مشهد من معرض فرانكفورت (خدمة المعرض) ثقافة و فنون معرض فرانكفورت: جدل حول ضيف الشرف وغزة “غائبة” by admin 22 أكتوبر، 2024 written by admin 22 أكتوبر، 2024 31 تجنب الفضائح و”ترند” جديد للكتب الرومانسية والفائزة بجائزة السلام تدعو الى تسليح اوكرانيا اندبندنت عربية / سمير جريس عندما افتتح معرض فرانكفورت للكتاب في العام الماضي بعد أيام من اندلاع الحرب في غزة، كان هجوم “حماس” على إسرائيل والحرب التي تلتها في غزة هما الموضوعان المسيطران على الإعلام الألماني، وأيضاً على معرض الكتاب. آنذاك ألقى الفيلسوف السلوفيني جيجيك كلمة الافتتاح، بالنيابة عن بلده ضيف الشرف، وتحدث – بعد إدانة هجوم “حماس” وتأكيد حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها – عن القضية الفلسطينية، وعن أهمية الإصغاء إلى الصوت الفلسطيني وعدم استبعاده من الحياة الثقافية، وتكلم أيضاً عن “فرض حظر على التحليل”، وأنه “لا يمكن أن يسود السلام في الشرق الأوسط من دون حل القضية الفلسطينية”، مشيراً إلى أن كل الذين سبقوه “تحدثوا عن إسرائيل، ولم يتحدث أحد عن الفلسطينيين”. قوطع جيجيك مراراً بصيحات استهجان، بل وغادر البعض القاعة، وبعد حفل الافتتاح قابلت معظم وسائل الإعلام الألمانية كلمة الفيلسوف بالاستنكار، ووصفتها صحيفة “بيلد” الشعبوية بـ”الفضيحة”. سبقت هذه “الفضيحة” فضيحة أخرى عندما أعلن عن إرجاء منح جائزة ليبراتور إلى الكاتبة الفلسطينية عدنية شبلي عن روايتها “تفصيل ثانوي” التي تعبر عن حالة من “الإلغاء الثقافي” للفلسطينيين، مما حدا بأكثر من 600 كتاب ومترجم وناشر إلى توجيه رسالة مفتوحة إلى المعرض، ينتقدون فيها قرار التأجيل، وكان من بين الموقعين ثلاثة من الحاصلين على جائزة نوبل، وهم آني إرنو وعبدالرزاق قرنح وأولغا توكارتشوك، إضافة إلى الناقدة المشهورة يوديث هرمان، والكاتبة النمسوية ذات الجذور اليهودية إيفا ميناسه المتحدثة باسم نادي القلم في برلين. من جو المعرض (خدمة المعرض) في هذا العام أرادت إدارة معرض فرانكفورت تجنب كل الفضائح، وأبقت الموضوع الفلسطيني داخل إطار ضيق، لم يتعد بضع ندوات صغيرة كان محورها “مرور عام على السابع من أكتوبر” تحدث فيها في الغالب من يعبر عن وجهة النظر الألمانية الرسمية تجاه الحرب، ومن أبرز مقدميها الإسرائيلي الألماني ميرون مندل، مدير مؤسسة آنه فرانك في ألمانيا، الذي شارك في ندوتين حول الحرب في غزة. ومن الندوات التي عرضت لوجهة نظر أخرى، غير النظرة الألمانية الرسمية، ندوة عاطف أبو سيف، الروائي ووزير الثقافة الفلسطيني السابق، وقدم خلالها يومياته عن الحرب في غزة التي صدرت حديثاً بالإنجليزية بعنوان “لا تنظر إلى اليسار – يوميات الإبادة الجماعية”. وستصدر اليوميات قريباً باللغة الألمانية. ومن الندوات المهمة التي أقيمت حول هذا الموضوع ندوة نظمتها منظمة العفو الدولية بعنوان “حق التظاهر للجميع؟”، ودارت حول ما شهدته ألمانيا في العام الماضي من انتقاص أو حتى إلغاء للحقوق الأساسية التي ينص عليها الدستور الألماني، مثل حق التظاهر أو حق التجمع. وقد وصل ذلك إلى حد أن ألغت إحدى الولايات الألمانية، وهي ولاية هامبورغ، كل التظاهرات المؤيدة لفلسطين، وهو ما تفعله أيضاً ولاية برلين بين حين وآخر، بل وألغت برلين مؤتمراً عن فلسطين كان سيتحدث فيه الطبيب والأكاديمي الفلسطيني غسان أبو ستة عما عايشه خلال عمله في أحد مستشفيات غزة أثناء الحرب، وكذلك وزير المالية اليوناني الأسبق يانيس فاروفاكيس. كان جلياً خلال النقاش الذي شاركت فيه أستاذة القانون الدولي بجامعة هومبولت، د ناهد سمور، والفيلسوف الإسرائيلي الألماني أومري بوم، والموسيقي ميشائيل بارنبويم، ابن المايسترو الشهير دانييل بارنبويم، صعوبة التحدث بحرية عن إسرائيل. صور كتاب إيطاليين في الواجهة (خدمة المعرض) من باب تجنب الفضائح أيضاً، أو ربما زيادتها، أعلنت الجهة المانحة لجائزة “ليبراتور” حجب جائزة العام الماضي وهذا العام أيضاً! ونشرت على صفحتها الإلكترونية بياناً قالت فيه إنها حاولت مراراً الاتفاق مع عدنية شبلي على موعد لمنحها الجائزة بعد معرض العام الماضي، لكنهما لم يتفقا على “الإطار” اللائق، فقررت حجبها، و”إعادة التفكير في آليات منح الجائزة”. كما نشرت هيئة الجائزة اعتذاراً عن تصريحها العام الماضي بأن إرجاء منح الجائزة إلى عدنية شبلي جاء بالاتفاق معها، وهو ما لم يحدث! “إيطاليا الأخرى” لكن غزة وإسرائيل كانتا موضوعاً هامشياً في برنامج المعرض وفعالياته التي بلغت إجمالاً نحو 650 نشاطاً، بحضور نحو 1000 كاتب وكاتبة، لعل أشهرهم عربياً أليف شفق، وكان منهم بالطبع كتاب عرب، مثل المصرية ريم بسيوني، الحاصلة على جائزة الشيخ زايد هذا العام، التي تحدثت في ندوة عن تطور الأدب المصري، والكاتبة السورية نجاة عبدالصمد التي قدمت روايتها “لا ماء يرويها”، بحضور مترجمتها الألمانية لاريسا بندر. الأضواء كانت مسلطة بالطبع على ضيف الشرف إيطاليا، التي قدمت جناحها تحت شعار “جذور في المستقبل”، وضم نحو 200 كتاب مترجم حديثاً إلى الألمانية. وقد ساد لغط كبير قبل المعرض حول محاولة الحكومة اليمينية المتطرفة في إيطاليا إقصاء الكتاب المعارضين أو المشاكسين عن الوفد الرسمي، وكذلك حول السؤال: من يمثل إيطاليا في فرانكفورت؟ لغط ذكرني بما أثير في عالمنا العربي لدى دعوته إلى فرانكفورت عام 2004. واجهات وكتب (خدمة المعرض) ومن أبرز الأسماء التي استبعدت من الوفد الرسمي روبرتو سفيانو، مؤلف الكتاب الشهير “عمورة” (نسبة إلى سدوم وعمورة) عن المنظمة الإجرامية الإيطالية “كامورا” الذي تحول إلى فيلم سينمائي ومسلسل تلفزيوني. سفيانو أحد أبرز مهاجمي الحكومة الإيطالية ورئيستها ميلوني، وقد رفعت ميلوني ضده قضية لوصفه إياها بـ”النذلة”، وأعطتها المحكمة الحق، وحكمت عليه بغرامة مالية قدرها 1000 يورو. وقد أثار استبعاد سفيانو من الوفد الرسمي اعتراضات كثيرة في إيطاليا، ووجه أكثر من 40 كاتباً رسالة مفتوحة إلى الحكومة معترضين على استبعاده، وأعلن البعض انسحابه من الوفد الرسمي. وفي النهاية حضر سفيانو إلى فرانكفورت، ليس كعضو في الوفد الرسمي، بل بدعوة من ناشره الألماني دار “هانزر”، وشارك في ندوة عن “الكتابة في الأزمنة غير الليبرالية”. وقد كتب في صحيفة “ريبوبليكا” قبل مجيئه أنه لا يعد حضوره إلى فرانكفورت انتصاراً، بل “شكلاً من أشكال المقاومة”. وقال سفيانو في حفل افتتاح المعرض إنه يدافع عن حرية التعبير عن الرأي بكل صورها “حتى لو أضر ذلك بحكومة بلادي”. ولإحداث توازن مع فعاليات الوفد الإيطالي الرسمي، أعدت إدارة المعرض برنامجاً موازياً، أطلقت عليه “إيطاليا الأخرى” قدم موضوعات تجنبها البرنامج الرسمي، مثل أخطار عودة الفاشية، وتبعات الحرب في أوكرانيا وغزة. وأقام نادي القلم الألماني فعالية دعا إليها بعض الكتاب المعارضين الذين ليسوا في الوفد الرسمي، ومنهم أنطونيو سكوراتي الذي ألف كتباً عدة عن الديكتاتور موسوليني، وفي الندوة قال “لقد عوملت كعدو – مثل كلب أجرب”، وقصد بذلك منعه من التحدث في الإذاعة في العيد القومي الإيطالي. وأضاف أنه هوجم شخصياً، وأهين، ومورست الرقابة عليه “وهذا ما يحدث للذين ينتقدون السلطة”. أما الكاتبة فرانشيسكا ميلاندري فقالت إن “السلطة السياسية تقمع الأصوات التي لا تريد سماعها”، وهو ما أكده باولو جوردانو بقوله “حرية التعبير عن الرأي تعاقب في بلادنا. هذا حقيقي، وليس مجرد انطباع”. “تريند” جديد وجوائز عديدة أهمها جائزة “السلام” ومن الظواهر الجديدة في سوق الكتاب الألماني ارتفاع مبيعات الكتب الرومانسية التي تتوجه إلى “البالغين الجدد”، بين 12 و29 سنة، الذين يمثلون قوة شرائية متزايدة، ولهذا خصص المعرض قاعة كاملة لهذا النوع من الأدب الذي يهتم بموضوعات الحب والإيروتيكية، وكذلك البحث عن الذات ومن طريق في الحياة. وقد شهد الجناح زحاماً كبيراً في نهاية الأسبوع من جمهور هذه النوعية من الكتب الذين جاؤوا ليروا ويحصلوا على توقيع من نجوم الكتب الرومانسية، مثل الألمانية الشابة التي تكتب منذ عام 2015 بالاسم المستعار جين س وندا. معرض فرانكفورت هو أيضاً مناسبة لمنح جوائز للكتاب ودور النشر. وعشية افتتاح المعرض منحت جائزة الكتاب الألماني التي ذهبت هذا العام إلى مارتينا هفتر عن روايتها “هاي، صباح الخير، كيف حالك؟” (اندبندنت عربية في 16/10/2024). ومنحت لسادس مرة “جائزة دور النشر الألمانية” التي تبلغ قيمتها الإجمالية 1.6 مليون يورو (نعم 1.6 مليون يورو!)، وذهبت الجائزة إلى 84 دار نشر مستقلة صغيرة. وتعد الجائزة دعماً وتكريماً لدور النشر المستقلة لأنها الضامن للتنوع في عالم الكتاب، وتمنحها وزارة الثقافة، بالاشتراك مع مؤسسة “كورت فولف”، ورابطة الناشرين الألمان. أما “الجائزة الألمانية لأدب الشبيبة”، فرع أدب الأطفال، فكانت من نصيب الروائي الشاب المعروف ساشا ستانيشيتش عن رواية “ذئب” التي تتناول موضوع التنمر بين الفتية. وكان ستانيشيتش قد حاز قبل سنوات جائزة الكتاب الألماني عن روايته “أصول” التي ترجمها أخيراً كاميران حوج إلى العربية (دار أثر). وأشادت لجنة جائزة أدب الشبيبة بالفكاهة التي تسري في روايته “ذئب” على رغم ثقل الموضوع. وفي آخر أيام المعرض، الأحد، تمنح أهم الجوائز، وهي جائزة “السلام” وقيمتها 25 ألف يورو، وفازت بها هذا العام المؤرخة والكاتبة الأميركية – البولندية اليهودية آنه أبلمان التي أثارت انتقادات كثيرة لدعوتها المتحمسة لتسليح أوكرانيا ومحاربة روسيا. “جائزة السلام لداعية حرب؟” – هكذا تساءل كثر، وردت هي على ذلك قائلة: إن الدعوة إلى السلمية في مواجهة ديكتاتورية عنيفة ومتنامية ليست دائماً حجة أخلاقية، فتلك الدعوة لا يمكن أن تكون سوى مهادنة وقبولاً لهذه الديكتاتورية. وآخر كتب أبلمان نشر بعنوان “محور السلطويين” (2004). وكان الروائي سلمان رشدي هو الفائز بجائزة العام الماضي. انتهت أيام الدورة الـ76 من أكبر معارض الكتاب في العالم، بعد أن زار فرانكفورت هذا العام نحو 200 ألف زائر، وانتهى اللغط المثار حول إيطاليا، ضيف الشرف، وبدأت الفيليبين استعداداتها لتحل ضيفاً في دورة العام المقبل. المزيد عن: معرض فرانكفورتأدب إيطاليضيف الشرفسجالتوقيع كتبمحاضراتجائزة السلاماوكرانياغزة 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post كريستوفر فيليبس يكتب عن: لبنان… هل فقد أهميته الجيوساسية لأميركا؟ next post هل أقنعت أميركا إسرائيل بتأجيل ضرب إيران إلى “وقت لاحق”؟ You may also like اليابانية مييكو كاواكامي تروي أزمة غياب الحب 22 نوفمبر، 2024 المدن الجديدة في مصر… “دنيا بلا ناس” 21 نوفمبر، 2024 البعد العربي بين الأرجنتيني بورخيس والأميركي لوفكرافت 21 نوفمبر، 2024 في يومها العالمي… الفلسفة حائرة متشككة بلا هوية 21 نوفمبر، 2024 الوثائق كنز يزخر بتاريخ الحضارات القديمة 21 نوفمبر، 2024 أنعام كجه جي تواصل رتق جراح العراق في... 21 نوفمبر، 2024 عبده وازن يكتب عن: فيروز تطفئ شمعة التسعين... 21 نوفمبر، 2024 “موجز تاريخ الحرب” كما يسطره المؤرخ العسكري غوين... 21 نوفمبر، 2024 فيلم “مدنية” يوثق دور الفن السوداني في استعادة... 21 نوفمبر، 2024 البلغة الغدامسية حرفة مهددة بالاندثار في ليبيا 21 نوفمبر، 2024