شكسبير أضاء على عصرنا وحداثتنا (غيتي) ثقافة و فنون مشروع إنجليزي لـ”مصالحة” بين شكسبير والقراء المعاصرين by admin 12 مارس، 2024 written by admin 12 مارس، 2024 137 كبار كتاب هذا الزمن يعيدون إبداع نصوص الكاتب الكبير ولكن على طريقتهم تبعاً لهمومهم اندبندنت عربية / إبراهيم العريس باحث وكاتب عند بدايات عام 2013 حين اتصلت دار هوغارت للنشر العاملة بين الولايات المتحدة وكندا وبريطانيا وأستراليا بالكاتبة جانيت ونترسون لتفاتحها بعمل يقوم على إعادة كتابة أي نص تريد أن تختاره للمشاركة في مشروع لا يزال ثمة قدر من التكتم من حوله ويقوم على تحديث حر لأي نص من نصوص شكسبير التي يبلغ عددها 40 نصاً، معلمين إياها أن النص الذي ستختاره سيكون مفتتح المجموعة التي ستكتمل بعدد كبير من الكتب قد يصل إلى 40 وأكثر، نظرت إلى محدثيها بدهشة متسائلة عما يمكن أن يكون جديداً في المشروع ليبرر الإنفاق الكبير عليه؟ مضيفة أن تحديث النصوص الشكسبيرية بات معتاداً ومنذ غداة رحيل شكسبير نفسه. وحتى من قبل أن تتولى السينما وفي ركابها التلفزة وحتى الشرائط المصورة تحقيق ذلك فنحن “لدينا دائماً على سبيل المثال تلك المئات من الملخصات التبسيطية الموجودة في كل اللغات الحية والتي وصلت إلى ذروتها عبر الجهد الكبير الذي قام به الزوجان لامب قبل ما ينيف عن قرن”. السعي إلى أمر آخر فكان الجواب أنهم يعلمون ذلك لكن ما يسعون إليه أمر آخر تماماً. إنهم يسعون إلى دفع كتاب معاصرين كبار وينتمون إلى ثقافات متنوعة ولهم شهرة كبرى في بلدانهم والعالم إلى المشاركة الحرة خارج المنطق الشكسبيري البحت ليكتب كل منهم ليس تفسيره لنص من نصوص سيد المسرح الإنجليزي، بل ليكتب ما يعتبره جزءاً من أسلوبه في بعد معاصر له الخيار في مدى انتمائه إلى صاحب “هاملت” و”ماكبث” وغيرهما. هنا لم يكن أمام ونترسون إلا أن توافق وهي لا تزال بين مصدق ومكذب فكان جوابها الحاسم إيجابياً، وأثار بدوره دهشة مفاوضيها وهم بدورهم بين مصدق ومكذب. سيقولون لاحقاً إنها كانت قادرة على اختيار واحد من النصوص الشكسبيرية الكبرى بيد أن جوابها كان: “إذاً، احجزوا لي مسرحية (حكاية شتاء) وسأوافيكم بنص روايتي في وقت تحددونه” فقالوا لها ببساطة: “خذي من الوقت ما تشائين فنحن لسنا على عجلة من أمرنا”، وهي أخذت وقتها بالفعل، وفيما هي تشتغل على مشروعها طوال أشهر عديدة تالية، كانت الحكاية نفسها تتكرر مع كتاب معاصرين لا يقلون أهمية عن صاحبة الحلقة الأولى. وحتى اليوم صدر العدد الأكبر من الروايات التي يمكن التوقف عند العشر الأولى منها والتي صدرت حتى عام 2020 كمجموعة. واللافت في الأمر حقاً هو أن المشروع تجسد بالفعل في تلك المجموعة كما صيغ منذ البداية. مرغريت آتوود مسرح داخل المسرح (الكاتبة) لائحة تكتمل تدريجاً بل إن نجاحه لدى القراء فاق، وبالنسبة إلى مجموعة البداية ما كان الناشرون قد وعدوا أنفسهم به. وهو مما يثير اليوم دهشة جانيت ونترسون التي عنونت روايتها الأولى “فجوة الزمن” التي اقتبستها كما أشرنا من “حكاية الشتاء” بين الجد والمزاح. لكنه لم يثر أية دهشة لدى الكتاب الذين تبعوها في السلسلة وقد بات لسان حالهم يقول: إذا كانت بداية المشروع قد حققت كل ذلك النجاح بفضل نص شكسبيري لا يعتبر عادة نصاً كبيراً لا فلا شك أن النجاح هو نجاح الفكرة نفسها بصرف النظر عما في وسعنا أن نختار، ومن هنا لم يعد غريباً أن ينجح هاوارد جاكوبسون في عصرنته “تاجر البندقية” بعنوان “أنا شايلوك”، أو تنجح “فتاة الخل” كما تصورتها آن تايلور نقلاً عن “ترويض الشرسة”، وبخاصة ماكبث كما كتبها جو نيسبو أحد أشهر كتاب الجيل الراهن من الروائيين، إلى جانب إدوارد سانت أوبين عن “الملك لير” وتريسي شوفالييه التي أعادت كتابة “عطيل” تحت عنوان “ولد جديد” وبشكل أكثر خصوصية إلى جانب الكندية مرغريت آتوود التي حققت النجاح الأكبر بين كتاب المجموعة عبر اقتباسها البديع، بإجماع النقاد لمسرحية شكسبير الأخيرة “العاصفة” والتي تعتبر عادة من أعمق مسرحياته وأشدها غرابة وغموضاً ما يتلاءم على أية حال مع أسلوب آتوود ومواضيعها المعهودة. ولقد احتفل عالم الأدب في عام 2015 بصدور اقتباس آتوود لـ”العاصفة” تحت عنوان “بذرة الساحرة” احتفالاً استثنائياً كان من المفترض أن يتكرر في عام 2021 حين كان من المفترض أن تصدر إعادة كتابة جيليان فلين لمسرحية “هاملت”. لكن فلين استنكفت عن خوض التجربة لتبقى رواية آتوود حتى اليوم أكثر كتب المجموعة نجاحاً. أسباب للنجاح والحقيقة أن لذلك النجاح دوافع عديدة لعل في مقدمها اسم مرغريت إيتوود نفسها التي تعتبر اسماً كبيراً في عالم الرواية اليوم، إلى درجة أن اسمها بدأ يظهر خلال السنوات الأخيرة بوصفها واحدة من المرشحين المتداولين كل عام للفوز بجائزة نوبل الأدبية، ثانيهما المقدار الكبير من الحرية التي كادت تستنفده في تعاطيها مع مسرحية شكسبير التي لم يعش هذا الأخير ليشهد ازدهارها وتفاعل جمهوره معها. وإلى ذلك بسبب النقاشات العديدة التي تثيرها الرواية وظروف كتابتها وغموض جذورها وما إلى ذلك. ففي النهاية عرفت الكاتبة الكندية كيف تنقل تفاعل شكسبير مع مسرحيته ذات الجذور الإيطالية، إلى بلدة صغيرة في جوار أونتاريو الكندية لتجعل من بروسبيرو، الشخصية الرئيسة في “عاصفة” شكسبير، مديراً لمهرجان مسرحي يعيش في أزماننا هذه. ولئن كان الشاعر الإنجليزي الكبير قد جعل من بروسبيرو الدوق حاكماً لجمهورية إيطالية يخلع عن عرشه خلال عصر النهضة فإن آتوود تجعله مسؤولاً يخلع عن منصبه المسرحي، مع التركيز الدائم على الموضوعتين الرئيستين اللتين تدور من حولهما – كما في معظم المسرحيات الشكسبيرية على أية حال – حكاية المسرحية: الخيانة والانتقام. وفي نهاية الأمر من الواضح أن قوة نص آتوود إنما كمنت في أن الكاتبة المعاصرة أبقت على روح مسرحية شكسبير من دون أن تنسى أي تفصيل من تفاصيل تلك المسرحية بحيث حرصت على التأكيد ليس فقط على عصرية وكونية الأبعاد الشكسبيرية التي سبق لها أن تناولتها مرة عديدة ولا سيما ذات مرة من خلال تعليقها الجامعي على كتاب البولندي يان كوت “شكسبير معاصرنا”، الذي وصفته سنوات عديدة قبل مشروع هوغارت ومساهمتها فيه، بأنه خير كتاب يحمل خير عنوان لكتاب عن ذلك الشاعر الكبير. اقرأ المزيد عندما قرأ فرويد أعمال شكسبير الكاملة قبل سن المراهقة جرائم الروائية مارغريت أتوود تنتشر في مسرحية مصرية الحفاظ على الالتباسات ومن هنا لم يفت النقاد أن يلاحظوا كيف أن آتوود في “روايتها” الشكسبيرية تمكنت من أن تحافظ على كل ضروب الالتباس والتعقيد المركب الذي يسم النص الشكسبيري الأخير. تماماً كما “عرفت في السياق نفسه كيف تطور وبقدر كبير من الموهبة والمهارة، رمزية السجن بمعنى السجن الكبير والسجن الصغير معاً كرمزية تحضر بكل قوة وبداهة في كل لحظات ومشاهد النص الشكسبيري مركزة على ما يمكن اعتباره كناية حضور السجن في الأدب وفي الحياة الاجتماعية حضوراً يزداد شدة وتفاقماً في القرن الـ20 وما بعده بأكثر مما فعل في أي زمن مضى”، وهو ما يجعلها عملياً من خلال نصها كما نظرياً من خلال تعاطيها مع شكسبير نفسه في عملها الجامعي تعتبر هذا الكاتب رؤيوياً يبدو في نهاية الأمر وكأنه يكتب وعينه على عصور مقبلة وصولاً إلى إبداعه في وصف الشرط الإنساني وكأنه واحد من أبناء الحداثة. عصرنة تتجاوز “العاصفة” والحقيقة أن هذا البعد في النظر إلى شكسبير بل حتى في السير على خطاه تحديداً، كان لا بد له أن يكون أساسياً في هذه المساهمة التي قدمتها آتوود في “مشروع هوغارت الشكسبيري” أتت بالنسبة إلى النقاد كنوع ليس فقط من تفسير مسرحية “العاصفة” وحدها بل كذلك وبشكل أخص، نوعاً من إعادة تفسير شكسبير على ضوء تقنيات كتابية باتت ذات حظوة منذ نهايات القرن الـ20 ومن بينها تقنية إدماج نوع إبداعي داخل نوع إبداعي آخر، أو داخل النوع نفسه ومن ذلك في هذا السياق ما جعل ثمة استعادة على سبيل المثال لتقنية المسرح داخل المسرح كما في تقديم عرض مسرحي داخل “هاملت” ينحو إلى تفسير أزمة هاملت نفسه. ولكن بأكثر من ذلك هنا، في “العاصفة” حيث تعاملت مع الحكاية كلها بوصفها مسرحية تمثل داخل المسرحية الرئيسة. ولنتذكر هنا على أية حال ما افتتحناه أعلاه في حديثنا عن مساهمة آتوود من الإشارة إلى كيف أنها جعلت من بروسبيرو الدوق المخلوع، مديراً لمهرجان مسرحي في أونتاريو الكندية!! المزيد عن: وليام شكسبيرالكاتبة جانيت ونترسونمرغريت آتوود 0 comment 0 FacebookTwitterPinterestEmail admin previous post تقييم استخباري أميركي: قيادة نتنياهو “في خطر” next post “من الأزل إلى الأبد” قصائد تنشد صفاء الحياة البرية You may also like يونس البستي لـ”المجلة”: شكري فتح السرد العربي على... 15 نوفمبر، 2024 مرصد كتب “المجلة”… جولة على أحدث إصدارات دور... 15 نوفمبر، 2024 بغداد: قصة مدينة عربية بُنيت لتكون عاصمة إمبراطورية... 15 نوفمبر، 2024 أهم إصدارات الكتب في بريطانيا لنوفمبر 2024 15 نوفمبر، 2024 “بناء العقل الثاني” يواجه أخطار التكنولوجيا وإدمان الإنترنت 15 نوفمبر، 2024 مهى سلطان تكتب عن: التشخيص والتجريد يتآلفان في... 15 نوفمبر، 2024 عندما لاعب التلفزيون الذكي كاسباروف على رقعة الشطرنج 15 نوفمبر، 2024 غريملينز يحول فوضى فيلم “درجة ثانية” إلى نجاح... 15 نوفمبر، 2024 فلسطين حاضرة في انطلاق مهرجان القاهرة السينمائي 14 نوفمبر، 2024 أنجلينا جولي تواجه شخصية ماريا كالاس في فيلم جديد 14 نوفمبر، 2024