانيال كريغ لا يكترث من يخلفه في دور... 16 نوفمبر، 2024 جاكسون بولوك جسد التعبيرية التجريدية قبل أن يطلق... 16 نوفمبر، 2024 المخرج والتر ساليس ينبش الماضي البرازيلي الديكتاتوري 16 نوفمبر، 2024 الحقيقة المزعجة حول العمل الفائز بجائزة “بوكر” لهذا... 16 نوفمبر، 2024 فرويد الذي لم يحب السينما كان لافتا في... 16 نوفمبر، 2024 يونس البستي لـ”المجلة”: شكري فتح السرد العربي على... 15 نوفمبر، 2024 مرصد كتب “المجلة”… جولة على أحدث إصدارات دور... 15 نوفمبر، 2024 52 comments Ingrid 21 يونيو، 2020 - 5:08 ص I appreciate, cause I found just what I was having a look for. You have ended my 4 day lengthy hunt! God Bless you man. Have a great day. Bye My web site :: g that Reply Tyrell 26 يونيو، 2020 - 8:17 ص It’s very straightforward to find out any topic on web as compared to books, as I found this paragraph at this web site. Look into my web site … cbd oil, http://1.179.184.26, Reply Maira 27 يونيو، 2020 - 7:40 ص Hi, its fastidious post about media print, we all understand media is a fantastic source of information. Have a look at my page :: cbd oil that works 2020 Reply Roseanne 27 يونيو، 2020 - 9:38 م Howdy just wanted to give you a quick heads up and let you know a few of the pictures aren’t loading properly. I’m not sure why but I think its a linking issue. I’ve tried it in two different browsers and both show the same results. Feel free to surf to my web blog: cbd oil that works 2020 Reply Rosalinda 16 يوليو، 2020 - 11:53 ص Nice post. I learn something totally new and challenging on sites I stumbleupon every day. It will always be helpful to read content from other authors and practice a little something from their websites. Also visit my homepage best web hosting 2020 Reply Wilson 17 يوليو، 2020 - 11:15 م What’s up everyone, it’s my first visit at this web site, and post is truly fruitful designed for me, keep up posting these articles or reviews. Also visit my website … hosting services Reply Benito 27 يوليو، 2020 - 9:22 ص After exploring a handful of the blog posts on your blog, I honestly like your way of blogging. I book marked it cheap flights to hawaii my bookmark site list and will be checking back in the near future. Please visit my web site as well and tell me what you think. Reply Alisa 30 يوليو، 2020 - 1:04 م I was suggested this website by my cousin. I’m now not positive whether this put up is written by him as nobody else recognize such detailed about my trouble. You are wonderful! Thanks! adreamoftrains hosting services web hosting company Reply Veola 31 يوليو، 2020 - 4:15 ص This is really attention-grabbing, You are an excessively professional blogger. I have joined your feed and look forward to searching for more of your excellent post. Additionally, I have shared your web site in my social networks Have a look at my web page :: cheaptickets Reply Shantae 5 أغسطس، 2020 - 5:33 م Hello to every one, the contents existing at this website are genuinely awesome for people experience, well, keep up the nice work fellows. my web site – web hosting services Reply Shela 6 أغسطس، 2020 - 9:11 ص Very good website you have here but I was wondering if you knew of any community forums that cover the same topics talked about in this article? I’d really love to be a part of community where I can get advice from other knowledgeable individuals that share the same interest. If you have any suggestions, please let me know. Thanks! My homepage best hosting Reply Tanya 24 أغسطس، 2020 - 10:29 ص These are really great ideas in concerning blogging. You have touched some fastidious points here. Any way keep up wrinting. My web site … cheap flights Reply Hilario 24 أغسطس، 2020 - 1:10 م Right away I am going away to do my breakfast, after having my breakfast coming over again to read other news. 34pIoq5 cheap flights Reply Billie 25 أغسطس، 2020 - 8:31 م Hi friends, how is the whole thing, and what you desire to say concerning this paragraph, in my view its in fact remarkable in favor of me. cheap flights 31muvXS Reply Audra 5 سبتمبر، 2020 - 10:28 ص Sweet blog! I found it while browsing on Yahoo News. Do you have any tips on how to get listed in Yahoo News? I’ve been trying for a while but I never seem to get there! Cheers Here is my blog: website hosting companies Reply зарубежные сериалы в хорошем HD качестве 23 مارس، 2024 - 12:47 ص It’s an awesome article in favor of all the web users; they will get benefit from it I am sure. Reply бот глаз бога телеграмм 10 أبريل، 2024 - 8:17 ص Thank you for sharing your info. I truly appreciate your efforts and I am waiting for your next post thank you once again. Reply глаз бога телеграмм 10 أبريل، 2024 - 9:35 م What’s Taking place i’m new to this, I stumbled upon this I have found It positively helpful and it has helped me out loads. I am hoping to give a contribution & aid other users like its helped me. Good job. Reply cs live gambling websites 8 مايو، 2024 - 12:26 ص This is very fascinating, You are an overly professional blogger. I have joined your feed and look forward to seeking more of your fantastic post. Also, I have shared your site in my social networks Reply Francisk Skorina Gomel state University 16 مايو، 2024 - 1:19 ص Francisk Skorina Gomel State University Reply гостиничные чеки Санкт Петербург 24 مايو، 2024 - 5:01 م I will right away seize your rss as I can not in finding your email subscription link or newsletter service. Do you have any? Please allow me understand so that I may subscribe. Thanks. Reply купить удостоверение тракториста машиниста 30 مايو، 2024 - 7:34 م Hi, this weekend is nice designed for me, since this point in time i am reading this wonderful informative piece of writing here at my home. Reply 国产线播放免费人成视频播放 3 يونيو، 2024 - 6:12 م If you are going for best contents like me, only visit this web site daily since it offers quality contents, thanks Reply хот фиеста играть 13 يونيو، 2024 - 12:33 ص I do agree with all the ideas you have presented for your post. They are very convincing and will definitely work. Still, the posts are too brief for novices. May you please prolong them a bit from next time? Thank you for the post. Reply хот фиеста slot 14 يونيو، 2024 - 4:35 ص Thanks for finally writing about > %blog_title% < Liked it! Reply hot fiesta slot 14 يونيو، 2024 - 4:16 م It’s an remarkable post for all the internet users; they will take benefit from it I am sure. Reply хот фиеста казино 15 يونيو، 2024 - 3:34 ص It is perfect time to make some plans for the future and it is time to be happy. I have read this post and if I could I want to suggest you few interesting things or advice. Perhaps you could write next articles referring to this article. I want to read more things about it! Reply Теннис онлайн 28 يونيو، 2024 - 1:11 ص Excellent, what a weblog it is! This webpage provides useful data to us, keep it up. Reply Теннис онлайн 29 يونيو، 2024 - 8:37 ص Unquestionably believe that which you stated. Your favorite justification appeared to be on the net the simplest thing to be aware of. I say to you, I definitely get irked while people consider worries that they plainly do not know about. You managed to hit the nail upon the top and also defined out the whole thing without having side effect , people can take a signal. Will likely be back to get more. Thanks Reply Теннис онлайн 29 يونيو، 2024 - 9:53 م Currently it seems like Expression Engine is the best blogging platform out there right now. (from what I’ve read) Is that what you’re using on your blog? Reply Теннис онлайн 30 يونيو، 2024 - 10:37 ص Write more, thats all I have to say. Literally, it seems as though you relied on the video to make your point. You definitely know what youre talking about, why waste your intelligence on just posting videos to your site when you could be giving us something enlightening to read? Reply Теннис онлайн 30 يونيو، 2024 - 11:36 م It’s great that you are getting ideas from this piece of writing as well as from our discussion made here. Reply Прогнозы на футбол 2 يوليو، 2024 - 3:43 م I read this piece of writing fully regarding the resemblance of most recent and previous technologies, it’s remarkable article. Reply Прогнозы на футбол 3 يوليو، 2024 - 5:43 ص What’s Happening i’m new to this, I stumbled upon this I have found It positively helpful and it has helped me out loads. I hope to give a contribution & assist other users like its helped me. Good job. Reply Прогнозы на футбол 3 يوليو، 2024 - 7:24 م Hi, Neat post. There is a problem with your web site in internet explorer, may check this? IE still is the marketplace leader and a big component to other folks will omit your magnificent writing due to this problem. Reply Прогнозы на футбол 4 يوليو، 2024 - 8:07 ص This is a good tip especially to those new to the blogosphere. Short but very accurate information Thank you for sharing this one. A must read article! Reply Прогнозы на футбол 4 يوليو، 2024 - 8:57 م If some one desires expert view about blogging then i advise him/her to go to see this website, Keep up the pleasant job. Reply автомойка под ключ 6 يوليو، 2024 - 6:54 م 1Строительство автомойки – это инвестиция в стабильный бизнес. Мы сотрудничаем только с проверенными поставщиками и используем самые современные технологии. Reply строительство автомойки под ключ 7 يوليو، 2024 - 8:39 ص Приобретая франшизу автомойки, вы получаете проверенную модель бизнеса с полным комплектом оборудования и постоянной поддержкой франчайзера. Reply автомойка самообслуживания под ключ 7 يوليو، 2024 - 9:11 م Строительство автомойки под ключ – неутомимая забота и полный контроль на каждом этапе, от проекта до открытия. Ваш бизнес в надежных руках! Reply строительство автомойки 8 يوليو، 2024 - 8:43 ص Автомойка самообслуживания под ключ предоставляет клиентам возможность мыть свой транспорт самостоятельно, используя профессиональное оборудование. Это экономит время и деньги. Reply строительство автомойки 8 يوليو، 2024 - 8:28 م Заказывая автомойку под ключ, вы получаете полный комплекс услуг, который включает выбор местоположения, проектирование, строительство и установку оборудования для качественной мойки авто. Reply мойка самообслуживания под ключ 9 يوليو، 2024 - 8:01 ص Франшиза автомойки позволяет предпринимателям использовать уже известный на рынке бренд и проверенную бизнес-модель для создания прибыльного дела с минимальными рисками. Reply Прогнозы на футбол 9 يوليو، 2024 - 6:50 م Undeniably believe that that you stated. Your favourite justification appeared to be at the net the simplest thing to bear in mind of. I say to you, I definitely get irked even as folks consider concerns that they plainly do not understand about. You controlled to hit the nail upon the top as smartly as defined out the whole thing with no need side effect , other people can take a signal. Will likely be back to get more. Thank you Reply Прогнозы на футбол 10 يوليو، 2024 - 12:23 م Undeniably believe that which you stated. Your favorite justification appeared to be on the net the simplest thing to be aware of. I say to you, I definitely get irked while people consider worries that they plainly do not know about. You managed to hit the nail upon the top and also defined out the whole thing without having side effect , people can take a signal. Will likely be back to get more. Thanks Reply Прогнозы на футбол 11 يوليو، 2024 - 2:11 ص Hi my loved one! I want to say that this article is awesome, great written and come with almost all significant infos. I’d like to see more posts like this . Reply автомойка самообслуживания под ключ 15 يوليو، 2024 - 2:52 ص Строительство автомойки под ключ — идеальное решение для бизнеса. От проекта до запуска, мы обеспечим все этапы работ. Reply Jac Благовещенск 19 أغسطس، 2024 - 5:31 ص Im not that much of a online reader to be honest but your blogs really nice, keep it up! I’ll go ahead and bookmark your site to come back down the road. Cheers Reply theguardian 25 أغسطس، 2024 - 6:16 ص Thank you, I have recently been searching for information approximately this topic for ages and yours is the best I have found out so far. However, what about the conclusion? Are you positive about the source? Reply theguardian.com 25 أغسطس، 2024 - 9:08 م You’ve made some decent points there. I looked on the internet for more information about the issue and found most individuals will go along with your views on this site. Reply theguardian.com 27 أغسطس، 2024 - 8:25 م Wow! This blog looks exactly like my old one! It’s on a completely different topic but it has pretty much the same layout and design. Excellent choice of colors! Reply theguardian 28 أغسطس، 2024 - 11:06 م This is my first time pay a visit at here and i am truly happy to read all at one place. Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.