ملامـح جديـدة للتشكيـل بريشـة كورونــا

الأحداث الكبرى أبرز فصول كتاب الفن

جريدة الخليج / الشارقة:أوميد عبدالكريم إبراهيم

لا خلاف على أن الفن رسالة ووسيلة للتعبير خلال الأحداث الكبرى، وأي حدث يمكن أن يكون أكبر من جائحة كورونا، فمع الأخذ في الاعتبار بتأثيراتها الصحية، والاجتماعية، والاقتصادية ، فهل انعكست هذه الأزمة على أعمال الفنانين التشكيليين؟ الذي يقال عنهم إنهم من أكثر الناس تأثراً بالبيئة المحيطة، وأن أعمالهم تعكس الواقع الذي يعيشون فيه .

يرى عدد من الفنانين التشكيليين أن هذه الأزمة ستترك أثراً فنياً بالغاً، وأنه إذا كانت قد منحت الفنانين وقتاً طويلاً للانعزال، فقد تكون هناك فرصة سانحة لإعادة النظر أو البحث بعمق في هذه التجربة التاريخية، وأشاروا إلى أن أزمة كورونا أثرت في أعمال الفنانين حالياً، وستؤثر فيها مستقبلاً أيضاً، إلا أنهم أكدوا في الوقت ذاته أنه من الصعب الإحاطة بالأزمة فنياً في الوقت الراهن، فيما استبعد آخرون أن تمتد الأزمة الراهنة إلى الفن مستقبلاً.

توثيق المرحلة

يؤكد الفنان التشكيلي الإماراتي د. محمد يوسف، ضرورة توثيق هذه المرحلة، ويقول إن اللوحة هي بمثابة توثيق بالنسبة للفنان، لكي تصبح تاريخاً مسجلاً، وقد مرت المنطقة بالعديد من الأزمات المشابهة، لكن لم يكن هناك زخم إعلامي كما في وقتنا الراهن، أما اليوم فقد بات الوضع مختلفاً، وأصبح الإعلام يلعب دوراً بارزاً في مثل هذه الحالات، وأنا حالياً أجمع عدداً من الأعمال التي تتمحور حول أزمة كورونا، وأعتقد أن الكثير من الفنانين يقومون بأشياء مماثلة، ولا شك في أن هذه الأزمة ستترك أثراً فنياً بالغاً، وكل فنان سيتناولها من زاويته الخاصة، ولكن هذا الموضوع بالمحصلة يصب في خانة التوثيق، وعلى كل فنان مراجعة نفسه من الناحية الفنية، ومراجعة أعماله أيضاً، وكيفية تطوير فنه.

امتحان

تَعتبِر الفنانة التشكيلية الإماراتية د. نجاة مكي، الأزمة الراهنة بمثابة امتحان لكل إنسان، سواء كان فناناً أو غير ذلك، وتؤكد في الوقت ذاته أنه بإمكان كل فنان أن يسجل هذه الفترة الزمنية بطريقة معينة لأنها تضم أموراً كثيرة يمكن تسليط الضوء عليها، فهذه الأزمة لها ظروف خاصة، وبالتأكيد يمكن لكل فنان أن يتناولها بشكل وإحساس معين، لكنني لا أظن أن تمتد الأزمة إلى أعمال الفنانين مستقبلاً، إلا أن كل فنان ستكون لديه أعمال تجسد هذه الفترة، لأن هذه الأزمة عالمية وليست مرتبطة بمكان محدد، وكلنا يعلم مدى تأثيرها في مختلف القطاعات، ومن بينها القطاع الثقافي الذي يضم الفن.

استشراف المستقبل

ترى الفنانة التشكيلية الإماراتية ليلى جمعة، أن الفنان يتأثر بأبسط الأشياء، سواء كانت بيئية أو اجتماعية أو غير ذلك، فهذه هي طبيعة الفنان، وعلى سبيل المثال فإن الفنانين الذين يعيشون في المناطق التي تشهد حروباً، تطغى على أعمالهم مشاعر الحزن والكآبة، وبالتالي فإن أزمة كورونا التي اجتاحت معظم دول العالم قد أثرت بالتأكيد في أعمال الفنانين، لاسيما أن الفنان نفسه أو أحد أفراد عائلته قد يكون ضحية لفيروس كورونا، ولا شك في أن أعمال الفنانين تأثرت كثيراً بالأزمة، كما بات الفنانون يستشرفون المستقبل وما ستؤول إليه الأوضاع بعد انقضاء الأزمة، وبالتالي أعتقد أن هذه الأزمة أثرت في أعمال الفنانين حالياً، وستؤثر فيها مستقبلاً أيضاً، لأن الفنانين أكثر الناس تأثراً بالبيئة المحيطة برأيي.

حضور إنساني

يقول الفنان التشكيلي، سهيل بدور: إن أزمة كورونا أثرت بشكل مباشر في الحياة العامة وأوقفتها؛ بل يمكن القول إن البشرية لم تواجه أزمة مماثلة من قبل، وبالتالي فإنه من الصعب حالياً حصر آثار هذه الأزمة على الفن، من جهة أخرى يمكنني القول إن من كان يبحث عن مسافة للتأمل فيما يريد، فقد نال الوقت الكافي للقيام بذلك، وبما أن الفن التشكيلي فردي في إنتاجه، فقد كانت تلك فرصة لنا لإيجاد مداخل أخرى في ظل الأزمة التي عصفت بالعالم أجمع، أما من حيث المنتج فمن الصعب تلخيص هذه الأزمة فنياً الآن، أو معرفة مدى تأثيرها، باعتبارها أثرت في مختلف نواحي الحياة، لكنها فرضت شيئاً من التأمل العميق في الحضور الإنساني بشكل عام.
وتابع قائلاً: ليست هناك ملامح واضحة لما ستفضي إليه الأزمة، لكن من خلال تجربتي الشخصية يمكنني القول إن العديد من ورش العمل والمعارض والملتقيات الفنية التي نُقيمها سنوياً قد توقفت إلى أجل غير مسمى بسبب الأزمة، ولا أعلم، كما لا يعلم الكثيرون شيئاً عن حجم الأضرار التي واجهها قطاع الفن جراء هذه الأزمة التي يمكن أن نقول إنها سابقة في تاريخ البشرية.