ثقافة و فنونعربي مهى سلطان : النحات بسام كيرلس يختار “الفوضى” عنوانًا لمعرضه وكتابه by admin 18 أكتوبر، 2021 written by admin 18 أكتوبر، 2021 52 إذا كان الكون بنظر كيرلس قائم على الثنائيات، فثمة العديد من الثنائيات التي تطلّ في أعماله، كثنائية العمودي والأفقي وثنائية البارد والحامي والملمس الخشن والناعم، والكثيف والشفاف. بيروت- النهار العربي \ مهى سلطان متمردٌ على الثوابت، غارقٌ في مسائل إبهام الوجود، والبنى المفككة للعالم التي تحمل بصمات الحروب في زمن تكنولوجيا المعلوماتية. هو النحات اللبناني بسام كيرلس (من مواليد بنتاعل- مدينة جبيل 1971)، الذي ابتكر منظومة أشكاله من مشهدية الخراب وفلسفة التداعي والاستذكار، تنعكس رؤاها أكثر فأكثر على طروحاته الجمالية المنتمية الى النحت المعاصر من باب السجال البصري. هذا السجال الذي وصل صداه بعض البينالات والمعارض العربية والدولية. أعماله تُبطن كما تُظهر، وهي من ثمار جهده وحفرياته وتساؤلاته حول بنية الشكل وتشظياته وطرائق تفكيكه واعادة بنائه من حطامه الواهنة والهشة. وتكاد تكون الهشاشة عاملاً رديفاً للفوضى، والفوضى في هذا المقام ليست شعاراً عابراً بل هي العنوان الذي يتصدر حالياً معرضه في غاليري كاف KAF للفن المعاصر في الأشرفية، مار نقولا (حتى الأول من نوفمبر)، مرفقاً بكتاب فني (في طباعة أنيقة) يحمل العنوان نفسه. يضم الكتاب بين دفتيه مختارات من المنحوتات التي تعكس نتاجه ما بين 2015- 2021، وهو نتاج غزير ومتنوع في محطاته وعناوينه، التي تمزج ما بين الحاضر والماضي، كما تمزج الفن بإلهامات آتية من العِلم والفلسفة وخيالات الاساطير. وبالرغم من هذا المزج الهجين والمثمر في آن واحد، فإن أعمال كيرلس المتجذرة في بنى الدمار وحيثياته في الخيال، تستمد حضورها الطاغي من وقائع الأحداث الراهنة المتمثلة برموزٍ دالة عليها، فهو يأخذ من الحَدث الأثر بمعنى العلامة الظاهرة على وجه التاريخ، والأثر لا ينفك عن التجلي والتلاشي، والتحوّل المطرد. بسام كيرلس الحرب اقتصاص من الجمال تمكنت منحوتات كيرلس من تجسيد معالم ونصب تذكارية وتاريخية شاهدة على احداث يستحضر تكاوينها وينتشل ذكرياتها من قلب التصدعات، ما هي إلا اسقاطات لفكرة الحرب التي تظهر أول ما تظهر على هيئات الأبنية وسماتها التحولية، ثم تتطور إلى فكرة الأبراج الشاهقة كرموز كاذبة لقدرة الانسان على تحدي الطبيعة، بحثاً عن سيطرة جديدة، وهي مبانٍ ايضاً هشة ومرعبة (على غرار برج التجارة العالمي واحداث الحادي عشر من سبتمبر). وإذا كان الكون بنظر كيرلس قائم على الثنائيات، فثمة العديد من الثنائيات التي تطلّ في أعماله، كثنائية العمودي والأفقي وثنائية البارد والحامي والملمس الخشن والناعم، والكثيف والشفاف. ومهما أنعمنا النظر في التيمات التي تبدو كابوسية غير أنها تنطوي على جماليات خاصة، وفي مكان ما من أشغال كيرلس، ثمة فرح يختبىء خلف أحصنة الطفولة المنسية، وجمال ينحني لأمرأة متوّجة على عرش فينيقيا الأساطير. أما وحيد القرن الشرس فهو يخرج من غابات مجهولة الى معركة الوجود دفاعاً عن الشرف بحسب الميتولوجيا القديمة، معركة لا تنصف الجمال، إنما تقتصّ منه، وكأن الحرب هي اقتصاص من الجمال. نهاية العالم إنها الحرب حيثما تطوف الأخيلة في نوافذ الظلمة وتنبري في قامات المباني المدمرة، ذات البنية الشبحية المقفرة، والشبح يرجىء حضوره، الى ما بعد الموت. إنه الشبح الخيالي والحقيقي مثل الوهم الأشد رسوخاً من الحقيقة نفسها، مثل الوجوه التي يجسدها بسام كيرلس منبثقة من قلب الكرة الأرضية المريضة والملوثة أو من بيضة التكوين أو تولد من مرايا البيوت المشوهة ومن خلف الجدارن. هكذا يقبع الشكل في منطقة الاختلاف. بينما تعيش الابنية المتصدعة ليلها الطويل في مدينة لا تشرق فيها شمس، ولا تعرف نهاراتها غير الظلمة. إنه مشهد غرائبي من فزع الامس، وحواضر المدن التي تتشابه في دمارها. بل هي نهاية العالم، التي يبتدأ منها بسام كيرلس كي يتخيل عالمنا المعاصر الذي تهيمن عليه وسائط تكنولوجيا المعلوماتية وداتا المعلومات التي تأخذ مقامها في العقل حتى أضحى الانسان المعاصر رهينة الآلة، ولا يخفى على الناظر لأعماله هذا الجانب من الطروحات التي تذهب الى ما رواء الشكل البسيط من إشارات لمضامين تتمظهر تحت عناوين لافتة وتسميات ذات دلالات سيميولوجية متصلة بالقرص المثقب الذي يحمل اسم الشبكة المعلوماتية (العنكبوتية في لغة مواقع الانترنت) و”الداتا سفير” المرادف للعولمة في احتواء للكرة الأرضية التي تتراءى مثل كائن مريض يئن ويتألم. هذه التراجيديا بحد ذاتها يتعاطى معها النحات على انها سمات معالم مهدومة تحمل بذاواتها المفككة وتداعياتها ملامح انبثاقها الفني المجرد من الفكر الوظيفي نحو جمالية الفكر البنائي، هكذا يغيب المعنى الظاهر للشكل الواقعي ليتلبس المعنى الباطن، كما يتحوّل المظهر الخارجي للأشكال المتآكلة والسطوح المثّقبة الى لغة جمالية بالمعنى الاستيطيقي، كقيمة فنية متآلفة مع مضمونها التعبيري. وهي اللغة التي طرحها بسام كيرلس في السنوات الأخيرة من انتاجه، بتقنيات الألمنيوم والباتينا، من خلال المزج بين مادتين بلونين مختلفين: الباتينا الصلصالية اللون من الداخل، مغطاة بطبقة الألمنيوم الفضية اللون من الخارج، وتدخل عليها احياناً ألوان اصطناعية (أحمر أو أزرق) أو يتم مزج البرونز مع مادة زجاجية (كريستال ريزين). فالدمج بين خامات غير متجانسة، تثير مظاهر الغرابة وتُحدث صدمة ناتجة عن اللامتوقع. تلك العوامل التقنية تساعد الفنان في التحكم بمجريات التعبير، من خلال طريقة تطويع المواد والتحكم في تشكيل فضاءاتها وطبقاتها ونتوءاتها وملامسها. وتتحول شبكة المربعات (رمز لخانات الذاكرة) في أعمال كيرلس الى لازمة أساسية في صلب التكوين الفراغي، واحياناً كحلية زخرفية ذات دور تجميلي، وهي تحل في كل مكان كأنها توقيع ثانٍ للفنان. الارتطام والفوضى منصات وكراسٍ تشير الى مواقع السلطة المهترئة وأنصاب طوطمية آتية من ثقافة الدمار، وقامات ووجوه تعتلي قمماً من الخرائب الوشيكة السقوط، وأبنية متداعية واهنة، وأحصنة اساطير المنسية وعجلات وأقراص مرمية بالرصاص وأنصاف دوائر مثل قوارب أوحطام سفن لم تصل يوماً الى شواطئها، وقيعان وعوالم سوريالية المظهر وغرائبية المضامين، كالكوكب المثقوب المطعون في أهليته للعيش بسلام. انه القلق الوجودي والخوف وفقدان الأمن، فيما الحروب تجتاح عالمنا اليوم لتحيل الأمكنة الى انقاض. فالأبنية المتصدعة تشبه ناسها وكأن تاريخ البشرية هو تاريخ حروبها وانقاضها ومخلفاتها، وليس تاريخ حضاراتها المجيدة التي لم يبق منها سوى آثار وأطلال دارسة. لعلّ الميزة الاساسية التي يتحلّى بها بسام كيرلس كنحات عاش أهوال الحرب اللبنانية، هو ليس انتقاء التيمة وموادها ومبتغاها التعبيري، بل خلفيات المظهر الخارجي للقطعة النحتية، والذهاب الى ما وراء السرد وما وراء عالم الشكل والمادة، ليغوص في المنحى الفلسفي والاجتماعي والانساني، بحيث ان التيمة تحمل معها رسائلها الباطنية والايديولوجية التي تحاكي الفكر وتستفز المخيلة، ولا تكتفي بحدود المتعة البصرية السهلة والزائلة. الحرب تسكن أجسادنا وذاكرتنا وماضينا، لذا يعمد الى إسقاط فكرة الحرب على الأبنية لأنها انعكاس مباشر لها، وعلى فكرة الاخلاء للبيوت المهجورة التي تحولت الى أشكال شبحية مخيفة، كما تشير الى فكرة الهجرة القسرية والارتحال وعدم الاستقرار. وبسام كيرلس الذي يؤمن بفيزياء الكم يعتبر أن الأفكار هي التي تصنع الواقع، وليس العكس. فالسببية والحتمية المنسوجتان من قوانين الفيزياء الكلاسيكية القديمة على نهج اسحاق نيوتن، اللتان تعتبران أن حالة الكون لا يصيبها الخلل ولا الممل ولا شيء فيها يدعو للقلق، قد تم دحضها مع فيزياء الكم او “ميكانيكا الكمّ” التي جاءت لتناقض هذا الثبات. وتقوم اعتبارات القلق من اصطدام الجزيئات الذرية بالنواة، هذا الاصطدام الذي يزعزع بنية النظام المركزي، ومن جرائه إما يعيد النظام بناء نفسه لكي تصبح الفوضى خلاّقة بالمعنى الايجابي وإلا فإن بنية النظام تدخل في مرحلة الفوضى بالمعنى المدمّر. وقد ربط كيرلس دينامية أعماله نظرياً بهذا الفكر القائم على وجود عارض أو حادث، يدفع الى اللا استقرار واللا توازن وبالتالي الإضطراب والهشاشة والتشويش، لكي يعيد تعريف العلاقة بين الكتلة والفراغ، وبين النواة المركزية المفككة والأطراف المتداعية. وهذه الاطراف أو القطع المنفصلة عن النواة تغدو باشكالها المستقلة وتكاوينها التجريدية غير السوية، قطعاً فنية رائعة الايهامات، لكأنها اغصان منفصلة عن شجرة معمّرة كأشجار الأرز، كثيراً ما صممها كيرلس بمادتي البرونز المدمج مع الزجاج، ليجمع بين مفارقات الصلابة والشفافية، والمادة والروح. المزيد عن : بسام كيرلس\ متحف 2 comments 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post بينما تنغمس واشنطن في النقاش، تواصل إيران تحقيق تقدم نووي next post اللعب على كل الحبال.. 4 خطط يجهزها “الإخوان” لانتخابات ليبيا You may also like التراث العربي بين التحديات الرقمية والفرص التكنولوجية 16 يناير، 2025 “نتفليكس” تستجيب لشروط ماركيز ولكن… 15 يناير، 2025 كاميرا الكمبودي ريثي بان تسترجع جرائم “الخمير الحمر” 15 يناير، 2025 بيروت تستعيد بريقها السينمائي مع 50 مخرجا لبنانيا... 15 يناير، 2025 مرصد كتب “المجلة”… جولة على أحدث إصدارات دور... 15 يناير، 2025 محمود الزيباوي يكتب عن: 3 قطع برونزية من... 14 يناير، 2025 ندى حطيط تكتب عن: قصة كلب فيلسوف وحيد 14 يناير، 2025 جواب دركهايم المبكر: لهذه الأسباب ينتحر الإنسان 14 يناير، 2025 “متل قصص الحب”… ثلاث شخصيات يجمعها حلم واحد 14 يناير، 2025 “سنوات باريس”… رحلة آدم حنين بين الحجر والروح 13 يناير، 2025 2 comments escort girls sydney 18 أكتوبر، 2021 - 6:47 ص One of the best man is normally the grooms most trustworthy and faithful buddy or relative. One of the best man is normally the grooms most trustworthy and faithful buddy or relative. The ushers would be the grooms brothers, cousin, or finest associates, or brothers and close kinfolk of the bride. Responsibilities of the very best Man Before the wedding, he – pays for his own attire, bought or rented. May give the envelope to the officiant before the ceremony. Through the ceremony, he – will not be part of the processional but enters with the groom, standing behind the groom and slightly to the left. After the ceremony, he – immediately serves as one of many witnesses in signing the wedding license. At the reception, he – doesn’t stand within the receiving line until he can also be the father of the groom. After the reception, he – promptly returns each his and the grooms rented formal wear to the suitable location. Reply Ведомости 18 أكتوبر، 2021 - 6:49 ص I don’t even know the way I stopped up here, but I believesd this poist waas good. I don’t recognise who you are bbut certainly yyou are going to a famous blogger for those who aren’t already 😉 Cheers! Reply Leave a Comment Save my name, email, and website in this browser for the next time I comment.