ثقافة و فنونعربي موسيقى الـ”هيفي ميتال” قادرة على نقلك لحالة شعورية أفضل by admin 25 أبريل، 2023 written by admin 25 أبريل، 2023 15 قد يبدو هذا النوع من الموسيقى قوياً وانفعالياً بشكل مزعج، لكنه بالضبط ما احتجت إلى سماعه عندما كنت أصغر سناً وأكثر قلقاً وتوتراً اندبندنت عربية \ مات ميلز ما زلت أتذكر أول مرة سمعت فيها موسيقى الـ”هيفي ميتال”. حين كنت في الخامسة من عمري، شغلت والدتي في السيارة قرصها المضغوط الجديد (وبالتأكيد غير المقرصن) لألبوم “بست أوف ذا بيست” Best of the Beast لفرقة “آيرون مايدن”Iron Maiden . تخطت أول أغنيتين من الألبوم لتصل إلى النسخة الحية من إحدى أكثر أغنيات الفرقة شهرة التي بدأت بصوت بروس ديكنسون Bruce Dickinson وهو يغرغر مثل العفريت، مزمجراً “فير! أوف! ذا! دارك…” “Fear! Of! The! Daaaaaaark!” [وهو اسم الأغنية ويعني الخوف من الظلام]، وكأن ورق الصنفرة مزق حباله الصوتية. أصابتني الأغنية بفزع شديد لدرجة أنهم أوقفوها قبل أن تبدأ الموسيقى حتى. لهذا السبب أتعاطف مع الأشخاص الذين لا يستطيعون الاستماع إلى موسيقى الـ”هيفي ميتال”، فهي غالباً ما تبدو مرعبة ومزعجة، إذ إنها متجذرة في الأصوات التي يصدرها المراهقون وهم يعزفون على آلات الدرامز ويرفعون درجة مكبرات صوت الغيتار إلى أعلى مستوياتها. في الواقع، وصف أيقونة فرقة “موتورهيد” Motörhead ليمي كيلميستر Lemmy Kilmister ذات مرة هذا النوع من الموسيقى بأنه “تمرد في حد ذاته من دون أي هدف واضح في الاعتبار”، وصوت فرقة “ميتاليكا” Metallica الذي يردد مدوياً “داي! داي! داي! موذرف***ر، داي!”Die! Die! Mother f****r, die!” في الأغنية التي تحمل عنوان “كريبينغ ديث” Creeping Death يشبه التعرض للضرب بمطرقة على الرأس في منطقة ما بين العين والأذن. وفي الوقت نفسه، كنت مهووساً بموسيقى الـ”هيفي ميتال” منذ أيام المراهقة، لدرجة أنني الآن أكسب لقمة عيشي من كتاباتي عن فرقها الموسيقية. والجدير بالذكر أن ما صاغ آرائي ومواقفي هو الاتحاد تحت شعار “نحن مقابل هم” الناجم عن الإحساس المشترك بالعصيان الذي تخلقه موسيقى الـ”هيفي ميتال”. والأهم من ذلك، أن هذه الموسيقى كانت أول شيء في حياتي يظهر لي المعنى الحقيقي للحرية والثقة بالنفس. عندما كنت في الخامسة من عمري لم أكن خائفاً من “آيرون مايدن” فحسب، بل كنت أصاب بالرعب من أمور لا تعد ولا تحصى. كان التوتر والذعر يلازمانني باستمرار، وكان بإمكاني أن أقنع نفسي بسرعة بأن أي آفة جلدية ألاحظها على بشرتي هي علامة مؤكدة على الإصابة بالسرطان والموت المبكر. وكان هذا الوضع يشمل أيضاً القلق الاجتماعي الذي أصابني في المدرسة. وعلى رغم أنني لم أتعرض للتنمر على وجه التحديد، إلا أنني كنت طفلاً خجولاً، ونادراً ما كنت “أنسجم” مع أي شخص في مثل سني. وما فاقم هاتين المشكلتين أكثر هو حقيقة أنني كنت أتعرض لسوء المعاملة، عاطفياً وجسدياً. واستمر ذلك طوال 13 عاماً. وتخللت تلك الفترة زيارات روتينية إلى المستشفى، إذ إنني ولدت بقدم حنفاء [تشوه خلقي ولادي يحدث في الجهاز العضلي والهيكل العظمي] واحتجت إلى عدد لا يحصى من العمليات الجراحية للتأكد من أنني أستطيع المشي بشكل مستقيم. إذاً، لم يسهم أي من ذلك في إضفاء السعادة إلى طفولتي. ولم أستطع العثور على متنفس صحي، إلى أن عرفني صديقي المفضل على المصارعة المحترفة. بيد أن هذا الاهتمام بالرجال المفتولي العضلات الذين يدهنون أجسامهم بالزيت لم يلازمني طويلاً، خلافاً للأغاني المميزة التي تعلن دخول كل واحد منهم إلى الحلبة. وشكلت الثقة والعظمة اللتان تمتعت بهما فرق مثل “موتورهيد” Motörhead و”آلتر بريدج” Alter Bridge و”كيل سويتش إينغايج” Killswitch Engage مصدر إلهام بالنسبة لي، وسرعان ما بدأت بالبحث عن هذه الفرق الموسيقية على يوتيوب YouTube. ثم جاءت الحفلات والمهرجانات والاشتراك في موقع “ميتال هامر”Metal Hammer… وهكذا، ازداد اهتمامي بالـ”هيفي ميتال” يوماً بعد يوم. في الواقع، يسود اعتقاد خاطئ حول هذه الموسيقى يتمثل في الغالب بأنها عبارة عن رجال ببنية ضخمة وشعر طويل أشعث يصرخون عليك. ولكن في الحقيقة، فإن هؤلاء الرجال ذوي البنية الضخمة والشعر الطويل الأشعث يصرخون من أجلك في كثير من الأحيان. عندما كنت في الـ13 من عمري وسمعت هدير صوت المغني الرئيس لفرقة “ماشين هيد” Machine Head روب فلين Robb Flynn، وهو يردد اللازمة “فلنعلن الحرية مع طلقة البندقية” في أكثر أغاني الفرقة شهرة بعنوان “دافيديان” “Davidian”، لم أعد أشعر بالخوف، بل انبهرت بهذه الصرخة القوية الداعية إلى الهروب من الاضطهاد، وأحسست بأنها تمثلني. كان روب يستشيط غضباً نيابة عني بسبب ما أعانيه في حياتي. وكان هذا هو المتنفس الذي أبحث عنه. وتبين أن الغضب المناهض للسلطة كان معدياً. فسرعان ما صرت أطلب من المسيئين إلي أن يتركوني وشأني. وبدأ قلقي الاجتماعي يتضاءل، كوني محاطاً بزملائي المنبوذين والمتعصبين في الحفلات الموسيقية. إضافة إلى ذلك، فإن أغاني الـ”هيفي ميتال” هي الهاءات تتطلب انتباهاً واهتماماً: القلق هو حلقة مفرغة من المخاوف المتفاقمة والمتكررة، ولا شيء يخرج العقل من تلك الحلقة بشكل مفاجئ بقدر ما تفعله أنغام موسيقي فرقة “غوجيرا” Gojira المفعمة بالقوة والحيوية. أفضل جزء في كل هذا هو أن الفرح الذي أستمده من غضب الـ”هيفي ميتال” بعيد كل البعد من كونه فريداً من نوعه. فمدرجات حفلات فرقة “ميتاليكا” لطالما امتلأت بالحضور قبل أن أولد حتى، وكل عام، تجمع مهرجانات “داونلود” Download و”بلود ستوك” Bloodstock عشرات آلاف الـ”ميتال هيدز” Metal Heads [محبي موسيقى الهيفي ميتال]، ودائماً ما تظهر فرق موسيقية جديدة من فرق الأندرغراوند [الفرق المستقلة التي تقدم موسيقى مختلفة عن تلك السائدة والتقليدية]. وتعتبر موسيقى الـ”ميتال” القوة الأكثر شعبية على الإطلاق المضادة للهيمنة الثقافية [حركة معارضة للقيم الثقافية والجمالية والأخلاقية السائدة في مجتمع ما]، وطوال مسيرتي المهنية، سمعت قصصاً كثيرة عن قدرة هذه الموسيقى على إنقاذ الحياة. سيخبرك الأشخاص الذين لا يستطيعون تحمل موسيقى الـ”هيفي ميتال” أنها شكل من أشكال التعبيرعن الذات صاخب ومزعج واستفزازي بطريقة غير مريحة. وفي كثير من الأحيان، هم على حق، بيد أن هذا ما يجعلها مهمة للغاية. © The Independent المزيد عن: الميتال\الموسيقى\موسيقى_الاندرجراوند 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post هل أنت مستخدم لـ”فيسبوك”؟ بوسعك الحصول على تسوية نقدية next post الذكاء الاصطناعي سيغير المجتمع كلياً You may also like مصائد إبراهيم نصرالله تحول الرياح اللاهبة إلى نسائم 23 نوفمبر، 2024 يوري بويدا يوظف البيت الروسي بطلا روائيا لتاريخ... 23 نوفمبر، 2024 اليابانية مييكو كاواكامي تروي أزمة غياب الحب 22 نوفمبر، 2024 المدن الجديدة في مصر… “دنيا بلا ناس” 21 نوفمبر، 2024 البعد العربي بين الأرجنتيني بورخيس والأميركي لوفكرافت 21 نوفمبر، 2024 في يومها العالمي… الفلسفة حائرة متشككة بلا هوية 21 نوفمبر، 2024 الوثائق كنز يزخر بتاريخ الحضارات القديمة 21 نوفمبر، 2024 أنعام كجه جي تواصل رتق جراح العراق في... 21 نوفمبر، 2024 عبده وازن يكتب عن: فيروز تطفئ شمعة التسعين... 21 نوفمبر، 2024 “موجز تاريخ الحرب” كما يسطره المؤرخ العسكري غوين... 21 نوفمبر، 2024