فتاة كردية إيرانية تحمل العلم الكردي أثناء مشاركتها في أحد التجمعات بالعراق (أ ف ب) عرب وعالم هل تمارس إيران استعمارا ضد شعوبها؟ by admin 26 يوليو، 2023 written by admin 26 يوليو، 2023 64 العرب الأهواز والكرد يعتبرون أنفسهم مستقلين وينتظرون يوم الخلاص من سلطة طهران. اندبندنت عربية \ يوسف عزيزي كاتب وصحفي @yazizibenitorof قبل أشهر قليلة، وتحديداً في فبراير (شباط) الماضي، وأمام مؤتمر للمعارضة الإيرانية في تورنتو، وقفت الناشطة النسائية آزادة بورزند معقبة على حديث ناشطة عن وضع الكرديات في إيران قالت “إني لأول مرة أتعرف إلى وضع المرأة الكردية وذلك بفضل انتفاضة المرأة والحياة والحرية في إيران”. لكنني وبعد انتهاء حديثها قلت لها إنها كارثة بالفعل فكيف لك كامرأة فارسية طهرانية ناشطة ومثقفة تتعرفين إلى نساء بلادك من الكرد بعد مرور 100 عام على إنشاء الدولة القومية الحديثة في إيران، على رغم وجود كل هذا الكم من وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي في عصرنا! ناهيك بالتعرف إلى النساء العربيات في الأهواز البعيدات عن المركز وغير المعروفات لكم أساساً. قد نسمع ونقرأ، أحياناً، من مثقفين وسياسيين وناس عاديين إيرانيين سؤالاً “هل في إيران عرب؟”، سؤال يأتي في وقت لعب العرب الأهواز أدواراً مهمة في التاريخ الحديث لبلاد فارس، لا مجال لذكرها هنا، وهذا ينطبق أيضاً على الشعوب غير الفارسية الأخرى. على رغم كل ذلك لم يقرأ التلميذ الإيراني شيئاً يذكر عن تاريخ هذا الشعوب – إن كان مشتركاً أو منفصلاً – ولا عن وضعها الاجتماعي والثقافي، بل بالعكس نرى تضخيماً للثقافة الفارسية وأحياناً تحقيراً وإساءة للعرب، وهذا ما يثير الجهل وعدم المعرفة لدى الفرس إزاء هذه الشعوب، وكذلك، وبنسبة أقل، إزاء بعضها بعضاً، ونحن نعرف أن الإنسان عدو ما يجهل. الهوية الإيرانية المأزومة علاوة على الشرخ القائم بين الدولة المركزية والشعوب غير الفارسية في إيران والناتج من التمييز الممنهج والمؤسس ضد هذه الشعوب، فإن المجتمع الإيراني يعاني فجوة بين المرأة الإيرانية والطبقة السياسية الحاكمة في البلاد، والأمر ينشأ عن تمييز صارخ يمارس ضدها، لم نشهد له مثيلاً في كل دول العالم ومنها الدول العربية والإسلامية، ما عدا أفغانستان وهي شقيقة إيران لغوياً وثقافياً، حيث ما تشهده شوارع إيران منذ قيام الثورة الإسلامية وبخاصة خلال الأشهر الماضية خير شاهد على أزمة اجتماعية، بل وهوية يعانيها المجتمع الإيراني. وقد شدد مقتل الشابة الكردية مهسا أميني، منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، الصراع بين المرأة الحداثوية والسلطة الإيرانية، وهذه قضية اجتماعية إشكالية غير منفصلة عن موضوع الهوية في إيران. على رغم أن كل النساء لا ينتمين إلى معسكر الحداثة في إيران، لكن ومنذ ثورة الدستور في أوائل القرن العشرين انقسم المجتمع الإيراني إلى شطرين متصارعين، ديني وعلماني، ولم يحسم الصراع بينهما حتى اللحظة حيث يحكم المجتمع نظام ديني متشدد. وفي هذا المجال الوضع يختلف بين بعض الشعوب غير الفارسية مثل العرب والبلوش والتركمان، إذ يلعب الدين والقبيلة دوراً أبرز في هذا الخصوص. وبين المقولات الثلاث اللاتي تشكل أساس الأزمات الراهنة لإيران، الشعوب غير الفارسية والمرأة والتفاوت الطبقي الشاسع، فإن العامل الأهم في أزمة الهوية الإيرانية هو الأول. تعد إيران بقايا إمبراطورية موغلة في القدم أخذت شكلها النهائي الذي نراه اليوم في شكل “قطة” وهي خريطة إيران الحالية. وقد يعود الاضطهاد القومي في إيران إلى طبيعة الدولة القومية الإيرانية (وسمتها الرئيسة الفارسية) التي نشأت في الربع الأول من القرن العشرين. وما تشهده المناطق غير الفارسية في إيران من نضالات هوية وثقافية وإعلامية وسياسية ومسلحة يؤكد بشكل أو بآخر التناقض البنيوي بين المكونات القومية والإثنية للمجتمع الإيراني. ماهية الاستعمار في إيران، داخلي أم خارجي؟ يعرف قاموس أكسفورد الإنجليزي، الاستعمار كالتالي “سياسة أو ممارسة السيطرة السياسية الكاملة أو الجزئية على بلد آخر واحتلاله بالمستوطنين واستغلاله اقتصادياً”. وتقول الموسوعة الفلسفية لجامعة ستانفورد الأميركية في هذا الصدد “الاستعمار هو ممارسة للسيطرة، والتي تنطوي على إخضاع شعب لآخر”، ومن ثم يشرح الممارسات الاستعمارية منذ الحروب الصليبية، خصوصاً بعد عصر النهضة إلى يومنا هذا. أما موضوع الاستعمار الداخلي فيرتبط باستعمار حاضرة أو عاصمة وسلطتها المركزية للهامش، أي المناطق النائية عن المركز، والذي يتمثل بشكل بارز في التنمية غير المتكافئة التي ليست بالضرورة أن يكون سكانها من قوميات مختلفة، كما هي الحال في تونس على سبيل المثال. وقد يختلف الوضع السياسي والقانوني لأي من الممالك المتصالحة قبل حل نظام الممالك المحروسة في إيران في عام 1925. فعلى سبيل المثال تقاسم الأتراك الأذريون والفرس السلطة في العهد القاجاري، وكانت تبريز عاصمة مملكة أذربيجان، وطهران عاصمة الدولة القاجارية، بينما كانتا صنوين في الأهمية السياسية والاقتصادية. فيما انتهت مملكة كردستان إثر انقراض عائلة أردلان – الحاكمة لتلك المملكة – في نهاية القرن التاسع عشر، وانطوت مملكة جيلان بعد القضاء على حركتها الثورية – حركة الغابة – في 1921، لكن المملكة التي استمرت حتى عام 1925 كانت عربستان المحمرة، كما أن تاريخ عربستان الحديث والقديم يختلف نوعاً ما عن سائر مناطق إيران، فلا نريد أن نفصل هنا في هذا المجال لكن ما يهمنا أن هذه المملكة التي أصبحت محافظة وتغير اسمها رسمياً إلى خوزستان، تعرضت لاحتلال عسكري وفق الكتب التاريخية الأوروبية والفارسية وأقيمت فيها المستوطنات وشبه المستوطنات في عهدي الشاه والجمهورية الإسلامية. ويمكن مقارنة وضع الشعوب في إيران ومدى علاقتها بطهران – في بعض الأحيان – مع علاقة لندن مع الدول والشعوب المكونة للمملكة المتحدة، أي إن وضع عربستان يماثل وضع اسكتلندا، فيما يشابه وضع كردستان أو أذربيجان إقليم ويلز. عربستان… بماذا نصف استعمارها؟ كانت “المحمرة” عاصمة عربستان موقعاً للتنافس بين الإمبراطوريات الثلاث، العثمانية والبريطانية والقاجارية. وقد نشبت في النصف الأول من القرن التاسع عشر ثلاث حروب بين هذه الدول من أجل الاستيلاء على مدينة المحمرة وانتهاء استقلال عربستان لصالح الدولة القاجارية، ثم احتلت القوات العثمانية “المحمرة” عام 1837 لكن ذلك لم يدم طويلاً، وفي عام 1841 احتلت قوات الشاه محمد القاجاري المدينة. تحدث رجال دولة إيرانيون مثل نجم الملك الأصفهاني ومحمد تقي الكاشاني مراراً وتكراراً عن غزو وأحياناً احتلال المحمرة وعربستان من قبل إيران. ويؤكد اللورد كرزن (1925-1859) وصي العرش البريطاني في الهند ووزير خارجية بريطانيا، بشكل خاص، “احتلال المحمرة”. يقول عبدالغفار نجم الملك في عام 1881 في كتابه “رحلة عربستان”، “الأمر حالياً لا يختلف كثيراً عن السابق، وهو (عربستان) ملك لا يزال يعتبرنا أجانب، وما زلنا وبعد 100 عام من الاحتلال غير مألوفين لهم على أقل تقدير. أول خطوة لعمران الفلاحية والمحمرة والحويزة والأهواز، هو بناء الأسواق والإنزال والحمامات”. يتحدث اللورد كرزن عن احتلال المحمرة – عاصمة مملكة عربستان – ويتحدث نجم الملك عن “احتلال” جميع عربستان، وبالطبع المعنى واحد مع الفرق في مدة الاحتلال. في عام 1847، أبرمت معاهدة أرضروم الثانية، وأخذ احتلال المحمرة بعداً دولياً، وخضعت المدينة وكل مملكة عربستان للدولة القاجارية. يكتب أحمد الكسروي في أهمية هذه المعاهدة “لأول مرة بعد الإسلام تم الاعتراف بالحدود الغربية لإيران، ومنذ ذلك الحين منحت الذريعة لولاة بغداد لتأويل تعديها على الأراضي الإيرانية وتحريضها على الفتنة بين عشائر خوزستان”. ويعني بخوزستان هنا، مملكة عربستان، لكن ظلت عربستان في أيدي الحكام العرب وكانت تبعيتها لطهران أمراً صورياً. وفي هذا الصدد كتب اللورد كرزن “في نوفمبر (تشرين الثاني) 1841 احتلها الجيش الإيراني بقيادة الشرير معتمد الدولة الذي وصفه بأسلوبه الشجاع إلى الأبد، ثم سار بجيشه على عرب قبيلة بني كعب بالقرب من نهر كارون، لكن عند انتهاء الحرب ادعى الأتراك ملكية هذه المدينة، بحجة أنها لم تقع على الشاطئ الرئيس لكارون، بل إنها تقع على شواطئ قناة، كانوا قد حفروها على الضفة الشمالية لشط العرب. رفض الإيرانيون إخلاء المدينة، مؤكدين أنه لا أحد يستطيع أن يحدد مكان القناة المذكور، لأنها تقع في الحقيقة على طول الشواطئ الطبيعية لساحل كارون ومصبها الطبيعي. وقد تلقى المستكشف البريطاني أوستن هنري لايارد – الذي كان على دراية تامة بالمنطقة – تعليمات من رئيس الوزراء البريطاني اللورد أبردين لتهيئة التقارير عن هذا الاختلاف. وقد أوصى لايارد بإعطائها للعثمانيين، لكن الحكومة الروسية ظاهرت إيران بقوة، وحذت الدولة البريطانية حذو روسيا، تاركة المحمرة في معاهدة أرضروم في يد إيران. منذ ذلك الحين كانت دائماً في يد هذه الحكومة”. ومن هنا فإن عربستان ظلت مستقلة تحت حكم بني كعب حتى احتلالها في عام 1841 في عهد محمد شاه القاجاري. أما الاحتلال الثاني فكان في أبريل (نيسان) عام 1925، وهو الحدث القريب لنا زمنياً، وقد انعكس في الصحف الفارسية والعربية والأوروبية آنذاك، بل وكتب عنه قائد الهجوم العسكري على عربستان رئيس الوزراء ووزير الحرب رضا خان سردار سبه (والذي توج ملكاً على إيران باسم رضا شاه بهلوي بعد أشهر من ذلك الحدث) على رغم أنه لم يستخدم مصطلح احتلال في كتاب “رحلة خوزستان (عربستان)”. غير أن وثيقة بريطانية مكتوبة بخط اليد نشرها حامد الكناني في موقعه “كارون الثقافي” تؤكد أن الأمر كان احتلالاً لعربستان. كانت الوثيقة مرسلة من قبل السفير البريطاني في طهران، سير بيرسي لورين، إلى وزارة الخارجية البريطانية، يخبرها بتخلي الحكومة الإيرانية عن كل ما تعهدت به تجاه الأمير خزعل ومصير الشعب العربي الأهوازي، وفقاً لمشاهدات وتأكيدات القنصل البريطاني في مدينة الأهواز السيد بيل، الذي يؤكد أن القوات الفارسية بدأت تتملص من تعهداتها وتكرس احتلالها العسكري بغية سحب السيادة وضم الإقليم نهائياً إلى بلاد فارس. وربما ستظهر وثائق أخرى بعد الآن تؤكد هذا الأمر أكثر فأكثر. لقد أصبحت عربستان – التي كان الفرس يصفونها بالمملكة – في أواسط القرن التاسع عشر، ضمن الممالك المحروسة القاجارية. وهذا كان من تداعيات معاهدة أرض روم الثانية التي وقعتها الدولتان العثمانية والقاجارية بحضور الدولتين البريطانية والروسية، لكن ومنذ احتلالها من قبل الدولة البهلوية في 1925 فقدت عربستان استقلالها الداخلي وأصبحت ملحقاً للدولة الإيرانية، فيما تدعي الحكومات الإيرانية المتعاقبة بأنها محافظة إيران عادت إلى أحضان الوطن الأم بعد إسقاط الأمير خزعل. وأياً كان تعريفنا لوضع مملكة عربستان بعد عام 1925 لم تعترف حالياً أي دولة عربية وأجنبية بأنها محتلة، ناهيك بالدول الأخرى ومنظمة الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية، وذلك خلافاً لمناطق عربية أخرى كفلسطين بل وحتى الصحراء الغربية. ويعود ذلك إلى عوامل عدة بعضها ذاتي والآخر موضوعي في حاجة إلى دراسة أوسع. يمكن وصف علاقة الحكومة المركزية بطهران بشعبي أذربيجان وكردستان بالاستعمار الداخلي، لكن بحسب ما تم ذكره، فإن علاقتها مع الشعب العربي في الأهواز هي نوع من الاستعمار الأجنبي، وهو بالطبع يختلف عن الاستعمار الكلاسيكي، وفهم طبيعته الحالية يتطلب دراسات وأبحاثاً أعمق، لأنه مر بتغيرات هائلة في الـ100 عام الماضية. يذكر أن الإحساس بالاحتلال والاستعمار تجاوز العرب ليصل إلى الكرد أيضاً، حين سمعنا هتافات خلال حركة “المرأة الحياة والحرية” الدامية في كردستان إيران، تصف الإيرانيين بالمحتلين. ولا ننسى أن نحو 70 في المئة من الاستثمارات والصناعات تقع في العاصمة طهران، وهذا يؤكد أن الاستعمار الداخلي لم يشمل الشعوب غير الفارسية بل الأقاليم الفارسية المهمشة أيضاً والتي توصف بالمحيط قياساً بالمركز الإيراني. المزيد عن: إيرانالاستعمارالعربالأهوازالكردالأكرادبريطانياالدولة العثمانية 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post “ضباب الدماغ” المرتبط بكورونا طويل الأمد يدوم لسنوات next post إيران تعتقل مجموعة من البهائيين. You may also like 26 قتيلا بضربات إسرائيلية على أنحاء قطاع غزة 29 نوفمبر، 2024 إسرائيل تقصف منشأة لـ”حزب الله” وتحظر التجول ليلا... 29 نوفمبر، 2024 إسرائيل منقسمة حول “اتفاق لبنان” ونتنياهو يبدأ جني... 29 نوفمبر، 2024 كواليس البنود السرية في اتفاق “حزب الله” وإسرائيل 29 نوفمبر، 2024 بعد نهاية الحرب… هل يعود الخليج لدعم الجيش... 29 نوفمبر، 2024 من أشعل خطوط التماس بين المعارضة السورية وجيش... 29 نوفمبر، 2024 المجلة تنشر النص الحرفي لإعلان “وقف الأعمال العدائية”... 28 نوفمبر، 2024 أسئلة وقف النار في لبنان… أي انتصار؟ أي... 28 نوفمبر، 2024 خمسة تساؤلات حول وقف إطلاق النار بين إسرائيل... 28 نوفمبر، 2024 كيف غيّر “حزب الله” شروطه بين بدء الحرب... 28 نوفمبر، 2024